السبت  19 نيسان 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تفاصيل مخطط الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية الذي أوقفه ترامب

2025-04-17 09:29:23 AM
تفاصيل مخطط الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية الذي أوقفه ترامب
ترامب ونتنياهو

الحدث العربي الدولي 

أفادت صحيفة نيويورك تايمز، نقلاً عن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أن إسرائيل كانت قد أعدّت خطة لهجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية بالتعاون الكامل مع الولايات المتحدة، وربما كان من المقرر تنفيذه في الشهر المقبل. إلا أن ترامب قرر إلغاء هذه الخطط لصالح الجهود الدبلوماسية التي أطلقها بهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران يحدّ من برنامجها النووي.

يتناول التقرير، الانقسام داخل إدارة ترامب إلى معسكرين: الأول بقيادة قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا، والذي دعم تنفيذ هجوم مشترك مع إسرائيل؛ والثاني، الذي أعرب عن خشيته من تورط الولايات المتحدة في حرب إقليمية واسعة في الشرق الأوسط، وطالب بإعطاء فرصة حقيقية للحوار مع إيران. وبعد سلسلة من المشاورات في البيت الأبيض، انتصر المعسكر الثاني مؤقتاً. سارع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن لمحاولة إقناع ترامب بتغيير قراره، لكنه فشل.

ووفقاً للتقرير الذي شارك في إعداده الصحفي رونين بيرغمان من "يديعوت أحرونوت"، فقد اتخذ ترامب قراره بعد أشهر من النقاشات الداخلية في واشنطن بشأن ما إذا كان ينبغي المضي في المسار الدبلوماسي مع إيران أو دعم إسرائيل في توجيه ضربة للبرنامج النووي الإيراني، خاصة في ظل ضعف إيران العسكري والاقتصادي في تلك الفترة.

سلّط الجدل الداخلي الضوء على الخلاف بين المسؤولين في الإدارة الذين تبنوا نهجاً أكثر تشدداً وعدوانية، وبين مستشارين شككوا في جدوى الضربة العسكرية لإيقاف طموحات إيران النووية، محذرين في الوقت نفسه من التسبب في حرب واسعة. ورغم هذه الانقسامات، توصلت الولايات المتحدة مؤقتاً إلى توافق بعدم تأييد العمل العسكري، خاصة في ظل مؤشرات إيرانية على استعدادها للدخول في مفاوضات.

بحسب التقرير، طوّر مسؤولون إسرائيليون خططاً متنوعة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية في مايو، وكان هناك تفاؤل في بعض الفترات بأن الولايات المتحدة قد توافق على تلك الخطط. وأفادت مصادر مطلعة أن جميع الخطط كانت تهدف إلى إبطاء قدرة طهران على تطوير سلاح نووي لمدة عام على الأقل، وكادت كلها تتطلب مشاركة أميركية، ليس فقط لحماية إسرائيل من رد إيراني، بل أيضاً لضمان نجاح العملية.

في وقت سابق من الشهر، أبلغ ترامب إسرائيل بقراره، وتناقش لاحقاً مع نتنياهو في البيت الأبيض، حيث أعلن عن بدء مسار تفاوضي مع طهران. ووفقاً للتقرير، استندت الصحيفة إلى مقابلات مع مسؤولين في الجيش الأميركي وأجهزة استخباراته، بالإضافة إلى نقاشات سرية داخل إدارة ترامب.

في البداية، كان بعض المسؤولين الأميركيين أكثر تقبلاً للخطة، مثل الجنرال كوريلا ومستشار الأمن القومي مايك وولتز، وناقشا كيفية دعم الولايات المتحدة المحتمل للهجوم في حال قرر ترامب المضي قدماً فيه. ورأى هؤلاء أن إسرائيل لا تستطيع تنفيذ ضربة فعالة دون دعم أميركي.

وبموافقة البيت الأبيض، بدأ كوريلا في نقل معدات عسكرية إلى الشرق الأوسط، من بينها حاملة الطائرات "كارل فنسون" التي انضمت إلى "هاري ترومان" في البحر الأحمر. كما تم نشر بطاريتي "باتريوت" ومنظومة "ثاد" في إسرائيل، وتمركزت قاذفات شبح B-2 في جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي. كذلك، دُرست إمكانية إرسال مقاتلات إضافية إلى المنطقة، ربما إلى قاعدة في إسرائيل.

رغم إمكانية استخدام هذا العتاد في الهجمات ضد جماعة "أنصار الله" في اليمن، إلا أن مسؤولين أميركيين أقروا بأن هذه المعدات كانت جزءاً من التحضير لدعم محتمل لهجوم إسرائيلي على إيران.

في بداية الشهر، قدّمت تولسي غابارد، مديرة الاستخبارات الوطنية، تقريراً استخباراتياً يُحذّر من أن تركيز القوات الأميركية في المنطقة يزيد من خطر اندلاع حرب شاملة مع إيران. وأشارت التقديرات إلى أن الهجوم الإسرائيلي من شأنه أن يدفع إيران إلى ردّ قوي ضد إسرائيل، وقد يجرّ الولايات المتحدة إلى نزاع موسّع.

عدد من كبار المسؤولين أيدوا هذا التحليل، منهم رئيسة ديوان البيت الأبيض سوزي ويلز، ووزير الدفاع بيت هيغز، ونائب الرئيس جي دي فانس، الذين أعربوا عن شكوكهم حول جدوى الضربة. حتى وولتز، الذي كان سابقاً من الداعمين للهجوم، شكك في إمكانية نجاحه دون مشاركة أميركية مباشرة.

تزامنت هذه التقييمات مع تحول في الموقف الإيراني؛ إذ أعلنت طهران استعدادها لإجراء مفاوضات غير مباشرة. في 12 مارس، أرسل ترامب رسالة يقترح فيها مفاوضات مباشرة، رفضها المرشد الأعلى علي خامنئي في البداية، لكن بحلول 28 مارس، ردّ مسؤول إيراني برسالة أبدى فيها انفتاحاً على مفاوضات غير مباشرة. في اجتماع مغلق، قال نائب الرئيس فانس إن لدى ترامب فرصة نادرة لإبرام اتفاق مع إيران، وإذا فشلت المحادثات، يمكن حينها دعم الضربة الإسرائيلية.

في 1 و2 أبريل، زار الجنرال كوريلا إسرائيل وأبلغ المسؤولين أن البيت الأبيض قرر وقف خطة الهجوم. في 3 أبريل، اتصل نتنياهو بترامب من بودابست، لكن الأخير رفض مناقشة خطة إيران هاتفياً ودعاه إلى زيارة البيت الأبيض، وهو ما تم في 7 أبريل.

رغم أن الزيارة نُسِبت لمناقشة اتفاقيات تجارية، إلا أن الموضوع الأساسي بالنسبة لإسرائيل كان الخطة الهجومية. لكن ترامب أعلن علناً، وبحضور نتنياهو، عن بدء المفاوضات مع إيران، وأوضح في محادثات خاصة أنه لن يدعم ضربة إسرائيلية في مايو إذا تقدمت المحادثات. في اليوم التالي، قال ترامب: "إذا استلزم الأمر حلاً عسكرياً، فسيحدث. لكن إسرائيل ستكون في المقدمة".

عقب زيارة نتنياهو، قرر ترامب إرسال مدير الـCIA جون راتكليف إلى إسرائيل، حيث التقى بنتنياهو ورئيس الموساد دادي برنيع، وناقش معهم خيارات أخرى تشمل عمليات سرية بدعم أميركي وتطبيق صارم للعقوبات. نتنياهو اقترح بداية خطة تشمل ضربات جوية وغارات كوماندوز، على غرار الغارة التي نُفذت في سوريا في سبتمبر الماضي، حيث دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي مخبأ تحت الأرض يستخدمه حزب الله لتطوير صواريخ.

لكن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا نظراءهم الأميركيين أن تنفيذ خطة كهذه يتطلب شهوراً من التحضيرات، خصوصاً أن كوريلا يوشك على إنهاء ولايته في القيادة المركزية. ولهذا، تحول التركيز نحو هجوم جوي واسع النطاق قد يكون جاهزاً في مايو ويستمر أكثر من أسبوع.

خلال هجوم إسرائيلي العام الماضي، دُمّرت أنظمة S-300 الروسية لدى إيران، ولكن أي ضربة جديدة يجب أن تتعامل مع الدفاعات الجوية المتبقية. من وجهة نظر واشنطن، أي هجوم كبير سيقابل برد إيراني عنيف، إذ ما زال لدى طهران ترسانة كبيرة من صواريخ أرض-أرض قادرة على الوصول إلى إسرائيل والقواعد الأميركية.

في العام الماضي، ساعدت الولايات المتحدة إسرائيل في صد هجومين إيرانيين، وتمكنت من اعتراض معظم الطائرات المسيّرة والصواريخ. إلا أن هجوماً واسعاً على المنشآت النووية سيزعزع استقرار النظام الإيراني، ومن المؤكد أنه سيؤدي إلى ردود فعل قوية.