الإثنين  03 آذار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

اتفاق وقف إطلاق النار في غزة خروقات إسرائيلية فاضحة.. ماذا يريد نتنياهو؟

2025-03-02 12:40:55 PM
اتفاق وقف إطلاق النار في غزة خروقات إسرائيلية فاضحة.. ماذا يريد نتنياهو؟
أسرى الاحتلال يشاهدون على عملية الأفراج الأخيرة

خاص الحدث

منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة، برعاية إقليمية ودولية، تُطرح تساؤلات عديدة حول مدى صموده وإمكانية البناء على الاتفاق لتحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة، وعلى الرغم من الترحيب الدولي الواسع بالاتفاق، إلا أن الخروقات المتكررة من قبل الاحتلال الإسرائيلي تُلقي بظلال من الشك حول استمراره. ورغم أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة خطوة مهمة نحو التهدئة، لكنه يواجه تحديات جمة.

خروقات متكررة تُهدد الاتفاق منذ دخوله حيز التنفيذ، حيث حمّلت الفصائل الفلسطينية إسرائيل المسؤولية معتبرةً أن استمرار الاعتداءات يشكل خرقًا واضحًا للاتفاق، خاصة وأن المعاناة الإنسانية مستمرة في قطاع غزة على الرغم من الهدوء النسبي الذي أعقب الاتفاق، كما أن بطء إعادة الإعمار وإدخال المساعدات يعكس التحديات السياسية التي تحول دون تحسن الأوضاع.

وبين التفاؤل والتحفظ يرى مراقبون أن الاتفاق يحمل فرصًا حقيقية لتهدئة طويلة الأمد إذا ما التزمت الأطراف ببنوده، ولكن في ظل استمرار الخروقات والتوترات السياسية، تبقى آفاق الاتفاق محفوفة بالمخاطر خاصة بعد تنصل الاحتلال مؤخرا من الإفراج عن أكثر من 600 أسير كان من المفترض أن يتم الإفراج عنهم قبل أسبوع.

يعتبر مراقبون، أن الدور الإقليمي والدولي والوساطة الإقليمية، خاصةً من قبل مصر وقطر، تلعب دورًا حاسمًا في تثبيت وقف إطلاق النار، كما أن الضغوط الدولية قد تسهم في منع انهيار الاتفاق، لكن استدامته تتطلب جهودًا أكبر.

تسعى إسرائيل في تصريحات مسؤوليها، إلى تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وهي مستعدة لاستئناف القتال إذا لم يكن هناك تقدم في المحادثات الحاسمة هذا الأسبوع، وأكدت تقارير عبرية وأجنبية، أن محادثات غير رسمية جارية بهدف تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار التي تبلغ 42 يومًا، والتي تنتهي يوم السبت الأول من مارس 2025. بعد أن كان من المفترض أن تبدأ المفاوضات الرسمية بوساطة دولية حول كيفية تنفيذ المرحلة الثانية - والتي ستشمل الانسحاب الإسرائيلي الكامل قبل أسابيع، ولكن تم تأجيلها مرارًا وتكرارًا مع ترنح الهدنة من أزمة إلى أزمة.

ويعتبر تمديد المرحلة الأولى من الصفقة من شأنه أن يتضمن إطلاق سراح المزيد من الأسرى الفلسطينيين والإسرائيليين، ولكن المسؤولين الإسرائيليين يشككون في جدوى هذه الفكرة، خاصة وأن الهدنة وصلت إلى طريق مسدود قبل الإفراج المقرر عن أربع جثث إسرائيلية يوم الخميس، بعد أن قررت إسرائيل تأجيل إطلاق سراح 600 فلسطيني في نهاية الأسبوع الماضي. ويبدو أن هذا القرار جاء نتيجة فيديو بثته حماس يوم السبت حيث سمحت لأسيرين بمشاهدة إطلاق سراح أسرى آخرين. وقد أثار الفيديو، إلى جانب مراسم التسليم غضب الرأي العام في إسرائيل.

في المرحلة الثانية من الاتفاق، والتي لا تزال مدتها غير مؤكدة، من المفترض أن تسحب إسرائيل قواتها بالكامل من غزة، مما يعني إنهاء الحرب فعليًا، ومن المقرر أن تبدأ إعادة الإعمار في المرحلة الثالثة.

 

هل تعود إسرائيل للحرب؟

وقال المحلل السياسي عبد المجيد سويلم، في لقاء خاص لـ "صحيفة الحدث"، إن إسرائيل تسعى لتمديد المرحلة الأولى من الاتفاق لأنها "ببساطة لا تريد الدخول بسهولة وبدون أي ضغوطات وبدون أي ثمن من أجل أن تذهب إلى المرحلة الثانية من الاتفاق".

وأوضح المحلل السياسي، أنه "انطلاقا من الحقائق وصولا للاستنتاج الأكثر منطقية، إسرائيل غير قادرة على العودة لحرب بغض النظر عن شكلها في ظل التوترات الداخلية الإسرائيلية بالإضافة إلى الظروف الدولية والإقليمية والظروف التي يعاني منها الجيش ورأي المستوى السياسي والعسكري لدى الاحتلال بالخصوص".

وأشار سويلم، إلى أنه في حال ذهبت إسرائيل إلى عودة الحرب، فإنها لا تضمن بأن مثل هذه العودة ستحقق لها نتائج مغايرة للنتائج التي حققتها، وكذلك لا تستطيع إسرائيل بالوضع الحالي أن تعود إلى حرب بدون جدوى، وبدون أي آمال، ولا يجدي كثيرا في قضية بقاء الحكومة متماسكة لأن الوضع الداخلي سينفجر، خاصة وأن أكثر من 70% من الرأي العام الإسرائيلي يريدون عقد صفقة نهائية وعودة الأسرى ووقف الحرب نهائيا.

ووفق سويلم، فإن التحول في إسرائيل اليوم هو أنه بات هناك ربطا ما ما بين الصفقة وإنهاء الحرب، وهذا ربما سيؤدي في نهاية المطاف إلى الرضوخ الإسرائيلي، ولكن الأثمان مختلفة بمظاهر وصور مختلفة، ولكن الاتجاه العام "أرى أن الخروقات الإسرائيلية ما هي إلا مخادعات إسرائيلية وألاعيب من نتنياهو وحكومته ومناورات في البيت الإسرائيلي وفي الحالة الإسرائيلية الداخلية.

ويعتقد المحلل السياسي، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لن يكون متحمسا تماما للعودة إلى القتال في قطاع غزة لأن لديه ترتيبات معينة لا ترجح أن تكون كل هذه المخادعات الإسرائيلية أكثر من البحث عن صورة ما يحتاجها نتنياهو للبقاء في الحكم.

ومنذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحماس، لم تتوقف الخروقات والتوترات، مما يضع الاتفاق على المحك. تتعدد العوامل التي تؤثر على مستقبل هذا الاتفاق، ما بين اعتبارات سياسية، وأهداف استراتيجية، وضغوط دولية وإقليمية، فتكرار الانتهاكات الإسرائيلية، يعكس ضعف التزام إسرائيل بشروط الهدنة، ما يهدد بإشعال جولة جديدة في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية، خاصة في خضم التصريحات الإسرائيلية بالعودة إلى القتال حتى تحقيق هدف الحرب المتمثل بالقضاء على المقاومة، الذي فشلت بتحقيقه إسرائيل على مدار 16 شهرا رغم تفوقها العسكري.

وتمثل قضية الأسرى والرهائن ورقة ضغط رئيسية لدى طرفي الاتفاق، حيث يسعى نتنياهو لتحقيق مكاسب سياسية عبر استعادة الأسرى الإسرائيليين. وتلعب الأطراف الدولية، مثل مصر وقطر، دورًا مهمًا في تهدئة الوضع، ومع ذلك، تبقى قدرتهم محدودة في حال استمرار التعنت الإسرائيلي.

 السيناريوهات المحتملة

وفقا لمحللين سياسيين؛ قد ينجح الوسطاء في تمديد الهدنة بشكل مؤقت، خاصة في ظل الضغوط الدولية لتجنب تصاعد المواجهة بين المقاومة والاحتلال في قطاع غزة، ولكن في حال استمرار الخروقات وتزايد التوترات، قد ينهار الاتفاق. وقد يتجه الطرفان إلى التوصل إلى تسوية جزئية تشمل إطلاق سراح أسرى إسرائيليين مقابل تخفيف الحصار عن غزة، دون معالجة القضايا الجوهرية.

في حين يرجح كثيرون، إن إسرائيل بالفعل غير معنية باستمرار القتال إلا لأهداف خاصة بشخص نتنياهو وذات صلة ببقائه في الحكم، خاصة وأن هناك ترجيحات وتأكيدات بأنه لا يمكن القضاء على حركة حماس في قطاع غزة من خلال عملية عسكرية.

وهناك سيناريو آخر يتم طرحه على الطاولة، وهو الاستمرار في تمديد الهدنة على أساس مؤقت، وقد يشمل ذلك تبادل المزيد من الأسرى دون أن يتم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة، وهذا السيناريو يبدو محتملاً بسبب الرغبة في تجنب التصعيد العسكري والحفاظ على الاستقرار المؤقت، ولكن سيظل الوضع الإنساني في غزة حرجًا، ما يضع ضغوطًا مستمرة على الأطراف للانتقال إلى مرحلة أعمق من التفاوض.

وقد تتمكن الأطراف من التوصل إلى اتفاق طويل الأمد يتضمن وقفًا كاملاً لإطلاق النار وشروطًا لتبادل الأسرى وفتح المعابر الإنسانية بشكل كامل. في هذا السياق، قد تشارك مصر أو دول أخرى في الإشراف على تنفيذ الاتفاق وضمان استمراريته. ولكن، التحديات الرئيسية في هذا السيناريو تتمثل في الخلافات حول شروط الحكم في غزة ما بعد الحرب وتقديم التنازلات اللازمة من الطرفين.

وفي حال فشل المفاوضات أو عدم الالتزام بشروط الهدنة، قد يتجدد القتال بشكل أكبر، مع تصعيد عسكري من الجانبين. وهذا السيناريو سيؤدي إلى مزيد من الخسائر مع صعوبة في التوصل إلى اتفاق جديد. وقد تزداد الضغوط الدولية، لتحفيز إسرائيل وحماس على التوصل إلى تسوية شاملة تنطوي على حل سياسي طويل الأمد. قد يشمل ذلك حلًا شاملًا للقضية الفلسطينية يتضمن تنازلات إقليمية ودولية.

وتعتبر قضية التحول في القيادة السياسية في إسرائيل، أحد السيناريوهات التي قد تخلق تغييرات تؤثر على مسار الاتفاق. ويرى محللون إسرائيليون، أن الحكومة الحالية تواجه تحديات داخلية كبيرة، خصوصًا في ظل المعارضة الداخلية للاتفاقات المتعلقة بالهدنة. خاصة أن بعض السياسيين من اليمين المتطرف في إسرائيل يعارضون أي تنازلات لحماس أو أي اتفاق يعترف بحكمها في غزة.

ورغم ذلك، يظل مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار مع غزة رهينًا بقدرة الوسطاء على حل الإشكاليات العالقة خاصة من قبل الاحتلال، وفي ظل استمرار الخروقات وتباين الأهداف الاستراتيجية، يبدو أن الهدنة الحالية قد لا تكون أكثر من فترة هدوء مؤقتة قبل جولة جديدة من التصعيد.

وفي السياق، قدم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، خطة لواشنطن تتولى مصر بموجبها مسؤولية غزة لمدة 15 عاما مقابل إلغاء جميع ديونها الخارجية البالغة 155 مليار دولار، وقال: بعد مرور ما يقرب من عام ونصف العام على القتال، فوجئ العالم باكتشاف أن حماس لا تزال تسيطر على غزة، ولم يقدم أحد في الحكومة الإسرائيلية الحالية بديلا واقعيا، ولأسباب سياسية ودينية وأحيانا مسيانية، فشلت حكومة نتنياهو في اتخاذ خطوات لإنشاء حكومة فعالة في غزة قادرة على طرد حماس، والعالم يحتاج إلى حل جديد لغزة فإسرائيل لا تستطيع أن توافق على بقاء حماس في السلطة، والسلطة الفلسطينية غير قادرة على إدارة غزة، والاحتلال الإسرائيلي غير مرغوب فيه هناك، واستمرار حالة الفوضى يشكل تهديدا أمنيا خطيرا لإسرائيل".

ووفقا للابيد، فإن "الاقتصاد المصري على وشك الانهيار ويهدد استقرار مصر والشرق الأوسط بأكمله، فالديون الخارجية البالغة 155 مليار دولار لا تسمح لمصر بإعادة بناء اقتصادها وتعزيز جيشها، ونحن نقترح حلا واحدا لهاتين المشكلتين أن تتولى مصر مسؤولية إدارة قطاع غزة لمدة 15 عاما في حين يتحمل المجتمع الدولي وحلفاؤه الإقليميون الديون الخارجية، وخلال هذه الفترة سيتم إعادة إعمار غزة وتهيئة الظروف للحكم الذاتي وستكون مصر اللاعب المركزي وستشرف على إعادة الإعمار، وهو ما سيعزز اقتصادها بشكل أكبر".