الأحد  05 كانون الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

انخفاض عدد السكان في قطاع غزة: أزمة متعددة الأبعاد| بقلم: د. رائد حلس

2025-01-02 09:19:15 AM
انخفاض عدد السكان في قطاع غزة: أزمة متعددة الأبعاد| بقلم: د. رائد حلس
د. رائد حلس، باحث ومختص في الشأن الاقتصادي

بسبب الحرب الحالية على غزة، التي أدت إلى استشهاد عشرات الآلاف، بما في ذلك عائلات بأكملها تم محوها من السجل المدني، نشر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تقريرًا يفيد بانخفاض عدد سكان قطاع غزة بنسبة تُقدر بـ 6% مع نهاية عام 2024، هذا الانخفاض يشكل كارثة إنسانية ومجتمعية كبرى تتجاوز البعد السكاني إلى أبعاد أعمق، تشمل الجوانب الاقتصادية والتنموية.

حيث تُعتبر الموارد البشرية أهم ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأي مجتمع. في حالة قطاع غزة، يمثل هذا الانخفاض الحاد في عدد السكان خسارة فادحة لأهم مورد اقتصادي وهو المورد البشري، وتظهر انعكاسات هذه الخسارة على النحو التالي:

تقلص القوة العاملة: أدى استشهاد عدد كبير من الشباب والأطفال، الذين يشكلون مستقبل سوق العمل، إلى تقليص القوة العاملة المتاحة في السنوات المقبلة، وهذا يؤثر بشكل مباشر على إنتاجية الاقتصاد المحلي.

تدهور الاستثمار في رأس المال البشري: مع استمرار الحرب الحالية على غزة، يتم توجيه الموارد الاقتصادية والبشرية نحو الإغاثة وإعادة الإعمار بدلًا من الاستثمار في التعليم والتدريب، مما يقلل من إمكانيات تنمية مهارات الكوادر المستقبلية.

التأثير على الإنتاج المحلي: انحسار عدد السكان يعني انخفاضًا في الاستهلاك المحلي، وبالتالي تراجع الطلب على المنتجات والخدمات، وهذا بدوره يؤدي إلى تعطيل عجلة الإنتاج وتدهور النشاط الاقتصادي.

فقدان الكفاءات والخبرات: استهداف المدنيين أدى إلى فقدان الكفاءات والخبرات التي استغرق إعدادها سنوات طويلة، ما يزيد من الفجوة التنموية ويعقد جهود إعادة الإعمار.

لمواجهة هذه الخسائر، يجب العمل على إعادة بناء رأس المال البشري: من خلال الاستثمار المكثف في التعليم والتدريب لتأهيل جيل جديد قادر على تحمل مسؤولية إعادة بناء الاقتصاد والمجتمع، وتحفيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتوليد فرص عمل ودعم الاقتصاد المحلي، وتعزيز الدعم الدولي لمساعدة غزة في توفير الموارد اللازمة لإعادة الإعمار والتنمية المستدامة.

في الختام يمكن القول إن انخفاض عدد سكان قطاع غزة بنسبة 6% يمثل أزمة متعددة الأبعاد، حيث تُعد الخسارة في الموارد البشرية أعظمها، لا يمكن تجاوز هذه الأزمة إلا من خلال جهد دولي مكثف، واستراتيجية شاملة ترتكز على بناء الإنسان كأولوية لإعادة النهوض بالاقتصاد والمجتمع.