الحدث الفلسطني
أنهى وفدا من سكرتاريا حركة طريق الفلاحين العالمية "لا فيا كمبسينا" زيارة هامة إلى الضفة الغربية امتدت لعشرة أيام. زار الوفد خلالها معظم المحافظات الفلسطينية للاطلاع على التغيرات الميدانية التي طرأت منذ اندلاع حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في أكتوبر 2023. جاءت هذه الزيارة بدعوة من عضو الحركة الفلسطيني، "اتحاد لجان العمل الزراعي"، كتجسيد فعلي للتضامن على أرض الواقع، في ظل قناعة بأن البيانات التضامنية والشجب وحدها لا تكفي لمواجهة المأساة المستمرة والابادة، خاصة مع استحالة الوصول إلى غزة.
خلال برنامج مكثف نظمه اتحاد لجان العمل الزراعي، شملت الزيارة محافظات نابلس، رام الله، بيت لحم، الخليل، والأغوار الفلسطينية. عقد الوفد اجتماعات متعددة المستويات مع محافظين، مؤسسات مجتمع مدني، مؤسسات نسوية، تعاونيات شبابية، ومزارعين فلسطينيين. وقد تمكن الوفد من رصد شهادات حية وثّقت الانتهاكات المتزايدة التي يتعرض لها الفلسطينيون بفعل اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال، والتي بلغت مستويات غير مسبوقة خلال العام الماضي.
من خلال المشاهدات الميدانية واللقاءات المختلفة، عبّر الوفد عن صدمته من التصاعد المستمر للتمدد الاستيطاني في الضفة الغربية وسياسات التضييق الممنهجة التي تهدف إلى تفريغ المناطق الفلسطينية من سكانها. رصدت الزيارة تحويل القرى والمدن الفلسطينية إلى "جيتوهات" مغلقة ببوابات حديدية وحواجز عسكرية، مما جعل التنقل بين المناطق الفلسطينية رحلة يومية من المعاناة. وأكد الوفد أن حرمان المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم ومصادر المياه يشكل سياسة تطهير عرقي تهدف إلى تعزيز السيطرة الاستيطانية وتفريغ الأرض لصالح المستوطنين.
أشار الوفد إلى أن الاحتلال يستغل انشغال العالم بحرب الإبادة في غزة لتصعيد إجراءاته في الضفة الغربية، حيث تمت مصادرة أكثر من 50 ألف دونم من الأراضي، ونُصبت حوالي 900 بوابة حديدية على مداخل القرى والمدن. كما شهد العام الماضي اعتقال أكثر من 11 ألف فلسطيني، بينهم نساء وأطفال وصحفيون، مع توسع مكثف في بناء المستوطنات وارتكاب أكثر من 20 ألف اعتداء من قبل المستوطنين، شملت حرق المنازل، اقتلاع الأشجار، سرقة المحاصيل، والاعتداء المباشر على المزارعين.
إن زيارة وفد "لا فيا كمبسينا"، التي تمثل 180 مؤسسة عالمية وتضم حوالي 200 مليون مزارع، تأتي في وقت تفرض فيه حكومة الاحتلال قيوداً مشددة على الحركة والتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني. وأكد الوفد التزامه بإيصال صوت المزارعين الفلسطينيين إلى العالم، معرباً عن عزمه تنظيم جلسات استماع دولية ومخاطبة المنظمات الأممية لتوثيق هذه الانتهاكات وفضح السياسات الاستيطانية.
كما دعت الحركة جميع الحكومات والمنظمات الدولية إلى تحمل مسؤولياتها، وممارسة الضغوط الفاعلة على حكومة الاحتلال لوقف انتهاكاتها وضمان حقوق الفلسطينيين في أرضهم ومصادر رزقهم. وأكدت التزامها بالعمل المشترك مع الجهات الفلسطينية لتعزيز صمود المزارعين الفلسطينيين من خلال دعم برامج التنمية الزراعية والمناصرة الدولية.
ترى حركة "لا فيا كمبسينا" أن زيارتها تمثل بداية لمرحلة جديدة من التضامن الفعلي والدولي مع الشعب الفلسطيني، وستسعى إلى تعزيز التعاون مع المنظمات الفلسطينية وتحفيز المجتمع الدولي لدعم حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية، العدالة، والسيادة على موارده.
في ظل هذه التحديات، تشكل زيارة وفد "لا فيا كمبسينا" رسالة تضامن عالمي ودعوة لجميع أحرار العالم للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال وسياساته الممنهجة والعمل لتحقيق الحرية والعدالة للشعب الفلسطيني ومزارعيه.