الحدث- ريتا أبوغوش
فور انتشار الأنباء عن قرب اتفاق حركة "حماس" مع إسرائيل حول هدنة لمدة 5 سنوات، مقابل تخفيف الحصار وتسريع عملية الإعمار وإقامة ميناء بحري عائم مراقب من جهات دولية، تشير مصادر عديدة مقربة من "حماس" أن المقترح طرح من قبل قطر وتدعمه تركيا بالتعاون مع الأمم المتحدة ودول أوروبية، وتم نقاشه مع حماس ومسؤولين من حكومة الاحتلال في الأسبوعين الماضيين، غير أن الآراء تضاربت حوله بشكل متفاوت.
ولقي المقترح قبولا عند غالبية مسؤولي حركة حماس، لينطلق عضو المكتب السياسي للحركة، ومسؤول ملف التهدئة مع إسرائيل موسى أبو مرزوق من غزة إلى قطر للتشاور مع رئيس المكتب السياسي خالد مشعل وبلورة القرار النهائي للحركة هناك.
ولم يمض سوى بعض الوقت حتى بدأت تصريحات قياديي حماس بالتضارب، فمن جهته، قال القيادي في الحركة صلاح البردويل، إن للحركة محددات واضحة في إطار التهدئة، أهمها أن يكون موضوع التهدئة متفق عليه وطنيا وألا يكون الأمر بيد حماس وحدها.
وأردف البردويل لـ"الحدث" أنه من المحتم أن يكون هناك ضمانات على إلزام الاحتلال بشروط التهدئة، وأن تكون التهدئة محدودة بسقف لا يسمح لها أن تكون تهدئة طويلة لدرجة أنها تغير أوضاع اللعبة في المنطقة.
من جهته، كشف مسؤول العلاقات الدولية في حركة حماس أسامة حمدان، عن تسلم حركته لأفكار "مكتوبة" تتعلق بملف التهدئة مع إسرائيل، مضيفا أن قيادة الحركة تدرس تلك الأفكار المطروحة، متوقعا أن يكون الرد على الجهة المرسلة اليوم.
من ناحيته، نفى أبو مرزوق تسلّم حركته أية أفكار حول التهدئة مع الاحتلال، مشددا على أنه وبالرغم من وجود أفكار متداولة "غير مبلورة" حول التهدئة، إلا أنه لن يتم اتخاذ بشكل سري وفصائلي، بل سيكون قراراً وطنياً بالإجماع.
بدورها، قالت مصادر في السلطة الوطنية "إن لدى السلطة علما كاملا بمفاوضات حماس وإسرائيل، إذ أبلغت أطراف أوروبية السلطة بطبيعة هذه المباحثات رغم النفي المتكرر لحماس". ورأت المصادر في حديث لصحيفة الشرق الأوسط أن حدوث أي اتفاق أحادي في غزة سيعزز فصل القطاع عن الضفة وإقامة كيان منفصل هناك.
وحول ذلك، قال المحلل السياسي طلال عوكل إن المصالحة ستتأثر دون أدنى شك، مضيفاً أن الاحتلال لن يقبل بأي اتفاق إلا إذا كان الهدف الأول خلفه إبقاء الوضع في الضفة والقطاع على حاله، وتعميق حالة الانقسام.
وأردف عوكل في مقابلة لـ"الحدث" أن الاستفراد بالقرار بشكل أحادي سيشكل تجاوزا للقرار الفلسطيني الموحد، مشيراً إلى ما قد يسببه من نتائج متدنية بالمعنى السياسي وتعميق التناقضات الفلسطينية- الفلسطينية.
وتوقع أنه وفي حال اتخاذ حركة حماس للقرار بشكل أحادي، فإن ذلك سيؤدي إلى موافق اعتراضية نقدية بين الأحزاب والمعارضة في القطاع، مؤكداً أن حماس متجهة اليوم لتقييم حساباتها الداخلية دون الاهتمام بأي طرف آخر، داخلياً كان أم خارجياً.
وفي سياق متصل، قال المحلل السياسي عدنان أبو عامر، أن التهدئة بحد ذاتها تشكل مصلحة وطنية، فمن حق الفلسطينيين في القطاع أن يلتقطوا أنفسهم عقب حرب 2014، وبإمكان السلطة الفلسطينية أن تكون جزءاً من ذلك، مشيراً إلى أن ذلك يتطلب من كلا الطرفين المضي قدماً في المصالحة "كعملية توافقية شاملة للمعابر والحكومة والموظفين وغيرها".
وأضاف عامر لـ"الحدث" أنه في حال إبرام حركة حماس مشروع التهدئة، فإن في ذلك رسالة موجهة للسلطة الفلسطينية التي تعتبرها حماس قد "أدارت وجهها للقطاع وعملية إعادة الإعمار.
وحول العلاقة بين حركة حماس والجانب المصري، قال عامر إن الموضوع ليس دقيق وقيد التكهنات، فما زالت مصر تريد الإبقاء على دورها كقوى إقليمية افي المنطقة، وجزءاً من الحراك الحاصل، مضيفاً أنه ثمة بوادر لتحسن للعلاقات بين حماس ومصر.
وفي ذات السياق، أوضح عوكل أن العلاقات بين الجانب الفلسطيني في القطاع والجانب المصري في تحسن، فجرى تفاهمات واتفاقيات لما قد يقدمه كل طرف للآخر، كان آخرها شطب كتائب القسام عن لائحة الإرهاب، إضافة إلى السماح بتمرير الإسمنت المصري إلى القطاع، وفتح معبر رفح خمسة أيام متتالية لأول مرة منذ عامين، إضافة إلى نيتها فتحه ثلاثة أيام الأسبوع المقبل.