الحدث - علا عطاالله
على الرغم من فتح السلطات المصرية، معبر رفح البري، استثنائيًا لأكثر من أسبوع مؤخراً، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتبديد مخاوف الفلسطيني فؤاد صبيح، من مغادرة محل إقامته في السعودية، والعدول عن قرار إلغاء قضاء عطلته الصيفية في قطاع غزة.
ويتخوف صبيح (55 عاما)، من التوجه إلى غزة، بسبب عدم انتظام العمل على معبر رفح البري الحدودي مع مصر، وإمكانية حدوث تطورات قد تبقيه حبيسًا لأجل غير مسمى.
ويقول صبيح متحدثا للأناضول عبر الهاتف، إنّه يخشى المغامرة، ومواجهة مخاطر ما وصفه بـ"الأحداث المتقلبة".
وتابع صبيح الذي يعمل مهندسًا في السعودية :"في العامين الماضييْن عزفت عن زيارة أسرتي (المكونة من زوجته وأبنائه الأربعة)، بسبب أوضاع معبر رفح غير المستقرة".
ولا مجال للمغامرة كما يقول صبيح، فالأمر مرهون بمصدر رزقه، وتوفير حياة كريمة لعائلته.
ويقطن في الدول العربية، لا سيما دول الخليج، آلاف المغتربين الفلسطينيين، الذين غادروا قطاع غزة بحثًا عن فرصة العمل، إضافة إلى إقامة العديد من العائلات والطلبة في الدول الأوروبية.
ولم يعد مشهد توافد القادمين من الخارج إلى قطاع غزة، مماثلا لما كان عليه الحال في السنوات الماضية.
وكانت السلطات المصرية، قد فتحت المعبر استثنائيا في كلا الاتجاهين يوم السبت 13/يونيو حزيران الجاري لمدة أسبوع واحد فقط، تمكن خلاله 3 آلاف و819 مواطنا من السفر من غزة إلى الخارج، بحسب بيان لهيئة المعابر في غزة، في وقت وصل فيه 1012 مسافرا من العالقين في الخارج.
ويقول ماهر أبو صبحة مدير هيئة المعابر والحدود التابعة لوزارة الداخلية بغزة، إنّ معظم العائدين إلى قطاع غزة، هم من المرضى الذين تلقوا علاجهم، أو الطلبة الذين أنهوا استكمال مسيرتهم التعليمية.
ويضيف أبو صبحة للأناضول، إن متوسط العائدين إلى غزة في حال تم إعادة فتح المعبر استثنائيا لعدة أيام يصل 100 شخص يوميًا.
ونوّه أنه"حركة العائدين، في الأعوام الماضية، كانت أكثر نشاطًا، وكثير من المغتربين كانوا يعودون إلى غزة لقضاء العطلة الصيفية، برفقة ذويهم وأقاربهم، ومن النادر جدًا أن يقوم المغتربون بالمغامرة في ظل عدم استقرار أوضاع المعبر".
ويربط معبر رفح البري، قطاع غزة بمصر، وهو مخصص للأفراد فقط، والمنفذ الوحيد لسكان القطاع (1.8 مليون فلسطيني) على الخارج.
وتغلق السلطات المصرية، معبر رفح، الواصل بين قطاع غزة ومصر، بشكل شبه كامل، منذ تموز/يوليو 2013، وتفتحه فقط لسفر الحالات الإنسانية.
وتقول الجهات الرسمية المصرية، إن فتح المعبر مرهون باستتباب الوضع الأمني في محافظة شمال سيناء، وذلك عقب هجمات استهدفت مقرات أمنية وعسكرية مصرية قريبة من الحدود.
وبسبب معبر رفح، لن تحظى الشابة مروة الجيار التي تستعد لزفافها الشهر المقبل، برؤية شقيقتها التي تعيش في دولة الإمارات هي وزوجها.
وتقول الجيار (25 عاما)، "تخشى أختى أن تأتي إلى غزة، فيتم إغلاق المعبر إلى أجل غير مسمى، أنا حزينة لعدم حضورها، ومشاركتي أهم يوم في حياتي ولكن هي ستكون أكثر حزنًا لو ظلت حبيسة في القطاع دون أن تعود إلى بيتها هناك".
ورغم اشتياقها الشديد لابنها إلا أن سلوى النخالة طلبت منه عدم المخاطرة بالقدوم إلى قطاع غزة، كي لا يبقى عالقًا.
وتقول النخالة (45 عاما)، إن ابنها (خالد) يدرس في كلية الطب في ألمانيا، وقد طلبت منه عدم المخاطرة بمغادرة مكان إقامته.
وتعبر عما في صدرها بحسرة قائلة "أشتاق إليه كثيرًا، وأحن إلى حضوره، لكن لا أحد يضمن وضع المعبر وكيف سيكون في الأشهر القادمة، الأمور قد تنقلب في أي لحظة، وقد يضيع فصله الدراسي بل ومستقبله".
وتسبب إغلاق معبر رفح بتعطل حياة كثيرين من حاملي الإقامات، والطلبة، وآلاف الحالات الإنسانية.
وكان وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشئون السياسية "جيفري فيلتمان"، طالب الأربعاء الماضي، بضرورة "فتح معبر رفح بشكل منتظم للمساعدة في تخفيف معاناة السكان الفلسطينيين في قطاع غزة".
وقال المسئول الأممي –الذي كان يتحدث أمام الجلسة الدورية لمجلس الأمن الدولي حول الشرق الأوسط – إن الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" قد "رحب بقرار مصر – بعد إجراء مشاورات مع الرئيس عباس – المتعلق بفتح معبر رفح ، في الفترة من 13-19 يونيو/حزيران، ولمدة 3 أيام هذا الأسبوع في كلا الاتجاهين".
واستدرك قائلا "ومع الاعتراف بأهمية مثل هذه القرارات على البيئة الأمنية، ودون الانتقاص من الهدف الرئيسي للأمم المتحدة لرؤية الرفع الكامل لجميع المعابر المغلقة في إطار قرار مجلس الأمن رقم 1860 لعام 2009،إلا أن أملنا هو أن يتم فتح معبر رفح على أساس منتظم للمساعدة في تخفيف معاناة سكان غزة".
ومنذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية(حماس)، التي تعتبرها إسرائيل "منظمة إرهابية"، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير/ كانون الثاني 2006، تفرض إسرائيل حصارًا بريا وبحريا على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في يونيو/ حزيران من العام التالي.
واستمرت إسرائيل في هذا الحصار رغم تخلي "حماس" عن حكم غزة، وتشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية أدت اليمين الدستورية في الثاني من يونيو/ حزيران 2014.