السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

العدد 42| المتسوقون من داخل الخط الأخضر حبل نجاة أسواق الضفة

2015-06-30 01:50:59 AM
العدد 42|  المتسوقون من داخل الخط الأخضر حبل نجاة أسواق الضفة
صورة ارشيفية

 الحدث – محمد أبو الرب

تزدحم الأسواق أيام السبت عادة داخل أسواق مدن الضفة الغربية وخصوصاً الشمالية منها في ظل تنامي حركة التسوق من داخل الخط الأخضر من قبل الفلسطينين هناك.
وينتشر باعة متجولون على مفترقات الطرق التي يسلكها المتسوقون، لكن هذا ليس المشهد الوحيد، بل إن هناك عشرات الدلائل على إحداث نقلة نوعية في الأسواق بفعل زيادة الحركة الشرائية خصوصاً ما بعد سنوات الانتفاضة الثانية وما صاحبها من إغلاق وحواجز لجيش الاحتلال.
ويرى مسؤولون اقتصاديون أن الفلسطينين من داخل الخط الأخضر أحدثوا حراكاً اقتصادياً في الأسواق، وكان لوجودهم أثر كبير على الوضع الاقتصادي في غالبية المدن وخصوصاً القريبة من الخط الأخضر.
ويقول رئيس اتحاد الغرف التجارية خليل رزق لـ الحدث: "إن لزيارة أهلنا من الأراضي المحتلة عام 1948 أهمية كبيرة جداً في تحريك الاقتصاد الفلسطيني وتنشيط الحركة الشرائية في السوق"، وأضاف أن الزيارات المتكررة وسهولة وصول أهلنا إلى الأسواق أحدث حراكاً اقتصادياً.
وأوضح رزق أن معظم الأسواق في مدن الضفة تشهد إقبالاً وحركة شرائية نشطة، ولكن الأثر الأكبر يوزع على المدن المحاذية للخط الأخضر التي يأتي إليها أهلنا من داخل الخط الأخضر.
وأوضح رزق أن هناك رضىً لدى المتسوقين من داخل الخط الأخضر على ما يقدم لهم السوق الفلسطيني، مشيراً إلى أن هناك حركة تجارية نشطة معهم وهي متجددة وبالتالي دليل على الرضى.
وشهدت عدة مدن انتعاشاً اقتصادياً خصوصاً بعد سنوات عجاف من الحصار والإغلاق الإسرائيلي للطرقات ومنع المواطنين من الوصول إلى مراكز المدن.
مدينة جنين كانت إحدى أكثر المدن التي تعرضت لدمار من قبل الاحتلال الإسرائيلي إبان الانتفاضة الثانية، جعل كثيراً من التجار يغلقون محالهم ومنشآتهم.
إلا أن جهوداً كبيرة بذلت لإعادة الحياة للمدينة خصوصاً من الناحية الاقتصادية وفتح الباب أمام دخول الفلسطينين من داخل الخط الأخضر إليها كما كان عليه الحال قبل اندلاع الانتفاضة الثانية.
بعد العام 2009 بدأ دخول أهلنا إلى مدينة جنين وبدأت تعود الحياة إلى أسواقها تدريجياً، حتى وصلت هذا الوقت الذي تزدحم فيه الأسواق بالمركبات ما حدا بالكثيرين للاستثمار في مواقف المركبات.
ويقول صايل، وهو مالك محل تجاري لبيع المواد التموينية والسكاكر إن السوق أصبح عامراً وخصوصاً في أيام السبت بعد أن أصبح أهلنا في الداخل يقصدون السوق المحلية، ما نشط الحركة التجارية بشكل ملموس، ويقارن أيام الإغلاق أو الأيام التي لا يدخل فيها الفلسطينيون إلى المدينة بأيام السبت مثلاً.
ويضيف: "أيام الإغلاق تجد الحركة ميتة".
ويقصد آلاف المتسوقين المدينة إما بقصد التواصل الاجتماعي أو التسوق، إلا أن غاية التسوق لها الحظ الأوفر.
ورغم إيجابية صايل إلا أن ربيع صاحب ملحمة في سوق مدينة جنين يخالفه الرأي ويقول: "ليس هناك حركة على سوق اللحوم بل إن معظم المتسوقين يقصدون سلعاً معينة وليس جميع القطاعات".
ويتابع، نشاهد حركة على المطاعم وأحياناً الخضراوات والملابس ولكن ليس على جميع القطاعات.
وبالعودة إلى حديث خليل رزق فإن الحركة النشطة للتجارة والشراء واضحة في السوق الفلسطيني بسبب دخول أهلنا الفلسطينين من داخل الخط الأخضر.
ويضيف، هناك معايير إما جغرافية أو اقتصادية في حركة التسوق فغالباً من هم قريبون على مدن الشمال يقصدون أسواقها مثل جنين ونابلس وطولكرم وقلقيلية، ومدن الجنوب تراها مقصداً للفلسطينين القريبين عليها، إلا أن الوضع المادي يحكم أيضاً اتجاه الشراء، فأحياناً ترى من هم ميسورو الحال يقصدون أسواق رام الله مثلاً أو مدن الوسط.
ولا توجد إحصائيات نهائية وكاملة عن الحجم التجاري للمتسوقين ولكن مدينة مثل جنين يدخلها في يوم السبت ما لا يقل عن 5000 سيارة من داخل الأراضي المحتلة عام 48، وعادة ما يحسب المختصون أن لكل سيارة بمتوسط 1500 شيكل كمصروف للتسوق بهذا اليوم.
وعدد المركبات هذا فقط ما يدخل عبر حاجز الجلمة شمال مدينة جنين.
ويقول هشام مساد رئيس الغرفة التجارية السابق في جنين: "إن تسوق أهلنا من الداخل جعل نشاطاً وحراكاً كبيراً في الاقصاد بمدينة جنين، وأصبحت المدينة تعج بالحياة.
وليس هذا فحسب، بل إن هناك أكثر من 1200 محل تجاري وتجار جدد سجلوا في الغرفة التجارية، وهذا دليل على الكم الهائل من المحال والمؤسسات التجارية المرتبط بنشاط الحالة الاقتصادية.
كما أن هناك مشاريع أخرى كبيرة في طريقها للإنجاز، وهذا كله بسبب الحركة النشطة اقتصادياً بالمدينة.
ولكن على ما يبدو أن هناك ما عكر هذا الجو المتفائل بخصوص النشاط الاقتصادي على الأقل خلال السنة الأخيرة كما يرى المحلل الاقتصادي د. طارق الحاج.
ويرى الحاج أن هناك تطوراً وأثراً إيجابياً للتسوق الفلسطيني الفلسطيني بدخول المتسوقين من داخل الخط الأخضر إلى الضفة الغربية، إلا أن الإقبال انخفض خلال السنة الحالية بنسبة ملحوظة، وشراؤهم انخفض بشكل كبير، وانصب على بعض القطاعات مثل المأكل والمشرب، وكثير منهم أصبحت وجهته الأردن وليس الضفة الغربية.
ويتابع الحاج قائلاً إن هناك عاملاً آخر أثر على حجم التسوق بالضفة من قبل الفلسطينين من أراضي 48، وهو أن تجاراً فلسطينين من الداخل تنبهوا لحاجات المتسوق الفلسطيني من الداخل وتداركوا الأمر ليقدموا نفس السلع بجودة عالية وبأسعار منافسة، ومن ناحية ثانية تمكن كثير من التجار من استقطاب عمال مهرة من السوق الفلسطيني بالضفة كمصانع الحلويات ليعملوا في محالهم داخل أراضي 48، وبالتالي تقديم نفس السلع للمواطنين بأسعار معقولة ومنافسة.
 ولكن الحاج لا ينكر أثر الحركة الشرائية لأهلنا من الداخل في أسواق الضفة، وخصوصاً في مدن الشمال، مؤكداً أن الحركة ونشاط الفلسطينين فيها أكبر من باقي المدن اقتصادياً من حيث حجم التسوق، ولكن ليس بنفس وتيرة التسوق في العام الماضي، مضيفاً أن الشراء والحركة النشطة تتمحور حول الخضار أحياناً والمطاعم وليس جميع القطاعات، معللاً ذلك بأن السوق في إسرائيل يحتوي على مجمعات تجارية كبيرة كالمولات، ويقدمون عروضاً كبيرة على السلع، خصوصاً للكميات الكبيرة التي تباع أحيناً بسعر التكلفة، بالتالي هذا أثر سلباً على حجم التسوق.
ويؤكد الخبير الاقتصادي أن دخول الفلسطينين رغم هذه العوامل ترك أثراً إيجابياً على الحالة الاقتصادية في أسواق الضفة. متابعاً، لا يمكن أن ننكر أهمية إنفاق أي شيكل في أسواق الضفة الغربية، فهذا قيمة مضافة للميزان التجاري الفلسطيني وقيمة مضافة للدخل القومي وللدخل الفردي الفلسطيني.
ويرى الحاج مستقبلاً أكثر قتامة في ظل الحجم الهائل للمتسوقين العكسيين، أي من سكان الضفة في الأسواق داخل الخط الأخضر، مقابل هذا الأثر لتسوق أهلنا من الداخل في أسواق الضفة، للاسف هناك حركة عكسية وأصبحت حلقة تبادلية مفرغة من خلال ذهاب أهل الضفة للتسوق والإنفاق في الأسواق داخل الأراضي المحتلة عام 48 فأصبحت العملية عكسية.
ويحذر الحاج من استمرار هذه الحالة قائلاً: "هذا مؤشر خطير يدل على أن الحس الوطني لدى أهلنا من الداخل أكبر منه لدى أهلنا في الضفة الغربية".
وختم الحاج حديثه: "ولكن لو لم يدخل الفلسطينيون من داخل الخط الأخضر، أي أسواق الضفة، وذهب متسوقو الضفة إلى الداخل لما باع التاجر الفلسطيني أي شيء".
ويحتاج العدد الكبير من المتسوقين من الداخل إلى مرافق عامة تخلو منها معظم المدن في الضفة، وخصوصاً مدينة جنين التي يحمل فيها مساد البلدية عن هذا التقصير دون إعفاء بقية الجهات ذات العلاقة لمسؤوليتها بما فيها الغرفة التجارية.
والواقع الملاحظ أن جنين تخلو من مرافق عامة كالحمامات العمومية مثلاً وكذلك مواقف للمركبات إلا القليل والمدفوع الأجر.
في حين يطالب مختصون بضرورة توفير مواقف مجانية للمستوقين.
كما أن مدينة جنين رغم هذا العدد الهائل من الزوار إلا أنها مدينة صغيرة تمتاز بأسواقها الضيقة، وينتقد كثيرون خطوة البلدية بتأجير الطرقات والأرصفة لشركة خاصة تقوم بمخالفة كل مركبة لا تقوم بالدفع مسبقاً لوقوفها في شوارع السوق، وهو ما يرفضه مواطنون من سكان المدينة، وكذلك من يزورونها.
ولا يخلو الأمر من انتقادات هنا وهناك من محاولات بعض التجار استغلال أهلنا من الداخل برفع الأسعار عليهم بصورة جنونية، إلا أن وزارة الاقتصاد الوطني ممثلة بمديرياتها في محافظات الضفة أعلنت عن ضرورة إشهار الأسعار على كافة السلع.
وتقول الوزارة إن لديها مراقبين منتشرين في الأسواق خصوصاً خلال شهر رمضان لمراقبة كل ما يتعلق بالسوق من صلاحية المنتوجات المعروض وملاءمتها للمواصفات والمقاييس وكذلك تغول الأسعار، لضبط المخالفات ومحاسبة المخالفين.
وينفي التجار استغلالهم للمتسوقين خصوصاً أن الأسعار موحدة وثابتة وظاهرة على مختلف السلع إلا أن قلة قد تلجأ لهذا الأسلوب وهو مرفوض.
وتبلغ قيمة مشتريات فلسطيني الداخل من أسواق الضفة الغربية مليار و300 ألف شيكل سنوياً، حسب إحصائيات الغرفة التجارية، وكلها أرقام تقريبية وليست 100%.
وتمتاز مدينة جنين بقربها من عديد المدن داخل الخط الأخضر التي لا تحتاج لوقت طويل للوصول إلهيا عبر حاجز الجلمة شمال المدينة وبحكم موقعها الجغرافي تكون مقصداً لآلاف المتسوقين من الداخل في معظم الأوقات وخصوصاً أيام السبت من كل أسبوع.
ورغم ما يشوب هذا النشاط والحراك التجاري إلا أنه بكل تأكيد حلقة وصل بين أبناء فلسطين داخل أم خارج، وهو بمثابة حبل نجاة للاقتصاد في مدن الضفة التي تعاني أحياناً كثيرة إغلاقات ووكسات اقتصادية سببها الاحتلال، فهل يتطور التبادل الفلسطيني الفلسطيني التجاري على التبادل الفلسطيني الإسرائيلي؟ وما هي متطلبات ذلك؟!