الأحد  05 كانون الثاني 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وأفلُ العام 2024... العام الاصعب في الاقتصاد الفلسطيني| بقلم: مؤيد عفانة

2025-01-02 09:42:16 AM
وأفلُ العام 2024... العام الاصعب في الاقتصاد الفلسطيني|  بقلم: مؤيد عفانة
مؤيد عفانة باحث اقتصادي

أَفَل العام 2024، حاصداً معه عشرات آلاف الشهداء من أبناء الشعب الفلسطيني، ومئات آلاف الجرحى والمعتقلين والمفقودين، ونزوح واسع النطاق أثّر على حوالي 1.9 مليون انسان في قطاع غزة، وتدمير هائل للبنية الأساسية في قطاع غزة، وحصار مُمنهج للضفة الغربية، وقرصنة للأموال الفلسطينية، مما أدى إلى انخفاض حاد في الاقتصاد الفلسطيني، وانهيار الخدمات الأساسية في قطاع غزة، وتضررها بشكل كبير في الضفة الغربية، وتبعاً للبيانات الرسمية فقد تراجع الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 28%، وارتفع معدل البطالة لحوالي (51%)، وشهد العام 2024 انهيار المنظومة الاقتصادية في قطاع غزة وتراجع حاد في القاعدة الإنتاجية في الضفة الغربية، وما زالت أزمة حوالي (205) ألف عامل وعاملة ممن يعملون داخل الخط الأخضر قائمة بسبب منع معظمهم من العودة لأعمالهم، مما أثر سلباً على حوالي مليون انسان فلسطيني,

ومع حلول نهاية عام 2024، حدثت انتكاسات كبيرة في التنمية البشرية في فلسطين، تبعاً لمؤشرات التنمية البشرية، حيث انخفض ​​مؤشر التنمية البشرية لدولة فلسطين إلى 0.643، وهو المستوى المقدّر لعام 2000؛ مما يؤخّر التنمية بمقدار 24 عاماً. بينما يُتوقع أن ينخفض ​​مؤشر التنمية البشرية لقطاع غزة إلى 0.408، وهو المستوى المقدّر لعام 1955؛ مما يمحو أكثر من 69 عاماً من التقدم التنموي.

أما على مستوى الفقر، فكل قطاع غزة أضحى دون خط الفقر، ومناطق متعددة فيه تعاني من المجاعة الحقيقية، وانعدام الأمن الغذائي، وتبعاً لتقارير البنك الدولي فإن 91% من سكان غزة على شفا انعدام الأمن الغذائي الحاد، كما أن خطر المجاعة مرتفع في شمالي القطاع، ويشمل هذا أكثر من 875 ألف فرد يواجهون مستويات طوارئ من انعدام الأمن الغذائي، و345 ألف فرد يواجهون مستويات كارثية، والوضع يزداد خطورة بشكل خاص بالنسبة للفئات الضعيفة والمهمشة، بما في ذلك الأشخاص من ذوي الإعاقة والأطفال والنساء الحوامل، الذين يعانون من ضائقة شديد، وعدا عن الاثار الفورية لهذه الأوضاع، فانه توجد مخاطر استراتيجية طويلة الأجل على رأس المال البشري، ما يقوّض الصحة والإنتاجية والقدرة على الصمود.

أمّا على صعيد الأعمال، فقد أظهرت التقارير تراجع مؤشر دورة الاعمال في فلسطين، حيث انخفض المؤشر -100 نقطة في قطاع غزة على طوال العام 2024، في حيث اغلق الشهر الأخير من العام 2024 لمؤشر دورة الأعمال على تراجع قيمته –32.3 في الضفة الغربية، كما ان القطاع الخاص في قطاع غزة تكبد خسائر فادحة، حيث تم إغلاق 88% من مؤسساته، ويقدر البنك الدولي أن 66% من مؤسسات القطاع الخاص في غزة قد دمرت بالكامل، في حين تكبدت 22% أضرارًا جزئية، ولم يكن القطاع الخاص في الضفة الغربية بمأمن من الاحداث، حيث شهدت مؤسسات الاعمال تراجعا، وخاصة الصغيرة والمتوسطة.

كما شهد حجم التبادل التجاري في فلسطين مع العالم الخارجي انخفاضا نسبته 11%، وشهدت قيمة صادرات السلع والخدمات في فلسطين انخفاضًا بنسبة 13%، إضافة إلى تراجع بنسبة 11% في الواردات وذلك خلال العام 2024 مقارنة مع العام الذي سبقه، علما ان الواردات الفلسطينية أكثر من ثلاث اضعاف قيمة الصادرات الفلسطينية، وهو ما يعكس مستوى العجز المضطرد في الميزان التجاري الفلسطيني، وأيضا زيادة الاتكاء والاعتماد على إيرادات المقاصّة.

وخلال العام 2024 بلغ حجم التداول في الشيكات في فلسطين 17 مليار دولار أمريكي في حين بلغت قيمة الشيكات الراجعة لعدم كفاية الرصيد 1.4 مليار دولار أمريكي، وهو ما مؤشر على ارتفاع في نسبة الشيكات الراجعة من اجمالي الشيكات المتداولة من 6% خلال العام 2023 إلى 8% خلال العام 2024، كما ان الانخفاض في حجم المتداول من الشيكات في العام 2024 يعكس حالة الانكماش الحاد في الاقتصاد الفلسطيني وخفض في مستويات السيولة.

أما على صعيد الماليّة العامة، فقد تعّمقت الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، خاصة مع قرصنة إسرائيل لإيرادات المقاصّة واحتجازها حوالي 60% من قيمة إيرادات المقاصّة الشهرية، علماً ان إيرادات المقاصّة تشكّل العمود الفقري للإيرادات العامة الفلسطينية، وتصل نسبتها الى حوالي (68%) من الإيرادات العامة، وقد بلغ حجم الأموال الفلسطينية المحتجزة لدى إسرائيل منذ العام 2019 حوالي (8) مليار شيكل، في حين يبلغ حجم ديون والتزامات السلطة الفلسطينية تجاه البنوك والموردين والموظفين والصناديق المختلفة حوالي (43) مليار شيكل، وقد أدت الأزمة المالية الى تراكم مستحقات الموظفين والقطاع الخاص بشكل مطرّد، والى حدوث تراجع في الخدمات العامة، وخاصة الدعم والمساعدات للأسر الفقيرة.

ومع انطلاقة العام الجديد، لا تبدو في الأفق ملامح انفراجة اقتصادية، ولكن يبقى الأمل قائم، ويبقى الأمل الأكبر بوقف حرب الإبادة، وضرورة تبني استراتيجيات وطنية فلسطينية لتعزيز الاقتصاد المقاوم، وحماية الفئات الفقيرة والمهمشة ما أمكن، كون رأس المال البشري لا يعوّض.