صبيحة زلزال السابع من أكتوبر نادت حماس على قوى الممانعة لاستغلال ما حدث، بالدخول في معركة فاصلة مع إسرائيل.
مصطلح المعركة الفاصلة كانت فيه مبالغة لا يحتملها ميزان القوى الذي دخلت إليه أمريكا عبر أساطيلها التي وصلت إلى المتوسط في زمن قياسي.
إلا أن المعركة الفاصلة المفترضة تحولت إلى معركة تضامنية محدودة، مارستها قوى الممانعة، وكان الأكثر فاعلية فيها حزب الله، الذي لم يتردد في فتح معركة إسناد جذبت جزءًا من القوة العسكرية الإسرائيلية وأدت كذلك إلى اهتمام دولي بالحرب على غزة خشية امتدادها لتتحول إلى حربٍ إقليمية لا تريدها دول العالم، خصوصاً بعد أن دخل الحوثيون على خطها ما أثر على الملاحة الدولية في أحد أهم الممرات المائية باب المندب.
كان واضحاً أن الأمريكيين وحلفاءهم من دول الأطلسي يعملون على تفكيك معسكر الممانعة.
إيران أم الأذرع والتي نأت بنفسها مبكراً عن الإسناد عسكرياً مكتفية بالتأييد الإعلامي، وهذا سهّل عملية تفكيك المعسكر، وكان أهم تطور على هذا الصعيد فك الارتباط القتالي بين حزب الله وحماس، وانكفاء قوات الحزب إلى شمال الليطاني وخروج الجغرافيا السورية من الممانعة، وقدوم ترمب إلى البيت الأبيض، وكأن سموتريتش وبن غفير هم مهندسو سياسته تجاه غزة.
اعتمدت حماس على المبادرة الأمريكية التي وافق عليها الجميع في عهد بايدن، وكان الجزء الثاني منها يعني نهاية الحرب والدخول إلى مرحلة إعادة الإعمار، كان هذا البعد في المبادرة الأمريكية أكثر من مريحٍ لحماس، حتى أنها تصرفت وكأن الأمور حُسمت لصالحها.
ظهر ذلك في الاستعراضات التي أدتها أثناء عمليات التبادل، غير أن رياح ترمب لم تجر كما اشتهت سفن حماس، لم يحدث فقط انقلابٌ على المرحلة الثانية من الصفقة الأمريكية، بل استئناف حرب الإبادة بوتيرة أكثر شراسة، وظهور مصطلح موافق عليه أمريكياً بل إن ترمب شخصياً من ابتدعه، مفاده أي مفاوضات مع حماس سوف تتم تحت النار ولا بد من إنهاء وجودها كلياً وجذرياً.
حماس الآن تقاتل بإمكانات ذاتية أقل، وتحالفات معدومة، وأهل غزة لم يعودوا قادرين على مواصلة التحمل والصمت، بل إنهم يصرخون ألماً وهم يرون مصيرهم بين يدي القوة العسكرية الإسرائيلية الغاشمة، وقوة السياسة الأمريكية المغالية في العداء لهم، وأقصى ما يطلبونه ماءٌ للشرب وغذاء يُبعد المجاعة ولو إلى حين.
فماذا تفعل حماس؟
وهي تدرك أكثر من غيرها الوضع الجديد الذي نشأ منذ قدوم ترمب للبيت الأبيض، وتفكيك حلقات الممانعة إلا من الحوثيين في اليمن الذين تتولاهم الأساطيل الأمريكية الجاثمة على بعد أشبارٍ من حدودهم.
حماس أخذت زمام المبادرة يوم السابع من أكتوبر، ودخلت حرباً شرسةً مع إسرائيل، اتخذت طابع الإبادة والتدمير الشامل، لذلك لا أحد يملك تجاهها أكثر من النصح.
النصيحة العملية لخروجها من الحالة التي آلت إليها ومعها غزة، هي أن تغير خطابها وسلوكها، وأن ترفع تحفظاتها عن الانضواء تحت لواء منظمة التحرير بما يترتب على ذلك من التزام معلن بما التزمت به منظمة التحرير، فهل تفعل ذلك؟ لا أحد يعرف حتى الآن.
فلنكن أمناء مع الحقيقة، فحتى هذا غير مضمونٍ كمخرجٍ في عهد ترمب نتنياهو، ولكنه جهدٌ جديٌ يستحق المحاولة.