يضع نتنياهو ثلاثة مسارات لتحقيق أهداف الحرب على قطاع غزة، الأول احتلال مساحات واسعة من قطاع غزة وفرض الأحكام العرفية، والثاني: استمرار الحصار وتشديده وإضعاف فصائل المقاومة، أما الثالث فهو قبول المقترحات بعد وضع التعديلات عليها خاصة الخطة العربية لإعادة الإعمار وتشكيل لجنة إدارة محلية تتبع للسلطة الفلسطينية بإشراف مصري ودولي، ولا تغيب خطة التهجير عن تلك المسارات، حيث يعمل المشروع الإسرائيلي بأدوات عسكرية وسياسية على تهجير نحو نصف مليون فلسطيني من سكان قطاع غزة ورسم مشهد مأساوي لتحقيق الأهداف التي أعلنها نتنياهو وهي: إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات، وإجبار المقاومة على تسليم سلاحها ونفي قادتها إلى الخارج وتهجير سكان قطاع غزة، وتعتبر هذه الأهداف بالنسبة لبنيامين نتنياهو هي اليوم التالي للحرب وفقاً للرؤية والمشروع الإسرائيلي الذي حين يفشل سيقوم نتنياهو بتحميل المستوى العسكري والأمني المسؤولية، ولذلك يرفض وقف الحرب لإبعاد كأس المحاسبة عنه في الشارع أو في الإنتخابات أو في المحكمة.
ويتوقع أن يحاول نتنياهو في اليوم التالي للحرب صناعة حرب أهلية في قطاع غزة، وهنا لا يدور الحديث عن السلطة الفلسطينية وحماس بل بين كافة مكونات المجتمع الفلسطيني المحصن بالوعي الوطني والرفض المطلق لكل مشاريع الاحتلال، وهذا الوعي والرفض والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني يجب أن يدفع السلطة والفصائل نحو الوحدة في مواجهة مشروع الإبادة الإسرائيلية الكاملة، بمشروع وطني شامل بعيداً عن أوهام التسوية، والحلول الجزئية، وإعادة تفعيل وبناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، وتحمل المسؤولية تجاه أهوال الحرب والمأساة بعيداً عن الخطابات والشعارات والبيانات التي تزيد من أوجاع الناس جراء حرب التجويع والعطش وانهيار المنظومة الصحية وتدمير البنى التحتية والفوقية في قطاع غزة.
والمطلوب اليوم بعيداً عن ترف الصالونات وتكرار الاجتماعات السابقة ذات الأبعاد السياسية والسياحية هو صياغة مشروع وطني فلسطيني يواجه المشروع الإسرائيلي وأهدافه من خلال:
1- تصعيد المقاومة بمواجهة الاحتلال في كل الأراضي الفلسطينية.
2- العمل على كسر الحصار وتوفير كل أشكال الدعم للمقاومة والحفاظ على سلاحها باعتباره سلاح الشعب الفلسطيني ووسيلته الأساسية للدفاع عن الحقوق والوجود.
3- العمل كي يكون اليوم التالي للحرب يوماً فلسطينياً لا دور فيه للاحتلال.
والالتزام بخطاب سياسي واحد وموحد بعيداً عن التشرذم والانقسام وبما يحقق الإجماع الوطني الفلسطيني بعناوين التحرير والعودة والاستقلال، ومواجهة جرائم الاحتلال الذي يتعامل مع قطاع غزة باعتباره مشكلة أمنية ومع الضفة الغربية باعتبارها مساحة للتوسع والاستيطان وتصعيد لعمليات التهويد والاستيطان في مدينة القدس.
وانطلاقاً من هذا الالتزام يجب التأكيد على أن عملية إعادة إعمار قطاع غزة لن تكون على حساب المشروع الوطني الفلسطيني المستند إلى جبهة وطنية موحدة تحت سقف ومظلة منظمة التحرير الفلسطينية وسط وجود الكل الفلسطيني أمام منعطف خطير وحساس يحتاج إلى حسم كل الخلافات والاختلافات والذهاب نحو التوافقات الوطنية وهي كبيرة وكثيرة، والتقصير في هذا الشأن يخدم الاحتلال ويزيد الهوة ما بين الفصائل والناس الذين سيرفعون البطاقة الحمراء بوجه الجميع.
ويجب الضغط بكل الوسائل والإمكانيات والقدرات لوقف الحرب على غزة التي تنزف يومياً شهداء وجرحى بالآلاف ولجم نتنياهو الذي يعاني الفشل العسكري والسياسي والتمزق الداخلي، مع التأكيد بأن المأساة المستمرة في غزة والضفة لا تحتمل الانتظار وأن وقف العدوان لن يتحقق إلا بالمقاومة والصمود والثبات.