الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العدد 42| كيف يقضي الفلسطينيون أيامهم في شهر رمضان؟!

2015-06-30 01:21:29 AM
العدد 42| كيف يقضي الفلسطينيون أيامهم في شهر رمضان؟!
صورة ارشيفية
 
 
الحدث - محمود الفطافطة
 
يفرض شهر رمضان الفضيل عبقه الإيماني وتفرده  الروحي على المسلمين جميعاً، فهو رسالة ربانية؛ مضمونها أن الصائم الصابر على الجوع والعطش عليه أن يصبر على الابتلاء والمصائب. صبرٌ يجعل من المؤمن نقياً ومن الصائم كريماً.. إنساناً عميقاً في الإرادة، وعبقاً في الصفاء والمحبة.
 
رمضان ليس بشهرٍ تُمتحن فيه قدرة الصائم على مواجهة الجوع والعطش بقدر ما هو شهر الخير الجامع.. شهر فيه الثواب لا يُحصى والسعادة لا تُوصف.. شهرٌ مجبول بكل ما هو نافع للجسد والنفس والعقل والروح والقيم والأفكار. إنه شهر يمثل دورة في التربية النفسية، والتحمل الجسدي، والعبق الإيماني والتأمل الروحي، والتفكر في السموات والأرض، والتكافل الاجتماعي، والتواصل العائلي، فضلاً عن تطهير النفس من الشح، وسواها من القيم السامية.
 
الجائزة الكبرى
إنه شهر يستلزم من الصائم أن يجدد فيه الإخلاص والمحبة والصبر والإحسان والاحتساب.. إنه شهر الفقراء والمحتاجين.. شهر الفكر والمعرفة.. شهر التربية والعلم والتأمل.. إنه شهر المواعظ والحكم.. شهر الإدارة والإرادة والتنظيم. إذا أدركنا مسألة الإيمان والاحتساب كوظيفة أساسية للصوم فإننا سنمارس الصوم وفق رسالة إيمانية تتواصل في رمضان وبعده.
 
يقول سعيد عبد الله: رمضان لم يكن زمناً يمر أو تنافساً في أطايب الطعام بل هو دعوة متجددة في كل سنة للتعامل مع هذا الشهر بروح إيمانية متوهجة بالعبادات وزاخرة بالمعاملات وطاهرة بالقيم والأخلاق. ويضيف: "إنه شهر الجائزة الكبرى التي يفرح بها المؤمن الصائم.. إنه شهر لا ثقل فيه ولا ضيق.. إنه خفيف الظل على الصائم، في مقابل كثيف الخير على الفقراء؛ حيث يكاد الفقر فيه أن يختفي".
 
هند حجازي تقول: رمضان يمثل لي دورة خير وتدريب على التحمل وفرصة لا تعوض من أجل قراءة القرآن، والصيام والقيام والذكر والدعاء، منوهة إلى أنها تواظب على أداء صلاة التراويح، والمشي بعد الصلاة بهدف إراحة الجسد بعد الإفطار.
 
ليلى حسين تبين أن الحارة الفلسطينية في رمضان تبقى، رغم واقع الاحتلال البشع والأوضاع الاقتصادية القاسية، التجلي الرائع والصورة الطيبة  للسلوك الحسن للمسلم. إنها الحارة  التي يفوح منها عبق الصوم والنظر بكرم إلى الفقراء والمحتاجين.. إنه شهر يعلو فيه الكرم على الشح، والهدوء على الغضب، والتأمل بخلق الله ومخلوقاته على كسل الذاكرة.. أما رحمة عطيوي فترى أن رمضان بالنسبة لها شهر التكافل، وصلة الرحم، والزكاة التي تطهر النفوس والقلوب، ومحطة لمحاسبة النفس. وتنوه إلى أنها شديدة الانتظار والسعادة لقدوم ليلة القدر التي ترى فيها بأنها تاج الشهر ورحيق الخير لكل من يصوم بإخلاص وانتماء ونقاء.
 
سوق وعبادة!
نعيمة نعمان تقول: يمثل شهر رمضان الفضيل محطة مختلفة ونوعية عما سواه من أشهر السنة، فما أن يحل هذا الضيف الإيماني العبق إلا وتتغير الساعة البيولوجية للصائم. وتوضح: أقوم عند التاسعة والنصف للذهاب على عملي، وفي الثانية والنصف أنطلق منه متجهة إلى السوق لشراء بعض الحاجيات الأساسية لمائدة الإفطار، منوهة إلى أن السير في السوق في شهر رمضان يمثل متعة كبيرة لها لما يمثله ذلك من استنبات لروحانية الشهر وعبقه.
 
جميلة حسني تقول: إن رمضان يمثل لي فرصة لزيارة الرحم والتواصل مع الصديقات، إضافة إلى الزيادة في الإقبال على قراءة القرآن والكتب وقصص التاريخ الإسلامي لما لذلك من إنارة للقلوب وتثبيت لها خاصة في هذه الظروف السيئة والقاسية التي يمر بها العالم العربي والإسلامي. 
 
أبو خليل يقول: إذا حان وقت صلاة العشاء ذهبت إلى المسجد لأداء الصلاة ومن ثم صلاة التراويح، وبعد ذلك أشاهد مسلسل "باب الحارة" وبعد ذلك، أصلي 12 ركعة تراويح لتصبح عشرين ركعة، منوهاً إلى أنه لم يقطع أبداً، هذا العام، والأعوام السابقة أداء صلاة التراويح لما تمثله من منصة جميلة يقوم عليها التضامن والتعاون الاجتماعي، ففيها تعبق الروح برحيق رمضان، ويتبادل الناس الكلام الطيب والاطمئنان على بعضهم البعض.
 
وعند طرح سؤال لعيّنة من الصائمين مفاده: بماذا تصف رمضان؟ كانت الإجابات التالية: التكافل، الرحم، الموائد، النوم، المسلسلات، الصبر، التوبة، التجدد، القطايف، التراويح، المشاكل، القران، ليلة القدر، البركة، الاستغفار، الصفاء، الروحانية، أرزاق، التنظيم، المسامحة، البذل، الاعتكاف، الإخلاص، التطهر، السمو، فرصة، المحبة، الإرادة، التفكير، العدالة.
 
فوزي معاني يقول: أنتظر شهر رمضان بشغف كل عام نظراً لدوره في المحافظة على نسبة السكر، منوهاً في الوقت ذاته إلى أن شهر رمضان يمثل مشفىً إيمانياً لمحاربة كثير من الأمراض، أو تجنيب الجسم من مثل هذه الأمراض.
 
 
اللصوص الثلاثة!!
سوسن حسين ترى أن كثيراً من الناس في رمضان يعتبرون هذا الشهر تسابقاً نحو المسلسلات والنوم والطعام، واصفة ذلك بـ"لصوص رمضان الثلاثة". وتضيف: "أن خطر المسلسلات على العبادة كبير في رمضان، خاصة عندما تعيق الصائم عن أداء صلاة التراويح في المسجد، أو تمنعه من التزاور والتواصل مع الأصدقاء والأقرباء. كما أن الطعام والتسابق الشره نحوه يؤدي إلى الكسل البدني، وبالتالي يعيق هو الآخر عمل الطاعات وأداء الصلوات والتقرب إلى الله. أما النوم في نهار رمضان، فانه يحرم صاحبه الخير الكثير، حيث أن النوم الزائد مرض زائد وخطر على الصحة ويساهم في تقليل الأجر والثواب".
 
رائد محسن يروي يومه في رمضان فيقول: "أقوم لتناول وجبة السحور ومن ثم أذهب لأداء صلاة الفجر جماعة في المسجد، ومن ثم أنتظر لصلاة الضحى، خلالها أقوم بقراءة جزء من القرآن الكريم، والاستغفار وذكر الله. بعدها أعود للبيت لأنام خمس ساعات، بعدها أذهب إلى عملي، لأعود منه الساعة الرابعة، لأقضي الساعات المتبقية للإفطار في مساعدة الزوجة في وجبة الإفطار وقراءة جزء آخر من القرآن واللعب مع الأبناء ومشاهدة برنامج ديني. وبعد الإفطار نذهب لأداء صلاة التراويح، وعند الساعة الثانية عشرة أخلد للنوم".
 
الزمن المقدس
شيرين رشيد تذكر أن من أهم السلوكيات الواجب أن يلتزم بها الصائم هي تنظيم الوقت والعمل على استثماره بشكل واسع وناجع. وتضيف: يمثل رمضان محطة وفرصة ذهبية في استثمار الصائم ليومه، حيث أنه في حال قام بذلك سيشعر حتماً بروحانية وعبق هذا الشهر الفضيل، منوهة إلى أن الوقت في رمضان ثمين ومقدس لأن الأجر فيه يتضاعف والخير يتزايد. وترى رشيد أن رمضان يمثل فرصة حقيقية لما بعده بخصوص التزام الإنسان بالوقت وتوظيفه في الخير والصلاح.
 
 من جانبها تذكر حنان عمارنة: "طقوسي في رمضان مثل أي مسلمة تقريباً، أصحو من نومي في تمام الساعة الثالثة صباحاً، أصلي قيام الليل وأقرأ ما تيسر من آيات الله ثم أتمثل بسنة نبينا حيث أتناول حبة تمر وكم ملعقة من الزبادي للسحور ثم أصلي الفجر وأرجع لقراءة ما تيسر من القرآن ثم أنام وأصحو في أغلب الأحيان في التاسعة، أتصفح الفيسبوك ساعة أو ساعتين و أرجع لقراءة القرآن و بعدها صلاة الظهر، وبعد صلاة الظهر أتصفح بعض المقالات والكتب لأنني حالياً أعمل على بحث لإحدى الجامعات وبعد صلاة العصر أبدأ بالتحضير ماذا سأفطر، وهي عملية شاقة نوعاً ما، فالدخول إلى المطبخ وعمل وجبة الإفطار ليس سهلاً، و بعد الإفطار أحضر نفسي لصلاة التراويح، وبعد صلاة التراويح يأتي دور الفيسبوك فقبل النوم لا بد من تصفحه. هكذا معظم أيامي في رمضان باستثناء مرات قليلة لزيارة الأقارب".
 
دلال جاد الله تقول: "أستيقظ لأداء صلاة الفجر والضحى، ومن ثم أقوم بالتفكير بطبيعة ونوعية طعام الإفطار، ومن ثم قراءة ما تيسر من القرآن حتى الظهر، ثم أنام، وبعد ذلك أشاهد مسلسلاً حتى صلاة العصر. وبعد ذلك أقوم بعملية الطبخ".
 
تامر قباجة يرى أن شهر رمضان يحمل عبقاً وفرحاً كبيرين لما له من أجرٍ وثواب مضاعف. إنه شهر الخير والتكافل والتضامن والمحبة والإحسان.. شهر يعلو في السمو على ما سواه. وبخصوص تقضية وقته في رمضان يقول قباجة: أبقى نائماً حتى الساعة الثانية ظهراً، ومن ثم أذهب الى مكتبي لقضاء ما علي من عمل والتزامات ومهام، ومن ثم يأتي دور الإفطار ومن ثم الذهاب للقاء الأصدقاء.
 
عائلة وفن!
براءة ضمرة من دير بلوط تقول: "أستيقظ لأشرب الماء وأنوي الصيام وأصلي الفجر وأقرأ من القرآن لوقت الفجر. ثم أنام حتى أستيقظ مع يقظة بناتي ثم أتوضأ لأصلي الضحى ثم أقرأ قرىن حتى صلاة الظهر ثم أباشر بعمل البيت والطبيخ حتى صلاة  العصر، ومن ثم أسمع القرآن وأعمل ما يحتاجه المطبخ، مع الاهتمام الدائم والمتابعة لبناتي. وبعد الإفطار أصلي العشاء وأشاهد مسلسل "باب الحارة". ومن ثم نقوم بالحديث العائلي ومن ثم ننام".
 
سجا سعيد من القدس تقول: "أستيقظ للمحاضرات الجامعية ومن ثم أعود إلى البيت الساعة الثانية لأنام حتى الثالثة،  ومن ثم أقوم بترتيب البيت والتواصل على الفيسبوك ومن ثم مشاهدة برنامج "خواطر"، ومن ثم أساعد أمي في الطبيخ ونفطر، ومن ثم أجلي وأدرس، وفي النهاية أنام عند الساعة الحادية عشر والنصف".
 
نبأ خندقجي من دير الغصون تقول: "أقضي وقتي في رمضان بشتى أنواع الأعمال لكني أستحضر النية في كل عمل فأعمال البيت التي ﻻبد منها من رعاية للأطفال والزوج وتحضير الطعام وكله أعتبره عبادة ... الجزء الثاني أتفرغ فيه للصلاة والقيام والذكر وسماع محاضرات في السيرة، أتزود  بها وأحاول أن تكون وقت العمل من خلال جهاز التلفون... والجزء الثالث أحاول التواصل فيه مع الآخرين من خلال وسائل التواصل لبث أفكار ومشاعر وهمسات ومعلومات رمضانية.. وجزء أخصصه لصلة الأرحام والأقارب... وهكذا يكون اليوم بليله عامرا بشتى العبادات والحمد لله.
 
تراويح ودردشة!
إنعام عمارنة من يعبد تقول: كربّة بيت، أقوم صباحاً بأعمال البيت كالتنظيف والتحضير للفطور والصلاة وقراءة القرآن حتى العصر، وبعد ذلك تجهيز الفطور وإعداد السفرة، وبعد الفطور صلاة التراويح بالمسجد، إن أمكن، أو بالبيت، ثم السهر وقيام الليل حتى وقت السحور ومن ثم أصلي الفجر وأقرأ جزءاً من القرآن.
نعامة الجبارين من الخليل تقول: في النهار أذهب إلى العمل ومن ثم أنام  وبعد ذلك أحضر للإفطار، ومن ثم الذهاب إلى صلاة التراويح ثم أتناول السحور وقراءة ما تيسر من القرآن والصلاة.
 
هديل العلي من طولكرم تقول: أحاول أن أستغل كل دقيقه من يومي بالعبادة والصلاة والذكر ومشاهدة البرامج الدينية.. ولا أنكر إني أتابع بعض المسلسلات الرمضانية.. أدعو ربي أن يغفر لي ويتوب علي ويهديني إلي ما يرضيه.
أماني شكارنة من بيت لحم تقول: أنام في الفجر  بعد أن أصليه  وعندما أستيقظ أذهب للمحل، وأقوم بقراءة القرآن بعد كل صلاة لمدة 15 دقيقة، وبالليل أبقى سهرانة على الفيسبوك مع صديقاتي، ومن ثم أتسحر وأصلي وبنام.
مها الشمالي من طولكرم تقول: أقرأ خمسة أجزاء من كتاب الله بالنهار، إلى جانب الاهتمام بالعمل في البيت وتحضير وجبات الإفطار، وبالليل أصلي التراويح في الجامع.
 
تجار وأرزاق!
وللأسواق نصيب في الخريطة الرمضانية للصائمين، وفي هذا الشأن تقول مجدولين عبد الحي: للأسف الشديد بدل أن يستقبل بعض التجار شهر رمضان بمخافة الله والالتزام بأسعار السلع يقومون باحتكار كثير من المنتجات ويتسابقون في رفع الأسعار، خاصة فيما يتعلق بالسلع الأساسية. وتضيف: إن مثل هذا الطمع والجشع يحرق القلوب الحزينة قبل أن ينهب الجيوب المستورة. مثل هؤلاء يجب أن تتم مراقبتهم ومحاسبتهم وفرض الغرامات عليهم وحتى سجنهم، لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستمر هؤلاء التجار برفع الأسعار واحتكار المنتجات في ظل الظروف المعيشية القاسية وتردي الأوضاع المالية لدى نسبة كبيرة من الناس.
 
ويمكن مواجهة مثل هؤلاء التجار الجشعين ومحاربة تلك الطرق السيئة من التجارة مثلما فعل الإسلام، فقد جاء في الأثر أن الناس في زمن الخليفة عمر بن الخطاب جاؤوا إليه وقالوا: نشتكي إليك غلاء اللحم فسعّره لنا، فقال: أرخصوهأنتم فقالوا: نحن نشتكي غلاء السعر واللحم عند الجزارين، ونحن أصحاب الحاجةفتقول: أرخصوه أنتم؟ فقالوا: وهل نملكه حتى نرخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس فيأيدينا؟ فقال قولته الرائعة: اتركوه لهم.
 
نعم لو يعمل الكثير منا بهذه النصيحة لما استمرأ التجار علينا وأصبحوا يتسابقون في رفع الأسعار واحتكار السلع بشكل دائم وكأن الناس في مزادٍ..  وبنصيحة الفاروق علينا أن نأخذ  كذلك بنصيحة علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي يطرح نظرية أخرى في مكافحة هذا الوباء التجاري حيث دعا إلى  إرخاص السلعة عبر إبدالها بسلعة أخرى. وصدق الشاعر محمود الوراق حينما قال: وإذا غلا شيء علي تركته... فيكون أرخص ما يكون إذا غلا.
 
خلاصة القول: العمر فرصة لا تمنح للإنسان إلا مرة واحدة، وقد منحنا الله عز وجل شهر رمضان ليزيد من أعمارنا بالخير، وبالتالي فاغتنام هذا الشهر بما فيه من ليلة تعادل 83 سنة من الأجر والثواب، وهي ليلة القدر، يعتبر واجباً على كل صائم. ورحم الله الخليفة عمر بن عبد العزيز القائل: "إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل أنت فيهما". وصدق ابن مسعود عندما قال: "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي".