السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تخليد الانقسام تحت عنوان إنهائه / بقلم: نبيل عمرو

2015-06-30 03:12:31 PM
تخليد الانقسام تحت عنوان إنهائه / بقلم: نبيل عمرو
صورة ارشيفية
 
على مدى ثماني سنوات، والشعار المرفوع بلا توقف هو إنهاء الانقسام، وتحت هذا الشعار جرى أكثر من مائة ألف ساعة حوار، وقطعت مئات آلاف الأميال في سياحة سياسية.
 
وأيضا تحت عنوان إنهاء الانقسام، تشكلت حكومات وإطارات وأبرمت اتفاقات، وأقيمت احتفالات تحت عنوان  إننا ودعنا الانقسام إلى غير رجعة.
 
النتيجة المحسومة لكل ما حدث، أن الشعب الفلسطيني لم يعد يتابع أخبار الانقسام والحوارات المتصلة والأسفار التي لم تتوقف، ليس لأن الشعب لا يهتم بالوحدة الوطنية أرضا وشعبا وقوىً، وإنما لأن الممثلين على مسرح إنهاء الانقسام كرروا أنفسهم كثيراً ولم تعد لقطاتهم تجتذب أحدا، ذلك مثل نكتة تتكرر فلا تعود بعد المرة الثانية أو الثالثة تضحك أحدا.
 
محاولات السنوات الثماني كان لها هدف واحد هو مواصلة الاحتكار البائس للعبة الداخلية بعيدا تماما عن كل ما يفعله خلق الله للخروج من الأزمات، وهو الاحتكام للشعب ولصناديق الاقتراع، لتجسيد تداول السلطة التي يسعى الممثلون على المسرح إلى تخليد أنفسهم فيها.
 
الفشل ظاهر تماما من خلال واستمرار الانقسام وتعمقه، وظاهر تماما من خلال استفحال الاستثمار الإسرائيلي له حتى بلغ حد التدخل والتأثير المباشر في كل مقومات حياتنا في غزة والضفة، والمحير في الأمر هو أن الفشل الظاهر يجري التعامل معه كما لو أنه نجاح ما بعده نجاح، والوسائل العقيمة التي تتبع لمعالجة المعضلة والتي أفضت على الدوام إلى فشل ذريع يجري استنساخها والتمسك بها مع المعرفة المسبقة بنتائجها.
 
إن كل يوم مر على الانقسام حمل عوامل جدية لتعميقه وادامته إلى أن وصلنا هذه الأيام إلى تكرس كيانين كل منهما يتصرف باتجاه يغاير الآخر، ولو أمعنا النظر في حكاية الهدنة طويلة الأمد التي يجري الحديث عنها بقوة في كل المحافل، لوجدنا أنها وبالطريقة التي تجري معالجتها بها هي ذروة الانقسام، وأفدح ما تعرض له التمثيل الفلسطيني من تشتت واهتراء، فمن هي القوة الإقليمية والدولية التي تأخذ على محمل الجد وحدانية تمثيل منظمة التحرير للشعب الفلسطيني، فمن الذي يسأل المنظمة عن الهدنة المقترحة ومن الذي يمكن أن يقترح الممثل الشرعي الوحيد الذي هو المنظمة، كي يضع توقيعه على أي تفاهم أو اتفاق في هذا الاتجاه.
 
إن الوسيلة التي فشلت على مدى ثماني سنوات والتي أدت إلى تعميق الانقسام فيها قدر كبير من استغباء الشعب الفلسطيني وإلغاء عقله وذاكرته، والشعب الفلسطيني ليس له في أمر كهذا غير الاهمال والنأي بالنفس عن رهانات عرف بالتجربة كم هي عديمة الجدوى، لذلك أعجبني استطلاع للرأي نشر قبل أيام قليلة أظهر حيرة الشعب الفلسطيني في الحكم على ما يجري، ولأول مرة يصل الاستطلاع إلى تيجة مفادها "لا مع ولا ضد"، وهذه الجملة هي أخطر ما آل إليه الاهتمام السياسي لدى الشعب الفلسطيني الذي كان على الدوام حاسما ومصيبا في رهاناته وخياراته.
 
إن استنساخ الفشل لسنوات طويلة وادمان الوسائل غير المجدية في معالجته تفضي في واقع الأمر إلى نتيجة واحدة وهي تخليد الانقسام تحت عنوان إنهائه.