السبت  12 نيسان 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

السجن كفضاء للتأمل وتحقيق الأمنيات.. تجربة أسير لبناني محرر من سجن عوفر

2025-04-08 02:47:34 PM
السجن كفضاء للتأمل وتحقيق الأمنيات..  تجربة أسير لبناني محرر من سجن عوفر
الأسير اللبناني المحرر أحمد شكر

الحدث- سوار عبد ربه

تعد تجربة الأسر، بما تحمله من معاناة وآلام، مجالا خصبا للتأمل في طبيعة القدرة البشرية على التكيف مع الألم وتحويله إلى أداة من أدوات المقاومة الداخلية. في هذه التجربة، يسعى السجان جاهدا، بل ويبتكر أساليب وطرقا متنوعة تهدف إلى إخضاع الأسير، وتحويل وقته، وزمانه، ومخيلته، وذاكرته إلى جزء من سلطته المطلقة. إلا أن الأسير، على الرغم من هذه المحاولات، يمتلك مخيلة قادرة على التحليق بعيدا عن القيود المادية، متجاوزا القضبان الحديدية وإرادة السجان.

في هذا السياق، قدم أحد الأسرى اللبنانيين المفرج عنهم، في لقائه مع "صحيفة الحدث"، رؤية تستحق التأمل العميق، حيث تحدث عن قدرته على تحويل السجن من مجرد مكان للتعذيب والمعاناة إلى نقطة انطلاق نحو تحقيق طموحات روحية وأهداف دينية. من خلال هذه الرؤية، يتجاوز السجن كونه مجرد منظومة استعمارية تهدف إلى قهر الإنسان وتحجيمه، ليصبح مساحة خالصة للأسير، يتسنى له من خلالها استغلال المخيلة الخصبة التي يمتلكها لتطويع الواقع القاسي بما يتناسب مع تطلعاته الروحية. وفي هذه الحالة، يصبح السجن ليس مجرد مكان للظلمة والوحشة، بل ساحة يستطيع الأسير أن يفر بها بعيدا عن القيود، مستمدا من داخله القدرة على تجاوز محيطه القاسي وتحقيق توازن روحي يعكس صموده وإيمانه.

في التاسع عشر من شباط 2025، انتقل الأسير اللبناني، السيد أحمد شكر الذي اعتقله جيش الاحتلال من بلدة حولا الحدودية في الجنوب اللبناني، من سجن الناصرة شمال فلسطين المحتلة إلى سجن عوفر في رام الله وسط الضفة الغربية. وهناك، اكتشف أنه لا يبعد عن القدس سوى مسافة قليلة، ما دفعه إلى الانطلاق في رحلة تأملية في مخيلته. لم تقتصر هذه الرحلة على التفكير الروحي فحسب، بل امتدت لتشمل سلوكياته العملية أيضا. فقد أقدم الأسير على الصلاة باتجاه المسجد الأقصى، وأدى ركعتين تحية لهذا المكان المقدس، بل وتمنى لو أن مكان أسره كان في سجن أقرب إلى المسجد الأقصى.

وفي لقائه مع "صحيفة الحدث"، أشار الأسير المحرر إلى أن العبارة الاجتماعية الشائعة "تنذكر وما تنعاد"، التي يستخدمها البعض عند التهنئة بالسلامة، لا تنطبق على تجربته. فقد أوضح أنه إذا تكررت الظروف نفسها، فإنه سيختار ذات القرار الذي اتخذه في المرة الأولى. ووفقا لرؤيته، فإن تكرار الظروف يستوجب بالضرورة تكرار التصرفات والقرارات التي اتخذها في تلك اللحظة -أي لحظة الاعتقال-، وأضاف أنه في حال تأكد من قدرته على التواجد بالقرب من المسجد الأقصى في المرة القادمة، فلن يتردد في السعي لتحقيق ذلك، بغض النظر عن التحديات.

القدس كمحفز للخيال وأداة للمقاومة الذاتية

يقول الأسير المحرر السيد أحمد شكر: "عندما تم نقلنا إلى سجن عوفر، وكان على مقربة من القدس، انتابني شعور بالسعادة، لأني كنت من الذين يرددون دائما "سنصلي في القدس"، وكنت أدعو الله بإخلاص لهذا الغرض، ولم يكن ذلك في إطار صناعة الحلم، أو مجرد أمل لإيهام النفس، بل كنت أراه حقيقية، وكنت أشعر يقينا أن هذا الآمر آت، فهو وعد الله في النهاية".

وعوفر هو أحد السجون الصهيونية المقامة على أراضي بلدة بيتونيا غرب رام الله، ويبعد عن العاصمة المحتلة نحو 16 كم.

وأضاف: "أذكر أن أحد الأسرى قال لنا: "أنتم في القدس الآن، عندما تصلون، فليكن في سجودكم خشوع، فإن هذه الأرض مباركة. فليتقبل الله دعاءكم وصلاتكم بتحريرنا، والإفراج عنا، وفوزنا في الحرية".

وتابع: "صلينا ركعتين تحية للمسجد الأقصى، وتمنيت لو كان هناك سجن أقرب أو ملاصق للمسجد الأقصى لأكون أكثر قربا منه؛ لأن هذا المكان بالنسبة لي يمثل القضية الفلسطينية في كل جوانبها، فهي ساحة صراع بين الحق والباطل، أشبه بساحة كربلاء حيث يقف الحق وأنصاره قلة، والباطل ومن يقف معه كثر. وهذا هو ما يحدث اليوم مع الشعب الفلسطيني".

وفي حديثه عن القدس، روى شكر أنه "طلب من الأسرى أن يصلوا ركعتين إهداء لروح أبي هادي، السيد العزيز الشهيد الذي قدم نفسه من أجل هذه الأمة وهذه القضية وكرامة لبنان. هذا الرجل العملاق الذي جاد بنفسه كان يتمنى أن يصلي في القدس، وأجره على الله ارتقى شهيدا. لذلك، كان لا بد من أن نصلي له ركعتين على روحه الطاهرة، وهو ما تم بالفعل."

إلى جانب التأملات الروحية، يقول الأسير المحرر: "بعدما علمت أننا على مقربة من القدس كان في بالي الخذلان العربي والصمت العربي المستمر تجاه القضية الفلسطينية. كنت أستغرب أننا، رغم كل ما نملكه من إمكانيات وقدرات، لم تحرك الأنظمة العربية ساكنا. من منطلق الجغرافيا العربية والتاريخ المشترك. متسائلا: "أليس من الواجب على العروبة التي تتغنى بها هذه الأنظمة أن تكون عونا لإخوانهم في فلسطين؟ ألا تستحق هذه الأرض العربية أن يقف لها العرب في وجه هذا العدوان؟" وأردف قائلا: "نحن قادرون عددا وعتادا ومالا. وهنا لا أتحدث عن الحسم والانتصار، لكن على الأقل كان من الواجب أن يكون هناك شرف المواجهة".

أبعاد تجربة الأسر: الجروح التي تلتئم وتلك التي لا تلتئم

وفي حديثه عن الظروف التي مر بها خلال فترة الاعتقال والتحقيق، والآثار النفسية التي أفرزتها هذه التجربة، قال شكر: "عند الحديث عن الأسر والاعتقال والمكوث في زنازين العدو، يستحضر الأسير العديد من الأسئلة والتصورات حول المعاناة والتجربة التي مر بها. فهذه التجربة تتعدد أبعادها لتشمل جوانب نفسية وجسدية ولفظية، حيث يترافق الأذى الجسدي مع التعنيف والضغط النفسي، إضافة إلى الإساءة اللفظية التي تتجلى في الشتائم والصراخ، ما يترك آثارا عميقة على النفس".

وفيما يتعلق بالألم الجسدي، يرى شكر الذي قضى 45 يوما في الأسر أن الجسد قادر على التعافي بمرور الوقت، إذ يمكن للأنسجة أن تلتئم وتعود إلى حالتها الطبيعية بعد العلاج، لكن الأمر يختلف مع الألم النفسي. فإصلاح النفس ليس بالأمر اليسير، إذ أن الأذى النفسي يتطلب وقتا طويلا وإجراءات متعددة للشفاء، مما يجعل هذه العملية معقدة وبطيئة.

وأشار الأسير المحرر إلى أن هذه التجربة النفسية تحدث تحولا جوهريا في نظرة الأسير للعالم إذ يصبح بالنسبة له مكانا مليئا بالظلم والوحشية والتعقيدات، وتتجلى فيه مظاهر التملق والنفاق، ويغلب عليه الحقد والفساد، مما يجعله يبدو خاليا من العدالة. من هنا، تزداد القناعة بضرورة السعي المستمر لمواجهة الظلم والتصدي له، فالألم الذي يعانيه الفرد يعزز لديه التفكير العميق حول كيفية تغيير هذا الواقع المليء بالمعاناة".

وفي تقرير أصدره نادي الأسير بتاريخ 24 شباط 2025 حول عمليات القمع في سجن عوفر، أشار النادي إلى أن "عمليات القمع شهدت تصاعدا ملحوظا في سجن عوفر مؤخرا، وذلك في إطار استمرار سياسة القمع والاقتحامات التي تُعد من أبرز السياسات المنهجية ضد الأسرى في سجون الاحتلال، والتي وصلت إلى ذروتها خلال حرب الإبادة والعدوان المستمر حتى الوقت الحالي."

القضية الفلسطينية في الوجدان اللبناني: من الفكر إلى التجربة الحية

تعد القضية الفلسطينية بالنسبة للبنانيين قضية وجدانية عميقة، حيث يُعتبر لبنان، كما وصفه الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، "خل فلسطين الوفي". وهذه العلاقة ليست محصورة في بعد نظري أو فكري فحسب، بل تجسدت تاريخيا من خلال الانخراط المباشر في النضال ضد الاستعمار الاستيطاني. إذ يمثل هذا الانخراط، على المستوى الفردي والجماعي، ركيزة أساسية في الوعي الوطني اللبناني تجاه القضية الفلسطينية. من هذا المنطلق، تأتي تجربة الأسير شكر لتكون جزءا من هذا الالتزام العميق، حيث يشكل تحوله إلى أسير انعكاسا لمواقفه الثابتة إزاء القضية الفلسطينية. وبذلك، تتجاوز تجربته حدود البيئة الاجتماعية والسياسية التي نشأ فيها كابن للبقاع اللبناني، ليصبح جزءا فاعلا في المعركة ضد الاستعمار، مشكلا بذلك نموذجا حيا للارتباط الشخصي بالقضية الفلسطينية.

وفي هذا السياق، أوضح الأسير المحرر في لقائه مع "صحيفة الحدث" رؤيته حول ارتباطه العميق بالقضية الفلسطينية، قائلا: "إن القضية الفلسطينية قد تشربتها منذ طفولتي، فهي بالنسبة لي تمثل قضية إيمانية ودينية وأخلاقية بامتياز، كما أنها قضية عدالة وحق وشرف. هذه القضية، بما تحمله من بعد علمي وروحي، شكلت جوهر تفكيري ومعتقداتي منذ سن مبكرة. لقد حملتها معي طوال سنوات حياتي، وظلت فلسطين حاضرة في ذهني ووجداني طوال الوقت، ليس فقط في اللحظات المفصلية أو في أوقات الاستهداف أو أثناء انتفاضاتها، بل حتى في لحظات السكون. كانت فلسطين تسكنني، وكان هاجس تحريرها وعودة أرضها المباركة إلى أهلها والأمة الإسلامية، بما تحمله من مقدسات ورمزية، هو ما يوجهني ويحفزني".

وعند سؤاله عما إذا كانت تجربة الأسر تعكس انخراطه الفردي في المعركة بعيدا عن تأثيرات البيئة الاجتماعية والسياسية التي نشأ فيها، وكيف يمكن تفسير ذلك كتحول في فهمه للأحداث السياسية من منظور شخصي مقارنة بتأثيرات البيئة المحيطة، أجاب شكر قائلا: "ارتباطي بالقضية الفلسطينية لم يزد بسبب تجربة الأسر، بقدر ما أصبح لدي فهم أعمق لمضمون القضية ومعاناة الشعب الفلسطيني، خاصة من خلال تواجدي في المعتقلات والاستماع إلى قصص وأحاديث الأسرى الفلسطينيين".

وأضاف: "إن تجربة الأسر بكل ما تحمل من تحديات وآلام تشكل بلا شك نقطة تحول هامة في فهمي للقضايا التي أتبناها. فقد كانت بعض محطات نضالي في الماضي ذات طابع تنظيري أو عملي بعيدا عن التماس المباشر مع الواقع، ولكن الأسر جعلني أعيش التجربة على مسافة صفر، بلا فاصل أو عازل. هذه التجربة زادت من وعيي السياسي والاجتماعي، ومنحتني فرصة لفهم التركيبة الاجتماعية والثقافية للعدو، وتعلمت كيف أتعامل مع شخصيته وأسلوبه. وهذا الأمر يعد إيجابيا للغاية في تسليح النفس بالمعرفة والقدرة على الاستمرار في الصراع بشكل أكثر فعالية".

الأسر والخبز: كانعكاس للتضامن الفلسطيني اللبناني في سياق النضال المشترك

وفي السياق ذاته، ساهمت تجربة الأسر في تعزيز الصورة النمطية للشعب الفلسطيني في وعي شكر، حيث كان يُنظر إلى الشعب الفلسطيني على أنه شعب عزيز، مضحٍ، ومقدر، يمتلك صفات الثبات، القوة، والشهامة. وأكد شكر أن تواصله المباشر مع الأسرى الفلسطينيين قد عزز قناعته بهوية هذا الشعب وميزاته.

وذكر الأسير المحرر موقفا وقع بتاريخ 19 شباط، يختزل عمق التضامن بين الشعبين في مواجهة ذات العدو، ويحمل في طياته فكرة النضال المشترك ضد الظلم، إذ قال عندما تم نقله من سجن الناصرة إلى سجن عوفر في القدس: "في ذلك اليوم وصلنا الطعام متأخرا جدا، وكان قليلا من حيث الكمية والنوعية. ثم عاد إلينا الشاويش - وهو أسير فلسطيني مسؤول عن توزيع الطعام - بحصة إضافية، قائلا: "الأسرى الفلسطينيون يرسلون لكم هذه الحصة البسيطة تكريما لكم يا شعب لبنان، يا شعب أبا هادي". في تلك اللحظة، طلبت منه أن يسلم عليهم، ويقول لهم: "لقد تشاركنا الخبز، وإن شاء الله نتشارك الانتصار".

وأشار شكر إلى أن هذا الموقف كان من أكثر المواقف التي تركت في نفسه شعورا بالفخر والاعتزاز. وأوضح قائلا: "في لحظة كان فيها الشعب الفلسطيني يواجه الموت جوعا وظروفا نفسية وجسدية قاسية في الزنازين، قدموا لنا جزءًا من حصتهم رغم قلة الطعام وقسوة الجوع، ليعبروا عن شكرهم وامتنانهم وتقديرهم. هذا الموقف، وغيره من المواقف المشابهة، كان له تأثير كبير في نفسي. جعلني أرى شعبا عظيما لا يتخلى عن تضامنه مع الآخرين رغم قسوة الظروف. كما أن الأسرى الفلسطينيين كانوا دائما يرددون عند لقاء الأسرى اللبنانيين أثناء فترة "الفورة": "حيّ الله شعب لبنان البطل، وأحلى رجال رجال أبو هادي".

وحول لقاءاته مع الأسرى الفلسطينيين، قال الأسير المحرر: "رغم كافة المحاولات التي سعت لعزلنا وإبعادنا عن أي تواصل مع الأسرى الفلسطينيين، إلا أن ذلك لم يمنعنا. فقد كان هناك تواصل دائم رغم الحواجز المفروضة، وكان يتم عبر الصوت من خلف الأبواب، حيث كنا نتبادل الحديث دون أن نتمكن من رؤية بعضنا البعض، كما كان يحدث أيضا أثناء توزيع بعض الحاجيات أو الطعام، الذي كان يتولى توزيعه بعض الأسرى الفلسطينيين. كان هذا التواصل سريعا في أغلب الأحيان، نتبادل فيه الاستفسارات أو الحديث حول بعض الأمور، رغم الحظر المفروض على التواصل بين الأسرى اللبنانيين والفلسطينيين".

من مرشح للانتخابات النيابية إلى الأسير: إعادة تشكيل مفهوم سيادة لبنان في ظل تجربة الأسر

في عام 2022، تقدم السيد أحمد السيد محمد شكر بترشيحه للانتخابات النيابية عن المقعد الشيعي في دائرة بعلبك - الهرمل على لائحة "مستقلون ضد الفساد".

وعما إذا كان هناك تأثيرات سياسية أو قانونية لتلك الصفة التي من المفترض أن تمنحه نوعا من الحصانة قال: "على الرغم من ترشحي للانتخابات النيابية، لم يشكل هذا الأمر أي نوع من الحصانة أو التخفيف من الضغوطات التي تعرضت لها، بل على العكس تماما. لم تزدني هذه الصفة في المعتقل إلا عبئا إضافيا، حيث تم استخدامها كوسيلة للضغط عليّ وفرض أذى نفسي ولفظي كبيرين. فالأسرى الذين يتمتعون بحضور معنوي أو خلفية محددة يتم استغلال هذا الأمر من قبل العدو لتعميق معاناتهم وتوجيه الضغط إليهم".

وحول تأثير تجربة الأسر على تصوراته بشأن مفهوم سيادة لبنان في سياق كونه مرشحا، أوضح شكر أنه: "من الطبيعي أن نُدرك أن الأسر على يد هذا العدو الوحشي، الذي ينظر إلى لبنان من زاوية دونية ويعتبر أرضه مستباحة وغير ذات سيادة، يعزز شعورنا بأننا في عالم بعيد عن تطبيق القوانين والمفاهيم الإنسانية والقيم الأساسية. هذا الواقع زاد من تمسكي وارتباطي بلبنان. من يعرفني يدرك أن علاقتي بلبنان هي علاقة انتماء وهوية عميقة. لطالما كنت أؤكد أن الأزمة اللبنانية مرتبطة ارتباطا وثيقا بهوية المواطن اللبناني وانتمائه، وأننا في لبنان نعيش أزمة حقيقية تتمثل في انعدام الهوية المشتركة والرؤية الموحدة لهذا البلد. فكل مجموعة تجد ارتباطا خارجيا لا يتماشى مع المصلحة الوطنية الجامعة، مما يفاقم الأزمة."

وأكد: "هذا الوضع دفعني إلى التمسك أكثر بالعمل والسعي لتحصين لبنان على جميع الأصعدة، وشكل حافزا لتعزيز سيادته، خاصة في ظل التحديات الكبرى التي يواجهها. كما أن تجربة الأسر نفسها تضمنت تناقضا حادا بين الحرية التي أسعى لتحقيقها في المجتمع وبين القيود التي يفرضها الأسر، حتى على المستوى الفكري. ولذلك، كان هذا التناقض بمثابة دافع أقوى لمواجهة كل المحاولات التي تهدف إلى النيل من سيادة لبنان، وتحقيق الاستقلال الكامل لهذا الوطن العزيز".

تجربة الأسر وأثرها في نقل رواية الأسرى عبر الإعلام

إلى جانب نشاطه السياسي، يُعد السيد أحمد شكر أيضا إعلاميا وناشطا ميدانيا. ومن موقعه هذا، اعتبر أن تجربته داخل السجن ألزمته بتعهد أمام الأسرى الذين شاركوه الزنزانة، بأن يحمل قضية الأسرى ويسعى لنصرتها. وحول ذلك، قال شكر: "لقد حملت على عاتقي أمانة وتعهدت أمام الأسرى الذين شاركوني الزنزانة أن أكون حاملا لهذه القضية، وأنا من الأشخاص الذين كانوا دائما في قلب الأحداث والمتابعين للقضايا المتعلقة بالأسرى".

وأضاف: "من الطبيعي أن أواصل حمل هذه القضية وأعمل جاهدا على تشكيل واقع إعلامي وسياسي يسهم في تسليط الضوء على معاناة الأسرى ويسعى لتحريرهم". مؤكدا أن الإعلام يلعب دورا حاسما في تشكيل الرأي العام حول قضايا الأسرى.

وفي ختام حديثه، أشار شكر إلى أن تداعيات تجربة الأسر لا تقتصر فقط على الفترة التي يقضيها الأسير في المعتقل، بل تظل تلاحقه حتى بعد خروجه، ما يجعل هذه التجربة جزءا لا يتجزأ من رحلته الطويلة في معركة الكرامة والحرية.