الخميس  20 شباط 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مطور ﻋﻘﺎﺭﻱ ﺃﻡ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻓﺎﺳﺪ/ بقلم: د. أمجد بشكار

2025-02-18 01:25:09 PM
مطور ﻋﻘﺎﺭﻱ ﺃﻡ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻓﺎﺳﺪ/ بقلم: د. أمجد بشكار
د. أمجد بشكار

ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺩﻭﻧﺎﻟﺪ ﺗﺮﺍﻣﺐ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﻣﺜﻴﺮﺓ ﻟﻠﺠﺪﻝ ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﻘﺎﺭﺍﺕ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻓﺎﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺃ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻛﻤﻄﻮﺭ ﻋﻘﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﻧﻴﻮﻳﻮﺭﻙ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﺤﻮﻝ ﺍﺳﻤﻪ ﺇﻟﻰ ﻋﻼﻣﺔ ﺗﺠﺎﺭﻳﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ، ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻒ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻞ ﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﻐﺰﻭ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻷﺑﻴﺾ ﺑﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺷﻌﺒﻮﻳﺔ ﻭﺧﻄﺎﺏ ﻧﺎﺭﻱ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺑﻀﻢ ﻛﻨﺪﺍ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻝـ 52 ﻭﺍﻻﺳﺘﺤﻮﺍﺫ ﻋﻠﻰ ﻏﺮﻳﻨﻼﻧﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻤﺎﺭﻙ ﻭﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻗﻨﺎﺓ ﺑﻨﻤﺎ، ﻭﺻﻮﻻ ﻟﺘﻤﻠﻚ ﻗﻄﺎﻉ ﻏﺰﺓ ﻛﺄﺭﺽ ﻋﻘﺎﺭﻳﺔ ﺍﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻳﺔ، ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺘﺘﺒﻊ ﻟﻤﺴﻴﺮﺓ ﺗﺮﺍﻣﺐ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻳﺮﻯ ﺃﻧﻬﺎ مليئة بالفضائح والفساد والتلاعب مما يطرح تساؤلات جدية: هل كان ترامب رجل أعمال ناجحا أم مجرد مستثمر في الفوضى السياسية.

قبل أن يصبح رئيسا للولايات المتحدة كان ترامب رجل أعمال لا يخلو من الفضائح، فمشاريعه العقارية لم تكن دائما ناجحة بل شهدت إفلاسات مدوية مثل كازينوهات "ترامب" التي غرقت في الديون وشركة "ترامب يونيفرسيتي" التي كانت مجرد احتيال استثماري بشهادة المحاكم، ومع ذلك استطاع ترامب تسويق نفسه كرجل أعمال ملياردير ناجح بالرغم أن ثروته بنيت على المراوغات الضريبية والديون الضخمة، وبالعودة إلى فترته الرئاسية الأولى فإنها لا تخلو من عدة فضائح عندما حاول الضغط على الرئيس الأوكراني لفتح تحقيق ضد جو بايدن منافسه السياسي في الانتخابات الرئاسية مما أدى إلى أول مساءلة له في الكونغرس، ولم يكن بعيدا عنه استغلاله المستمر والمتواصل السلطة لمصالحه الشخصية - مثل توجيه نفقات حكومية إلى فنادقه ومنتجعاته الخاصة والهجوم على الديمقراطية - بلغ ذلك ذروته في تحريض أنصاره على اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021 في محاولة فاشلة لقلب نتائج الانتخابات.

ترامب الرئيس: كسر القواعد لمصلحته

عندما دخل عالم السياسة لم يكن ترامب يملك خبرة حكومية أو دبلوماسية لكنه كان خبيرا في إثارة الجدل واستغلال الأزمات لصالحه فقد اعتمد على خطاب شعبوي مثير ملأه بالأكاذيب ونظريات المؤامرة مما جعل مؤيديه يرونه بطلا يحارب النخبة الفاسدة بينما كان في الحقيقة يعمق الفساد داخل البيت الأبيض، فمنذ لحظة دخوله البيت الأبيض كان دونالد ترامب رئيسا خارجا عن المألوف لا يلتزم بالقواعد الدبلوماسية التقليدية بل يسعى إلى إعادة تشكيلها بما يخدم مصالحه الشخصية والسياسية فقد اعتمد أسلوبا مباشرا ومثيرا للجدل مستخدما وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة للإعلان عن قرارات كبرى مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على الصين وإيران.

لم يكن تكسير القواعد مجرد استراتيجية سياسية بل كان أيضا أداة شخصية لتعزيز صورته كرئيس لا يخضع للمؤسسة التقليدية حتى في تعامله مع زعماء العالم مثل فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون، فقد كسر الأعراف الدبلوماسية وأجرى لقاءات غير مسبوقة دائما ما أثارت جدلا واسعا بين مؤيديه ومعارضيه، لكن السؤال الأهم للباحثين والدارسين وصناع القرار هل النهج المتبع من ترامب يخدم المصلحة الأمريكية أم مجرد وسيلة لتعزيز شعبيته أم أنها أضرت بعلاقات الولايات المتحدة العالمية وزادت من حالة الاستقطاب الداخلي.

ترامب بعد الرئاسة: هل انتهت اللعبة

رغم خسارته الانتخابات أمام بايدن عام 2021م؛ استمر ترامب بتمتعه بنفوذ قوي داخل الحزب الجمهوري ونجح بالعودة للمشهد السياسي في 2024 لكن تحقيقات الفساد لاحقته من التهرب الضريبي إلى المحاكمات المتعلقة بتعامله مع الوثائق السرية ومع ذلك استمر مؤيدوه برؤيته "ضحية مؤامرة بينما يراه خصومه تهديدا مستمرا للديمقراطية لذا يستمر في الاستعراض والتلاعب أكثر من الإنجازات الحقيقية، فهو من بنى ثروته وسلطته على الشعارات والصفقات المشبوهة مستغلا الثغرات القانونية والنظام السياسي لصالحه، وما يزال إرثه السياسي رمزا لعصر من الفوضى والاستقطاب حيث طغت المصالح الشخصية على مبادئ الحكم الرشيد.

فالسؤال المركزي، هل سيكون عهد ترامب نقطة تحول لهيمنة القطب الواحد أم أن سلوكه السياسي - بداية انهيار المنظومة الدولية برمتها وبداية تحول العالم إلى متعدد الأقطاب، الأيام كفيلة بالإجابة.