مطالبة القيادة سحب الاعتراف بدولة الاحتلال التي لا تعترف بأي حق فلسطيني وترتكب إبادة جماعية في غزة وضم زاحف وإبادة تدريجية في الضفة
الفلسطينيون لم يعملوا اللازم لتعزيز قدراتهم الاجتماعية والاقتصادية على مقاومته وإفشاله أو منع آثاره السلبية
د.أبو يوسف: الصمود الفلسطيني على الأرض كفيل بإفشال الضم وقبر كل المشاريع التي تحاول شطب القضية
المصري: الضم لن يكون نهاية المطاف وستتواصل المقاومة وستفتح أبواب الصراع في المنطقة على مصراعيها
عساف: التدرج في مخطط الضم سينفذ بالتزامن مع التدرج في المزيد من إضعاف السلطة الفلسطينية وتجريدها من أية وظيفة إلا من المهمة الأمنية
بكر: نريدها سلطة لشعبها وتغيير وظيفتها لتكون داعمة لصمودهم وتطبيق السيادة الفلسطينية بإرادة شعبية على الأراضي المحتلة عام 67 ردا على مخططات الضم
عفانة: الضم يفقد الخزينة العامة جزءا كبيرا من عناصر الإنتاج الذي تتكئ عليه بشكل شبه كامل إن كان ضرائب أو رسوم والتي تشكل العمود الفقري للموازنة
عليان: الضم من منظور قانوني مخالفة لميثاق الأمم المتحدة الذي لا يجيز اكتساب أراضي الغير بالقوة، ومخالف لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره
الحدث – إبراهيم أبو كامش
من المتوقع أن تعلن حكومة الاحتلال رسميا البدء الفعلي في تنفيذ مخطط ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 أو أجزاء منها بحسب أولوياتها وأهميتها بعد تسلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الجديدة مطلع العام الجديد 2025، حيث ستسعى دولة الاحتلال بكل قوتها لتنفيذ مخططها بالضم لا محالة بضوء أخضر ودعم الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الأمر الذي تؤكده تصريحات ومواقف المسؤولين الإسرائيليين المعلنة، في الوقت الذي لم يقم الفلسطينيون فيه بعمل اللازم على صعيد التخطيط أو السياسات أو البرامج حتى منذ بروز التهديد بالضم عام 2020 لتعزيز القدرة الاجتماعية والاقتصادية الفلسطينية على مقاومته أو منع آثاره السلبية، مما يستدعي موقفا فلسطينيا مختلفا عن كل المواقف السابقة التي لم تحدث التغيير المنشود في الظروف المادية لأهالي المناطق المستهدفة بالضم، ولا في تمكينهم من التصدي المباشر للاستعمار الزاحف.
ويرجح مسؤولون فلسطينيون ضم ثلاث مناطق فلسطينية رئيسية إلى (السيادة الإسرائيلية) بحسب مخطط حكومة الاحتلال، تتمثل المنطقة الأولى في: الأغوار التي تشكل ربع مساحة الضفة الغربية، وفي معظمها حاليا ما يسمى بأراضي دولة إضافة لمحميات طبيعية ومناطق تدريب وإطلاق نار ممنوع الدخول إليها. والمنطقة الثانية تتمثل في منطقة العزل الواقعة بين جدار الفصل العنصري وخط وقف إطلاق النار عام 1948، وتشكل حوالي 12% من مساحة الضفة الغربية. أما المنطقة الثالثة فهي التجمعات الاستيطانية التي تربط بين غرب الضفة وشرقها مثل المنطقة بين تجمع أرئييل الاستيطاني ومنطقة الأغوار، وتشكل على أرض الواقع فاصلا استيطانيا يفصل شمال الضفة الفلسطينية عن باقي مناطقها. فيما يتمثل الشق الثاني من مخطط الضم في تجمع معالي أدوميم الاستيطاني والذي سيفصل رام الله وسلفيت عن باقي مناطق الضفة الفلسطينية، ويمتد حتى البحر الميت. أما الشق الثالث فهو تجمع غوش عتصيون الاستيطاني حتى البحر الميت، وسيفصل الخليل وبيت لحم عن باقي مناطق الضفة الفلسطينية.
الإعلان عن جزء من خطة ضم الضفة
وهو ما أكده وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموترتش، بإعلانه مؤخرا، أنه سيتم تقسيم الضفة إلى ثلاثة أقسام الأول: رام الله وسلفيت. الثاني: بيت لحم و الخليل. والثالث: جنين وطوباس ونابلس وطولكرم وقلقيلية، مبينا أنه سيتم عمل جسور وطرق خاصة بالمستوطنات فقط، وسيكون التنقل بين الأقسام الثلاثة عبر طلب تصريح خطي من مكتب (الإدارة المدنية) الموجود في كل منطقة. يعني إذا أردت أن تخرج من جنين لرام الله فإنك تحتاج لإصدار تصريح من مكتب (الإدارة المدنية) بشكل إلكتروني عبر تطبيق المنسق مع ذكر سبب التنقل، كما سيتم البدء بتصفية أصول السلطة الفلسطينية من إدارات مدنية وستكون سيطرة السلطة فقط في رام الله، مع تواجد لعناصر المرور والشرطة في باقي المدن فقط وخلال عام ٢٠٢٥ سيتم نقل ٦٠% من الإجراءات الرسمية للإدارة المدنية حتى الوصول للمحاكم القضائية بنهاية العام.
وبحسب سموترتش، "سوف تتجنب (إسرائيل) أي صدام عسكري مع السلطة الفلسطينية بالمقابل ستكون السلطة في مأزق مع عناصرها الذين لن يقبضوا أي رواتب والذي سيجعلهم يتمردون على السلطة ويتركون العمل بها. وستزداد عمليات (الجيش) داخل المدن والمخيمات لإزالة ظاهرة المقاومة وسيتطلب الأمر عاما كاملا من العمل وقد يتطلب تدخل الطيران الحربي إذا لزم الأمر".
وأصدر سموترتش، تعليماته لإعداد خطط تطبيق السيادة على أراضي الضفة الغربية، مؤكدا أن 2025 “سيكون عام السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية".
يندرج في إطار الحرب الشاملة ضد الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية
ويرى د. واصل أبو يوسف - عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن ما يتم الحديث عنه من قبل اليمين الإسرائيلي المتطرف وحكومة نتنياهو وبخاصة (سموترتش) وتبني (نتنياهو) لمخطط الضم يعني أن الاحتلال جاثم على صدر الشعب الفلسطيني والذي يرتكب بشراكة ودعم أمريكي منذ قرابة 430 يوما من حرب الإبادة المستمرة ضد شعبنا في ظل عجز المجتمع الدولي عن وقفها، ولذلك فإن مخطط الضم يجري تنفيذه منذ زمن من خلال جرائم القتل والإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين في قطاع غزة والضفة الفلسطينية بشكل ممنهج إضافة إلى هدم البيوت والتجمعات البدوية والتي كلها تندرج في إطار الحرب الشاملة ضد شعبنا الفلسطيني.
لذلك يقول أبو يوسف: "فان ما يهمنا الآن هو وقف هذه الحرب والتأكيد على حقوق شعبنا في عودة اللاجئين وتقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس وفقا لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، والتأكيد أيضا على التمثيل الفلسطيني في إطار م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وأداتها في الأراضي الفلسطينية ممثلة بالسلطة الوطنية الفلسطينية ورفض كل ما يتعلق باليوم الثاني من أجل فصل قطاع غزة وعدم إقامة الدولة الفلسطينية أو من أجل ضرب التمثيل الفلسطيني في إطار م.ت.ف وكل هذه المحاولات هي قديمة جديدة من أجل تصفية القضية الفلسطينية وشطب حقوق الشعب الفلسطيني".
ويضيف: "بصرف النظر عن أشكال وآليات الضم فإن الأهم بالنسبة للقيادة الفلسطينية هو وجود الشعب الفلسطيني على أرضه ورفض مخططات التهجير أحد أهم أهداف الحرب العدوانية سواء من قطاع غزة إلى سيناء أو مصر أو إلى الخارج أو من الضفة الفلسطينية والقدس إلى الأردن أو الخارج، فالأساس هو رفض التهجير وربما موقف مصر والأردن يأتي في هذا الاتجاه لذلك فإن المخطط الأساسي هو التهجير لشعبنا الفلسطيني بينما كل العالم أصبح يتحدث عن حقوقه استنادا لقرارات الشرعية الدولية".
وقال: "مهما خططوا وعملوا ما دام شعبنا متمسكا بأرضه وتشبث بها ودافع عنها لن يتم شطب القضية وسيفشل مخطط الضم، سيبقى شعبنا يناضل ويدافع من أجل إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وتقرير المصير وحق العودة للاجئين".
نجاح المخطط ليس حتميا
في حين يؤكد هاني المصري- مدير عام المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية – مسارات، أن نجاح هذا المخطط ليس حتميا وقدرا لا مهرب منه، وأن كل ما يمكن عمله هو الانضواء به، أو التعايش معه والسعي إلى الحصول على فتات تحت مسمى تحسين مستوى معيشة الفلسطينيين.
ويرى، أن ضم الضفة الغربية أو أجزاء واسعة وتهجير ملايين الفلسطينيين ليس هدفا سهل المنال لسبب بسيط أن معظم الـ 15 مليون فلسطيني حول العالم سيرفضون هذا المصير، ونصفهم صامدون ومتشبثون ببقائهم على أرض وطنهم، ومستعدون لمواصلة الكفاح والمقاومة بكل الأشكال ولتقديم أغلى التضحيات مهما طال الزمن، كما ثبت منذ نشوء القضية الفلسطينية وحتى الآن، وذلك لأنهم مؤمنون بأنهم على حق وأنهم أصحاب رسالة، وأن قضيتهم عادلة ومتفوقة أخلاقيا ومحل تأييد واسع من الرأي العام العالمي ومعظم بلدان العالم، وخاصة في الشرق والجنوب.
ويستطرد المصري قائلا: "حتى لو سلمنا جدلا أن دولة الاحتلال أقدمت على ضم مناطق (ج) أو أجزاء واسعة منها، وأن إدارة ترامب باركت هذه الخطوة كما فعلت في فترة رئاسته الأولى، من خلال صفقة ترامب والاعتراف بضم القدس ونقل السفارة الأميركية إليها وبقية الخطوات المعروفة التي أقدمت عليها، فهذا لن يكون نهاية المطاف، بل ستتواصل المقاومة، وسيكون الضم غير شرعي وغير قانوني مثلما الاستعمار الاستيطاني والاحتلال والفصل العنصري غير شرعي وغير قانوني، وهذا سيفتح أبواب الصراع في المنطقة على مصراعيها، لأن المخطط الأميركي الصهيوني يشمل تأجيج الصراع بين الدول العربية، وخصوصا في الخليج العربي وبين إيران، وحلب الثروات العربية من خلال صفقات شراء الأسلحة وخفض أسعار النفط، فضلا عن إحكام ربط اقتصاديات المنطقة أكثر بالاقتصاد الأميركي والغربي".
ويتوقع المصري، أن هذه الخطوات الأميركية الإسرائيلية، ستفتح في وقت مناسب الأبواب لتهجير ملايين الفلسطينيين إلى بلدان الطوق، خصوصا مصر والأردن، وهذا يشكل تهديدا لأمن واستقرار هذه البلدان، وإلى تطبيع العلاقات بين دولة الاحتلال والدول العربية والإسلامية، ودمج (إسرائيل) في المنطقة وجعلها دولة مركزية مهيمنة، وهذا يلحق أفدح الأضرار بمصالح وأهداف وحقوق شعوب وبلدان المنطقة العربية، والشرق الأوسط برمته.
ولا تختلف توقعات عمر عساف - منسق المؤتمر الشعبي الفلسطيني، مع الآخرين حول التدرج في تنفيذ مخطط الضم، فالحديث يجري عن تجمعات محددة يمكن أن يتم ضمها كالأغوار والمستوطنات الكبيرة كغوش عتصيون ومعاليه أدوميم وأريئيل ومحيطها، والقدس الكبرى وما له علاقة بها، ويعتقد أن هذه التجمعات الثلاثة ستكون هي الأساس فيما له علاقة بالضم في مرحلته الأولى، ولربما يتم تجنب ضم المناطق الأخرى التي تتواجد فيها أغلبية سكان فلسطينيين الآن، ومرة أخرى لأنهم يريدون أرضا بلا شعب أو سكان.
إجراءات الضم بدأت منذ سنوات
ويعتقد جازما عصام بكر – منسق القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله والبيرة، بأن مسلسل الضم لم يبدأ الآن منذ تصريحات (سموترتش) التي لم تخف حكومته عزمها على اتخاذ إجراءات فعلية ضمن مخطط كامل لتكريس سياسة أمر واقع احتلالي يحول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة متواصلة جغرافيا.
ويقول: "بدأت إجراءات الضم منذ سنوات بإجراءات على الأرض ظهرت من خلال تقطيع أوصال الأرض الفلسطينية أو تسعير وتيرة البناء الاستيطاني أو نشر الحواجز والبوابات الحديدية فهناك أكثر من 854 بوابة حديدية تغلق مداخل القرى والبلدات الفلسطينية وتمنع حرية الحركة، وبالتالي في حال إقدام دولة الاحتلال على الضم ضمن خطة الحسم سيكون ذلك متاحا كما حصل في العام 48".
ويرى بكر، أن الضفة الغربية هي في واقع الحال مضمومة فعليا لدولة الاحتلال، لكن الأمر يتعلق بالمراحل، وبالتالي فهي اليوم بمثابة جزر معزولة في بحر الاستيطان، وبالتالي الحديث يتم عن ثلاث مناطق شمال ووسط وجنوب الضفة الغربية هي اليوم في عين العاصفة من أجل إحكام القبضة عليها ولكن المخطط الذي يجري هو أن تتم هذه المسألة بالتدريج دون أن تخفى النوايا حتى بإعادة الاستيطان الاستعماري إلى منطقة قطاع غزة، وهناك حرب لا تقل ضراوة في الضفة الفلسطينية هدفها بسط سياسة الأمر الواقع ضمن خطة الحسم وتكريس واقع الاحتلال وبالتالي نحن نتحدث عن مشروع متكامل، ترصد موازنات ضخمة له وللمستوطنات ولإطلاق يد المستوطنين لترويع السكان الفلسطينيين الآمنين، وإذا أخذنا بالاعتبار أيضا البوابات الحديدية والإغلاقات والحواجز إضافة إلى هدم البيوت ومنع التراخيص وتقييد حرية الحركة والتنقل كل ذلك يوفر مناخا وبيئة طاردة للسكان الفلسطينيين في الوقت الذي يتم فيه تشجيع المستوطنين على العمل والبناء ويتم مد المستوطنات بكل الإمكانات المالية والمقومات للنمو على حساب الأرض الفلسطينية، فإن الضفة الفلسطينية بحكم المضمومة ولكن يبقى الترسيم لذلك.
وتطرق بكر، إلى ما قاله سموترتش بأن "هناك ثلاثة أنواع من الفلسطينيين: الفلسطيني الميت، والفلسطيني العبد والفلسطيني الذي سيجبر على الهجرة"، وبالتالي هذه السياسات بمجملها تحمل خلق وإيجاد مناخ وبيئة طاردة للسكان الفلسطينيين بعد أن يفقدوا مقومات الحياة وعزل القرى النائية والبلدات.
ويقول بكر مستدركا: "لن يكتب النجاح لكل هذه المشاريع لأنه لا يمكن أن يتعاطى أي طرف فلسطيني مع أية أفكار أو مقترحات تحت عنوان تحسين شروط الحياة الاقتصادية واليومية على حساب القضايا السياسية والوطنية ومحاولة مقايضة الحقوق الوطنية المشروعة بوهم السلام الاقتصادي المزعوم، فالشعب الفلسطيني يناضل من أجل حريته واستقلاله وتقرير مصيره ولن يقبل بأي صيغ تنتقص من هذه الحقوق المكفولة بالقرارات والقوانين الدولية".
مخالف لميثاق الأمم المتحدة ولحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره
ويتفق الباحث القانوني تحسين عليان – رئيس دائرة الرصد والتوثيق في مؤسسة الحق، مع الآخرين حول أن الضم الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة هو أمر قائم بحكم الواقع ومنذ زمن بعيد، لكنه يقول: "وما قد تقوم به دولة الاحتلال وبدعم أمريكي هو تشريعه بحكم القانون وليس الواقع فقط أي أن يتم تطبيق القانون الإسرائيلي على المناطق التي سيتم ضمها إن حدث ذلك بالفعل".
ويتابع عليان: "من منظور قانوني نحن نتحدث عن مخالفة لميثاق الأمم المتحدة الذي لا يجيز اكتساب أراضي الغير بالقوة، فالضم هو اكتساب أراضي الغير بالقوة. وهو مخالف لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإن تم الضم تكون دولة الاحتلال قد أخلت بهذا الحق الذي يعتبر مبدأ من مبادئ القانون الدولي العام وأيضا يعتبر حقا من حقوق الإنسان المنصوص عليها في العهدين الدوليين العهد الدولي الخاص بالحقوق القانونية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
ويقول مستدركا: "وإن تم ذلك تكون دولة الاحتلال انتهكت حق تقرير المصير الذي يصنف بموجب القانون الدولي على أنه قاعدة آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ويتوجب على جميع الدول أن تتحرك من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير المصير وهذا ما تم التأكيد عليه في الفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية في شهر تموز الماضي بل وتم التشديد عليها أي أن وجود دولة الاحتلال الإسرائيلي في أراضي الضفة الفلسطينية يحرم الشعب الفلسطيني من تقرير المصير وإذا ما تم المضي قدما بضمها بقانون وبحكم القانون فهو أيضا يخالف الفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية".
الضم ومصير السلطة الفلسطينية
ويرى المصري، أن الضم يعني انتهاء وجود السلطة الفلسطينية "فالبضم فإن السلطة ستتفتت إلى سلطات وإدارات محلية. وقال: من المتوقع أن يتم الضم على مراحل ابتداء من ضم كتل استيطانية ومستوطنات ومن ثم الأغوار وترقب ردود الأفعال وموقف السعودية تحديدا وكذلك مصر والأردن، ولكن أستبعد أن يتم ضم الضفة الفلسطينية كلها.
وهو ما يتفق معه د. أبو يوسف، بقوله إن "الضم يعني إنهاء السلطة الفلسطينية وهذا الأمر ليس غريبا وهم يمارسون خصم أموال المقاصة ويمنعون أو يحدون من التنقل بين المحافظات والقرى ويقطعون أوصال الضفة الفلسطينية".
وهو ما يتفق معه بكر كذلك، مؤكدا أن قادة الاحتلال لم يخفوا نواياهم الخبيثة بإضعاف السلطة الفلسطينية إلى مستواها الأدنى وإثقالها ومحاصرتها بالإجراءات المالية والمقاصة والعقوبات التي تفرض عليها ومدى حرية الحركة والتصدير والاستيراد وخنق القطاعات الاقتصادية المختلفة فيها بما فيها القطاع الزراعي والصناعات الخفيفة وغيرها، وبالتالي العمل على دفع السلطة إلى خيارات قد تكون جميعها محفوفة بالمخاطر إما أن ترفض ذلك وتتحول إلى سلطة تقاوم الاحتلال وبالتالي يندرج هذا في إطار الدعاية التي تحاول سلطات الاحتلال الترويج لها بأنها (سلطة إرهابية) وتقوم بتحطيم واقتحام وتدمير مقرات السلطة الأمنية والعسكرية، أو تحويلها إلى سلطة في أضعف حالاتها تتحول إلى سلطة حكم محلي أو سلطة بلديات دون أن تكون لها صلاحيات إذا ما تم تكريس سياسة الضم.
ويقول بكر: "هناك فرق بين أن تكون سلطة لشعبها أو سلطة على شعبها، هم يريدونها سلطة على شعبها وبالتالي علينا العمل على تغيير وظيفة السلطة لا أن ننتظر اتخاذ إجراءات من قبل دولة الاحتلال، نحن بمقدورنا من قوى ومنظمة التحرير أن نغير من وظيفة السلطة باتجاه أن تكون سلطة لدعم صمود الناس ولتثبيت مقومات صمودهم. ويجب نقل المعركة بدلا من أن تكون هناك مواجهة لخطة الحسم على أهمية ذلك أن نذهب باتجاه تطبيق السيادة الفلسطينية حتى بإرادة شعبية على الأراضي المحتلة عام 67 وهذا سيكون بمثابة رد على مخططات الضم والحسم لا أن تتحول السلطة الفلسطينية إلى سلطة ووكيل أمني للاحتلال كما يريدونها".
في حين يعتقد عساف، أن التدرج في تنفيذ مخطط الضم سينفذ بالتزامن مع التدرج في المزيد من إضعاف السلطة الفلسطينية وتجريدها من أية وظيفة إلا من المهمة الأمنية، هذا ما يسعى إليه عمليا الاحتلال، وأكثر من ذلك بعض الأوساط في الاحتلال تسعى إلى التخلص من السلطة الفلسطينية، وبالتالي نعم قد يكون هناك عمل من قبل الاحتلال على المزيد من الإضعاف للسلطة ومزيد من التهميش وبالتأكيد إجراءات الاحتلال تقود إلى مزيد من العزلة للسلطة أكثر فأكثر.
وللواهمين من بعض الفلسطينيين بالحصول على مكاسب شخصية جراء الضم، يقول المصري لهم: "لن تمنحهم سلطات الاحتلال الجنسية والهوية الإسرائيلية، وهذا ما يصرح به الإسرائيليون والأمريكان، بإعطاء الفلسطينيين حقوقا مدنية وليس لهم حقوق انتخابية ولا سياسية، وبعد أن يتم الضم سيقومون بتجميعنا في معازل ويضيقوا الحياة علينا لنهاجر وفي لحظة معينة قد يلجأون إلى تهجير بضعة ملايين من الفلسطينيين".
كما لا يظن عساف، وجود أي طرف فلسطيني يمكنه أن يرحب بالضم من أجل الحصول على مكتسبات شخصية كالهوية والجنسية الإسرائيلية، فالضم سيحول سكان الضفة الفلسطينية إلى مقيمين وليسوا مواطنين، يعني فقط الإقامة هي التي سيتم الحفاظ عليها، وإن كان هناك من يأمل أو يطمح أو يسعى أو يتوقع أن الاحتلال سيعطيه هويات وحقوقا فهو واهم ومن يتوهم ذلك يكون قد وقع في الخطأ، لأن الاحتلال يريد أرضا ولا يريد بشرا على هذه الأرض.
سياسة النأي بالنفس لا توقف مخطط تصفية القضية
ويقول: "المعضلة التي نواجهها أن هناك من يرى من الفلسطينيين والعرب النافذين، أن ليس أمامهم سوى الانتظار لنرى ماذا سنفعل بعد أن تتضح سياسة (ترمب)، أو سوى الانخراط في المخطط، لعدم توفر القدرة على مواجهته، وبحجة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، والحصول على الفتات الذي يرون أنه أفضل من لا شيء. وبعض هؤلاء يذهب بعيدا، إذ يريد أن يقنع نفسه أو يضلل الآخرين بأن هناك ترمب جديدا يختلف عن ترمب القديم، لأنه أقوى بعد أن فاز بالتصويت الشعبي والمجمع الانتخابي، وبعد حصول حزبه على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، وفي ظل سيطرته على محكمة العدل العليا... إلخ".
ويضيف: "يرددون هذه الخزعبلات على الرغم من أن التعيينات التي أقدم عليها (ترمب) لا تترك مجالا للخطأ في التقديرات، وأنه سيسير في سياسته السابقة وربما بشكل أسوأ وبسرعة أكثر إذا لم يجد من يرده، ومن خلال ظهور ما يكفي من مؤشرات بأنه سيخسر إذا عاود السير في تصفية القضية الفلسطينية، فهو رغم عقيدته وارتباطاته وجنونه مؤمن بعقد الصفقات المربحة وتجنب الخسارة بعيدا عن المؤسسات والقيم والأخلاق، وهذا يتطلب القيام بإجراءات فورية وتحديد قائمة بالإجراءات التي ستتخذ فلسطينيا وعربيا وإقليميا وأوروبيا ودوليا إذا نفذ الضم، وتشمل دولة الاحتلال والولايات المتحدة وكل من يقف معهما".
ويؤكد المصري، أن طريق النجاة ليس القول إن القيادة الفلسطينية اختارت سياسة الانتظار والنأي بالنفس لتجنب الإبادة، إن سياسة النأي بالنفس وعدم إعطاء الأولوية لإنجاز الوحدة لن تنقذ رأس القيادة، ولن تحافظ على السلطة، ولن تمنع إحياء صفقة ترمب، ولن تحول دون الضم وحتى الإبادة والتهجير الآتية في الضفة إذا نجح المخطط الموضوع، بل ستساعد القيادة على تحقيقها بسرعة وبأقل التكاليف.
ويقول:"إن الدور الفلسطيني المطلوب أميركيا وإسرائيليا من القيادة الحالية، هو دور ذكر النحل، أي التلقيح والتخلص منه بعد ذلك، فلا يراد للسلطة أن تعود إلى غزة ولا أن تبقى سلطة واحدة في الضفة ولا أن تقود دولة، لأن الإسرائيليين لا يريدون أي تجسيد لهوية وطنية واحدة تبقي الطريق لإقامة الدولة الفلسطينية مفتوحا".
القوى الفلسطينية لم تجهز شيئا لمواجهة المخاطر
وبكل مرارة وأسف يقول عساف: "بأن القوى الفلسطينية لم تجهز شيئا لمواجهة المخاطر المترتبة على مجيء (ترامب) إلى السلطة ولم تأخذ بالاعتبار كل هذه المخاطر والتي هي موجودة قبل فوزه في الانتخابات الأمريكية، لأن الرئيس (جو بايدن) قدم للاحتلال أكثر مما كان يأمل أحد، وبالتالي فإن (ترامب) قال إنه سيوقف الحرب ولا يريد الحروب في حين قدم بايدن حوالي 25 مليار دولار أسلحة ومساعدات لدولة الاحتلال، وهذا لا يعني أنه ليس هناك خطر وإنما هناك أخطار من مجيئ (ترامب) .
ويعتقد عساف، أنه علينا كفلسطينيين أن نأخذ هذا كله بعين الاعتبار وأن نبحث في كيف نتجاوز هذه الحالة، وكيف نتخلص من الأعباء والتحديات؟ كيف نواجهها؟ هذا عمليا ينقصنا لأن لدينا قيادة فلسطينية حتى الآن لم ترفع صوتا، وبالتالي وكأن هناك رهانا على ترامب بأنه يمكنه أن يغير شيئا من سلوكه.
إمكانيات المقاومة وإفشال المخطط
ويعتقد عساف، أن ما يتم التخطيط له يمس كل الشعب الفلسطيني وكل الأوساط الفلسطينية، وبالتالي موضوعيا ينبغي أن يدفع باتجاه عمل فلسطيني يتصدى لذلك/ ولكن "أظن أن التخريب الذي حصل خلال ثلاثة عقود وأكثر والانقسام والانفصام بين النظام السياسي والشارع الفلسطيني لن يمكن من القيام بمثل هذه المواجهة لأن الناس لا تعمل (على كبسة زر) الناس تحتاج إلى تراكم فالبناء صعب والهدم سهل هذا على صعيد إمكانية المواجهة.
ويضيف: "أما إذا حدث انفجار، فهذا يكون أمرا مفاجئا. أما الأمر الآخر فلا أعتقد أن الأوروبيين قادرون على أن يفعلوا شيئا ما دامت الإدارة الأمريكية عمليا هي التي تتخذ المواقف الداعمة (لإسرائيل).
أزمة الثقة ومناخ المقاومة الشعبية
شدد بكر على الفجوة الكبيرة بين الجماهير الشعبية والسلطة الفلسطينية والقوى والفصائل والأحزاب والتي يجب ردمها، وقال "ربما هناك أسباب اقتصادية واجتماعية تحول دون إمكانية أن ينفض الغبار عن حالة التكلس الوطنية التي بالرغم من كل هذه المجازر لا نرى فعاليات ترتقي إلى المستوى المطلوب، ولكن أعتقد أنه لا يمكن الاستهانة بالمقاومة في شمال الضفة وجنوبها وفي بعض المناطق وبالبعد الجماهيري والشعبي بمعناه الكلاسيكي ما بعد السابع من أكتوبر، ولكن الصيغ الجماهيرية والشعبية تبقى هي أساس ومحرك لكل الفئات التي يجب أن تنخرط على مستوى النقابات العمالية والمنظمات الأهلية والاتحادات الطلابية والمرأة والمهنيين وكافة القطاعات برأينا يجب أن تنخرط في هذا الشكل من المقاومة وبالتصدي لاعتداءات المستوطنين وبتشكيل لجان شعبية لحماية القرى والبلدات من خطر المستوطنين الداهم والذهاب باتجاه فعاليات جماهيرية شعبية في مراكز المدن وعلى نقاط الاحتكاك والتماس حيثما أمكن" .
تداعيات مخطط الضم اقتصاديا وعلى الخزينة العامة
وبتقدير مؤيد عفانة - الباحث والخبير الاقتصادي، لن يكون الضم شاملا؛ لأن ذلك من الناحية الاقتصادية سيحمل دولة الاحتلال تبعات مالية كبيرة والتي تكلفها مليارات الشواقل، وبالتالي فإن دولة الاحتلال ستركز على ضم الأراضي خاصة في المناطق المصنفة (ج) وأجزاء من مناطق (ب)، وتبعا لذلك سيكون أثر الضم على الموارد الاقتصادية الفلسطينية خاصة أنها موجودة في المناطق المصنفة (ج) وقطعا ستكون لها آثار اقتصادية سلبية حيث سيحرمنا ذلك من موارد طبيعية واقتصادية مهمة لنا، حيث أن ضم منطقة الأغوار سيؤثر على المزروعات وعلى سلة غذاء فلسطين، وعلى الثروة الحيوانية عندما يكون هناك تهجير للبدو أو المزارعين هناك، ومن الواضح أن المياه ستكون قطاعا استراتيجيا للضم، وهذا سيزيد العبء على الاقتصاد الفلسطيني حيث تصبح المناطق الغنية بالمياه لدى سلطات الاحتلال وسيبيعوننا إياها بأسعار عالية كما يحصل حاليا ويخصمون هذه الأسعار من إيرادات المقاصة.
وفي حال ضم مناطق (ج) سيكون هناك (تعطيل) للمنشآت الفلسطينية وحتى للأبنية فيها، في حين أصبحت مناطق (ا) غير قادرة على استيعاب إنشاء منشآت ضخمة فيها، في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة الـ 19 الحالية عن برامج للأمن الغذائي والطاقة بتمويل حصلت عليه أو وعدت به من قبل الصناديق العربية، وبالتالي ما هو مصير هذه المشاريع، وبالتالي الاقتصاد الفلسطيني سيضرب فيها.
ويتابع عفانة: في حال الضم ستصبح عندنا معازل اقتصادية حيث ستكون طرقنا صعبة جدا إما معزولة أو التفافية وبالتالي تكلفة نقل البضائع والمواد والمتسوقين أكبر مما هي عليه، كل ذلك سيحدث عندنا معيقات إضافية تبعا للطرق الالتفافية الجديدة وللشوارع التي ستضم للمستوطنات مما يرهق الاقتصاد الفلسطيني بشكل أكبر مما هو عليه الآن.
والقضية الأخيرة في الجانب الاقتصادي جراء مخطط الضم، فقدان العمال الذين يعملون في المناطق المصنفة (ج) أعمالهم الخاصة بهم أو في منشآت موجودة، وبالتالي تزداد معدلات البطالة. ومن المحتمل المؤكد أن تتعرض ثروة الزيتون القومية للتهديد. كما أن تدخل سلطات الاحتلال في المناطق المصنفة (ب) سيحد من إقدام رجال المال والأعمال على الاستثمار في الأراضي الفلسطينية.
تأثر إيرادات الخزينة العامة من الضم
ويؤكد عفانة، أن الناتج المحلي الإجمالي والخزينة العامة سيفقدان موردا من موارد الإنتاج وهو الأرض والمياه الجوفية، والتي تتركز في المناطق المصنفة (ج) فلو نفذ الضم ومنع السكان من مياه آبارهم سيضطرون لشرائها من (ميكاروت) وبالتالي ستتأثر الخزينة العامة لأنه أولا هذا حمل لم تكن تحمله لا البلدية ولا الخزينة العامة والنقطة الأخرى أننا عدنا إلى مشكلة صافي الإقراض وقضية أخرى من بين الحلول لأزمة الطاقة أن تقوم السلطة بإنشاء (حقول) للطاقة الشمسية بحيث تخفف الاعتماد على (إسرائيل) ويكون عندنا إنتاج ذاتي ولإنشاء هذه الحقول قطعا ستكون في مناطق (ج) وفي حالة الضم يمكن أن نفقد أمن الطاقة.
كما أن القضية الأهم أن الأرض هي ثروة وهي إحدى عناصر الإنتاج، إذا فقدنا جزءا من مناطق (ج) وتشكل أكثر من 60% وإن فقدنا 50% منها عمليا نكون فقدنا 30% من كل أراضينا وهذا له ارتداده على الثروة والخزينة العامة، كما توجد هناك مشاريع إنتاجية متعددة زراعية وغيرها، إن فقدناها فإننا نفقد جزءا كبيرا من عناصر الإنتاج الذي تتكئ عليه الخزينة العامة بشكل شبه كامل إن كان ضرائب أو رسوم، وهي تشكل العمود الفقري للموازنة.
الخطوات المطلوبة لمواجهة الضم ومخططات (ترمب) و(إسرائيل)
ويرى المصري، أن المطلوب لإفشال مخطط الضم يبدأ من ترتيب البيت الفلسطيني، على أساس برنامج وطني واقعي يجسد القواسم المشتركة، ويحقق وحدة السلطة والنظام السياسي والقيادة، وخضوع السلاح وكل أشكال العمل والكفاح لاستراتيجية وطنية واحدة متوافق عليها، ومن خلال تطبيق إعلان بكين، والتركيز على وقف الإبادة الجماعية والإغاثة والانسحاب وإعادة الإعمار، وفتح أفق سياسي قادر على إنهاء الاحتلال وإنجاز الاستقلال، لأن وقف العدوان وحده على أهميته من دون إعادة الإعمار يفتح أبواب التهجير الذي سيأخذ اسم الهجرة.
وهو ما يؤكد عليه عضو اللجنة التنفيذية د. أبو يوسف، بأن مخطط الضم يستوجب إنجاز الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام للدفاع عن الأرض والحقوق الفلسطينية والتي تعتبر أيضا رسالة واضحة لوقف حرب الإبادة التي يعجز المجتمع الدولي عن وقفها وإقامة الدولة الفلسطينية المنصوص عليها في قرارات الشرعية الدولية وحق العودة حسب قرار 194.
في حين طالب بكر بإعداد خطة استراتيجية فلسطينية مغايرة وواضحة تتكامل على المستويين السياسي والشعبي رسميا والمطلوب الذهاب إلى توقيف العمل بكل الاتفاقات مع دولة الاحتلال وتطبيق قرارات ومقررات المجلسين الوطني والمركزي في دورتيهما 18 و22، على أن يترافق هذا مع خطاب فلسطيني من أجل تعليق أو تجميد عضوية دولة الاحتلال في الأمم المتحدة ومؤسساتها وهذا بالإمكان الاستناد إليه والذهاب باتجاه هذه الخطوة على ضوء قرارات محكمة الجنايات الدولية مؤخرا وأيضا قبل يومين أصدرت مذكرات توقيف واعتقال بحق المجرم (نتنياهو) ووزير حربه (غالنت) اللذين وصمتهما بأنهما مجرما حرب وهما هاربان من القضاء والقانون الدولي وبالتالي أمامنا مصوغات للذهاب باتجاه تفعيل البعد القانوني والسياسي على المستوى الدولي من أجل تعليق عضوية دولة الاحتلال ومن أجل وقف مدها بكل الأسلحة ووقف الاتفاقات وقطع العلاقات معها. والعمل على تغيير وظيفة السلطة لتصبح سلطة ذات استراتيجية مغايرة هدفها تثبيت صمود الناس من خلال الحكم المحلي ووزارة الزراعة والبرامج وتشجيع المواطنين لاستصلاح الأرض ولمواجهة خطط الاستيطان الذي يستهدف الأرض الفلسطينية، وأيضا إطلاق أوسع الحملات والمبادرات الشعبية من خلال لجان الحراسة والحماية لصد والتصدي لاعتداءات المستوطنين على القرى والبلدات التي تقع في دائرة الاستهداف والتي من المقرر أيضا أن يتم تنفيذ مخطط احتلالي لإخلائها طوعا أو قسرا من خلال هذه السياسات أو من خلال خطة الضم. والعمل على تصعيد الكفاح الشعبي والفعل الشعبي المقاوم لأنه لم يبق لنا خيار إلا مواجهة هذه السياسات وإحباطها ومنع تطبيق هذا المخطط الذي بالتأكيد يمنع قيام دولة فلسطينية متواصلة والحيلولة دون أن يكون هناك تواصل جغرافي بين أرجاء الأراضي الفلسطينية.
كما طالب بكر بإسدال الستار بشكل نهائي ومعلن لصفحة الانقسام الكارثي والتوحد في خطاب سياسي فلسطيني جديد مغاير ولغة سياسية مغايرة تخاطب العالم بالمظلمية الفلسطينية وبأننا ضحايا إرهاب دولة منظمة تمارسه دولة الاحتلال ضده.
وطالب عليان ومعه جميع المتحدثين لـ "صحيفة الحدث"، بسحب الاعتراف بدولة الاحتلال التي لا تعترف بأي حق فلسطيني وتقوم بإبادة جماعية في غزة وضم زاحف وإبادة تدريجية في الضفة وهذا يعني وقف التنسيق الأمني بشكل كامل والعمل بشكل جدي على طرد (إسرائيل) من الأمم المتحدة ومواصلة العمل على تطبيق فتوى محكمة العدل الدولية الأخيرة بعد أن صدر قرار عن الجمعية العامة يدعو إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة في غضون 12 شهرا من صدور القرار، والعمل على تعليق أو طرد دولة الاحتلال من الأمم المتحدة.
أما بالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني فإن عليان يؤكد أنها ماضية لمساءلة دولة الاحتلال أولا على الجرائم التي ترتكبها في الضفة الفلسطينية للمساءلة الفردية عن هذه الجرائم وربما عندما يتم الضم الذهاب لمحكمة العدل الدولية مرة أخرى بفتوى أخرى بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة وأن يتم التشديد على فرض العقوبات على دولة الاحتلال.