الحدث- محمد مصطفى
لكل أزمة تجارها وسماسرتها، ومعبر رفح وأزمته المستمرة منذ سنوات، لم تكن بعيدة عن هؤلاء، الذين نشطوا في الخفاء، وحصلوا على مبالغ طائلة من المواطنين، مقابل فتح باب السفر أمامهم، وتسهيل سفرهم.
فما بات يعرف ب"كشوف التنسيقات"، من أكثر القضايا إثارة على معبر رفح، وكانت ولازالت سببا لاستثارة غضب العالقين المسجلين، كون هؤلاء الأشخاص، يغادرون على حساب المريض والعالق، ممن سجل وانتظر وعانى.
ما هي التنسيقات؟
"التنسيقات المصرية" هو مصطلح يطلق على مسافرين غير مسجلين في كشوف هيئة المعابر، يتم إرسال أسمائهم في كل يوم يفتح فيه المعبر، ويطلب الجانب المصري من نظيره الفلسطيني تسهيل وصولهم للصالة المصرية فوراً".
ويقول مصدر في معبر رفح، إن إدارة المعبر لا تعرف كيف يتم تسجيل كشوف التسنيقات المصرية، لكن الأمر يتم على ما يبدو بشكل سري، فهناك وسطاء فلسطينيين، يتعاونون مع أشخاص في الجانب المصري من معبر رفح.
ويلجأ الراغب في السفر إلى الوسطاء، ويتم الاتفاق على مبلغ من المال مقابل تسهيل سفره، وهذا المبلغ قد يصل إلى 500 دولار أمريكي، بحيث يتم إبلاغ الشخص بموعد سفره بناء على فتح المعبر، فيتوجه ألى المعبر، وينتظر كغيره، ليصل اسمه ضمن الكشف، ويستقل حافلة خصيصاً تسمى "حافلة التنسيقات".
وكان مسئول في معبر رفح، أكد أمام عدد من الصحافيين، أن إدارة المعبر لا تتدخل في سفر التنسيقات، وإذا ما حاولت منعهم، أو أخرت سفرهم، وهذا حدث في مرة، من الممكن أن يتسبب هذا في عرقلة السفر على معبر رفح، وتأخير دخول المرضى، لذلك فهي معنية بتسفيرهم،
حتى تظل الأمور على المعبر جيدة.
مسافرون مضطرون
وأمام البوابة الخارجية للمعبر، طلب أحد الشبان من الشرطي السماح له بالدخول إلى حرم المعبر، خلال آخر مرة فتح فيها قبل نحو الأسبوع، كون اسمه مسجل في كشف التنسيقات، كما قال الشاب، غير أن الشرطي طلب منه التريث، إلى حين يتم إرسال الكشف، ليتم إدخاله وغيره .
ويقول " إبراهيم"، ورفض ذكر اسمه كاملاً، إنه مضطر للسفر، ولا يمكنه الانتظار أكثر، كون آلاف المسافرين مسجلين في الكشوف قبله، وبدأ يسعى ويسأل عن اقصر الطرق للمغادرة، فأخبره أحد الأشخاص عن التنسيقات.
وبين انه بدأ يسأل حتى وصل لأحد المنسقين، ودفع مبلغ من المال رفض ذكره، مقابل مغادرة القطاع في أول مرة سيفتح فيها المعبر، وقد حصل على ضمانات كافية لذلك .
وبين أن الأمر بدا صعبا، فالمنسقون يعملون بسرية، وبعضهم يتجولون في المعبر، ويعرضون خدماتهم على المسافرين بشكل خفي.
ولفت إلى أنه غير معني بالطريقة التي سيسافر بها، أو المبلغ الذي سيدفعه، فكل ما يهمه مغادرة القطاع، والالتحاق بجامعته التي بدأت الدراسة بها مؤخراً.
ويسافر في كل يوم يفتح فيه المعبر العشرات من أصحاب التنسيقات، وقد يصل العدد إلى 50 مسافراً في اليوم وربما اكثر، وهم يستقلون حافلة مخصصة، عادة ما تكون آخر حافلة تصل الصالة المصرية.
مسافرون يشتكون
واشتكى مسافرون مما وصفوه بالظلم الذي يقع عليهم نتيجة "كشوف التنسيقات"، مؤكدين أن هؤلاء يأخذون دور غيرهم، وقد يكون غيرهم أكثر حاجة للسفر.
وقال المسافر أحمد صافي، وكان ينتظر كغيره خارج معبر رفح إبان فتحه آخر مرة، إن الأمر يتعلق بالمال، فمن لا يمتلكه عليه الانتظار أسابيع وربما أشهر، وأن يمتلكه يصل اسمه في يوم، ويستقل الحافلة وتفتح أمامه الأبواب الموصدة.
وأكد صافي أنه علم بأن إدارة المعبر الفلسطينية لا ذنب لها في كشوف التنسيق، ولا تستطيع إيقافها، لكن يجب أن يوضع حل سريع لهكذا ظاهرة تنتهك حقوق المسافرين.
ومعبر رفح كان شهد انفراجة ملحوظة خلال الأسبوعين الماضيين، حيث سمح خلال عشرة أيام من العمل، بسفر نحو 5000 مسافر، جلهم من المرضى والعالقين والأجانب، إلى جانب كشوف التنسيقات.