الثلاثاء  22 نيسان 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

التمكين الاقتصادي – نساء تدعم النساء

دموع قهر الفلسطينيات ليس لها صوتا لكن منتجات مشاريعهن تعزز حضورهن وترفع شأنهن عاليا

2024-12-23 07:12:40 PM
التمكين الاقتصادي – نساء تدعم النساء

 

الحدث – ابراهيم أبو كامش

يتمردن على الإضطهاد الاجتماعي والانتقاص من مكانتهن الاجتماعية ويرفضن القهر والخنوع للصورة النمطية التي أسرهن فيها المجتمع، ويتطلعن لكسرها وتفكيكها لينطلقن في سباق التحدي المجتمعي لتذليل كل ما من شأنه اعاقة أو عرقلة وصولهن الى سوق العمل والمشاركة في التنمية والبناء الاقتصادي على قدم المساواة والتكاملية مع الأبوات.

وفي سبيل تحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي سجلت عشرات النساء الفلسطينيات من القدس المحتلة والضفة الفلسطينية وقطاع غزة قصص نجاح بمشاريعهن الانتاجية الريادية ليكن معول بناء وتربية وتحصيل علمي وأكاديمي لهن ولأبنائهن وباقي أفراد أسرهن إلى جانب تمكينهن الإقتصادي والمساهمة في توفير مستلزمات أسرهن الحياتية والمعيشة لا سيما في حال فقدان رب الاسرة لظروف قاهرة غيبته الظروف الموضوعية أو الذاتية أو إجراءات الإحتلال القمعية.

تعزيز ولوجهن إلى المعرفة والتمكين وتنفيذ مشاريعهن

تتطلع النساء الرياديات صاحبات المشاريع متناهية الصغر، إلى مقاربة جديدة لتحقيق تمكينهن الإقتصادي والذي يرتكز على تعزيز ولوجهن إلى المعرفة والتمكين والمساهمة في تنفيذ المبادرات والأفكار إلى مشاريع ملموسة، إلى جانب ابتكار طرق جديدة في المواكبة الإقتصادية خاصة على مستوى تدبير المخاطر والتحديات، والبحث عن آليات جديدة لتسويق مخرجات ومنتجات مشاريعهن بضمنها منصات الكترونية مما يسهم في تعزيز قوة النساء ومساهمتهن في تحديد الأولويات التي تخصهن.

تتفاخر 40 سيدة ريادية من الضفة وقطاع غزة ومحافظة القدس، بعرض منتجاتهن اللاتي التقينا بعضهن في اطار مشاركتهن في بازار تمكين النساء صاحبات المشاريع متناهية الصغر أقيم في رام اللـه تحت شعار(نساء تدعم النساء) ضمن إطار مشروع "التمكين الاقتصادي للنساء" في محافظة القدس ونساء يد الحكاية - مؤسسة دالية، حيث شملت منتجاتهنّ العديد من الحرف الفلسطينية التراثية، مثل التطريز، والجلود، وصناعة الصابون، والخزف، والأعمال الخشبية، ومنتجات القش، والمنحوتات، والمنتجات الغذائية، وغيرها من الحرف اليدوية التقليدية. بهدف تعزيز دور النساء في الاقتصاد من خلال توفير فرص ترويج وتسويق لمنتجاتهن اليدوية والمشاريع الصغيرة، وذلك بتمويل من اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري "الكوميسك"، ومشروع العطاء من أجل التغيير.

(اقحوان) للكريمات والمراهم الطبيعية

من واقع ألم بعض أفراد العائلة المصابين بأمراض مختلفة، بدأت السيدة ثريا الهندي من كفر عقب مشروعها(اقحوان)  وهو عبارة عن منتجات كريمات للوجه ومراهم حروق وللأكزما وتشققات القدم ومقشرات للجسم وزيوت للشعر صديقة للجسم وللبيئة وكريمات اخرى خاصة بالحوامل اللواتي يتعرضن لتشققات الحمل وشد الوجه وازالة الخطوط الدقيقة ومزيل عرق  وكلها مواد طبيعية.

تقول الهندي:"بدأت المشروع من حاجة بعض أفراد العائلة لمعالجة بعض ما يعانونه من أمراض وإصابات وهم بحاجة إلى صابون وكريمات خالية من المواد الكيماوية، حيث قمت بانتاج الصابون من الزيوت الطبيعية وكل فترة نطلق منتج جديد خاصة ان هناك اقبال وتوسع في السوق والتسويق الالكتروني.

لكن الهندي، تواجه مشاكل وتحديات في توفير المواد الخام وآليات التسويق الحديثة ذات الجدوى .لافتة الى أنها تخصص جزء من إيرادات المشروع لتطويره وجزء منه يخصص للتطوع وبالانفاق على العائلات المستورة في كفر عقب والجزء الآخر يسعدها في إعالة اسرتها وتوفير احتياجاتها المختلفة.

(آثر الهاء) للأزياء البدوية

ما أن صحيت مصممة الأزياء البدوية السيدة هبه أبو داهوك - أم لطفلين من بيت حنينا - على هذه الحياة حتى اكتشفت الثقافة البدوية الغنية بالجمال، تقول:"وبسبب الإحتلال والضغط علينا فرض علينا العيش في المدينة فتأثرنا بالحضرية نفسيا كشباب ناشئين حيث تعرضنا للتنمر عند الانتقال على مجتمعات أخرى من ناحية اللهجة والتقاليد فهم يريدوننا الإنصهار في المجتمع الحضري بينما نحن نعتز ببداوتنا .

ولكن أبو داهوك، تحدث كل هذه الصعوبات والضغوطات ومنها بادرت بمشروعها (أثر الهاء) الذي يعبر عن المرأة البدوية المعاصرة القوية المثابرة القادرة على الوقوف بعزتها البدوية لتثبت هي اليوم حضورها في المجتمع مثلها مثل أي امرأة أخرى. فكل هذا الجمال الذي نراه من ازياء واكسسوارات بدوية نابع من سيدات بدويات معاصرات لهن حقوقهن في هذا المجتمع".

وتتخصص أبو داهوك في تصميم الأزياء مثل العبايات للحفاظ على الموروث البدوي ونقله بطريقة عصرية اضافة الى انتاج الحناء البدوية وكحل الزيت العربي والاكسسوارات البدوية بطريقة معاصرة للحفاظ على الأزياء البدوية وهذا التاريخ العريق . والذي يعتبر جزء لا يتجزأ من حضارة فلسطين، إذ نتمسك بهويتنا البدوية وبجذورنا .

وتقوم السيدة أبو داهوك، بتسويق منتجاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتصوير التحريري الذي يظهر قوة المرأة البدوية في انها تنطلق من الماضي إلى الحاضر بأزياء عصرية مؤكدة الاقبال الكبير على منتجاتها.

وتؤكد أن جميع ايرادات المنتجات تصرف على تطوير فكرة المشروع وتمكين سيدات بدويات من خلال التطريز وشراء مواد خام للمنتج أكثر بما يضمن الاستمرارية للمشروع وتوسعه، فضلا عن تمكين النساء اقتصاديا وماليا اضافة الى المساهمة في اعالة اطفالها وتأسيس بيت مستقل لهم .

"العنقاء" للمطرزات الغزاوية

 وتنقل السيدة سماح مهنا (41 عاما) من مدينة غزة التطريز الغزي للعالم من خلال مشروعها "العنقاء"، الذي يركز على التطريز الفلسطيني الغزاوي بنقلاته المختلفة والخرز. في حين تعتبر أم عبد الرحمن الشلودي من بلدة سلوان بالقدس المحتلة، مشغولاتها اليدوية من ألعاب وورود ودمى، واحدة من أدوات التفريغ النفسي لها.

تقول الشلودي:" أنا أم لشهيد وزوجة أسير وجرى هدم بيتي، وعملت في مجال الكروشيه (نسيج الصوف) كتفريغ نفسي جراء الضغوطات النفسية التي مررت بها".

هناء ومشروع مزرعة الأغنام

اغلاق سوق العمل ومنع أبنائها من الوصول الى أماكن عملهم داخل (إسرائيل) الى جانب ارتفاع غلاء المعيشة وازدياد الاجتياجات والكتطلبات الاسرية دفع السيدة هناء خليل عبد من بيت حنينا واسرة مكونة من 9 أفراد  3 اولا و 4 بنات الى المبادرة بانشاء مشروع مزرعة أغنام.

  تقول هناء:" ننتج  الحليب، اللبنة، الجبنة، السمنة، والجميد، الأمر الذي يسعدنا اعالة الاسرة وتعليم البنات والأولاد في الجامعات ومراكز التدريب المهني والتقني بتخصصات اكاديمية ومهنية مختلفة، اضافة الى تشغيل 15 سيدة من العاطلات عن العمل في المشروع".

منصة لتسويق منتجات صحابات المشاريع متنهاية الصغر

وفي هذا الصدد تقول نور نسيبة - المديرة العامة لمؤسسة دالية المجتمعية:" نهدف إلى دعم النساء وتوفير منصة لتسويق منتجاتهن وإبراز جهودهن في تحقيق الاستقلالية والنجاح، وسيعود ريعه بالكامل للنساء صاحبات المشاريع، مما يسهم في تعزيز مصادر دخلهن ودعم استدامة أعمالهن.

وأشارت نسيبة إلى تطوير العمل مع 15 سيدة ضمن برنامج "يد الحكاية"، من غزة والخليل وبيت لحم وسلفيت وجينسافوط ورام اللـه والبيرة والقدس، وشمل المشروع عدة محاور مع التركيز على تطوير بعد فني جديد للحرف الفلسطينية الأصيلة مع الحفاظ على طابعها وموروثها الأساسي.

 (خليك فاكرني) و( أثر الفراشة)  في (يد الحكاية) 

خريجة جامعية أدب ولغة انجليزية لكنها فضلت انشاء مشروعها الخاص في الجبص والحجر وصناعة اكسسوارات يديوية، تقول صاحبة المشروع ايناس  بدحة - من بتير/ بيت لحم :"شغلي عبارة عن اكسسوارات يدوية الصنع من الجبص والحجر فلدي المجموعة الأولى (خليك فاكرني) وهي كتابة على الحجر والجبص والمجموعة الثانية (أثر الفراشة) وهي مجموعة تراثية تجمع التطريز الفلسطيني بالاكسسوارات بشكل بسيط ولافت وجديد على الساحة، وهذه المجموعة مستوحاة من فكرة الفنانة ريم البنا التي كانت تعمل على القماش بينما قمت انا بعملها على الجبص، فلدي تشكيلة اكسسوارات منها المدالية والقلادة فاصل الكتاب وقطع المغناطيس .

وترى بدحة، أن تسويق منتجاتها حاليا شبه متوقفة بسبب تداعيات الحرب على التسويق، لذا فانها تؤكدا ان احد اهم التحديات التي تواجهها يتمثل في التسويق الذي يشكل عائقا وصعوبة .

يعزز أهمية الاعتماد على المرأة

في حين أكدت ساما عويضة - مديرة مركز الدراسات النسوية على أهمية التمكين الاقتصادي للنساء، الذي يعني محاربة الفقر في المجتمع، وقالت:"لا يمكن الاعتماد على الرجال فقط في الكسب الاقتصادي في ظل الوضع الفلسطيني فهناك نساء معيلات لأسرهن مما يعزز أهمية الاعتماد على المرأة".

وتقول:" لن ننهزم وسنستمر في برامجنا وفي التمكين الاقتصادي للاسر وللنساء فهن لسن مجرد رقم تكميلي في المجتمع وانما هن أساس فيه ونصفه تقريبا من النساء فلو تم تهميش هذا النصف كيف يمكن للمجتمع ان يتقدم وينهض ينتصر".

هوية بصرية لكل مشروع   

تقول لينا غيث – منسقة مشروع التمكين الاقتصادي للنساء في محافظة القدس في مركز الدراسات النسوية:"قدمنا للسيدات صاحبات المشاريع التغليف لمنتجاتهن المختلفة بكافة أنواعها وأصنافها وأصبح لكل سيدة هوية بصرية لمشروعها، وعملنا لها بطاقة بيان وتصميم (لوغو) باسم واضح وصفحات على الانستغرام لكل مشروع .

وتؤكد غيث، أن النساء اصبحن قادرات وبطريقة علمية ممنهجة على التقدم بالخطوة الاولى على بوابة نجاح مشاريعهن، بعد أن تمد تدريب 30 سيدة مقدسية على ادارة مشاريعهن ضمن مشروع تمكين اقتصادي بشكل علمي مدروس وكيفية التسويق وتعريفهن على الاطار القانوني لادارة المشاريع الصغيرة حيث اصبح لديهن معرفة بخدمات سلطة النقد والغرف التجارية.

وتضيف غيث:" أما مشكلة التسويق، فهي ناتجة عن الظروف السياسية الأمنية الاقتصادية السيئة، حيث قلة المواد الخام وأغلب الأزواج عاطلين عن العمل، لذا تكمن أهيمة هذه المشاريع في أنها تدعم الإقتصاد المنزلي وتساعد الأسر على تلبية إحتياجاتها المتعددة ماديا في ظل قلة توفر الموارد المالية الكبيرة، لذا فإننا في المرحلة الثانية للمشروع قررنا رصد ميزانية خاصة لشراء المواد الأولية التي تسهم إضافة إلى الهوية البصرية ومنتجات التغليف من المهم جدا شراء مواد الاولية لتساعدهن على الإنطلاق .