الحدث الإسرائيلي
أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أنه في اجتماع الكابينيت السياسي–الأمني الإسرائيلي مساء الثلاثاء، شنّ وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، هجومًا حادًا على رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير، مستخدمًا نبرة غاضبة وغير معتادة، بل وهدد بالسعي إلى عزله من منصبه، وفقًا لما أورده وزراء شاركوا في الجلسة. لكن لاحقًا، وبعد تصاعد الجدل، أوضح سموتريتش أن انتقاداته الحقيقية كانت موجهة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، متهماً إياه بالتقاعس عن اتخاذ قرار حاسم باجتياح كامل لقطاع غزة.
كان سموتريتش قد دخل الاجتماع وهو في حالة من التوتر المسبق، بعد موجة انتقادات طاولته بسبب مواقفه الداعية لتصعيد الحرب بطريقة قد تهدد حياة الأسرى الإسرائيليين في غزة، وسط ما وصفه بـ"المراوحة" في حسم اتجاه الحرب.
وازدادت حدته بعدما تقرر حضور رئيس الشاباك، رونين بار، رغم دعوات سابقة من سموتريتش ووزير قضاء الاحتلال ياريف ليفين لمقاطعته عقب قرار المحكمة العليا تجميد إقالته. حين بدأ بار في عرض معطيات حول إحباط العمليات في الضفة وغزة، قاطعه سموتريتش وطلب من سكرتير الحكومة أن يدير الجلسة بنفسه، زاعمًا أن بار سيحظى بفرصته لاحقًا في ظل "حماية المحكمة". وعندما أُعطي بار الكلمة، انسحب سموتريتش متذرعًا بالحاجة لدخول الحمام.
في وقت لاحق، اندلع نقاش حاد آخر داخل الكابينيت حول ملف توزيع المساعدات الإنسانية. وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس شدد على ضرورة التحضير للحظة التي سيُسمح فيها بإدخال مساعدات، بشرط ضمان عدم وقوعها بيد حماس. واقترح أن تتم عبر شركات أمريكية مدنية تحت إشراف الجيش، أو مباشرة عبر الجيش نفسه. لكن رئيس أركان جيش الاحتلال رفض قائلًا: "الجيش لن يتولى توزيعها".
هذا الرد أثار غضب سموتريتش، الذي صبّ جام غضبه على رئيس رئيس أركان جيش الاحتلال قائلاً: "الجيش لا يختار مهامه. نحن نحدد ماذا تفعلون وأنتم تنفذون. إذا لم تكن قادرًا، سنجلب من هو قادر. إذا كنت لا تعرف كيف، سنجد من يعرف. لا نسمح بدخول مساعدات تصل لحماس، وإن لم تعرف كيف تمنع ذلك، قل: لا أستطيع. لا يحق لك أن تقول لنا: لن أنفذ".
وزير قضاء الاحتلال ليفين انضم إلى موقف سموتريتش، الذي واصل الهجوم مؤكدًا عدم رضاه عن أداء الجيش في الحرب، وطالب بالانتقال إلى "مرحلة الحسم"، معلنًا أن الوقت قد حان لتغيير النهج، لأن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر. نتنياهو أنهى الجلسة قائلًا: "استمعنا إلى جميع الملاحظات. سنجتمع مجددًا الخميس ومعنا إجابات".
وفي صباح اليوم التالي، أصدر سموتريتش بيانًا رسميًا أكد فيه أن "إدارة المجهود المدني في غزة بطريقة لا تسمح بوصوله إلى حماس" هو عنصر حاسم في هزيمة الحركة والانتصار في الحرب. واعتبر ذلك جزءًا لا يتجزأ من الجهد العسكري، بل أهم من إرسال فرقة جديدة أو تكثيف النيران. وأضاف: "أنا أصرخ هذا منذ عام ونصف، ولهذا السبب أُدرج في قرار واضح ضمن الكابينيت قُبيل صفقة الأسرى الأخيرة".
وفي موقف توضيحي، نفى أن تكون لديه انتقادات شخصية لرئيس الأركان، مؤكدًا أن اللوم يقع على نتنياهو، الذي – حسب قوله – لا يفرض تنفيذ سياسة الكابينيت على الجيش. وأضاف: "إدخال مساعدات لوجستية تصل لحماس خطوة لن أشارك فيها. استمرار التلكؤ العسكري مع إدخال مساعدات وحينما لا يزال أسرانا هناك، ليس خيارًا. رئيس الحكومة هو المسؤول الأعلى، وعليه أن يبدأ عملية حسم شاملة تشمل احتلال غزة، فرض إدارة عسكرية مؤقتة، واستعادة الأسرى، تمهيدًا لتطبيق خطة ترمب أو تنتهي شرعية هذه الحكومة".
بعد هذا التهديد بتفكيك الحكومة، صرح مصدر سياسي إسرائيلي بأن "لا قرار صدر بإدخال مساعدات إنسانية إلى غزة"، مؤكدًا أن القيادة السياسية أوعزت والأذرع الأمنية والجيش بعدم السماح لحماس بالسيطرة على المساعدات تحت أي ظرف.
وسُجّلت انتقادات لاذعة بحق سموتريتش مؤخرا، على خلفية تصريحه بأن "الأسرى ليسوا الهدف الأهم"، ما اعتُبر تبريرًا مستترًا لتقديم خيار اجتياح القطاع على إنقاذ الأسرى. وقد دعا إلى قرار حكومي باجتياح القطاع بالكامل، وقال لنتنياهو: "انتهت الأعذار. لا بايدن، لا بلينكن، لا غالانت، ولا رئيس أركان يقف عقبة أمام وقف إدخال المساعدات. لا وقت للانتظار، والخيار البديل للاستسلام هو السيطرة على غزة وتدمير حماس".
لكن تقريرًا نشرته قناة "كان" الإسرائيلية، قد يكون السبب في تفاقم غضبه، كشف أن نتنياهو أخفى عنه وعن إيتمار بن غفير تعليمات أصدرها في مايو 2024 لرئيس أركان جيش الاحتلال، تنص على أن إسرائيل لا تعتزم فرض إدارة عسكرية على غزة.
وكان سموتريتش وبن غفير قد اتهموا كبار قادة جيش الاحتلال بإفشال فكرة الإدارة العسكرية. لكن التقرير ذاته أشار إلى أن رئيس الأركان السابق، هرتسي هليفي، قدم للكابينيت الأمني المصغر خيارين مقبولين للجيش لإدارة غزة: إما إدارة دولية بديلة أو إدارة عسكرية إسرائيلية تشمل توزيع المساعدات من قبل الجيش، وهو خيار يتطلب أربع إلى خمس فرق عسكرية.
في ختام ذلك الاجتماع، خلص نتنياهو إلى رفض خيار الإدارة العسكرية، مشددًا على أن الحل الأنسب في هذه المرحلة هو الاعتماد على غطاء دولي. وقال: "نستطيع احتلال غزة، لكن تبعات ذلك واضحة. نريد تجنب ذلك في الوقت الحالي". وأفاد التقرير بأن نتنياهو طلب من هليفي عدم طرح هذا الخيار أمام الكابينيت الموسع، الذي يضم سموتريتش وبن غفير، مراعاة لحساسيته السياسية تجاههم.