الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الإعلام الأوروبي يشرعن إبادة "إسرائيل" لغزة

2024-10-23 09:34:19 AM
الإعلام الأوروبي  يشرعن إبادة
الحرب "الإسرائيلية" المتواصلة على غزة

الحدث العربي الدولي

تتعرض مؤسسات إعلامية أوروبية لانتقادات كبيرة باعتبارها “متواطئة” في الإبادة الجماعية عبر التزامها الصمت تجاه الجرائم بحق الفلسطينيين، وتبرئتها "إسرائيل" التي تحاكم أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.
وترصد الأناضول جهود مؤسسات إعلامية أوروبية بارزة لإضفاء الشرعية على جرائم "إسرائيل" المتواصلة في غزة، والضغوط التي تمارسها هذه المؤسسات على أي إعلامي ينتقد حرب الإبادة.
ووفق خبراء في الإعلام فإن هذه المؤسسات تتستر على مرتكبي جرائم الإبادة في غزة، عبر نشر معلومات مضللة ودعاية "لإسرائيل"، بل تحاول إضفاء الشرعية على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها، وتتجاهل أي تصريح يدينها.ويؤكدون أن الموقف المؤيد لإسرائيل في الصحافة الغربية يتعارض مع مبادئ الصحافة المحايدة، ويمنع إظهار الحقائق للجمهور.
انحياز إعلامي
مايك بيري عضو هيئة التدريس في كلية الصحافة والإعلام والدراسات الثقافية بجامعة كارديف البريطانية، تحدث عن التحيز في تغطية وسائل الإعلام الغربية للصراع "الإسرائيلي" ـ الفلسطيني.
وقال بيري، في حديث للأناضول، إن أبحاثهم عن الأخبار المنشورة في الغرب منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تؤكد انحياز وسائل الإعلام الغربية في تعاملها مع الصراع.
وأضاف أن “بعض الكلمات العاطفية مثل القتل والمذبحة والوحشية كثير ما يستخدمها الصحفيون لوصف مقتل إسرائيليين، ولكنهم لا يستخدمونها أبد لوصف مقتل الفلسطينيين”.
وتابع: “كثيرا ما يصور الصحفيون أحداث 7 أكتوبر 2023 على أنها هي التي أشعلت الصراع، وهو ما يعترض عليه الفلسطينيون بشكل واضح، لأنهم يرون أنفسهم الجانب الذي يتعرض لعنف "إسرائيل" منذ عقود طويلة”.
وفي ذلك اليوم، هاجمت حماس قواعد عسكرية ومستوطنات بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت "إسرائيليين"؛ ردا على “جرائم الاحتلال اليومية منذ عقود بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولا سيما المسجد الأقصى”، وفق الحركة.
وأردف الأكاديمي البريطاني أن وسائل الإعلام الغربية تتجاهل السياق التاريخي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأوضح أن “البحث الأولي لأحداث 7 أكتوبر يظهر أن وسائل الإعلام الغربية لم تتطرق إلى حصار غزة المستمر منذ 17 عاما، أو إلى احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية منذ 57 عاما، واللذين كانا من أهم الأسباب وراء هجمات 7 أكتوبر”.
 أمثلة فاضحة
ومن الممكن تتبع الموقف المؤيد "لإسرائيل" في الأخبار التي تنشرها المؤسسات الإعلامية الرائدة في دول أوروبية عديدة.
فبينما تصف صحيفة الغارديان البريطانية ومجلة الإيكونوميست هجوم حماس بأنه “دموي” و”متعطش للدماء”، تتجنبان استخدام مثل هذين التعبيرين في وصف هجمات "إسرائيل" على غزة.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن "إسرائيل" بدعم أمريكي مطلق حرب إبادة جماعية على غزة، أسفرت عن 143 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتصف الغارديان الهجمات "الإسرائيلية" على غزة بأنها “عملية عسكرية”، فيما تعتبر أي رد من حماس “هجوما إرهابيا”.
وفي 16 أكتوبر 2023، نشرت قناة “دويتشه فيله” الحكومية الألمانية على موقعها الإلكتروني مقالا بقلم كلير روث، تحت عنوان “ما الأفعال التي تعتبر جرائم حرب؟”، زعم فيه أن هجمات "إسرائيل" لا يمكن اعتبارها “جرائم حرب”.
وفي حين أن مؤسسات إعلامية دولية، مثل “بي بي سي”، تقول عن "إسرائيليين" “قُتلوا”، فإنها تستخدم كلمة “أموات” للشهداء الفلسطينيين.
وتصور “بي بي سي” الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني على أنه “نزاع ثنائي”، ونادر ما تسلط الضوء على واقع الاحتلال الإسرائيلي.
كما تصف المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة بأنها “مناطق متنازع عليها”، وتتجاهل حقيقة أنها غير قانونية بموجب القانون الدولي.
نهج تشكيكي
وتزعم وسائل الإعلام الغربية أن حماس هي التي تقود وتسيّر المؤسسات الفلسطينية، مثل وزارة الصحة في غزة.
ويُظهر تصريح الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي قال فيه إنه “لا يثق بالأرقام التي يعلنها الفلسطينيون (للشهداء والجرحى)”، أن هذا النهج التشكيكي معتمد ويستخدمه السياسيون ووسائل الإعلام.
وعلى إثر هذا التشكيك المتعمّد، بدأت وزارة الصحة في غزة نشر قائمة مفصلة بأسماء الشهداء.
وبينما تتضمن تقارير وسائل الإعلام الغربية معلومات دقيقة ومفصلة عن القتلى والجرحى في "إسرائيل"، يتم تقديم الضحايا الفلسطينيين غالبا في هيئة إحصاءات وأرقام فقط.
وردا على هذا النهج الذي يستهدف إيجاد تعاطف مع "الإسرائيليين" وتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، أطلق شبان في غزة مبادرة بعنوان “لسنا أرقاما”، بهدف نقل حياة الفلسطينيين اليومية ومعاناتهم إلى العالم.
ويؤكد مراقبون وخبراء إعلام أن موقف الصحافة الغربية هذا يؤدي إلى إخفاء الأبعاد الحقيقية للصراع وانتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الفلسطينيون، عن الرأي العام في أوروبا.
 ضغوط على إعلاميين
واستقال الصحفي الإيطالي رافائيل أورياني من صحيفة “لا ريبوبليكا”، وانتقد سياستها التحريرية بقوله إن “هذه المذبحة (الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة) لها حماية إعلامية تجعلها ممكنة. نحن من نوفر هذه الحماية”.
فيما جرى فصل إعلاميين أعربوا عن دعمهم لفلسطين أو انتقدوا إسرائيل، منهم مراسل لدى “بي بي سي” كتب منشورات مؤيدة للفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفصلت “دويتشه فيله” إعلاميين انتقدوا تصرفات إسرائيل، وطالبت موظفيها بدعم ما تزعم أنه “حق إسرائيل في الوجود”.
ووفق خبراء فإنه رغم تجاوز عدد الصحفيين الذين قتلتهم إسرائيل في غزة 170 صحفيا، فإن وسائل الإعلام الغربية لم تتفاعل بشكل كافٍ مع هذا الوضع.
وكشفت مداهمة القوات الإسرائيلية لمكاتب قناة “الجزيرة” القطرية في الضفة الغربية وإغلاقها عن بُعد آخر للعنف الإسرائيلي ضد العاملين في مجال الإعلام.
وتواصل تل أبيب حرب الإبادة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
كما تتحدى إسرائيل طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعها يوآف غالانت؛ لمسؤوليتهما عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
وحوّلت تل أبيب قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم، إذ تحاصره للعام الـ18، وأجبرت حرب “الإبادة الجماعية” نحو مليونين من مواطنيه البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد ومتعمد في الغذاء والماء والدواء.