الحدث-هداية الصعيدي
تنظر الطفلة الفلسطينية نجوى برغوت (10 سنوات) مبتسمة إلى عينها الاصطناعية التي وضعتها في كف يدها الصغيرة، بينما كانت تجلس أمام جهاز لفحص العيون داخل إحدى مستشفيات قطاع غزة التي بدأت، مؤخرا، بتنفيذ مشروع لتركيب 44 عينا اصطناعية، بالمجان، لجرحى الحرب التي شنتها إسرائيل على القطاع صيف العام الماضي.
ولم يبدو الخوف على الطفلة برغوت، التي فقدت عينها اليسرى بسبب الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وهي تخرج عينها الاصطناعية من محجرها، وتعيد تركيبها مرة أخرى، بناءً على طلب طبيبها المعالج.
وتقول برغوت إنها "سعيدة" بسبب تركيبها لعين اصطناعية بعد مرور قرابة العام على فقدان عينها الحقيقية، فأصدقاؤها "لن يخافوا منها بعد الآن" بسبب عينها المفقودة، وسيتحدثون إليها، ولن تكون وحيدة بعد هذا اليوم".على حد قولها.
وتضيف "كنت أخاف لما أتطلع على المراية، وما كنت بحب أطلع من البيت، هلقيت بروح وين ما بدي ، ورجع وجهي حلو".
والطفلة برغوت واحدة من مئات الفلسطينيين الذين فقدوا أعينهم خلال الحروب الإسرائيلية، على قطاع غزة، ولم يتمكنوا من تركيب عيون اصطناعية، بسبب تكلفتها الباهظة والظروف الاقتصادية القاسية التي يعيشوها.
ولا تتوفر إحصائية رسمية بعدد الفلسطينيين الذين فقدوا أعينهم بسبب إصابتهم خلال الهجمات العسكرية الإسرائيلية على القطاع.
وبدأت، مؤخرا، مستشفى العيون التخصصي التابع لجمعية الخدمة العامة في قطاع غزة بمشروع تركيب عيون اصطناعية لـ44 من جرحى الحروب الإسرائيلية، بتمويل من تجمع أطباء فلسطين في أوروبا.
وفي غرفة مجاورة لغرفة الفلسطينية "برغوت" كان الطفل عبد الله فورة (11 عامًا) يخرج عينه الاصطناعية من محجرها، ويعيد تركيبها بإشراف الطبيب، لعدة مرات، كي يعتمد على ذاته في فكها وتركيبها.
وفقد الصغير فورة عينه اليمنى جراء غارة إسرائيلية خلال الحرب الأخيرة، ولم تتمكن عائلته من تركيب عين اصطناعية له، بسبب تردي أوضاع العائلة الاقتصادية.
وتبدو العين الجديدة للطفل فورة، مطابقة تماما لعينه الطبيعية، ويقول بأنه أصبح "أكثر جمالا بعد تركيبها".
وأصدر البنك الدولي، في نهاية الشهر الماضي، بيانا قال فيه إنّ "نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43 %، وهي الأعلى في العالم، وأن نحو 80 % من سكان القطاع يحصلون على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية، ولا يزال 40 % منهم يقبعون تحت خط الفقر".
أحمد حسين (31 عامًا) لن يضطر للانتظار طويلا حتى تعيد مصر فتح معبر رفح على حدودها مع غزة، ليتمكن من السفر إلى تركيا لزراعة عين اضطناعية هناك.
ويقول حسين "أثناء فترة الحرب الإسرائيلية، سافرت إلى تركيا للعلاج، وقرر الأطباء هناك زراعة عين لي بعد مرور أربعة أشهر، وبعد انتهاء المدة لم أستطع السفر مرة أخرى، بسبب الإغلاق المستمر لمعبر رفح".
ويشعر حسين بـ"الرضا"، بعد أن استطاع تركيب عين اصطناعية، ويقول بأنه أصبح يمارس حياته "بشكل أفضل"، دون التعرض "للإحراج" ممن هم حوله، ولم يعد يرى نظرات "الشفقة في عيونهم".
وفي السياق، يقول الطبيب إياد الهليس، المدير الطبي لمستشفى العيون التخصصي، التابع لجمعية الخدمة العامة، إن "مشروع تركيب العيون الاصطناعية لجرحى الحرب الإسرائيلية يستهدف الأطفال والنساء بالدرجة الأولى لأنهم الفئة الأكثر تضررا من الناحية النفسية".
ويضيف الهليس:" يمول تجمع أطباء فلسطين في أوروبا، فرع ألمانيا، مشروع تركيب عيون اصطناعية لنحو 44 جريح، من الحرب الإسرائيلية".
وينفذ مشروع تركيب العيون الإصطناعية لأول مرة في قطاع غزة، منذ الحرب الأخيرة على القطاع، وفق الهليس.
ويتابع:" يشعر المريض بالإحباط بشكل كبير، لفقدان عينه، وأنه ربما منبوذ ممن حوله، ويقل تواصله مع المجتمع، ولكن بعد تركيب العين، تتحسن أوضاعه النفسية والجمالية".
ووفقا للهليس فإن التكلفة المادية للعين الاصطناعية تتراوح ما بين 1000 إلى 2000 دولار أمريكي.
وأشار إلى ضرورة تركيب عين اصطناعية للأطفال المصابين، لأنهم في حالة نمو متواصل وفقدان العين يقلل من نمو محجرها، وبعد مرور عدة سنوات يكون المحجرين مختلفين في الحجم بشكل ملاحظ ما يحدث تشويها لمظهر الشخص الماصب.
وأوضح الهليس أن "العيون التي يتم تركيبها للمصابين، تصنع في مستشفى العيون التخصصي بغزة، وذلك لتكون مطابقة للون وشكل وحجم العين الطبيعية، كما أنها تصنع من مواد آمنة ومصرح بها عالميا، وتكون في شكلها مطابقة للعين السليمة".