الإثنين  17 آذار 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

النقاش المجتمعي لمشروع الموازنة العامة ... خطوة هامة نحو تعزيز الحوكمة في إدارة المال العام| بقلم: مؤيد عفانة

2025-03-17 11:37:27 AM
النقاش المجتمعي لمشروع الموازنة العامة ... خطوة هامة نحو تعزيز الحوكمة في إدارة المال العام| بقلم: مؤيد عفانة
مؤيد عفانة

نشرت الحكومة الفلسطينية مشروع الموازنة العامة 2025 على منصّة التشريع من أجل اتاحة الفرصة للمؤسسات والمواطنين والمهتمين ابداء رأيهم وملاحظاتهم على مشروع الموازنة العامة 2025 في خطوة هي الأولى من نوعها لتعزيز مبادئ الشفافية والتشاركية المجتمعية، وقد سبقها بأيام عدّة لقاء حواريّ تفاكريّ ما بين وزارة المالية ومركز الاتصال الحكومي مع مؤسسات المجتمع المدني، تم من خلاله عرض تحليلي لأداء الموازنة العامة 2024، ومرتكزات الموازنة العامة 2025، وتفاصيلها التقنية المتعلقة بالإيرادات والنفقات ومستويات الديّن العام، وخطوات الإصلاح، والتحديات التي تواجه الموازنة العامة.

وعلى الرغم من كون الأحكام القانونية ذات الصلة، سيّما قانون الموازنة العامة رقم (7) لعام 1998، يتضمن عرض مشروع الموازنة العامة على المجلس التشريعي، ونشر قانون الموازنة العامة للعموم بعد اقراره، إلّا أن السنوات السابقة شهدت مداً وجزراً في شفافية البيانات الخاصة بالموازنة العامة، وكانت نتائج تتبع شفافية الموازنة العامة بشكل عام غير مكتملة، بسبب عدم النشر الكامل لوثائق الموازنة العامة.

لذا فإن نشر مشروع الموازنة العامة، واخضاعه للنقاش والحوار المجتمعي خطوة هامة نحو تعزيز الحوكمة في إدارة المال العام، والالتزام بمعايير مبادرة شراكة الموازنة الدولية "IBP"، ومعايير برنامج الانفاق العام والمساءلة المالية PEFA، والأهم من هذا وذاك، تعزيز المشاركة المجتمعية في إدارة المال العام والشأن العام، والتي تعتبر ركيزة أساسية في الإصلاح الإداري والمالي، وانفاذاً لمبادئ الحوكمة، وتزداد أهمية الشفافية والتشاركية في إدارة المال العام في فلسطين بسبب غياب السلطة التشريعية "ممثلي الشعب"، والتي أناط بها القانون نقاش وإقرار الموازنة العامة.

ومن المهم أيضا البناء التراكمي على نشر ونقاش مشروع الموازنة العامة 2025، من خلال تنظيم لقاءات دورية ما بين وزارة المالية ومؤسسات المجتمع المدني لنقاش الانفاق الفعلي في العام 2025، ومدى القدرة على تحقيق أسقف ومخصصات الموازنة العامة لمراكز المسؤولية المختلفة، خاصّة في ظل الحصار الاقتصادي والمالي الذي تتعرض له فلسطين منذ سنوات خلّت، والاقتطاعات الإسرائيلية غير الشرعية من إيرادات المقاصّة، وحرب الإبادة في قطاع غزة، والحرب المُمنهجة الصامتة في الضفة الغربية، خاصّة في شمالها، وتقطيع أوصال الضفة الغربية بحوالي (898) بوابة وحاجز، لخلق بيئة طاردة للحياة، وواقع معيشي معقد، يزيد من الأعباء الاقتصادية على كاهل المواطنين الفلسطينية، عدا عن الأعباء النفسية والاجتماعية المتمثلة بفقدان الأمان، والتهديد المستمر، خاصة في المناطق المصنفة (ج) والتي تشكّل حوالي (61%) من الضفة الغربية. إضافة الى كون موازنة 2025 بها فجوة تمويلية كبيرة، تزداد اتساعاً مع القرصنة والاقتطاعات الإسرائيلية من إيرادات المقاصّة.

كما توجد ضرورة لتعزيز أداء الموازنة العامة من خلال المُضي قُدماً بجملة خطوات إصلاحية جوهرية في إدارة المال العام، مثل ترشيد النفقات، وترشيق الادارة العامة، والعمل على اصلاح الكتل الكبيرة التي تستنزف المال العام، مثل اصلاح فاتورة الرواتب والأجور ومن خلال مسارات عدّة بما يكفل العدالة الاجتماعية، وإصلاح ملف صافي الإقراض، واستكمال التسويات مع الهيئات المحلية وشركات التوزيع، وإصلاح منظومة التحويلات الطبية، خاصّة وأن أزمة المالية العامّة، والعجز في الموازنة ليس وليد السنة الحالية أو السابقة، وإنما نتاج فجوة تراكمية من سنوات طويلة، تتحمل مسؤوليتها الحكومات المتعاقبة، وأن طفت أثارها الحادّة على السطح بسبب التغيّر الكيفي الناتج عن التراكم الكمّي، والدفع سابقاً بالأزمة للأمام، وبسبب اشتداد الحصار المالي والاقتصادي بعد أحداث السابع من أكتوبر.