الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مذبحة بحق الصحفيين في فلسطين

2024-08-06 07:41:22 PM
مذبحة بحق الصحفيين في فلسطين

                                 

      - فراونة: لا مكان آمن للصحفيين في غزة والاحتلال يستهدفهم بشكل غير مسبوق
  - أسعد: الاحتلال ارتكب مجزرة بحق الصحفيين بعد 7 أكتوبر وقتل 13% من صحفيي غزة

 

خاص الحدث

نحو عشرة أشهر مرت على بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، ارتقى فيها عشرات آلاف الفلسطينيين، وشنت فيها قوات الاحتلال حربا ممنهجة ضد الصحفيين ووسائل الإعلام والمقرات الصحفية وكل من يكتب أو يصور أو ينشر عبر منصات التواصل الاجتماعي، وينقل حقيقة المجازر الدامية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة بتمويل ودعم أمريكي.

ويعدّ عدد الصحفيين الشهداء في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الأعلى في التاريخ، حيث لم يحدث قط لا في الحرب العالمية الأولى والثانية ولا حتى في الحروب في فيتنام والبوسنة والعراق وأفغانستان وأوكرانيا، لتصبح مهنة الصحافة في قطاع غزة في الحقيقة "مهنة مميتة"، في تجاوز لحرية الصحافة وحق الصحفيين في نقل الأخبار بأمان ودون خوف من الانتقام.

في فلسطين، وفي غزة على وجه الخصوص، يعمل الصحفيون الفلسطينيون في ظروف مروعة ومرعبة، تحت القنابل والقصف والرصاص، في محاولة ليس فقط لأداء مهنتهم بل لنقل الحقائق المروعة التي يعيشها المواطنون في قطاع غزة جراء المجازر الإسرائيلية المستمرة وللفت انتباه العالم إلى حرب الإبادة الجماعية هذه، خاصة في ظل منع الصحفيين الأجانب إلى دخول قطاع غزة منذ بدء الحرب.

ورغم أن نحو 166 صحفيا ارتقوا خلال حرب الإبادة، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة؛ إلا أن الصحفيين ليسوا مجرد أرقام كما باقي شهداء الحرب؛ لديهم أحلام كبيرة وآمال وعائلات وأطفال بعضهم أبيدت عائلاتهم بالكامل، واستهدفت وبشكل ممنهج منازلهم وعائلاتهم ومقرات عملهم ولاحقا خيام النزوح التي تحولت إلى مقرات لعملهم الصحفي، الذي تضرر بسبب سوء خدمات الاتصالات والإنترنت جراء انقطاع الكهرباء بسبب منع إدخال السولار والبنزين إلى قطاع غزة.

وبرزت قضية الصحفيين إلى الواجهة أكثر، بعدما تلقى صحفي الجزيرة وائل الدحدوح خبر استشهاد زوجته وعدد من أبنائه على الهواء مباشرة، واستشهاد ابنه الصحفي في وقت لاحق؛ في قصة هزت العالم أجمع.

وتستهدف قوات الاحتلال الفلسطيني، لكونه فلسطينيا، بمعزل عن عمله، ولكن قوات الاحتلال تزعم أن الصحفيين الذين استهدفتهم إما أنهم مقاومون أو يعملون في وسائل إعلام محسوبة على فصائل فلسطينية مقاومة، لدرجة أن وزير جيش الاحتلال صرح في وقت سابق، أن الصحفيين لا يختلفون عن المقاومين ويجب معاملتهم على هذا النحو وبالفعل برر الجيش قتل صحفيي الجزيرة حمزة الدحدوح ومصطفى ثريا باتهامهما بأنهما مرتبطان بحركتي حماس والجهاد الإسلامي.

قتل الصحفيين.. سلاح قمع الحقيقة

يقول تحقيق أجراه موقع ميديا بارت، إن قتل الصحفيين هو أحد أخطر الأسلحة لقمع الحقيقة، وإن استهدافهم يعدّ جريمة حرب، وعلى هذا الأساس تقدمت منظمة مراسلون بلا حدود بشكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة جرائم الحرب المرتكبة ضد الصحفيين الفلسطينيين في غزة.

وفي الضفة الغربية المحتلة كذلك؛ تستهدف قوات الاحتلال الإسرائيلي وبشكل متعمد الصحفيين، حيث اعتقلت منذ السابع من أكتوبر 89 صحفيا أبقى الاحتلال على اعتقال 51 منهم من بينهم 17 معتقلا إداريا و6 صحفيات بالإضافة إلى 16 صحفيا على الأقل من قطاع غزة من بينهم الصحفيان نضال الوحيدي وهيثم عبد الواحد وهما رهن الإخفاء القسري منذ السابع من أكتوبر.

وبحسب إحصائيات نادي الأسير الفلسطيني ومؤسسات الأسرى، فإن عدد المعتقلين على خلفية التحريض لا يقل عن 12 صحفيا فلسطينيا. مشيرة إلى أن عدد الصحفيين المعتقلين منذ ما قبل وبعد السابع من أكتوبر بلغ 61 صحفيا، حيث تعتقل قوات الاحتلال 10 صحفيين تم اعتقالهم قبل السابع من أكتوبر.

ويقول عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين في قطاع غزة عاهد فراونة، إن استهداف الصحفيين من قبل قوات الاحتلال مستمر وممنهج منذ اليوم الأول للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهناك أكثر من 155 صحفيا وعاملا في قطاع الإعلام استشهدوا نتيجة قصف قوات الاحتلال لهم وإصابة واعتقال العشرات من الصحفيين في غزة بالإضافة إلى تدمير أكثر من 80 مقرا لمؤسسات صحفية بحيث أصبح الصحفيون بدون مقرات للعمل وبالتالي اضطروا للعمل من داخل المستشفيات أو من داخل مراكز الإيواء والخيام.

وبحسب فراونة، فإن الأمر لم يتوقف فقط على استهداف الصحفيين بل امتد لعائلاتهم وأقاربهم، وكل ذلك ينم عن سياسة ممنهجة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي لاستهداف الصحفي الفلسطيني، بالتزامن مع محاولات الاحتلال الترويج للرواية الإسرائيلية عالميا، وهو ما فعلوه ويفعلونه منذ السابع من أكتوبر ببث أكاذيب وتضليل الإعلام الغربي الذين تساوق الكثير منهم مع هذه الروايات الكاذبة، و"حينما قام الصحفي الفلسطيني بواجبه وبرسالته الإعلامية فضح كل ممارسات الاحتلال وأوضح للعالم بأن دولة الاحتلال ترتكب مجازر فظيعة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني وتعمل على تحويل قطاع غزة ليصبح مكانا غير صالح للحياة، وكشف الصحفيون الفلسطينيون للعالم حجم الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين في غزة الذي استشهد منه نحو 39 ألفا.

وأشار فراونة، إلى أن الاحتلال حول قطاع غزة إلى أرض محروقة نقل صورتها الصحفي الفلسطيني للعالم بكل صورها وحقيقتها، وبدأت الصورة الحقيقية تتكشف رويدا رويدا وهو ما لا يروق لدولة الاحتلال لأنها تريد أن تخنق الصوت الفلسطيني وتمنع نقل أي شيء للعالم، "فقامت بهذا الاستهداف لإرهاب الصحفيين وتخويفهم والقضاء على أي شيء ممكن أن يفضح ممارسات الاحتلال، حتى وصل الحال إلى استهداف الخيام التي يعمل من خلالها الصحفيين حيث أصيب عدد منهم فيها، وبالتالي لا يجد الصحفيون أي مكان آمن لهم في قطاع غزة.

وأضاف فراونة في حديث خاص لـ "صحيفة الحدث" أن هناك صعوبات كبيرة أضيفت على عمل الصحفيين الفلسطينيين بسبب ضعف الكهرباء والإنترنت والاتصالات في قطاع غزة وهو ما أثر على عمل الصحفيين.

وذكر فراونة، أن هناك عددا كبيرا من الصحفيين خسروا عملهم خلال الحرب؛ قائلا: هناك كثيرون خشروا عملهم خلال الحرب خاصة من كانوا يعملون في التلفزيونات والإذاعات والصحف المحلية التي أغلقت بشكل كامل لأنها تدمرت بفعل استهدافات قوات الاحتلال وبالتالي فقدوا مصدر رزقهم وهناك من تأثر عملهم بسبب ضعف الإنترنت والاتصالات وفقد كثيرون فرصة التواصل مع وكالاتهم في الخارج خاصة في الأشهر الأولى للحرب.

ونقلا عن فراونة، فإنه حتى الآن وعلى مدار عشرة أشهر لا يوجد أي مصدر كهرباء ثابت وإنما يعتمد الناس على الطاقة البديلة وهذا يؤثر على عمل الصحفيين وهذا أدى إلى فقدان عدد كبير من الصحفيين لعملهم وباتوا في سوق البطالة.

وعن الصحفيين المعتقلين من قطاع غزة، قال فراونة، إن الصحفيين نضال الوحيدي وهيثم عبد الواحد لا يزالا في عداد المفقودين حتى اليوم، حيث يرفض الاحتلال التعاون مع المؤسسات الحقوقية والدولية بخصوصهما والكشف عن مصيرهما، "ونحن في نقابة الصحفيين لا نعرف عنهم أي شيء ونطالب مجددا الصليب الأحمر بضرورة الضغط على الاحتلال من أجل الكشف عن مصيرهما".

وأضاف، أنه تم اعتقال حوالي 30 صحفيا من قطاع غزة في ظروف قاسية خاصة أثناء تنقلهم بين المحافظات، والآن بعد الإفراج عن عدد منهم هناك نحو 20 صحفيا من قطاع غزة محتجزا حتى اليوم لدى الاحتلال الإسرائيلي في ظروف صعبة بالإضافة إلى نحو 30 صحفيا من الضفة الغربية المحتلة يعيشون في ظروف قاسية ومروعة.

الصحفيون ما قبل وبعد السابع من أكتوبر

من جانبها، قالت عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، شروق أسعد، إن الصحفيين والصحفيات الفلسطينيين كانوا دائما تحت الاعتداء الممنهج من قبل الاحتلال الإسرائيلي ما قبل وبعد السابع من أكتوبر، ولكن الفرق أن بعد السابع من أكتوبر تكثفت فيه هذه الانتهاكات وارتفعت وتيرتها بشكل غير مسبوق.

وأضافت أسعد في لقاء خاص مع "صحيفة الحدث"، أن الصحفيين كانوا منذ اليوم الأول للاحتلال تحت عين الاستهداف، وتم اغتيال صحفيين وكتاب فلسطينيين بناء على حرية التعبير وقلق الاحتلال من الرواية الفلسطينية، كون الاحتلال يبني كل وجوده على رواية معينة، ويعتبر أن أي دحض لهذه الرواية التي يقوم بها بالدرجة الأولى الصحفيين، هدف يجب إسكاته، ويحاول بث الرعب والترهيب في صفوف الصحفيين لثنيهم عن عملهم في نقل الرواية الفلسطينية وحقيقة ما يجري، ومنذ عام 2000 دونا في النقابة حتى السابع من أكتوبر 55 صحفيا وصحفية استشهدوا برصاص جيش الاحتلال منهم ثلاثة صحفيين أجانب، ودونا 9000 انتهاك منذ عام 2012 وحتى السادس من أكتوبر بمعدل 6 انتهاكات يومية، -وهناك آلاف الانتهاكات لا يبلغ عنها الصحفيون-،  بما يشمل إطلاق النار والإصابة والاعتقال وتكسير المعدات ومداهمة منازل ومنع التغطية وحجزهم على الحواجز واعتداءات المستوطنين وغيرها في الضفة.

وأردفت عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين، أنه بعد السابع من أكتوبر، أصبح هناك تصعيد خطير في الانتهاكات بحق الصحفيين وبأشكال مختلفة.

 وفي غزة حيث الانتهاكات الأخطر، وعن تفاوت الأرقام بين النقابة والمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، قالت أسعد إن الاختلاف بعدد قليل من الأسماء، والنقابة وثقت استشهاد 152 صحفيا وصحفية، منهم 20 صحفية نساء فارقن الحياة بقصف منازلهن مع عائلاتهن، "وهناك قرار في النقابة باعتماد كل شخص صحفي بغض النظر عن انتمائه السياسي، وما يعني النقابة ما إذا كان يعمل صحفيا أم لا لحظة استشهاده، بحسب تعريف الاتحاد الدولي للصحفيين".

وشددت أسعد، على الانتماء السياسي لا يدين أي صحفي كونها حرية شخصية، على خلاف الادعاءات الإسرائيلية بشأن استهداف الصحفيين بناء على انتماءاتهم السياسية لصالح فصائل معينة، وما يؤثر بالفعل هو ماذا كان يعمل لحظة استشهاده.

وفي نقابة الصحفيين، تقول أسعد إن النقابة دونت 88 مقرا إعلاميا وصحفيا تم قصفه واستهدافه خلال الحرب منها مكاتب لوكالات دولية وعربية، وكل الصحفيين بلا استثناء في قطاع غزة نزحوا وبعضهم نزحوا لسبع مرات، ومن بقي في شمال غزة من الصحفيين، فلم يتبقَ إلا 90 صحفيا تقريبا فقط، ويعيشون تجويعا قاسيا جدا وظروفا صعبة والتواصل كذلك صعب جدا معهم، وبعض الصحفيين يعملون من داخل مدارس الأونروا وخيام النازحين والمستشفيات وتم استهداف الصحفيين في هذه الأماكن أيضا.

وأكدت أسعد أن عددا من الزملاء الصحفيين استشهدوا بسبب عدم القدرة على علاجهم ورفض سفرهم إلى خارج القطاع من قبل جيش الاحتلال، وهناك عدد كبير من الصحفيين تم تهديدهم بصور كثيرة والتحريض عليهم واستهداف منازلهم، وبعضهم فقدوا عائلاتهم.

وقالت أسعد، إن هناك 100 صحفي وصحفية جرى اعتقالهم، وهذا العدد يشمل من تم استدعاؤهم والإفراج عنهم وبعضهم من قطاع غزة، والآن "نعمل على تحقيق كبير سنتوجه من خلاله لأربع جهات في الأمم المتحدة بشأن التعذيب والتجويع خلال الاعتقال على خلفية حرية التعبير ومنع الزيارات والأمراض ومنع العلاج وخاصة في سجن النقب، وسجلنا 70 اعتداء على الأقل من قبل المستوطنين بحق الصحفيين، وأصبحت هناك صعوبات في التغطية بسبب الخطر الذي يشكله المستوطنون والجيش، وتم تسجيل أكثر من 350 اعتداء على الصحفيين بما يشمل التهديد من قبل جيش الاحتلال غالبيتها في القدس خاصة خلال الأشهر الأولى من الحرب.

ورأت شروق أسعد، أن ما جرى عبارة عن مجزرة بحق الصحفيين، فهناك تقريبا 13% من عدد الصحفيين في قطاع غزة تم قتلهم، مقارنة بوفاة 26 صحفيا خلال عام 2023 بما فيها أوكرانيا.

وعن التحركات الدولية بشأن الاعتداءات والمجازر بحق الصحفيين، أوضحت أسعد أن النقابة تعمل على تحقيق مبني على شهادات حية ومحامين بالتعاون مع المؤسسات الحقوقية، من المفترض أن يتم تقديمه لأربع جهات في الأمم المتحدة، وسيتم تدوينه خلال الشهر المقبل، كما وسيتم إطلاق حملة دولية ضد الاعتقال والتعذيب بحق الصحفيين، ونعمل كذلك مع محامين دوليين بالخصوص، للمطالبة بحماية الصحفيين وممارسة عملهم بحرية والمطالبة بالعقاب ليس فقط للجندي الذي نفذ الاعتداء وإنما للسياسة التي أخذت هذا القرار لتشكيل رادع لكل من يفكر بانتهاك حياة الصحفي أو اعتقاله.

وذكرت أن هناك حراكا مع البرلمان الأوروبي، لمحاولة إجبار البرلمان الأوروبي للاتحاد الأوروبي على أن يتخذ قرارا بوقف قتل الصحفيين واستهدافهم، ومحاولة ضمهم للحراك في الجنائية الدولية.