الثلاثاء  22 نيسان 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

قراءة أوليّة في مشروع قانون الانتخابات المحليّة 2025| بقلم: مؤيد عفانة

2025-04-21 09:36:52 AM
قراءة أوليّة في مشروع قانون الانتخابات المحليّة 2025| بقلم: مؤيد عفانة
مؤيد عفانة

ناقش مجلس الوزراء الفلسطيني مشروع قرار بقانون بشأن انتخابات الهيئات المحلية، والذي خضع قبل ذلك إلى مشاورات متعددة في مرحلة الاعداد، ومن خلال قراءة أوليّة لمشروع القانون، يُلاحظ أنّ التغيير الجوهري كان في طبيعة النظام الانتخابي، وتعديلات في فرص مشاركة الشباب والنساء، وبعض إجراءات العملية الانتخابية. وبخصوص النظام الانتخابي، فقد تم تقسيم الهيئات المحلية تبعاً لتصنيفها إلى مجالس بلدية ومجالس قروية، وضمن نظاميّ انتخابات مختلفين، فالنظام الانتخابي الجديد للمجالس القروية سيعتمد نظام الأغلبية، ولكن بشكل مقيّد نسبياً، حيث يُتاح للناخب اختيار خمسة مرشحين أو أقل من أصل تسعة، الأمر الذي يتناسب وواقع المجالس القروية، ويحد من إشكاليات تطبيق النظام النسبي عليها، وفي ذات الوقت يعزز من التعددية في التمثيل، ويحدّ من سيطرة العشائر والعائلات الكبيرة على كافّة مقاعد المجلس القروي من خلال تقييد الناخب بخمسة مرشحين أو أقل، وبالتالي يتيح الفرصة لتمثيل أوسع في المجالس القروية لمختلف العائلات.

أمّا نظام الانتخابات في المجالس البلدية، فحدث به أيضا تغيير، باعتماد التمثيل النسبي، ولكن بنظام القائمة المفتوحة المقيّدة، الذي يتيح للناخب المشاركة في ترتيب مرشحي القائمة تبعاً لرغبته، ولكن لغاية خمسة مرشحين أو أقل من نفس القائمة. ممّا يوفر حرية أكبر للناخب لاختيار مرشحيه، ويستطيع الناخب حينها حجب صوته عن الفاسد أو غير الكفؤ، وسيجبر المرشحين على عدم الاطمئنان لحصولهم على مراكز متقدمة في ترتيب القائمة، وأيضا اعفاء القوائم من اشكاليات الصراع على المراكز المتقدمة، وسيدفع المرشحين إلى العمل الجدّي من أجل كسب الأصوات، وعلى الحفاظ على تاريخ حافل بالإنجازات استعدادا لذلك، كما سيوفر نظام القائمة المفتوحة فرصة أكبر للشباب للفوز، وسيسهم في انتخاب الأكثر كفاءة ومهنية، وإن كانت اتاحة الفرصة للناخب لترتيب كافّة مرشحي القائمة وليس فقط (5) كما ينص مشروع القانون، له أثر أكبر في تعظيم دور الناخب لتحديد مرشحيه.

ومن التوجهات الإيجابية في مشروع القانون الجديد تخفيض سن الترشّح لـ 23 عام، مما يتيح فرص أكبر للشباب للترشح للانتخابات المحلية، وان كان المأمول تخفيض سن الترشّح لـ 21 عام، وخاصة وأن الشباب ضمن الفئة العمرية 18-29، يشكلّون حوالي 22% من اجمالي السكان في فلسطين، وهم القوةُ الانتخابية الأولى في الانتخابات، كون نسبة الشباب تشكّل أكثر من (40%) من إجمالي الفئات العُمريّة كافّة التي يحقّ لها الاقتراع. كما أـن مشروع القانون يحمل تطوراً إيجابياً في تمثيل المرأة، حيث رفع من الكوتة النسائية (الحد الأدنى لتمثيل النساء)، ولكن بقيت محدودة، بحيث تبلغ تلك الكوتة في المجالس القروية ذات المقاعد التسعة، مقعدين بحد أدنى، أي بنسبة (22.2%)، لتصل في أقصاها الى (30.7%) في المجالس البلدية ذات المقاعد الـ (13)، وعلى الرغم من هذا التطور إلّا أنه ما زال لا يلبي نسبة الـ (30%) في كافّة المجالس القروية والبلدية تبعاً لتصنيفاتها، بل تنخفض تلك النسبة في الهيئات المحلية الكبيرة ذات الـ (15) مقعد إلى نسبة (26.6%)، وبواقع 4 مقاعد.

اما فيما يتعلق بالحوكمة، فما زالت هناك ثغرات في مشروع القانون تخالف مبادئ الحوكمة، منها عدم توفر شرط يمنع ترشح الأقارب من الدرجة الأولى في القائمة الانتخابية أو في المجلس القروي، الأمر الذي يتنافى ومبدأ منع تضارب المصالح، كما أنّ مشروع القانون لم يُلزِم لجنة الانتخابات المركزية بنشر تكاليف الحملات الانتخابية ومصادر التمويل وأوجه الصرف، الامر الذي يتنافى ومبدأ الشفافية.

أما فيما يتعلق بانتخاب الأميّين، والأشخاص من ذوي الإعاقة، فإن مشروع القانون سمح بثغرة أضحت أنموذج لمصطلح (الأميّة السياسية) في الممارسات السابقة، حيث أبقى مشروع القانون للأميّ أو الشخص من ذوي الإعاقة امكانية الاستعانة بشخص، ليؤشر على اسم القائمة أو المرشح الذي يرغب بانتخابه، وهو أمر يخالف مبدأ "سرية الاقتراع"، علما أن حل هذه الثغرة ممكن وبجهود بسيطة من خلال الرموز، والمعمول بها حالياً، بحيث يكون لكل قائمة أو مرشح في المجالس القروية رمز خاص يستطيع "الأميّ الحقيقي" أن يقترع من خلال معرفته بالرموز المعبرة عن كل قائمة أو مرشح، أما بالنسبة لاقتراع الأشخاص من ذوي الإعاقة، فيمكن تضييق الدائرة الخاصة بوجود مرافق ما أمكن، من خلال توظيف الإجراءات التيسيرية الممكنة لاقتراع الأشخاص من ذوي الإعاقة، واعتماد الممارسات الفُضلى المتبعة في دول العام، مثل استخدام صيغة بريل لذوي الإعاقة البصرية، والكتابة بخطوط كبيرة، وغيرها. كما أن الحوكمة تقتضي تقييد صلاحيات السلطة التنفيذية في اجراء الانتخابات المحلية على مراحل كما هو وارد في مشروع القانون، وانما ربط ذلك بالجهوزية الفنية للجنة الانتخابات المركزية، من اجل تعزيز مبادئ الحيادية والموضوعية في الانتخابات.

وختاماً فإن مشروع القانون يعتبر تطوراً للإطار التشريعي الناظم للانتخابات المحلية، بحاجة إلى مزيد من الحوار المجتمعي مع كافة الجهات ذات الصلة، وتعديل بعض مواده ليكون أكثر انفاذاً لمبادئ الحوكمة، ويعزز من أرادة الناخب الفلسطيني في اختيار ممثليه.