لم تسلم إيران منذ انتصار ثورتها الإسلامية من التشكيك والهجمات والاتهام والتخوين برغم أنها ناصرت فلسطين وقضيتها وبذلت وطرحت شعارات وسعت للتفاعل مع أمم ودول وقادة الإقليم لتنظيم وإدارة الشؤون بعيدا عن التبعية والغرب وتحكمه وقدمت عرضا بأن تضع بين يدي الجميع ما وصلت إليه من معلومات وخبرات تقنية وعلمية وفضائية ونووية.
لا يرون فيها إلا عيوبا وعدوا وشرا مستطيرا على عكس ما كانوا مع الشاه يوم كانت إيران فك كماشة متكاملة مع إسرائيل وأخطر منها كقاعدة أمريكية في الخليج وآسيا..
وماذا جنوا بعد ٤٥سنة من التآمر والحصار؟ والحروب وابتلاء الأمة والعالم الإسلامي بالويلات والكوارث والتدمير والتهجير والإفقار؟.
حتى جاء الأمير محمد بن سلمان وأقدم على انعطافة فصالح إيران وسوريا وأعلن أن الوهابية كانت بطلب أمريكي ولخدمتها ومشاريعها أما الإخوانية والسلفية فتصرفاتها وآثارها وغزة تشهد عليها ولو لم يتجرأ قادتهم على الإعلان وتصحيح المسار.
في الحرب على غزة تصاعد الاتهام وعندما أعلنت حماس وفصائل المقاومة الشكر والتثمين للدور الإيراني وبذلك أنصفت إيران والمحور والأهم أنها عرت الآخرين من دول وحركات وأحزاب وفصائل إسلامية لم تتخذ موقفا ولا ساندت بل ما زالت صامته ومتآمرة تحول العزف والزجل إلى إشاعة وتعميم مقولة أن إيران تفاوض أمريكا والغرب وأنها ستبيع حزب الله وغزة والمقاومة ومازال الاتهام جار وعلى عواهنه.
سنة لم تبع إيران ولا تخلفت عن تأمين الفصائل وإمدادها وإسنادها واشتبكت مع الأمريكي والأطلسي وبعض العرب والمسلمين الذين هبوا للدفاع عن إسرائيل واعتراض صواريخ وطائرات إيران المتجهة إلى فلسطين المحتلة.
لا بأس من نقاش فكرة أن إيران ستبيع والسؤال بكم ومن يمكنه دفع الثمن ولماذا ولمن؟.
فمن قاتل وصمد وتطور وتحول إلى قوة إقليمية برغم الاستهداف المركز ويصرح ويقول ويعرف أن أمريكا والأطلسي في انحسار وأزمات وإيران أساسية في إيصالهم للحالة فهل لعاقل يفترض أنها ستبيع وتقبل تسوية وصفقة مع المهزومين والراحلين؟ وما الذي ستكسبه وقد بلغت الدولة الفضائية والنووية وصانعة سلاحها وركنيه في العالم الأوراسي الصاعد مكان الأنجلو ساكسوني الشائخ والراحل.
ماذا ستحصل عليه؟؟ النووي وقد أصبحت دولة تخصيب كامل وحالما تقرر تكون قنبلتها. الفضاء وقد بلغته باقتدار. الدولة الركنية وقد تصالحت مع السعودية وتتقدم علاقاتها جوهريا مع مصر ومتفاهمة جدا مع تركيا.
هل تخاف من إسرائيل لتبيع وتستسلم وصواريخها من اليمن والعراق ولبنان ومسيراتها تفعل فعلها.
ماذا تكسب إذا قفزت من الباخرة المتينة إلى السفينة المتهاوية ولماذا تفعلها وماذا ستحصد أفضل مما هي عليه؟ ومتى كان الغرب يأخذ بيد الدول وينهضها؟ فهل فعلها مع مصر أو الأردن أو روسيا يلتسن؟ أو تفعلها أمريكا مع أوروبا التي تحولها إلى جمهوريات موز مفقرة ومأزومة.
ولنفترض أن إيران باعت فهل تنتفي القضية الفلسطينية وتنتهي المقاومة.؟؟
باعت مصر وهي العمود الفقري للأمة وقوى المقاومة والمواجهة وتجددت المقاومة؟ وباعت الأردن وباعت منظمة التحرير وسقط العراق وانهار الاتحاد السوفيتي وتشظت ليبيا ودمرت سوريا وظلت القضية الفلسطينية محورية وعادت قضية عالمية محركة ومؤسسة في كل التطورات وفي صياغة مستقبل الدول والأمم والعالم.
لنقل باعت إيران!!؟؟ فهل ستصفي حزب الله وهو على الحدود البرية وبات صانع سلاحه ومسيراته وصواريخه الدقيقة وغالبا شبه مستقل ماليا أو لديه القدرة على مشكلة التمويل مع المراقد والحسينيات والخمس والزكاة ومشاريعه.
واليمن بات يصنع الفرط صوتي ويسيطر على البحار وقادر على تحرير وتوحيد اليمن والاستثمار بثرواته وجغرافيته وتدفيع الخليج كلفة الحروب والتدمير؟ وليس بحاجة لإيران أو غيرها وهو شريك نشط في الحرب وإسناد المقاومة ويبلي حسنا.
باعت إيران، وحماس قررت أن أمرها وولاءها للسنوار المقاتل ببسالة وبراديكالية وحزم وتستمر وقد انتقلت عتلة المقاومة ومسرحها إلى الضفة والاشتباك في الضفة من مسافة صفر وبسلاح بسيط والحاجات ليست ثمينة ولا كبيرة ولا مكلفه.
باعتبار أن الشعب الأردني يتمرد وبتضامن مع شهيده والعشائر العربية تجاهر بولائها لخيار المقاومة وأي تغيير في الأردن أو في مصر وقد تنقلب الأمور والتوازنات رأسا على عقب وإذا باعت إيران تخسر أهم أوراقها وقضاياها...
باعت إيران فماذا عن خياراتها في سوريا في حال الحرب وفي موقع عاصمة المقاومة ومحورها ودولتها القائدة القاعدة ولها قوى إسناد تعوض وتعيض، فروسيا والصين لا بديل لهم عن سوريا، والسعودية ومصر لا مكان لهم بلا سوريا.
حقا إيران وثورتها جاءت هدية من السماء لفلسطين وقضيتها ولسورية ومقاومتها وتفاعلت وصمدت وتحولت إلى قوة إسناد واشتبكت وانتصرت وأسهمت في كل الانتصارات والمنطقي ألا شيء يغريها لتبيع وليطعمها الله الحاج والناس راجعة ؟؟؟
فتذهب إلى أمريكا والغرب وهم في حالة غروب وانحسار وتأزم.
إيران لن تبيع ولا من مؤشر على احتمال أن تبيع.
وإن باعت تخسر هي فقد أدت قسطها للعلا وباتت المقاومة في مأمن وقدرات وإمكانيات تستطيع القتال مع إيران وبدونها.
وإن باعت هي التي خسرت وتضيع وهذه حالة مصر عندما باعت وحالة روسيا يلتسن عندما توهمت وباعت.
إيران ثورة من طابع خاص لا شرقية ولا غربية ولن تفهم إلا بذاتها وأحد أهم أركان ثورتها والتزاماتها القدس وفلسطين لن تبيع وإن باعت ضاعت.
أما ميزتها الاستثنائية في التعامل مع حلفائها فقد علمتهم صيد السمك ولم تقدم لهم السمك كما فعل الاتحاد السوفيتي أو الدول والحركات السابقة ومن تعلم إنتاج الأسلحة يستطيعها بإيران وبدونها وبهذه أيضا أكدت نوعيتها واستثنائيتها وخاصياتها المختلفة.
والجدير ذكره أنه بعمر العقود الخمسة لم تمارس واقعة واحدة تشير إلى أن إيران في طبيعتها البيع والشراء أو التخلي عن الحلفاء على عكس الغرب الذي اعتاد عليه الناس ويقيسون إيران بقياسات أمريكا والأطلسي وهذا عين الخطأ.
إيران إسلامية ولائية وحلفاؤها إسلاميون ولائيون والعلاقة حميمية وقوية وعقيدية إيمانية لا هم يبيعون ولا هي تتخلى وتبيع.
ليست أمريكا والغرب الأنجلو ساكسوني إنما إسلامية لخاصياتها وقيمها وأخلاقها هكذا تقرأ وبهذا تعرف.