الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"إسرائيل" تحاول إعادة هندسة الجغرافيا والديمغرافيا في قطاع غزة والضفة الغربية

2024-10-07 09:27:44 AM

خاص الحدث 

عام مرّ على بدء الاحتلال الإسرائيلي حربه الدامية والمدمرة على قطاع غزة، والتي تعمد جيش الاحتلال فيها انتهاج التدمير الكامل والقتل الجماعي بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم على مدار اثني عشر شهرا متواصلة، ارتقى فيها أكثر من 41600 فلسطيني وأصيب أكثر من 96 ألفا غالبيتهم من الأطفال والنساء، حيث لا يزال آلاف المفقودين تحت الأنقاض في ظل صعوبة وصول طواقم الإسعاف والإنقاذ إليهم.

وبلغت الحصيلة الأولية للخسائر الأولية المباشرة لحرب الإبادة الجماعية أكثر من 33 مليار دولار، جراء إلقاء أكثر من 85 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة والعمليات البرية، في محاولة لإعادة هندسة الجغرافيا والديمغرافيا في قطاع غزة التي تجلت في مخططات وعمليات التهجير القسري والإبادة الجماعية للسكان.

واستهدف الاحتلال الإسرائيلي، على مدار أشهر، المدنيين والنازحين في تجمعات وأماكن أعلن الاحتلال الإسرائيلي أنها أماكن آمنة، أبادت فيها قوات الاحتلال عائلات بأكملها مسحت من السجل المدني، في حرب الإبادة التي لم ينجح أحد في إيقافها وسط تقاعس عربي ودولي وأممي، كما واستهدفت البنية التحتية في قطاع غزة، مخلفة دمارا كاملا لمعظم المناطق التي باتت لا تصلح للعيش.

إعادة إعمار ولكن

تشير التقديرات، إلى أن عملية إعادة إعمار قطاع غزة ربما تكلف أكثر من 80 مليار دولار، إلى جانب 700 مليون دولار لإزالة 42 مليون طن من الأنقاض وفقا للأمم المتحدة، التي تحتاج إلى خبراء ومختصين في القنابل والمتفجرات التي باتت تشكل تهديدا كبيرا وحقيقيا على حياة الآلاف، بسبب وجود كمية كبيرة من مخلفات الصواريخ الإسرائيلية والصواريخ التي لم تنفجر تحت الأنقاض وفي الشوارع والمناطق التي تم استهدافها سابقا. 

وفي أبريل/نيسان، قال الرئيس السابق لهيئة الأمم المتحدة لمكافحة الألغام في العراق بير لودهامار، إن حوالي 10 بالمئة من القذائف، في المتوسط، لم تنفجر عند إطلاقها ولا بد من إزالتها بواسطة فرق إزالة الألغام. مشيرا إلى أن 65 بالمئة من المباني المدمرة في غزة كانت سكنية، مضيفاً أن تطهيرها وإعادة بنائها سيكون عملاً بطيئاً وخطيراً بسبب التهديد الناجم عن القذائف أو الصواريخ أو الأسلحة الأخرى المدفونة في المباني المنهارة أو المتضررة.

ويتفق خبراء وأساتذة تاريخ، أن ما أحدثته إسرائيل في قطاع غزة  "هو شيء لم نشهده من قبل في تاريخ التخطيط الحضري، إنه ليس مجرد تدمير للبنية التحتية المادية بل أيضا للمؤسسات الأساسية للحكم والشعور بالحياة الطبيعية"، مؤكدين أن إعادة الإعمار قد تضطر إلى المزيد من النزوح بسبب ضرورة إخلاء بعض الأماكن مجددا من السكان لإعادة إعمارها، وهو ما يضع قطاع غزة بأكمله تحت معاناة قد تستمر لسنوات.

وقال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن إعادة بناء المنازل في غزة التي دمرت خلال الحرب قد تستغرق حتى عام 2040 في السيناريو الأكثر تفاؤلاً، حيث تبلغ تكلفة إعادة الإعمار الإجمالية في جميع أنحاء القطاع ما يصل إلى 40 مليار دولار. كما وأكدت تقارير، أن ما جرى في غزة بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية سيخفض مستويات الصحة والتعليم والثروة في القطاع إلى مستويات عام 1980، مما يمحو 44 عامًا من التنمية، خاصة بعد تغير التضاريس الفعلية للقطاع بفعل القنابل التي يزن بعضها نحو  1000 كيلوغرام.

حرب الإبادة في أرقام

ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة؛ ارتكب جيش الاحتلال أكثر من 3617 مجزرة ارتقى فيها وفقد أكثر من 51 فلسطينيا، فيما بلغ عن أكثر من 10 آلاف حالة فقدان لأشخاص، ومن بين الشهداء أكثر من 16859 طفلا، مشيرا إلى أن 171 طفلا ولدوا واستشهدوا خلال حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

فيما ارتقى 710 أطفال عمرهم أقل من عام، و36 فلسطينيا استشهدوا نتيجة المجاعة التي فرضها الاحتلال،  وبلغ عدد الشهداء من النساء نجو 11430 شهيدة، بالإضافة إلى 986 شهيدا من الطواقم الطبية بحسب إحصائيات وزارة الصحة في قطاع غزة، فيما ارتقى 85 شهيداً من الدفاع المدني، و173 شهيداً من الصحفيين.

وخلال عام؛ أقام الاحتلال الإسرائيلي 7 مقابر جماعية داخل المستشفيات خلال عملية التوغل البرية المستمرة، تم انتشال 520 شهيدا منها.

وفي حربه للإبادة، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي 183 مركزا للإيواء، وبشكل ممنهج ومتعمد قتل عشرات آلاف الفلسطينيين المدنيين في استهداف المدارس ومراكز الإيواء والمساجد.

ويعيش 25,973 طفلاً بدون والديهم أو بدون أحدهما، كما أن الحرب عرضت حياة أكثر من 3500 طفل للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، خاصة بعد الحصار المطبق على المعابر مع قطاع غزة لأكثر من 142 يوما.

ويواجه أكثر من 10 آلاف مريض سرطان خطر الموت بسبب نقص العلاج والتدخلات الطبية اللازمة، كما وأصيب نحو مليون و737 فلسطيني بأمراض معدية نتيجة النزوح وتم تسجيل 71338 حالة عدوى التهابات الكبد الوبائي، في الوقت الذي تتعرض فيه السيدات الحوامل (60 ألف سيدة) للخطر نتيجة انعدام الرعاية الصحية. ووفق أحدث الإحصائيات، فإن هناك 350,000 مريض مزمن في خطر بسبب منع إدخال الأدوية، و5 آلاف معتقل من غزة خلال حرب الإبادة و310 معتقلين من الكوادر الصحية بالإضافة إلى اعتقال 36 صحفيا.

وحول تفاصيل النزوح، التي يواجهها 2 مليون نازح؛ هناك 100 ألف خيمة اهترأت وأصبحت غير صالحة للاستخدام.

ودمر الاحتلال 125 مدرسة وجامعة بشكل كلي و336 بشكل جزئي، واستشهد 11500 طالب خلال الحرب بالإضافة إلى 750 عاملا في سلك التعليم، و115 عالما وأستاذا وباحثا جامعيا، كما ودمر الاحتلال 611 مسجدا بشكل كلي و214 بشكل جزئي، بالإضافة إلى 3 كنائس، و150 ألف وحدة سكنية دمرت بشكل كامل و80 ألف وحدة سكنية أصبحت غير صالحة للسكن و200 ألف دمرت بشكل جزئي، وأخرج الاحتلال 34 مستشفى عن الخدمة بالإضافة إلى 80 مركزا صحيا، فيما تم استهداف 162 مؤسسة صحية و131 سيارة إسعاف و206 موقعا أثريا وتراثيا تم تدميرها، بالإضافة إلى 3130 كيلو متر أطوال شبكات الكهرباء، و330 ألف متر طولي شبكات مياه، و655,000 متر طولي شبكات صرف صحي، و2,835,000 متر طولي شبكات طُرق وشوارع، بالإضافة إلى تدمير 36 منشأة وصالة رياضية، و700 بئر مياه,

أسرى الحرب.. جريمة حرب مكتملة الأركان

على مدار أشهر حرب الإبادة، تم الكشف تباعا عن جرائم وتفاصيل فظيعة ومروعة عن التعامل مع الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، وعمد الاحتلال منذ اليوم الأول للحرب، سياسات جديدة بحق الأسرى تفاقم من سوء وضعهم، من بينها التعذيب الشديد والمبرح واكتظاظ السجون بسبب الأعداد الكبيرة للأسرى وكذلك حرمانهم من أبسط مقومات الحياة وتقليل كميات الطعام إلى الحدّ الذي يبقيهم لمجرد أن يبقيهم على قيد الحياة فقط، ووصلت الجرائم الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين خاصة أولئك الذين تم اعتقالهم خلال الحرب من قطاع غزة؛ حدّ الاغتصاب، حيث وثقت عشرات حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي بحق الأسرى وصلت حدّ أن تم نقل بعضهم إلى المستشفى جراء التعذيب والاغتصاب.

ويواجه الأسرى، منذ السابع من أكتوبر، ظروفا هي الأشد والأقسى في تاريخ الحركة الأسيرة، بعد أنّ حوّل الاحتلال الإسرائيلي السجون إلى ساحات لتعذيب الأسرى، حيث سُجل أعلى عدد من الشهداء بين صفوف الأسرى  والمعتقلين في تاريخ الحركة الأسيرة منذ بدء حرب الإبادة، حيث تصاعدت حملات الاعتقال اليومية وغير المسبوقة بما يرافقها من جرائم مروعة وصادمة، وإعدامات ميدانية، وعمليات انتقام جماعية. 

هزيمة إسرائيلية أم قضاء على المقاومة!

رغم إعلان قادة الاحتلال وعلى رأسهم رئيس رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو؛ أن أحد أهداف الحرب الرئيسية القضاء على المقاومة وحركة حماس في قطاع غزة، إلا أن التأكيدات تتوالى عن استحالة تحقيق هذا الهدف من قبل خبراء عسكريين إسرائيليين، شددوا على أن طبيعة حماس والمقاومة التنظيمية في قطاع غزة تساهم في قدرة المقاومة على إعادة بناء نفسها بسرعة وإعادة تأهيل قدراتها رغم الحصار المطبق الذي يعانيه القطاع منذ بدء الحرب الأخيرة.

وكشف خبراء وباحثون إسرائيليون، أن هناك تشوهات كثيرة في المفهوم الإسرائيلي بشأن حركة حماس وقطاع غزة، التي لا تريد أن تصدق أن حماس غير مرتدعة بالأساس من جيش الاحتلال ولن تغادر قيادتها قطاع غزة. ورأى الخبراء، أن الحقيقة هي أن حركة حماس حركة لديها ليونة وذات قدرة مرتفعة على التأقلم للتغييرات، وحتى بعد استهدافها بشدة فإنها تنجح بالصمود وكذلك الحفاظ على مكانتها كجهة مركزية في القطاع، وفكرة شن الاحتلال عمليات عسكرية مركزة، واعتبار أنها ستؤدي إلى انهيار حماس لن تنجح، لأن حماس ستعود بسرعة إلى جميع المناطق التي تواجدت فيها.

وأشاروا إلى أن "هذا الإحباط المتواصل جعل إسرائيليين كثيرين يطرحون خططا إمكانية تطبيقها محدود، مثل أن الواقع سيتغير في غزة في حال وجود حكم بديل لحماس، أو أن التطبيع مع السعودية أو أن اتفاقا سياسيا مع السلطة الفلسطينية هما حلان محتملان". 

فيما أكد قادة سابقون لفرقة غزة في جيش الاحتلال، أن "جنود جيش الاحتلال يفوزون بكل مواجهة تكتيكية مع حماس، لكن إسرائيل خسرت الحرب، وبشكل كبير، وحماس استعادت المدن التي أعلن جيش الاحتلال فيها عن القضاء على المقاومة في غضون 15 دقيقة من الانسحابات الإسرائيلية، ولا يوجد أحد يستطيع تحدي حماس هناك بعد رحيل القوات الإسرائيلية".

وتؤكد تقارير، من بينها إعلانات الجناح العسكري لحركة حماس كتائب القسام، أن حركة حماس تعيد بشكل مستمر تجنيد آلاف المقاومين الجدد في صفوفها ودائما ما تعمل المقاومة على ملء فراغات الاغتيالات والشهداء ضمن صفوفها. 
وخلص بعض أعضاء القيادة العسكرية في إسرائيل إلى أن وقف إطلاق النار مع حماس هو أفضل طريق للمضي قدمًا، حتى لو ظلت حماس في السلطة.

تكالب إسرائيلي لتفريغ الضفة

تعمل إسرائيل على إعادة هندسة المجتمع الفلسطيني عبر خلق بيئة مستحيلة للعيش بما يدفع المواطنين نحو الاستسلام أو الرحيل، حيث تتكامل الأدوار بين المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي، بحيث يصّعد المستوطنون اعتداءاتهم بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم في المناطق المصنفة "ج" بصورة غير مسبوقة بعد السابع من أكتوبر، في حين يحوّل الاحتلال مخيمات اللاجئين إلى دمار عبر عمليات عسكرية مكثفة لخلق بيئة طاردة، تمهيدا لضم الضفة الذي بات هدفا إسرائيليا معلنا. ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن اعتداءات المستوطنين تحديدا من 7 أكتوبر أدت إلى استشهاد 19 فلسطينيا وإصابة أكثر من 785 بجراح وتهجير 28 تجمعا بدويا.

المقاومون الجدد في الضفة

خلال الحرب على غزة؛ بدا واضحا بروز التشكيلات المسلحة والمجموعات المقاومة في الضفة الغربية، وهو ما أدى بقوات الاحتلال إلى الاعتراف رسميا بالعودة إلى استخدام سياسة الاغتيالات من الجو في محاولة للقضاء على المقاومين الجدد في الضفة المحتلة، حدّ أن استخدمت الطيران الحربي والطيران المسير في اغتيال عشرات المقاومين في مناطق شمال الضفة الغربية المحتلة تركزت غالبيتها في جنين وطوباس وطولكرم.

ورغم ذلك، إلا أن الاحتلال يفاجأ دوما بظهور مقاومين جدد، وكأن أحدا لم يتم اغتياله، ومنذ بدء الحرب شهدت المقاومة في الضفة تصاعدا لافتا أكد الاحتلال خلال الفترة الماضية أن المقاومة في شمال الضفة تطور من أساليبها القتالية وأدواتها كذلك خاصة العبوات المتفجرة التي أعطبت آليات الاحتلال المدرعة وقتلت جنودا إسرائيليين، وشهدت أشهر الحرب بعد السابع من أكتوبر إعلانات رسمية لكتائب القسام على وجه الخصوص في تبني عمليات نوعية من بينها عمليات استشهادية بالشراكة مع سرايا القدس، وهو ما شكل عودة لنمط قتالي يخافه الاحتلال ويربك صفوفه وصفوف مستوطنيه.

جبهات الإسناد.. من لبنان واليمن والعراق

رغم الغارات الإسرائيلية التي أشعلت لبنان، وبرغم عدد الضحايا الكبير للحرب على لبنان، لم تخرج بيانات جبهة الإسناد اللبنانية عن أدبياتها، القائمة على “وحدة الساحات” وربط جبهة مصير لبنان بوقف حرب الإبادة على غزة، وهو الخطاب نفسه الذي تبنته جماعة أنصار الله اليمنية في هجماتها على ممرات الملاحة في البحر الأحمر، متمسك بمناصرة الشعب الفلسطيني وكذلك المقاومة الإسلامية في العراق التي ضربت أهدافا حيوية إسرائيلية.

غير أن المواجهة المحسوبة تحولت بمرور الوقت إلى معركة “حساب مفتوح” غداة اتساع رقعة الهجمات الإسرائيلية لمحاولة تحييد حزب الله، وذلك بتفجير أجهزة النداء الخاصة بعناصره، واغتيال قادته العسكريين ومئات الغارات اليومية ضد المدنيين اللبنانيين.

أما جبهة اليمن فقد عملت على محاصرة إسرائيل اقتصادياً، نتيجة التأثير المتتالي لضربات القوات المسلحة اليمنية في ممرات الملاحة بالبحر الأحمر وخليج عدن، التي تستهدف السفن الإسرائيلية التجارية أو التي تتعامل شركاتها مع الاحتلال، فانعدم النشاط التجاري في ميناء إيلات الاستراتيجي، وتوقف استقبال السفن والحاويات. ولم تتوقف المساندة اليمنية عند هذا الحد، بل تجاوزتها إلى استهداف مواقع في عمق الاحتلال بالصواريخ.

وتوضح دراسة نشرها معهد أبحاث الأمن القومي لدى الاحتلال، أن حصة التجارة الإسرائيلية المعرضة للهجمات اليمنية في عام 2022 بلغت نحو 9.2% من إجمالي التجارة الإسرائيلية وهو ما يمثل نحو 5.5% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، وهذا هو احتمال الضرر الذي تتعرض له التجارة الإسرائيلية وليس الضرر الفعلي.

وإزاء مشهد جبهات الإسناد الأكثر تأثيرا في مسار حرب الإبادة على غزة، واحتمالات تحولها إلى حرب شمالة، تؤكد ورقة نشرها مركز الجزيرة للدراسات، أن اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر أخرج قواعد الاشتباك الإسرائيلية اللبنانية عن مسارها، إذ هزت هذه التطورات الأسس الحاكمة لتلك القواعد التي حافظت جبهات محور المقاومة المدعوم من إيران (حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، والفصائل المقاومة العراقية) منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، وهذه التطورات تبين أن الطرف الذي يريد أن تغيير قواعد الاشتباك القائمة هو نتنياهو، لأنه يقدِّر أن استقرار الوضع الحالي واستمراره لن يحقق أهدافه؛ ذلك أن التوازن الحالي يفرض عليه خيار التسوية السياسية بعد إخفاق الخيار العسكري، حتى يستعيد المعتقلين من غزة، وتتوقف عمليات الإسناد العسكرية التي يشنها محور المقاومة، إلا أن نتنياهو لا يريد دفع أثمان هذه التسوية السياسية أو القبول بالترتيبات الناتجة عنها.

وتضيف الورقة أن نتنياهو سيضطر إلى تقديم الحساب على إخفاقه في منع هجوم 7 أكتوبر، وإلى الإجابة عن اتهامات بالفساد قد تفضي إلى سجنه وإنهاء حياته السياسية بالكامل، أما عن وضع دولة الاحتلال، فإن حماس ستظل تقاومها في غزة، وسيظل حزب الله يقاتلها في جنوب لبنان وفي شمال فلسطين المحتلة، وسيظل الحوثيون يمنعون الملاحة القادمة إليها عبر البحر الأحمر.

وتؤكد المعطيات الراهنة، خاصة الجبهة اللبنانية وتطوراتها الأخيرة، أن الضغط العسكري لن يفضي أبدا إلى فك ترابط الساحات والجبهات.