الإثنين  07 نيسان 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

معضلة سوريا من المنظور الإسرائيلي.. ما الذي تقترحه إسرائيل لحلّ الإشكال مع تركيا؟

2025-04-06 12:53:07 PM
معضلة سوريا من المنظور الإسرائيلي.. ما الذي تقترحه إسرائيل لحلّ الإشكال مع تركيا؟
علم تركيا وإسرائيل

الحدث العربي الدولي 

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن التوترات في العلاقات بين إسرائيل وتركيا التي بلغت ذروتها الأسبوع الماضي تراجعت قليلاً يوم الجمعة عندما قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مؤتمر لحلف الناتو في بروكسل: "نحن لا نريد رؤية أي صدام مع إسرائيل في سوريا. يجب على السوريين أنفسهم أن يقرروا شؤون أمن بلادهم".

وأضافت الصحيفة أن "هذا التصريح من فيدان كان بلا شك تحولاً إيجابياً في الأسبوع الذي أعلن فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه يأمل أن "يدمر الله إسرائيل"، وقام سلاح الجو الإسرائيلي بتدمير قاعدة T-4 الجوية العسكرية في سوريا بشكل كامل، قبل أن يدخل الجيش التركي إليها ويسيطر عليها.

في اليوم التالي، صباح يوم الأربعاء، صرح وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس: "أنا أحذر حاكم سوريا الجولاني، إذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل بدخول سوريا وتهديد مصالح إسرائيل الأمنية، فإنك ستدفع ثمناً باهظاً". وهذه الرسالة ليست موجهة فقط إلى الحاكم الحالي لسوريا، أضاف كاتس: "الأنشطة الجوية للجيش الإسرائيلي أمس في مطار T-4 في حمص وفي منطقة دمشق هي رسالة واضحة وتحذير للمستقبل. لن نسمح بالمساس بأمن إسرائيل".

لم يذكر كاتس تركيا بالاسم لأن إسرائيل ما زالت تأمل في تجنب صدام مباشر والتوصل مع أنقرة، بوساطة أمريكية وربما روسية، إلى تقسيم مناطق النفوذ وترتيبات أمنية على الأراضي السورية. لكن قصف أربعة مطارات عسكرية كبيرة في سوريا في تلك الليلة كان رسالة إلى أردوغان.

ووفقا للصحيفة، "أردوغان وحزبه ونظامه ينتمون دينياً وأيديولوجياً إلى تيار الإخوان المسلمين، الذي تنتمي إليه أيضاً حماس. وهذا هو السبب الرئيسي للعداء الطويل بين إسرائيل وتركيا، الذي أصبح علنياً منذ أكتوبر 2023، خاصة بعد أن بدأ الجيش الإسرائيلي في مناورة برية داخل قطاع غزة".

وتابعت الصحيفة أنه "في 8 ديسمبر 2024، عندما انهار نظام الأسد بشكل نهائي، تبخر جيشه، وتلقى "محور المقاومة" ضربة قاسمة، زاد في جهاز الأمن والمجتمع الاستخباري في إسرائيل القلق من إمكانية أن تستغل تركيا الفراغ الحكومي في سوريا بطريقة تهدد إسرائيل".

وبحسب الصحيفة، "السبب الفوري لهذه المخاوف كان العلاقة الوثيقة بين جماعات الجهاديين السنة وتركيا، التي دعمتهم لوجستياً ودبلوماسياً خلال الحرب الأهلية السورية، حتى بعد أن بدا أن الحرب قد خمدت. كانت جيوب جماعات السنة في منطقة إدلب موجودة بفضل تركيا. هناك تشكلت الجماعة المظلة للمجموعات "هيئة تحرير الشام"، التي قادها أبو محمد الجولاني، وأسقطت حكم الأسد".

وأضافت الصحيفة أن "الجيش الإسرائيلي، الذي تعلم درس 7 أكتوبر، لم يترك شيئاً للصدفة وتموضع في المنطقة العازلة لمنع حالة محتملة يمكن أن يتواجد فيها مسلحون سنة على بعد مئات الأمتار فقط من مستوطنات هضبة الجولان في إسرائيل. وفي الوقت نفسه، قصف سلاح الجو الإسرائيلي البنية التحتية العسكرية الاستراتيجية للجيش السوري وحزب الله في جميع أنحاء سوريا، وعمل على تدمير مخزونات الأسلحة والذخيرة لمنعها من الوقوع في أيدي جماعة "هيئة تحرير الشام"، وخاصة لمنعها من الوقوع في يد حزب الله".

واعتبرت الصحيفة أن هذا هو التحرك الاستراتيجي الأول الذي اتخذته إسرائيل لمنع التهديدات المباشرة التي قد تنشأ من سقوط نظام الأسد في سوريا. لكن بعد بضعة أسابيع، لاحظت إسرائيل أن تركيا تنوي، من خلال تأثيرها على المسلحين السنة، التمركز في سوريا عسكرياً واقتصادياً.

على الرغم من أن تركيا تحتفظ منذ عدة سنوات بما يشبه "الحزام الأمني" داخل الأراضي السورية بعرض عدة كيلومترات، لمنع دعم قوات المسلحين الأكراد، "حزب العمال الكردستاني" الذين يعملون ضد الحكومة في جنوب شرق تركيا للحصول على استقلال كردي في أراضيها. إلا أن أردوغان الآن يحاول توسيع وتعزيز تأثير ونفوذ بلاده العسكري والاقتصادي في جميع أنحاء سوريا كجزء من الاستراتيجية التي تعمل بموجبها تركيا في العقد الأخير، والتي تهدف إلى إعادة تركيا كقوة إقليمية مهيمنة في الشرق الأوسط وكعامل مهم في الساحة الدولية.

ورأت "يديعوت أحرونوت" أن تركيا تستغل أي فراغ أو ضعف حكومي في الشرق الأوسط، خاصة منذ الربيع العربي، لتأمين موطئ قدم لنفسها. اليوم لديها قواعد عسكرية ثابتة في ثماني دول في الشرق الأوسط وأفريقيا، منها شمال العراق، شمال سوريا، قطر، الصومال، تشاد، وشمال قبرص.

وقالت الصحيفة إن هذا الانتشار تهدف أيضاً لخدمة الطموحات الاقتصادية لتركيا للسيطرة على حقول الغاز في البحر الأبيض المتوسط، ومنع دول المتوسط من التجارة ونقل الغاز مع أوروبا. التوتر الاقتصادي بشأن السيطرة على حقول الغاز في المنطقة حول قبرص، والمحاولة التركية لمنع إنشاء خط أنابيب غاز تحت البحر في البحر الأبيض المتوسط - الذي سينقل الغاز من مصر، إسرائيل، وقبرص إلى أوروبا - هو عامل رئيسي في التوتر بين إسرائيل وتركيا.

لكن بؤرة التوتر الرئيسية بين إسرائيل وأنقرة الآن هي محاولات تركيا لتأسيس وجود ونفوذ في سوريا على حساب إيران وروسيا. وفقاً للتقارير العالمية، اقترح أردوغان على الجولاني أن تعيد تركيا بناء الجيش السوري، على أن يضم الجماعات الجهادية المنضوية تحت "هيئة تحرير الشام"، التي يرأسها الجولاني.

وأكدت الصحيفة أن "نية تركيا إدخال أنظمة دفاع جوي ورادارات إلى المطارات الرئيسية في سوريا تهدد بشكل مباشر حرية العمل الجوي لإسرائيل في سوريا. هذه الحرية ضرورية ليس فقط لمنع التهديدات المباشرة من سوريا على إسرائيل، ولكن أيضًا كإمكانية لطرق الطيران إلى وجهات قريبة وبعيدة في الشرق الأوسط، مثل إيران".

وأشارت الصحيفة إلى أن "التمركز العسكري التركي في جنوب وشرق سوريا، بما في ذلك الجولان السوري، قد يخلق وضعاً يتمكن فيه الجهاديون الذين أصبحوا "قوات الأمن" للجولاني للنزول إلى الجنوب وبسرعة قد ينشأ وضع مشابه لما كان في محيط غزة قبل 7 أكتوبر وعلى حدود لبنان، حيث يوجد جيش معاد لإسرائيل على بعد مسافة هجوم بري على مستوطنات هضبة الجولان وشمال إسرائيل".

ولفتت الصحيفة إلى أنه "حتى سقوط نظام الأسد، كان هناك قوات مراقبة روسية على الحدود مع إسرائيل منعت الجيش السوري والمسلحين المحليين من التصادم مع إسرائيل. ولكن إذا تم تمركز جيش تركي في المنطقة واستخدم طائرات مسيرة، وطائرات بدون طيار، وخاصة أنظمة الدفاع الجوي من مطارات T-4، حمص وحماة، سيتعين على إسرائيل أن تدرس بعناية كل خطوة ستقوم بها لحماية مواطنيها وسياستها في منطقة هضبة الجولان، وأن تدرس ما إذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى تصادم عسكري مع تركيا".

ووفقا للصحيفة، "لذلك، عندما كان قافلة من القوات التركية تتجه إلى مطار T-4 في منطقة حمص، على بعد أكثر من 100 كيلومتر من الحدود مع إسرائيل، شن سلاح الجو الإسرائيلي سلسلة من الغارات التي دمرت المطار بالكامل ومحتوياته، بشكل يمنع إمكانية التمركز والعمل منه لفترة طويلة. بالتأكيد يمكن للأتراك بناء هذه المطارات مجددًا، لكن إخراجها من الخدمة على يد سلاح الجو الإسرائيلي كان يهدف بشكل أساسي إلى إرسال رسالة للأتراك بأن إسرائيل لن تسمح بذلك".

وبينت الصحيفة أن "القلق الحقيقي والطويل المدى لإسرائيل بشأن تركيا هو ظهور محور إسلامي-سني تحت قيادة الإخوان المسلمين، الذي ستقوده تركيا ويمر عبر سوريا، لدى الإخوان المسلمين في الأردن، مروراً بداعمي حماس والجهاد الإسلامي في الضفة الغربية وينتهي في غزة. في إسرائيل، هناك قلق كبير من أن هذا المحور الإخواني سيحل محل "محور المقاومة" الشيعي بقيادة إيران".

لكن على عكس إيران، التي لا توجد لإسرائيل معها أي نقاط التقاء دبلوماسية أو إمكانيات للتواصل، تركيا هي عضو في حلف الناتو وحليف وثيق للولايات المتحدة ولها علاقات قوية أيضًا مع روسيا. كما أن أنظمة الأمن والاقتصاد في إسرائيل وتركيا في تواصل دائم، ورغم أن تركيا الآن توفر المأوى تقريبًا بشكل علني لنشاط حماس في الضفة الغربية من أراضيها، لدى إسرائيل القدرة على التفاوض مع الأتراك، وإرسال رسائل مباشرة لهم، بل وحتى التأثير عليهم. لا شك أن مخاوف إسرائيل من محاولات تركيا السيطرة على سوريا - إلى جانب قضايا ملحة أخرى مثل الأسرى وإيران - ستكون موضوعًا رئيسيًا في اللقاء المنتظر هذا الأسبوع بين ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض.

وختمت الصحيفة أنه "في الواقع، ما تقترحه إسرائيل على تركيا هو تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ تحت رعاية الولايات المتحدة في الشرق؛ روسيا في الساحل الغربي؛ تركيا في الشمال؛ إسرائيل في الجنوب والشرق؛ والنظام المؤقت في سوريا في باقي المناطق. وذلك على الأقل حتى يتم تأسيس حكومة مستقرة منتخبة في سوريا، أي بعد سنوات عدة".