السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

“نواب المخيمات” في الأردن يتأرجحون بين تهمتيّ “التوطين” و “الموالاة”!

2014-02-03 00:00:00
“نواب المخيمات” في الأردن يتأرجحون بين تهمتيّ “التوطين” و “الموالاة”!
صورة ارشيفية

عمان – بثينة السراحين

يُطلق على ثلاثة برلمانيين أردنيين حاليين مسمى»نواب المخيمات»، واللقب الذي يقتصر على ثلاثتهم فقط من بين (30) أردنيا من أصل فلسطيني يشغلون مقاعد في المجلس المذكور، يرتكز على تمثيل هؤلاء لقاعدة شعبية انتخابية تشمل مخيمات اللجوء الفلسطيني؛ علماً بأن هناك من لديه قاعدة إنتخابية مماثلة ولا يشمله اللقب!

واللقب ورثه نائب واحد جديد في المجلس الحالي «السابع عشر» هو»محمد هديب»، عن أربعة نواب حملوه لأول مرة في المجلس المنصرم «السادس عشر»، منهم «عبد الله جبران، صالح درويش»، فيما احتفظ به نائبان حاليان حملاه من الدورة البرلمانية السابقة؛ «محمد الحجوج، محمد الظهراوي». 

والسائد في المجتمع الأردني، أن نواب المخيمات الثلاثة الحاليين «محمد الحجوج، ومحمد هديب، ومحمد الظهراوي» يمثلون، عطفاً على لقبهم، فزاعة الحقوق المنقوصة والتوطين من وجهة نظر شرق أردنية، ويرمزون للموالاة والتبعية للموقف الرسمي وللحكومات المتعاقبة من منظور فلسطينيي الأردن. ومن هنا يظل ثلاثي البرلمان المخيماتي أكثر أعضائه جدلا وإثارة للإهتمام؛ شعبيا وإعلاميا.

من أين جاءت التسمية؟

الإعلامي البارز والمحلل السياسي عماد الدبك يرى أن «نواب المخيمات أطلقوا هذا اللقب على أنفسهم خلال الدورة البرلمانية السابقة؛ واحتفظ إثنان منهم به، إضافة لثالث جديد حمله في الدورة البرلمانية الحالية، والهدف واضح من التسمية التي توحي بأنهم أكثر الناس تفانيا واجتهادا في خدمة أبناء المخيمات، بل هي محاولة لتكريس أنفسهم على أنهم وحدهم من يمثلون هذه الشريحة المجتمعية ويعملون على خدمتها. علما أن أول مرة تردد فيها لقب نواب المخيمات في أعقاب بيان أصدره النواب الأربعة في الدورة البرلمانية السابقة، مذيلا بتوقيع يحمل مسمى نواب المخيمات».

النائب محمد جميل الظهراوي ينفي نزوعه ومن ظللهم اللقب للدعاية والترويج عبر إطلاقهم لهذا اللقب، الذي أرجعه لخبر نُشر لأول مرة في يومية الغد الأردنية: «الصحيفة نشرت خبراً عن زيارتنا للقصر الملكي كنواب في المجلس السادس عشر (السابق) ننتمي لقاعدة شعبية جزء منها مخيماتي فلسطيني، وحمل الخبر عنوان (الملك يلتقي نواب المخيمات)، ومنذ ذلك الحين صارت الصحافة تُجملنا تحت هذا المسمى».

ويلفت الظهراوي إلى أن «أصحاب القرار في الدولة الأردنية وراء إطلاق هذا اللقب علينا، والذي نعتز به لارتباطه بالقاعدة الفلسطينية في الأردن قاطبة، وليس أبناء المخيمات فقط».

ويتفق النائب محمد الحجوج مع زميله الظهراوي في «ضلوع وسائل الإعلام في صناعة لقب نواب المخيمات، مستندين بذلك إلى قاعدتنا الشعبية والتي سوادها الأعظم من الأردنيين من أصول فلسطينية، ولمسألة أكثر أهمية؛ المواقف التي يتبناها ثلاثتنا وترتبط بمعالجة قضايا حساسة لم يسبقنا أحد إليها من نواب الأصول الفلسطينية، وذات صلة بإهتمامات المكون الفلسطيني في الأردن».

ويتحدى الحجوج «أن يثبت أحد بأننا قد أصدرنا بياناً واحداً تم توقيعه بإسم (نواب المخيمات)، فلن تجدوا أبداً أي بيان موقع رسمياً بهذه الصفة، واللقب مردّه طبيعة التوجه المتقاطع لثلاثتنا، والدليل أن نائبا مثل الدكتور موسى فياض نجح بقاعدة شعبية سوادها من مخيم البقعة ولم يشمله اللقب».

جهوية وفئوية وأنانية

لا يخفي كثيرون رفضهم لمسمى»نواب المخيمات»، منطلقين في ذلك من فكرة رفضهم لأن يتحول المجلس النيابي لجهوي وفئوي، بل وصل الأمر بكاتب أردني من أصول فلسطينية بإتهام نواب المخيمات بالأنانية السياسية ومحاولة التكسب الشعبوي، وتعزيز المناطقية والمنابت والأصول، ومحاولة تفتيت المجتمع الأردني، وربما هذا ما دعا النائب الحجوج للتأكيد على رفضه للقب نواب مخيمات، مصرّا بقوله: «نحن نواب وطن ولسنا نواب مخيمات، لذا نرفض هذه التسمية لأننا نمثل المواطن الأردني بغض النظر عن منبته وأصوله أو المنطقة الجغرافية التي ينتمي أو يقطن فيها».

ويوافقه الرأي النائب الظهراوي في مسألة تمثيل «نواب المخيمات» لكافة الأردنيين، ويستدرك «لكن ماذا أفعل إن كنت أنا كنائب عن مدينة الرصيفة أمثل قاعدة انتخابية أكثر من 90% منها فلسطينيو الأصل؟، وكما ينضوي سكان مخيم حطين تحت هذه القاعدة الشعبية في منطقتي، لكن ذلك لا ينفي أنني كنائب أردني أمثل كل الأردنيين؛ شركس وبدو ودروز ومسيحيين يقطنون في الرصيفة أيضا- أي في منطقتي الإنتخابية».

ويستذكر «الظهراوي» قيامه وزميليه من نواب المخيمات بانتخاب نائب بدوي وأردني الأصل لرئاسة لجنة فلسطين النيابية: «انتخبناه لأننا مع كل شخص يظهر اهتمامه بقضايا الشريحة التي نمثلها، ونحن لا نعترض على أن ينضم لتكتّلنا المسمى بنواب المخيمات أي نائب برلماني آخر، وأتمنى مثلا أن ينضم إلينا نائب محافظة إربد الشمالية محمد خالد الردايدة، لكن ماذا نفعل إن كنا ثلاثتنا نُتّهم بالأنانية لمجرد أننا نهتم بذات الموضوعات ونجحنا بالتنسيق المشترك، كما ننفذ زيارتنا الميدانية ونلتقي رئيس الوزراء سوية، ونحن بصراحة نشكل ما يشبه الكتلة النيابية الصغيرة، ولا يوجد لدينا ما يمنع كما أسلفت من إنضمام أي نائب لتكتلنا بغض النظر عن أصوله».

ويعتقد النائب الحجوج أن «أفضل نفي لتهمة الفئوية والجهوية بياننا الأخير الذي أصدرناه ضد مشروع كيري، والذي حرصنا ثلاثتنا على أن يمثل وجهة نظر أكبر عدد من النواب، ممن وقعوا عليه ووصل عددهم لـ(35) نائبا من كافة الجغرافيا الأردنية، من الشمال للجنوب، هؤلاء شكلنا وإياهم جبهة وطنية موحدة لمواجهة مشروع كيري. لكن إن أردنا التحدث بإنصاف أجد أن من حقي كنائب عندما أجد من يتفق معي في التوجهات أن أشكل معه تكتلا، وبإعتقادي أن ثلاثتا كنواب مخيمات نتوافق إلى حد بعيد حول الكثير من القضايا، لكن الإعلام عمل على تحوير فكرة هذا التكتل».

ويرفض المحلل السياسي «الدبك» تشكيلة أو تكتل نواب المخيمات: «اعتراضي نابع من أنّ هؤلاء- ومع احترامي لهم- أضافوا (كوتا) جديدة للمجلس على غرار كوتات المرأة والشركس ومقاعد البدو والمسيحيين، وهم بذلك يعزلون أبناء المخيمات الفلسطينية عن بقية أفراد مجتمعهم، وبرأيي أن هذه التفرقة والفصل ليس في مصلحة أبناء المخيمات».

ويستدل الدبك على وجهة نظره تجاه هذا التكتل «النائب من أصول فلسطينية سمير عويس عن مدينة إربد؛ ويمثل مخيم الشهيد عزمي المفتي (الحصن)؛ ونجح في الإنتخابات بدعم كبير من أبناء المخيم ولم ينضم لهذا التكتل لعدم قناعته به، «لكنني إن أردت تحليل الموضوع من وجهة نظر من يسمّون نوابا للمخيمات أخمّن بأنهم ربما يجدون في تكتلهم هذا فائدة ما لجهة ترجمة رؤيتهم وقناعاتهم والتعبير عن توجهاتهم المشتركة».

لقب دعائي وقصور خدماتي

تحليلات «الدبك» تصب في أن لقب نواب المخيمات «يوحي بأن هؤلاء هم أكثر الناس اجتهادا في خدمة أبناء المخيمات، ومع أنني لا أنكر عليهم دورهم في خدمة أبناء المخيمات؛ إلا أنني كإبن مخيم لم أكن أعرف هؤلاء ولم أسمع بهم قبل وصولهم للبرلمان، وأقول ذلك من منطلق كوني ناشط اجتماعي في الأندية ولجان الأيتام في المخيمات، حيث أعرف عشرات الأشخاص (أقوى وأقدر وأنشط وأجدر منهم)، ولديهم تاريخ نضالي معروف في العمل الاجتماعي والخدماتي لأبناء المخيم، وهؤلاء هم الممثلين الحقيقيين للمخيمات، لكن على ما يبدو أن وصول الثلاثي النيابي للمجلس منحهم حرية وحركة أكثر خوّلتهم حمل هذا اللقب، علما بأن الكثير من الفاعلين في خدمة المخيمات وأعرفهم شخصيا لا يتفقون مع نواب المخيمات، بل هم ممن قاطعوا الإنتخابات النيابية برمتها».

«وظيفتي كنائب برلماني سياسية بالأساس وليست خدماتية ولا يعقل أن أذهب لمتابعة مشكلة حفرة في الشارع أو إضاءة معطلة وخلافه من مسائل تتعلق بالخدمات في المخيمات الفلسطينية في البلد»، هكذا يرد النائب «الظهراوي» على «الدبك» وكافة منتقدي نواب المخيمات من منطلق أنهم يميلون للدعاية على حساب المخيمات في حين أنهم لا ينخرطون في لجانها الخدماتية مثلا.

ويبين الظهراوي» وظيفتي هي العمل على التهيئة السياسية للشارع، وعلى تعديل النظام وإرساء قواعد سياسية جديدة، ونحن نواب سياسة ولسنا نواب خدمات، ولا يجوز الخلط هنا».

النائب الحجوج يلخص موقفه «يكفينا للتدليل على أهمية الدور الذي نقوم به كنواب مخيمات أننا أول من طرح قضية المواطنة وموضوع المتابعة والتفتيش؛ ونحن بعملنا هذا أشبه بمن يحفر بالصخر، ويكفينا أننا كسرنا هذا التابوه الذي كان يعتبر من المحرمات».

توطين وموالاة

نواب المخيمات متهمون بالموالاة والتصفيق للحكومات وبتلقي دعم الأجهزة الأمنية؛ وهذا من وجهة نظر بعض أصحاب الأصول الفلسطينية، فيما يتهمهم تيار شرق أردني بأنهم دعاة التوطين، ويجد الدبك أن «القناعة الراسخة دوما، ومنذ زمن، عند الوسط الفلسطيني أن لا أحد من أصل فلسطيني، سواء أكان نائبا أو مسؤولا أو وزيرا، أو غيره من المناصب، يحصل على هذا المنصب إلا من باب نيله (الرضا)؛ وكذلك مساندته من قبل الأجهزة الأمنية، وهذه الفكرة السائدة، وباعتقادي أنها صائبة نوعا ما».

في المقابل، يتابع الدبك، تسود قناعة لدى الشرق أردنيين أن أي أردني من أصل فلسطيني، سواء أكان نائبا أو وزيرا أو حتى لاعب كرة ينادي بالحقوق المتساوية بصرف النظر عن الأصول والمنابت، يعتبر، من منظورهم، من دعاة التوطين والمنادين بالحقوق المنقوصة والمحاصصة، والتهمة جاهزة دائما في هذا الإطار؛ علما بأن من حق نواب المخيمات المطالبة بالحقوق المنقوصة لمن يمثلونهم».

ويستخف النائب أحمد الحجوج بتهمة دعم الأجهزة الأمنية له ولنواب المخيمات «العالم كله يشهد بأن القوائم الفردية في الإنتخابات البرلمانية كانت نزيهة، والتي نجحت من خلالها ب(5557) صوتا، وحصدت بذلك أعلى الأصوات في الدائرتين الأولى والثانية في محافظة الزرقاء رغم أنني لم أكن أملك حينها (15) ألف دينار، في حين سقط في الإنتخابات متنافسين أنفقوا الملايين على حملاتهم الانتخابية».

وبخصوص تهمتيّ الموالاة والتوطين، يعلق الحجوج: «حين يستدعي موقف وطني إتخاذ موقف يتوافق وتوجهات الحكومة يبدو طبيعا أن نكون في ذات الخندق. وأمّا إتهامنا بالسعي للتوطين فيرجع لحجم الملفات التي فتحناها تحت قبة البرلمان والمتعلقة بالمواطنة والمتابعة والتفتيش كما أسلفت، وشخصيا شنوا ضدي حملة غير عادية ولنفس الأسباب».

النائب الظهراوي يتهم «تياراً شرق أردني متشدد؛ وفي مقدمتهم الكاتب ناهض حتر ومن حوله بإلصاق تهمة التوطين بنا، مع أنّ من يقرأ بياننا الأخير ضد مشروع كيري سيصل لقناعة راسخة أننا من أشد المعارضين للتوطين، علما بأن قناعتي الشخصية أن مشروع إسرائيل (بدّه يقوم بدّه يقوم وإسرائيل ما بيقدرلها إلا ربنا)، لكن نحن برّأنا ذمتنا أمام الناس».

ويبين الظهراوي «اتهامنا بالموالاة مردّه بعض البيانات التي أصدرناها مثل بياننا المشترك ضد جماعة الإخوان المسلمين، وهذا يعكس قناعة حقيقة. ونحن في المقابل نمثل سدا منيعا في وجه أي قرار حكومي غير صائب»