الأربعاء  02 نيسان 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

فرنسا: مارين لوبان تترقب الحكم في قضية اختلاس تهدد بإقصائها من الانتخابات الرئاسية المقبلة

2025-03-31 11:40:11 AM
فرنسا: مارين لوبان تترقب الحكم في قضية اختلاس تهدد بإقصائها من الانتخابات الرئاسية المقبلة
مارين لوبان

الحدث العربي والدولي

من المرتقب أن يصدر القضاء الفرنسي الإثنين حكمه بحق زعيمة "التجمع الوطني" اليميني المتطرف مارين لوبان بتهمة تلقي حزبها "التجمع الوطني" أموالا من البرلمان الأوروبي لمساعدين برلمانيين كانوا يعملون في الواقع إما جزئيا أو كليا لصالح الحزب نفسه. وتواجه مارين لوبان حكما بالسجن لمدة خمس سنوات مع إمكانية تأجيل التنفيذ. وهو السيناريو الذي قد يجعلها خارج المنافسة على الانتخابات الرئاسية المقبلة، وبالتالي يمهد الطريق أمام جوردان بارديلا للترشح عن الحزب.

وتتعلق القضية ضد المرشحة للرئاسيات ثلاث مرات (2012، 2017، 2022)، والتي وصلت إلى الدور الثاني مرتين، بتهم اختلاس أموال من البرلمان الأوروبي لمساعدين برلمانيين كانوا يعملون في الواقع إما جزئيا أو كليا لصالح الحزب نفسه.

وتواجه عقوبة تصل إلى خمس سنوات سجنا، منها سنتان نافذتان مع إمكانية التخفيف، وغرامة قدرها 300 ألف يورو، بالإضافة إلى الحرمان من الحقوق الانتخابية لمدة خمس سنوات مع تنفيذ فوري للعقوبة، وهو أمر قد يقضي على آمالها في خلافة الرئيس إيمانويل ماكرون في انتخابات 2027.

تداعيات سياسية محتملة

في حال صدور حكم بعدم أهليتها للترشح، حتى لو استأنفت القرار، فإن ذلك سيؤثر بشكل كبير على المشهد السياسي، خاصة أنها تتزعم مجموعة حزبها في الجمعية الوطنية.

حتى في حال إدانتها بعقوبة الحرمان من الأهلية السياسية مع التنفيذ الفوري، فإن مارين لوبان ستظل نائبة عن منطقة "با دو كاليه".

وتوضح كاميل آينيس، أستاذة القانون العام في جامعة باريس نانتير، أن هناك اختلافا في معاملة النواب على المستوى الوطني مقارنة بالمسؤولين المحليين، استنادا إلى اجتهاد قضائي يعود لعام 2009 في قضية تتعلق بالنائب عن غويانا غاستون فلو.

فبينما يتم عزل المسؤولين المحليين فور صدور الحكم، لا ينطبق ذلك على النواب وأعضاء مجلس الشيوخ، وهو ما أكده المجلس الدستوري في قراره الأخير الجمعة 28 مارس/ آذار، بعد مراجعة دستورية تتعلق بقضية فساد مالي أدين فيها نائب من جزيرة مايوت. واستند القضاة الدستوريون إلى المادة الثالثة من الدستور الفرنسي، التي تمنح النواب دورا أساسيا في ممارسة السيادة الوطنية.

"بمعنى آخر، المجلس الدستوري يعتبر أن النواب يتمتعون بوضع خاص يبرر اختلاف المعاملة"، وفق آينيس. "لكن في الواقع، هناك نوع من ازدواجية المعايير، لأن قانون الانتخابات لا يميز بين المسؤولين المنتخبين محليا ووطنيا".

شرط الأهلية لخوض الانتخابات الرئاسية 2027

ومع أن مقعدها في البرلمان الفرنسي لن يكون مهددا، لن تتمكن مارين لوبان من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة إذا تم تأكيد عقوبة الحرمان من الأهلية السياسية مع التنفيذ الفوري.

"إذا كانت العقوبة مجرد حرمان من الأهلية السياسية، فسيتم تعليق تنفيذها تلقائيا إذا قدمت لوبان استئنافا"، توضح آينيس، "لكن إذا كانت العقوبة مشمولة بالتنفيذ الفوري، كما يطالب الادعاء، فسيتم تطبيقها فورا حتى في حال تقديم استئناف."

وفي حال الطعن في الحكم، فإن طول الإجراءات القضائية في محكمة الاستئناف ومحكمة النقض قد يؤخر القرار النهائي إلى ما بعد 2027، مما قد يسمح لمارين لوبان بالمشاركة في الانتخابات. لكن التنفيذ الفوري للعقوبة سيمنعها من ذلك، وهو ما تخشاه زعيمة "التجمع الوطني". كما أن هذا التنفيذ الفوري للعقوبة قد يحرمها أيضا من خوض أي انتخابات تشريعية مبكرة، في حال قرر الرئيس إيمانويل ماكرون حل الجمعية الوطنية مرة أخرى.

"جمهورية القضاة" و"إنكار الديمقراطية"

إذا تم فرض عقوبة الحرمان من الأهلية السياسية، فمن المتوقع أن يثير الأمر موجة من ردود الفعل الغاضبة، حيث يرجح مراقبون أن تتهم أوساط اليمين واليمين المتطرف القضاء الفرنسي بالانحياز السياسي.

في هذا السياق، يقول جان إيف كامو، رئيس مرصد التطرف السياسي في مؤسسة جان جوريس، إن "الحديث عن 'حكومة القضاة' بدأ في الانتشار في السنوات الأخيرة، خصوصا في القضايا السياسية والجنائية، حيث يتهم اليمين المتطرف والقوى المحافظة القضاء بالانحياز إلى اليسار."

وترى هذه الأوساط أن معاقبة لوبان بالحرمان من الأهلية السياسية تعني تدخلا من القضاء في العملية الديمقراطية، عبر منع الناخبين من اختيار مرشحهم. ومن هنا جاءت الاتهامات بـ"إنكار الديمقراطية"، التي أطلقها حزبها فور إعلان الادعاء عن طلبه في 13 نوفمبر تشرين الثاني 2024.

"هدفهم الوحيد هو منعي من أن أكون مرشحة معسكرنا في الانتخابات الرئاسية، من لا يرى ذلك فهو أصم وأعمى"، قالت لوبان في ذلك اليوم. من جانبه، وصف جوردان بارديلا، رئيس "التجمع الوطني"، العقوبة بأنها "فضيحة"، معتبرا أنها تهدف إلى "حرمان ملايين الفرنسيين من حقهم في التصويت لمارين لوبان في 2027."

بارديلا في الواجهة

في حال تم منع مارين لوبان من الترشح، فإن ذلك سيمهد الطريق أمام جوردان بارديلا، الذي بدأ نجمه السياسي في الصعود. وبالرغم من ولائه للوبان حتى الآن، فإن التطورات قد تدفعه إلى خوض السباق الرئاسي.

في سن الـ29 فقط، نشر بارديلا سيرته الذاتية تحت عنوان "ما أبحث عنه" (دار فايارد، 2024)، قبل أيام قليلة من تقديم الادعاء لمرافعاته في قضية "الوظائف الوهمية". وبالنظر إلى شعبيته المتزايدة بين القواعد الحزبية، لا شك أنه سيكون مستعدا لخوض السباق الرئاسي إذا سنحت له الفرصة.

بالرغم من ذلك، يطرح السؤال التالي بقوة: هل سيكون بارديلا بديلا مقنعا؟. هنا، يوضح جان إيف كامو أن "ترشيح بارديلا قد يعكس صورة حزب مستقل عن عائلة لوبان، بشخصية شابة ومحبوبة لدى القواعد، لكنه سيفتقر في المقابل إلى الخبرة، وستكون هذه أول حملة رئاسية يخوضها."

"احترام فصل السلطات"

تفاعلا مع الجدل المواكب للقضية، دعا أوليفييه فور، السكرتير الأول للحزب الاشتراكي الفرنسي الاثنين إلى احترام مبدأ فصل السلطات، معبرا عن أسفه لأن "عدة أعضاء في الحكومة حاولوا التأثير على قرارات القضاء" من خلال الإيحاء بتفضيلهم عدم منع مارين لوبان قضائيا من الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في 2027.

وقال فور في تصريح لقناة فرانس 2: "هناك مبدأ واضح جدا في فرنسا، وهو مبدأ فصل السلطات. وهذا هو الأساس الذي تقوم عليه الديمقراطية، حيث لا يوجد سلطة واحدة تفرض نفسها على جميع السلطات الأخرى. هذا التوازن يمر عبر احترام القضاء والقضاة. لا يمكننا في كل مرة لا تعجبنا فيها إحدى القرارات القضائية أن نقول إن القضاة مسيّسون."