الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"خاص الحدث"| التصاريح الرمضانية: هدف سياسي بأداة اقتصادية

التهديدات الأمنية كذبة إسرائيلية كبيرة للتحكم في أوقات السماح للفلسطينيين بالدخول للقدس

2015-06-22 03:54:00 PM
صورة ارشيفية

 الحدث - آيات يغمور

في ظل انشغال حركات المقاطعة الأوروبية بالتحرك لوقف التعاملات مع الشركات الإسرائيلية وصادراتها ومؤسساتها الأكاديمية، أصدرت الإدارة المدنية التابعة لسلطات الاحتلال عشرات آلاف التصاريح التي تفتح الأبواب أمام الأسواق الإسرائيلية لتعويض خسارتها الناجمة عن حركات المقاطعة محلياً ودوليا، إضافة للخسائر التي تكبدتها في حرب غزة الأخيرة.
 
ووسط العمليات الأخيرة في القدس ورام الله، تستمر القرارات السياسية الإسرائيلية بالانحسار واتخاذ إجراءات تعتبر محدودة مقارنة بالإجراءات الإسرائيلية المعهودة.
فاكتفت حكومة الاحتلال باتخاذ قرار إلغاء التصاريح، لأهالي قرية سعير التي خرج منها منفذ عملية باب العامود ياسر طروة (21 عاما)، إضافة إلى قرارٍ بإلغاء 500 تصريح للضفة للسفر عبر مطار اللد.
 
لماذا لم توقف سلطات الاحتلال "التصاريح" بشكل كامل؟
قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية فايز عباس لـ"الحدث"، إن التهديدات الأمنية هي كذبة كبيرة اخترعتها إسرائيل لمنع دخول أهالي الضفة، مشيراً إلى أن إسرائيل في الوقت الراهن تدخل مرحلة جديدة تتطلب تبني سياسة مختلفة تأتي بعد فشلها مقارعة الرئيس محمود عباس، وفشل الدبلوماسية الإسرائيلية في المحافل الدولية مقابل نجاح سجلته الدبلوماسية الفلسطينية.
 
وحول إصدار تصاريح الدخول وعدم إلغائها رغم تسجيل حالتي طعن خلال 48 ساعة من إصدار التصاريح، أوضح عباس "أن إسرائيل ترسل رسالة واضحة للشعب الفلسطيني ترفقها مع التصاريح، مفادها أنّ إسرائيل تتحكم بالشعب الفلسطيني في أكله وشربه وتحركاته من جهة، والأهم محاولة زعزعة ثقة الشعب الفلسطيني بالقيادة والمساس بها خاصة بعد أن صدر بيان رسمي بإلغاء التصاريح، وجاء الرد الإسرائيلي عليه مباشراً يقضي بفتح جميع المعابر أمام حملة الهوية الخضراء دون الحاجة إلى تصاريح أمنية".
 
وأكد عباس أن إسرائيل مستمرة في سياستها ولا تحاول إيجاد مبررات سياسية أو ردود فعل للاستمرار في هذه السياسة، مشيراً إلى قرار نتنياهو بمنع دخول أهالي سعير دون غيرهم، ويأتي هذا القرار مقتصراً على عدد محدود من حملة التصاريح، لضمان استمرارية وفود أهالي الضفة وغزة لـ"إسرائيل" علماً أن الهدف السياسي الإسرائيلي يطغى على الجانب السياحي والمبرر الديني لإصدار التصاريح.
 
وفي ظل التخبط الفلسطيني العام الذي تشهده الساحة الفلسطينية هذه الأيام، تستمر التصاريح بالصدور وتعلو معها أصوات تعارض الهدف العام من هذه التصاريح، فيجد البعض أن الحاجة المادية تطغى على الحاجة الروحانية (الدينية) التي خرجت من أجلها تصاريح الدخول.
 
120 مليون دولار ينتظرون إسرائيل في حال الاستقرار السياسي
في الثامن من تموز كشفت دراسة اقتصادية أجراها معهد البحوث الإسرائيلي "راند بان"، عن مكاسب اقتصادية بقيمة 120 مليار دولار في حال الاستقرار السياسي مع الفلسطينيين، ويبدو أن هذه الدراسة تزامنت مع إصدار الكم الهائل من التصاريح لتحقيق المزيد من الأرباح الاقتصادية وتعويض الخسائر التي تكبدتها إسرائيل بعيد الحرب على غزة وحملات المقاطعة الواسعة.
وقال الخبير والمحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم، لـ"الحدث" "إن الهدف وراء التصاريح ليس اقتصادياً بالدرجة الأولى فقط، لأن التسهيلات في إصدارها تحمل بعداً استراتيجياً يكمن في تحقيق تعايش اقتصادي، أو بتعبير آخر تحقيق نوع جديد من السلام يطلق عليه "السلام الاقتصادي".
وأضاف عبد الكريم أن حكومة إسرائيل تحاول نقل رسالة عالمية مفادها بأن الفلسطينيين والإسرائيليين يمكنهم التعايش، حتى لو كان المدخل اقتصادياً، مشيراً إلى رؤية إسرائيلية جديدة تطمح بنقل التطبيع لمرحلة جديدة ذات بعد اقتصادي.
 
الأداة اقتصادية والهدف سياسي
وأبدى عبد الكريم تخوفاً مستقبلياً من استمرار استصدار التصاريح، موضحاً أن استمرارها يجعل الفلسطينيين يشعرون بحالة أمن مادي، خاصة أن إسرائيل تتبع القاعدة الاقتصادية "الأمن مقابل الاقتصاد".
 
وفي سياق متصل، نفى عبد الكريم أن يكون الهدف الإسرائيلي من وراء التصاريح ضرب الأسواق الفلسطينية وإلحاق خسائر في اقتصادها، مؤكداً أن إسرائيل تحاول جعل المستثمرين الفلسطينيين يتعلقون بالعلاقات الاقتصادية الإسرائيلية، الأمر الذي سيهمش الدور الاقتصادي للسلطة الفلسطينية من مشاريع استثمارية وموظفي المناصب الرسمية، فتصبح إسرائيل بدورها بديلاً اقتصادياً عن السلطة ما يفقدها جزءً كبيراً من أهميتها.
وأشار خبير الشؤون الاقتصادية إلى حقيقة اقتصادية مهمة، وهي أن الاقتصاد الإسرائيلي ضخم جداً وحجم الأرباح التي يمكن لإسرائيل الاستفادة منها من قبل حملة التصاريح لا يؤثر على حجم الإجمالي المحلي الإسرائيلي، وفي ذلك إشارة إلى أن الهدف الاستراتيجي سياسي بحت، وهو هدف مستقبلي يهدف لخلق تسوية سياسية ومصالحة على الصعيد الاقتصادي.
 
وفي الوقت الذي باتت فيه الجهودٌ الحثيثة لحركات المقاطعة العالمية والقرارات السياسية الفلسطينية مهددة بخطر ورقة تصريح يمكنها أن تهدم آمالاً كبيرة متعلقة بزعزعة الاقتصاد الإسرائيلي والتأثير على المسار السياسي لصالح القضية الفلسطينية، تبقى الجولة الأخيرة قائمة لم تحسم لصالح إسرائيل بعد، فيبقى القرار الحقيقي بيد المواطن الفلسطيني الذي يملك الكلمة الفاصلة في هذه الجولة.