الحدث الاقتصادي
عقد اليوم في مقر معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) ورشة عمل لمناقشة وعرض دراسة استراتيجيات إعادة اعمار قطاع غزة بعد حرب 2023/2024 بمشاركة مجموعة من المختصين وذوي الخبرة والمهتمين، وجاهياً في مقر المعهد وعبر تقنية الزووم. أعد الدراسة مسيف جميل وفريد القيق وعمر شعبان.
في عرضه للدراسة، أكد الباحث في المعهد مسيف أن قطاع غزة تعرض إلى دمار غير مسبوق خلال هذه الحرب، والتي أدت إلى تدمير ما يزيد عن 70% من مبانيه وإلحاق أضرار جسيمة بكافة عناصر البنية التحتية، بالإضافة إلى عشرات الالاف من الضحايا المدنيين الأبرياء غالبيتهم من النساء والأطفال، ونزوح أكثر من 1.9 مليون مواطن من بيوتهم. وتدهور كافة مقومتا الحياة وانحدار الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين.
أوضح الباحث بأن الحاجة لهذه الدراسة برزت نتيجة لظروف الحرب المدمرة على قطاع غزة، ومن المفترض أن تكون ذات أهمية خاصة لأنها توفر إطار مرجعيا عاما لإدارة اعادة الاعمار واستخلاص نموذج والية تستطيع التعامل مع حجم الدمار الهائل وتعقيدات الواقع الفلسطيني، من خلال وضع استراتيجيات لإعادة اعمار القطاع تأخذ في الاعتبار الاستفادة من الخبرات في اعادة اعمار غزة بعد الحروب السابقة وأيضاً تستفيد من التجارب الدولية في اعادة اعمار المدن المدمرة بعد الحروب والكوارث الطبيعية.
وركزت الدراسة بحسب مسيف على تحديد المبادئ الارشادية التي يجب أن تلتزم بها عمليات الاعمار بعد الحرب بما يحقق البناء بشكل أفضل من السابق، وتسليط الضوء على أهمية المشاركة المجتمعية وبما يضمن أقصى استفادة للفئات المهمشة واشراك القطاع الخاص الفلسطيني، والتركيز على ادارة عمليات اعادة الاعمار وكيفية تشكيل الهيكل الاداري المسؤول عن التوجيه، وتوضيح ملامح البيئة التمكينية التي يمكن أن تضمن سلاسة عمليات الاعمار والحد من العوائق المحتملة.
وتطرح الدراسة عدد من التوصيات حول النموذج الأمثل لإعادة الاعمار، خاصة فيما يتعلق بتوافر الموارد الاقتصادية سواء المحلية أو الخارجية، وعدم استمرار الصراعات الداخلية، وضرورة وجود عملية سياسية وتوافق وطني، كما تطرح الدراسة استراتيجيات وآليات لتجاوز تحديات الاعمار السابقة من خلال تشكيل مجلس أعلى لإعادة الاعمار في إطار عمل اللجنة الوطنية لإدارة مخاطر الكوارث، وإنشاء صندوق دولي لدعم الاعمار والبناء، وإقرار خطة منهجية شاملة على مراحل، بالإضافة إلى إدارة الاعمار بشفافية ورقابة عالية لكسب ثقة الداعمين.
وذكر الباحث مسيف أيضاً، أن هناك عدد من التوصيات التي طرحت من قبل الخبراء والمختصين من غزة الذين واكبوا تجربة إعادة الاعمار في السابق، والتي تؤكد على ضرورة إعطاء دور لهيئات الحكم المحلي، وإعطاء الأولوية لترميم وإصلاح المباني التي تضررت جزئيا خلال الحرب كون إعادة تأهيلها يمكن أن يتم خلال فترة قصيرة، بالإضافة إلى التركيز على وضع خطط خاصة بالواجهة البحرية كونها الان تستخدم كمناطق إيواء النازحين.
وأكد الباحث على ضرورة توفر الدعم المالي والسياسي وإتاحة استخدام الموارد المحلية، وقدرات القطاع الخاص الفلسطيني، وعدم إغفال المسؤولية القانونية للجهة التي سببت التدمير (إسرائيل)
وفي مداخلته قال وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور وائل زقوت ان ما حدث في القطاع لم يشهده التاريخ، من قتل ودمار، وحرمان الشعب من اقل الحقوق الإنسانية، وبين أن الحكومة أعدت عدد من الخطط لإعمار وتعافي قطاع غزة، وذكر ان هناك خطط آنية لست أشهر للإيواء والإغاثة، وخطط أخرى لثلاث سنوات يتم من خلالها بناء 300 ألف وحدة سكنية وإزالة الركام. وبين أن هناك لجنة طوارئ في حالة انعقاد دائم ومستمر تمثل كافة الجهات، وبين ان العمل جار على ثلاث محاور أساسية توافر توافق وطني حول إعادة الاعمار، وتوفر الأموال، وادخال المواد، وبين أنه إذا توافرت هذه المحاور الثلاث سوف يتم إعادة الاعمار خلال ثلاث سنوات.
من جانبه، بين د. سليم أبو ظاهر الوكيل المساعد لشؤون الإسكان في وزارة الأشغال العامة والاسكان ان ما يميز الدراسة أنها جاءت على يد اشخاص عاشوا في غزة، وفي ظل ظروف عايشوها، وأشار إلى ضرورة مشاركة المنظمات الأهلية والقطاع الخاص والمجتمع الغزي الذي يعد شريك أساسي في هذه العملية وهو ما يتوافق مع رؤية الحكومة. ودعا أبو ظاهر إلى ضرورة البدء بالتطبيق، وأن تترجم هذه الدراسات إلى خطط للتنفيذ، وأشار إلى أن هناك عدد من مذكرات التفاهم التي بدأت بالتنفيذ، فيما يتعلق بحصر الأضرار، قال إن الوزارة قامت بتقدير الضرر بالاستناد الى الصور الجوية وبيانات الجهاز المركز للإحصاء الفلسطيني ويجري الان التجهيز للبدء الفعلي للتحقق من مستوى هذا الضرر.
بدوره تحدث هشام الديراوي الخبير في التخطيط الحضري، ومدير دائرة التنظيم والتخطيط الحضري سابقاً في بلدية دير البلح، عن ضرورة تطبيق مبدأ الشفافية، وأن إعادة الاعمار يجب أنه يتم العمل به وفق تخطيط مستدام، ودعا الى إعداد دراسة خاصة تتعلق بالركام لإيجاد حلول إبداعية لها.
بينما أجمع الحضور على مخرجات وتوصيات الدراسة خاصة فيما يتعلق بتنسيق إدارة الاعمار وتنسيق المساعدات والاغاثات الطارئة، وضرورة أن يكون هناك توافق وطني وسياسي لإنجاح عملية الاعمار.