الأحد  15 كانون الأول 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

كيف تفاعل الفلسطينيون مع الحدث السوري؟/ بقلم: نبيل عمرو

2024-12-15 02:06:15 PM
كيف تفاعل الفلسطينيون مع الحدث السوري؟/ بقلم: نبيل عمرو
نبيل عمرو

كعادتهم.. ينقسم الفلسطينيون على كل شيء، سواءً ما حدث بشأن بلادهم وقضيتهم، أو ما يحدث في البلدان العربية وحتى الأجنبية.

سوريا عميقة التأثير في واقع الفلسطينيين، حيث ثوراتهم قديمها وحديثها. وعميقة التأثير في حياة فلسطينيي المنفى، حيث العدد الهائل من اللاجئين المقيمين فيها، والعدد الهائل كذلك المقيم في لبنان، وما بين اللاجئين في البلدين، من روابط وتأثر مشترك بما يجري في البيئتين الشقيقتين.

بديهي والحالة هذه أن ينقسم الفلسطينيون حول ما حدث في سوريا، بعضهم حزن حد البكاء المرير، على سقوط النظام، الذي اعتبره العائق الأخير أمام تقدم المشروع الأمريكي الإسرائيلي، وبسقوط هذا العائق ستقع المنطقة كلها في قبضة الإسرائيليين.

وبعضهم الآخر فرح لسقوط النظام إلا أنه خاف على سوريا من التفكك والاقتتال الداخلي والتقسيم، الفلسطينيون في الوطن، الذي صار يُعَرّف بمناطق الحكم الذاتي، كانوا على الدوام يتطلعون إلى الحاضنة العربية كمتنفس لحياتهم وكمجالٍ لدعم قضيتهم، لذا فهم الأكثر تفاعلاً مع الأحداث التي تقع في هذه الحاضنة، ولا أغالي لو قلت إنهم يتابعون ما يجري في لبنان بذات القدر من الشغف حول ما يجري في غزة، ويتابعون ما يجري في مصر والأردن كما لو أنه يجري في بلدهم، فما بالك بسوريا، بكل ما تحمله من معانٍ وطنية وقومية وإنسانية، إلا أن الأهم في عالم السياسة، ما يعنيه سقوطها كبلد في القبضة الإسرائيلية من تأثيرٍ بالغ الخطورة على مستقبل القضية الفلسطينية والصراع الوجودي الذي يخوضه شعبها من أجل حاضرهم ومستقبلهم.

الفلسطينيون ليسوا فقط محتلين من قبل إسرائيل، بل هم محاصرون بالعجز المطبق من حولهم، ومحاصرون كذلك بالانقسامات المستفحلة في صفوفهم، فمنها ما هو بفعل قِصَرِ نظر طبقتهم السياسية، ومنها ما هو امتداد للانقسامات العربية وحتى الإقليمية والدولية، وفي كلا الحالتين الداخلية والخارجية فعداد الخسارة يعمل بلا توقف، داخل البلاد حيث الاستشراس الإسرائيلي عسكرياً واستيطانياً، وخارج البلاد حيث لا تطورات مقنعة بتغيير الموازين على النحو الذي يبشر بنهايات سعيدة يودع بها الفلسطينيون معاناتهم أو بعضاً منها.

غير أن الفلسطينيين المحزونين على حال الأمة، والحاضنات العربية، يملكون رصيداً ذاتياً هو الأقوى تأثيراً في حاضرهم ومستقبلهم، وهو الأشد إزعاجاً وخوفاً لدى الإسرائيليين الذين يدّعون انتصارات في أماكن عديدة إلا عليهم.

إنها الكثافة السكانية المهولة على أرض الصراع المباشر، فكل قرية ومدينة فيما يسمى بمناطق الحكم الذاتي، يزداد عديد مواطنيها المتشبثين بها وتزداد المبادرات الشعبية في البناء والتنمية وتأهيل الذات بما يعزز البقاء الفعال والمتنامي على أرض الوطن، ويجوّف الانتصارات الإسرائيلية على إي مكانٍ تتحقق أو تُدَّعى.

عودةً إلى التفاعل الفلسطيني مع الحدث السوري، ورغم هول ما حدث، لا يتوقف الفلسطينيون عن محاولة الإفادة حتى من السلبي القاتل الذي يحيط بهم، وفي الشأن السوري خصوصاً يرون فيه درساً يتعين عليهم الإفادة منه، هو باختصار شديد مطالبة السلطة والطبقة السياسية بعمومها، بأن تنتبه إلى الملايين التي تعيش على أرض الوطن وتتشبث به، لقد سقط النظام في سوريا بفعل المسافة الواسعة التي فصلت بينه وبين شعبه، وهذا ما لا يريده الفلسطينيون لأنفسهم، وبكل أسف ما لا تنتبه إليه بالقدر الكافي سلطتهم وطبقتهم السياسية.

أخيراً.... الفلسطينيون يرون ما حدث في سوريا على أنه ليس مجرد كارثةٍ قوميةٍ بل درسٍ يتعين الإفادة منه عاجلاً وليس آجلاً.