حرب ابادة غزة افترضها صمودها ومقاومتها البطولية ورفضها ان تكون امارة بديلة لتحرير كامل التراب واسنادها للضفة في جولة سيف القدس ٢٠٢١ والعملية العجائبية طوفان الاقصى ولم تكن مطلوبة بذاتها وكانت معركتها مؤجلة بينما الضفة هي بيت قصيد كل مشاريع ومخططات إسرائيل.
ظم الضفة وتحويلها الى معازل وسلطة ابو مازن حراس سجون كان هدف اوسلو ومتمماته وقد استخدمته اسرائيل لتقطيع اوصال الضفة وزرع المستوطنات فالقصد الصهيوني الديني والهدف المحوري لإسرائيل يهودية يتركز في الضفة باعتبارها يهودا والسامرة ودولة يهودا في اسرائيل امنت قبضتها على الضفة ومع نتنياهو وسيمورتش وبن غفير سعت لإعادة هيكلة واخضاع اسرائيل" الاشكينازية العلمانية" واتمام السيطرة عليها لتامين يهودا.
استثمر نتنياهو حرب غزة لتدميرها وإقعادها عن اسناد الضفة ووضع يده على اسرائيل وحسم الصراع والازدواجية فيها واطلق يد بن غفير وسموريتش في الضفة وتم تسليح مئات الاف المستوطنين المتطرفين ونقلت مسؤولية الضفة من الجيش الى وزارة بن غفير وكلف غالانت الجيش بتصفية بؤر المقاومة وسحق المخيمات بيئتها اولا تمهيدا للترحيل الى الوطن البديل. ومن ثم تصفية المدن والوجود الفلسطيني فغير مقبول وجود كتلة اجتماعية بمطالب وطنية او اجتماعية انما عبيد جوعى مشردين في خيام ومعازل كيد عاملة لتشغيل المصانع والمزارع وافواه جائعة لشراء منتجاتها واذا تسنى تصفيتهم بالقتل او بالتهجير فهذه هي الوصفة الشافية لإقامة اسرائيل اليهودية.
الضفة قاومت وقاتلت وعطلت المشاريع والصفقات والتسويات التصفوية وتركزت مقاومتها في المخيمات وفرضت في ٢٠٢١ جولة سيف القدس وفرضت على غزة القتال ورفض الصفقات والهدن الطويلة التي كانت تسعى اليها اسرائيل للتفرغ للضفة.
بين الضفة وغزة في المقاومة فوارق لابد من لحظها؛
- مساحة غزة ٣٦٠ كيلو متر اما الضفة ف٥٦٠٠ كيلو متر
- جغرافية غزة مسطحة مستطيلة بحرية محاصرة ومعزولة ويفصلها عن مصر وعن الضفة وال٤٨ جغرافية صحراوية خالية من السكان على عكس الضفة فجغرافيتها جبلية وطوبغرافيتها مناسبة لحروب المقاومة ومتصلة بفلسطين ال٤٨ واهلها ومتصلة بالأردن و٦٠% من سكانه فلسطينيون ومن الضفة وفلسطين ال٤٨
- غزة ٧٠% من سكانها لاجئين في المخيمات لذلك كانت راديكالية وحاسمة في الصراع ومولدة للمقاومات اما الضفة ف٣٠% فيها لاجئين ولهذا هادنت وقامت سلطة اوسلو واجهزتها في خدمة إسرائيل وضد المقاومة وفصائلها بل وفكرتها ولهذا هدأت الضفة احيانا بينما غزة استمرت ثائرة وبيئتها صلبة لا تهادن ولا تساوم.
- كلتاهما محاصرتان من ابناء جلدتها ومن حكومات مهددة باستقرارها ومستقبلها ومستقبل كياناتها ومع هذا لم تناصر غزة ولم تناصر الضفة بل امنت الحماية لإسرائيل وقاتلت معها في صد طائرات وصواريخ الحوثين والعراق وايران.
- بينما نجت مصر مؤقتا من تهجير غزة لسيناء بفاعلية قرار الغزاويين وتفضيلهم الموت جوعا او قصفا على اللجوء الثاني فامنوا مصر وحموها مؤقتا من مؤامرة تجويعها بعد تعطيشها ثم تفكيكها وتدميرها لا تبدو فرصة الاردن مماثلة. فتفكيك الاردن واسقاط المملكة وحكومتها وجيشها قرار يسير بيد نتنياهو وحالما يثق بفرصته لطرد فلسطيني الضفة وال٤٨ الى الاردن سيفعلها بيسر وبلا عقبات تذكر وبكل حال فحرب الضفة وتحولاتها ونواتجها قد تتسبب بتفجير الاردن. لا سمح الله ولا قدر.
- حيث حالة الجغرافية وترتيبات الجيش المصري والإسرائيلي لمنع تامين غزة بالمستلزمات للقتال والصمود وتامين الحاجات لن يستطيع الامن والجيش الاردني من فعل ذات المهمة لزمن طويل بسبب طول الحدود وتداخلها السكاني.
- حيث استمر الشارع المصري كامنا وادار ضهره لمذبحة غزة ومجازرها ربما لا يستطيع الشارع الاردني البقاء طويلا في حالة السبات والعقم والارجح انه سيتحرك ويفرض بعض ارادته على الحكومة والمؤسسة العسكرية. فالناس على الضفتين اقارب وابناء عائلة واحدة ومصير الاردن يتقرر في الضفة.
- حيث تأمنت غزة بالسلاح والانفاق بعد ان حررت نفسها ٢٠٠٥ وحسمت في وجه سلطة ابو مازن واجهزتها وتطهرت تبدو الضفة من هذه الناحية تفتقد الى ذات العناصر. فسلطة ابو مازن واجهزتها لاعبون خطرون ضد الضفة ومقاومتها ومع إسرائيل وجل السلاح المتوفر للمقاومة فردي وعبوات تصنيع محلي ولا تشكيلات عسكرية منظمة ومركزية ومحترفة ولا انفاق.
- حيث الاشتباك في غزة يحتاج الى سلاح ثقيل وصواريخ. الاشتباك في الضفة من مسافة صفر والحاجات اقل كلفة من غزة فالأسلحة الفردية والمتوسطة والصواريخ الموجهة والعبوات المتقنة والمسيرات البسيطة تكفي وتفيض.
- الضفة تشكل قلب فلسطين ورئتها وقصد التطرف والتدين وعلى صلة رحم وقضية مع فلسطيني ال٤٨ وعدد السكان يربو عن ٣.٣ مليون وفلسطيني ال٤٨ ٢.٢ مليون بينما المستوطنين بحدود ٧٥٠ الف ومجمل اليهود في فلسطين اقل من ٤.٥ مليون فالتوازن الديمغرافي مختل لصالح اهل الارض المتمسكون بها ويتوحدون حول خيار المقاومة والمستقبل على عكس الإسرائيليين المنقسمين والقادرين على الهجرة.
- الزمن والتحولات تعمل لصالح غزة فالأحد عشر شهرا من صمود وابداعات غزة غيرت كثيرا في الاحوال وفي بيئة اسرائيل ودول وجمهور اسنادها وتغير في مختلف البيئات وتعمل الجغرافية والطبوغرافيا والديمغرافية لصالح الضفة وتسهم مراكمة النتائج ووقائع العجز والارباك الاسرائيلي واقتراب موعد الانتخابات الامريكية وتصاعد الحرب الاوكرانية لصالح الضفة وفرصتها في ان تحتل مكانتها باعتبارها مفتاح واستراد تحرير فلسطين كلها.
هذه بعض الاختلافات البينية بين الحرب في ساحة غزة وفي ساحة الضفة وتبدو المعطيات تميل لصالح الضفة ان توفرت المستلزمات والادوات فالروح الكفاحية والاستعداد للتضحية موفرة هنا وهناك وكذلك القتال الى اخر نفس فالحرب فاصلة وستقرر لمن تكون الغلبة ولمن فلسطين.