الأحد  27 نيسان 2025
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

شروط أمريكية تعجيزية لإعادة إعمار لبنان

2025-04-25 06:59:23 AM
شروط أمريكية تعجيزية لإعادة إعمار لبنان

الحدث العربي والدولي

من المتوقع أن تكون عمليات إعادة الإعمار في لبنان مختلفة جذريًا عن تلك التي شهدها لبنان بعد حرب تموز عام 2006. فالمساعدات الدولية لإعادة إعمار ما دمّرته الحرب ستكون مشروطة، إن لم تكن مصحوبة بشروط تعجيزية فعلًا، وهي في جوهرها استكمال لعملية نزع سلاح حزب الله، التي يُصر عليها الأميركيون.

أما المطلوب فهو تطويق إمكانية عودة حزب الله في التمركز في الجنوب، سواء عبر شبكات الاتصالات أو البُنى السكنية والمؤسسات على اختلافها، وذلك من خلال اشتراط وجود مراقبين وخبراء أميركيين في مشاريع إعادة الإعمار المزمع تنفيذها.

الشروط المفروضة

في لبنان اليوم مراقبون عسكريون يشرفون على عمليات مصادرة الجيش اللبناني لمخازن أسلحة تعود إلى الحزب والتأكد من تفجيرها، والآن يأتي الدور على خبراء مدنيين للإشراف على عملية إعادة الإعمار، وهو ما أثار استياءً أوروبيًا كبيرًا، نظرًا لرغبة أوروبا في المشاركة بتنفيذ عدد من المشاريع، خصوصاً في قطاعات الكهرباء والاتصالات، وسط مفاجأة كبيرة من حجم الشروط الأميركية المفروضة على الشركات الأوروبية الراغبة في الانخراط بهذه العملية.

وأفادت مصادر إعلامية متقاطعة أن عددًا من الشركات الأوروبية تواصلت مع المسؤولين اللبنانيين وجرى الاتفاق معها على تنفيذ سلسلة مشاريع، لتواجه لاحقًا عقبة الشروط الأميركية الصارمة، والتي تطلبها إسرائيل بحجة الاطلاع الكامل على مراحل التمويل والتنفيذ.

وتؤكد المصادر نفسها أنالموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، خلال زيارتها إلى لبنان، أبلغت الرؤساء الثلاثة أن الإدارة الأميركية تطلب، وبلا جدل، إدخال خبراء أميركيين في كل عقود الإعمار في الجنوب، بدءًا من لجان إعداد دفاتر الشروط، مرورًا بلجان استلام العروض وفضّها، وصولًا إلى لجان التعاقد، الإشراف على التنفيذ، الاستلام المرحلي، والتسليم النهائي.

أما الهدف فهو التأكد من أن حزب الله لن يتمكّن من التسلّل إلى البنى التحتية من جديد. ومن دون الالتزام بهذه الشروط، فإنه لا قروض، ولا تمويل، ولا مساعدات، ولا عقود لإعادة الإعمار في الجنوب والضاحية.

وتشير المصادر إلى أن المناخ الدولي -أميركيًا وأوروبيًا وخليجيًا- يُجمِع على أن لا تمويل أو قروض أو مساعدات لإعادة إعمار البنى التحتية المتضرّرة من العدوان الإسرائيلي، إلا وفق الشروط التالية:

1- التأكد من الانتشار الفعلي للجيش اللبناني في جميع المناطق جنوب نهر الليطاني، وعدم الاكتفاء بالتصريحات حول نزع سلاح حزب الله.
2- إشراف إسرائيلي غير مباشر عبر وجود خبراء أميركيين في:

- لجان إعداد دفاتر الشروط والمواصفات التعاقدية والإدارية والمالية والتقنية لكل مشروع.

- لجان إعداد لوائح الشركات المحلية والأجنبية المؤهلة للمشاركة في المناقصات.

- لجان استلام وفض العروض.

- لجان الإشراف على التنفيذ.

- لجان الاستلام المرحلي والموافقة على التمويل في كل مرحلة.

- لجان الاستلام النهائي.

- لجان التدريب وتشكيل الكوادر اللبنانية.

- لجان التشغيل والصيانة.

على أن تُدفع كلفة وجود الخبراء الأميركيين من ضمن موازنة كل مشروع.

وقد أبلغت أورتاغوس هذه التفاصيل لجميع المسؤولين اللبنانيين بحضور السفيرة الأميركية في بيروت وطاقم السفارة. وتضيف المصادر، وتقول إن صياغة هذه الشروط بالشكل التفصيلي الذي وُضعت عليه، ودمجها ضمن آليات القروض والتمويل والمواصفات الإدارية والفنية لكل عقد، تتيح للولايات المتحدة تطويق عمليات التمويل لاحقًا، والتحكّم الصارم بكل مفاصل ومعلومات المشاريع، وتحديد وجهة تنفيذها والمناطق الجغرافية التي تُطبّق فيها.

التبرير الأميركي للشروط

أما المبررات التي تلقّاها الأوروبيون، فكانت أن الغاية هي منع حزب الله من التسلّل مجددًا إلى مشاريع المياه، الصرف الصحي، الاتصالات، وغيرها، والتأكد من أنه لا يستغل البنية التحتية لإعادة بناء تواجده العسكري، بأي شكل.

وقد عبّر مسؤول أوروبي رفيع المستوى عن استيائه الشديد مما وصفه بـ"المعلومات الصادمة" التي تلقاها الأوروبيون، والتي ولّدت شعورًا لديهم بأن الإشراف الإسرائيلي يُمارَس بأعين أميركية على مشاريع إعادة الإعمار. ووفق المعلومات، فإن هذه الشروط ستُطبّق أيضًا على الشركات اللبنانية التي ستشارك في مشاريع إعادة الإعمار في الجنوب وبيروت.

يحذر المسؤول من أن عددًا من الشركات الأوروبية قد تعجز عن المساهمة في تنفيذ المشاريع المطلوبة، نظرًا إلى الشروط الأميركية القاسية، خصوصًا وأن أوروبا باتت تبحث عن بدائل للشركات الأميركية، بعد قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب القاسية بشأن الضرائب والرسوم، والضغوط الاقتصادية التي تمارسها واشنطن، إضافة إلى الموقف المستجد الذي يجمع ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول أوكرانيا. هذا الواقع دفع أوروبا إلى الحذر والقلق بعدما كانت تظن أن علاقتها مع الولايات المتحدة مضمونة، لتكتشف أنها أصبحت مهدّدة، وهو ما يدفعها للبحث عن بدائل.

في لبنان، وبعدما أحكمت الولايات المتحدة سيطرتها على القرار السياسي، ها هي تسعى اليوم إلى كف يد الشركات الأوروبية الطامحة للمشاركة في عملية إعادة الإعمار، مستكملة بذلك الحرب الإسرائيلية على حزب الله، عبر تطويق وجوده العسكري على مختلف المستويات، بالتوازي مع الإصرار على إلزام الجيش اللبناني بمصادرة سلاحه وإبعاده شمال الليطاني.