دخيل الخليفة - إعلامي من الكويت
ليس هناك أسوأ من أنانية المثقف، إلا ماتقوم به بعض الحكومات العربية بتكريس هذه الأنانية، لضرب الثقافة وإعلاء شأن “موظفيها” الذين أتقنوا أداء أدوار زائفة بأقنعة آيديولوجية أوهموا بها الكثيرين.
لا أفهم، حتى الآن، كيف لمثقف يساري ـ على سبيل المثال ـ أن يلهث وراء الجوائز التي تقدمها حكومات كثيرا ما هاجمها عبر التصريح أو الهمز واللمز! هذه الحالة تعكس واحدا من شيئين هما أمرّ من بعضهما؛ إما أنه مضطرب نفسيا، أو أنه موظف لدى بعض الحكومات.
الثقافة، كما أفهما، من عوامل التعرية، وكشف الزيف، ولا أعني هنا أن المثقف يجب أن يمسك قلمه ليجلد هذا وذاك، دون مبرر، إنما على الأقل اتخاذ موقف واضح وصادق مع نفسه ومع الآخرين.
ولعل تهافت بعض المثقفين، العرب، ممن يطلق عليهم تجاوزا لقب “ الكبار” على الجوائز التي تطلقها الحكومات، دليل واضح على عدم مصداقيتهم وأنانيتهم وقلة ثقتهم بأنفسهم أيضا، حيث إنهم درجوا على تشكيل “عصابات” للسيطرة على اللجان المتخصصة بتقييم المشاركين في تلك المسابقات، وبالتالي توزيع الجوائز على أحبابهم بغض النظر عن محدودية إبداعهم... ودخلوا في منافسة شرسة لالتهام “الوجبة” مع أدباء شباب يفوقونهم إبداعا، ما جعل هؤلاء الشباب يصرفون النظر عن المشاركة في تلك المسابقات.
شعار كبار السن هو “اعطني هذه الجائزة وأضمن لك الجائزة الفلانية” أو “سأمنحك المركز الأول بشرط أن يكون لي نصف المبلغ المخصص!!”. ولا أريد هنا أن أذكر بعض الفضائح التي حدثت في العامين الأخيرين تحديدا، وكيف أن شاعرا عربيا، دعاه شاعر خليجي ليكون رئيسا للجنة التحكيم في مسابقتين، فمنح الجائزة العربية لابن بلده وصديق عمره الذي لم يصدر ديوانا منذ أكثر من 10 سنوات، ثم منح الجائزة المحلية للشاعر الخليجي نفسه!
وبنظرة سريعة على جائزة الشيخ زايد للآداب، مثلا، سنجد أن المتأهلين إلى القائمة الطويلة، وخصوصا الشعراء، هم مجموعة من العجزة، ممن لم تعد لهم بصمة إبداعية حتى في بلدانهم، لكنهم أدركوا أن السيطرة على هذه الجائزة يجب أن يتم مبكرا لتوزيع “الكعكة”، خصوصا أن تلك الجوائز تؤمن تماما بأهمية فوز “التقليدي”، أما الحالات الإبداعية التي يقدمها شباب لم يتجاوزوا عامهم الثلاثين؛ فيراها المحكمون، و”العجزة”، مجرد “خربطة زعران”!
لا بأس... أؤمن أن هؤلاء “الزعران” أكبر من جوائز يلتهمها حرامية الأدب وعصابات الأدباء “الموظفين”. وعليكم بالعافية يا... شيَّاب!