الأربعاء  15 كانون الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تفاصيل جديدة حول اغتيال نصر الله وتفجير أجهزة "البيجر"

2024-12-29 01:05:03 PM
تفاصيل جديدة حول اغتيال نصر الله وتفجير أجهزة
حسن نصر الله

الحدث العربي الدولي 

بعد نحو شهر من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان حيز التنفيذ، كشف تحقيق لصحيفة "نيويورك تايمز" كيف تمكنت إسرائيل من اختراق حزب الله على مدار سنوات ومراقبة قادته عن كثب. يعتمد التحقيق على مقابلات مع عشرات المسؤولين الحاليين والسابقين في الحكومات ووكالات الاستخبارات في أوروبا والولايات المتحدة وإسرائيل، وكشف عن مدى التغلغل الواسع الذي قامت به إسرائيل داخل الحزب.

حسن نصرالله لم يعتقد في لحظاته الأخيرة أن إسرائيل ستقتله

حتى اللحظات الأخيرة في حياة الشهيد حسن نصرالله، لم يعتقد أن إسرائيل ستتمكن من اغتياله. ففي نهاية سبتمبر، انتقل إلى مكان يقع على عمق 12 مترًا تحت الأرض، حيث ضغط مساعدوه عليه لاتخاذ احتياطات أكثر للحفاظ على حياته، إلا أن المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها إسرائيل، والتي شاركتها مع حلفائها في الغرب، أظهرت أنه لم يستمع لهم. كان يعتقد أن إسرائيل لا ترغب في حرب شاملة، ولم يكن يعلم أن وكالات الاستخبارات الإسرائيلية كانت تراقب كل تحركاته لعدة سنوات. كان ذلك نتيجة لعشرين عامًا من العمل الاستخباراتي الذي أعدته إسرائيل تمهيدًا لحرب شاملة كان الكثيرون في إسرائيل يعلمون أنها ستأتي يومًا ما.

بناء شبكة مصادر

انتهت حرب لبنان الثانية في 2006 في طريق مسدود بالنسبة لإسرائيل. لكن العمليات التي تم تنفيذها خلالها شكلت الأساس للفعل الذي قامت به في الحرب الأخيرة. في إحدى العمليات، بحسب معلومات قدمتها إسرائيل للولايات المتحدة، تم زرع أجهزة تتبع على صواريخ "فجر" التابعة لحزب الله، وهو ما قدم لإسرائيل معلومات عن أسلحة مخبأة داخل قواعد عسكرية سرية ومنشآت خاصة. خلال الحرب في 2006، دمرت سلاح الجو الإسرائيلي هذه المواقع.

قال عشرة مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، لصحيفة "نيويورك تايمز" إن جهاز "الموساد" قام بتوسيع شبكة مصادره البشرية داخل حزب الله. على سبيل المثال، جند "الموساد" في لبنان أشخاصًا ساعدوا حزب الله في بناء منشآته السرية وعرفوا أماكنها. هؤلاء المصادر زودوا "الموساد" بمعلومات عن مواقع القواعد والمرافق، وساعدوا جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي "أمان" في مراقبة الأنشطة داخل تلك المنشآت. عمومًا، كانت إسرائيل تشارك المعلومات الاستخباراتية حول حزب الله مع الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا.

لحظة فارقة في 2012

قال خمسة مسؤولين بارزين في وكالات استخبارات أوروبية وأمريكية إن اللحظة الفارقة جاءت في 2012، عندما تمكنت وحدة 8200 من جمع معلومات دقيقة حول مواقع قادة حزب الله، أماكن تواجدهم، وراجمات الصواريخ التابعة لهم. كانت هذه العملية نقطة تحول في تعزيز الثقة بين وكالات الاستخبارات الإسرائيلية، وأظهرت أنه إذا نفذ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تهديداته بضرب منشآت إيران النووية، فإن الجيش الإسرائيلي سيكون قادرًا على الحد من قدرة حزب الله على الرد.

تطوير أجهزة مفخخة

في النهاية، لتوفير تفوق في الحرب المحتملة ضد حزب الله، طورت إسرائيل أيضًا خططًا لتعطيل الحزب من الداخل، بما في ذلك تزويده بأجهزة مفخخة. كان ذلك جزءًا من عملية مشتركة بين "الموساد" و"أمان"، خاصةً وحدة 8200، باعتبار أن هذه الخطة كانت جزءًا أساسيًا من حسابات إسرائيل العسكرية قبل أي مواجهة محتملة، سواء كانت نتيجة لعملية إسرائيلية ضد إيران أو ردًا على هجوم مفاجئ من حزب الله.

كانت تلك الأجهزة معروفة في مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي بـ"الأزرار" التي يمكن تفعيلها في الوقت الذي تختاره إسرائيل. ولصناعة هذه الأزرار، تخصص مهندسون إسرائيليون في إدخال مواد متفجرة من نوع "PETN" داخل بطاريات الأجهزة الإلكترونية، مما حولها إلى قنابل صغيرة. الجزء الأكثر تعقيدًا في العملية كان من تنفيذ "الموساد"، الذي خدع حزب الله لشراء معدات عسكرية وأجهزة اتصالات من شركات لا تبدو أنها إسرائيلية.

تشغيل أجهزة الاتصال

في 2014، استفادت إسرائيل من فرصة عندما توقفت الشركة اليابانية "iCOM" عن إنتاج أجهزة الاتصال IC-V82، التي كانت تحظى بشعبية واسعة بين عناصر حزب الله. اكتشفت وحدة 8200 أن حزب الله كان يبحث عن هذه الأجهزة لتجهيز قواته الأمامية، وأعدوا سترة خاصة لهم تحتوي على جيب يتناسب مع الجهاز. بدأت إسرائيل في تصنيع نسخ معدلة من أجهزة IC-V82 مع إدخال مواد متفجرة في بطارياتها. وصلت هذه الأجهزة إلى لبنان في 2015، وتم إرسال أكثر من 15,000 جهاز في النهاية. في 2018، وضعت إسرائيل خطة لاستخدام نفس التقنية لزرع المتفجرات في بطاريات أجهزة "البيجر"، إلا أن استخدام حزب الله لهذه الأجهزة لم يكن واسع النطاق، لذا تم إلغاء الخطة.

التحضير لمفاجأة حرب

مع تقدم السنوات، أصبحت قدرة إسرائيل على اختراق الهواتف المحمولة أفضل بكثير، ما جعل حزب الله وإيران وحلفاءهم أكثر حذرًا في استخدام الهواتف الذكية. نتيجة لذلك، بدأ حزب الله في زيادة استخدام أجهزة "البيجر" التي لم تكشف عن موقعها الجغرافي ولا تحتوي على كاميرات وميكروفونات يمكن اختراقها. بعد ذلك، بدأ "الموساد" في بناء شبكة من الشركات الوهمية لبيع هذه الأجهزة لحزب الله.

العملية الأخيرة: تفجير "البيجر" في مارس 2023، تم تقديم جهاز "البيجر" المعدل لنتنياهو في اجتماع مع رئيس "الموساد"، الذي أجرى اختبارًا للجهاز عبر إلقائه على جدار مكتب رئيس الحكومة. في أكتوبر 2023، عندما اندلعت الحرب بسبب هجوم مفاجئ من حماس، قرر كبار المسؤولين في إسرائيل تفعيل العملية ضد حزب الله عبر تشغيل الأجهزة المفخخة. في 16 سبتمبر 2023، تم إرسال رسالة مشفرة إلى آلاف من أجهزة "البيجر"، وانفجرت في الحال.

خطة اغتيال نصر الله

على مدار العام، أجرت إسرائيل حوالي 40 "خدعة حرب" حول اغتيال نصر الله وقادة آخرين في حزب الله. في نهاية سبتمبر 2023، قررت إسرائيل اغتيال نصر الله، مع تقارير جديدة تفيد بأنه كان يخطط للانتقال إلى مكان جديد أكثر أمانًا. بعد مناقشة مع كبار المستشارين العسكريين والاستخباراتيين، تقرر تنفيذ العملية دون إبلاغ الولايات المتحدة مسبقًا، رغم التحفظات بشأن رد الفعل الأمريكي.