الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

رائحة فساد في مملكة رام الله

2015-07-05 06:25:47 PM
رائحة فساد في مملكة رام الله
صورة ارشيفية
#الحدث- مقال ليوسي بيلين

الرئيس محمود عباس هو شريك للسلام. لا يمكن معرفة من سيرثه ومتى سيحصل ذلك، لكن من الصعب التفكير بواحد ملائم مثله: هذا هو الشخص الذي فهم منذ فترة طويلة ان السلام مع إسرائيل هو مصلحة قومية فلسطينية، وأن العنف ضد إسرائيل سيضر بالفلسطينيين، وأن العملية الوحيدة الممكنة أمام إسرائيل هي السياسية (إما ضمن إطار مفاوضات بين الطرفين وإما بشكل احادي الجانب عن طريق المؤسسات الدولية)، والذي يدعي ان التعاون الأمني مع إسرائيل "مقدس".
 
انا اؤمن انه لو كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مستعداً للحديث مع عباس على أساس معايير الرئيس كلينتون (2000) أو على أساس مبادرة جنيف (2003)، كان بالإمكان التوصل لسلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، تطبيق الاتفاق في الضفة الغربية، وفي المقابل، محاولة التوصل الى اتفاق وقف إطلاق نار طويل الأمد مع حركة حماس في غزة.
 
لكن حقيقة ان عباس هو شريك لإسرائيل، وحقيقة ان تصريحاته تشنف اذاننا بشكل عام، هذا لا يعني انه معفي من الانتقادات، وانه على العالم غض النظر عما يجري في هذه الأيام في رام الله.
 
أمر سيء يحدث هناك، على المجتمع الدولي ان يعرف ذلك ويبدي موقفه من الأمر. الساحة السياسية في الضفة الغربية تعمل في السنوات الأخيرة بواسطة أوامر. لا يوجد انتخابات، لا للرئاسة ولا للمجلس التشريعي، لا يوجد جلسات للمجلس (بسبب الانقطاع عن غزة).
 
عباس الذي بدأ مهام منصبه قبل أكثر من 10 سنوات تقريباً رغماً عنه، وشرح للجميع ان مهمته هي ترتيب الوضع بعد وفاة عرفات، ونقل الشعلة الى الجيل الجديد، يتصرف كزعيم ديكتاتوري، لا يختلف كثيراً عن زملائه في الجامعة العربية. هنالك تراجع مضطرد في حقوق الإنسان في مناطق السلطة الفلسطينية، وهناك مسافة شاسعة بين الوضع في الضفة الغربية وقطاع غزة في هذا المجال، مع ذلك فهذا يشكل سبباً حقيقياً للقلق. اذ ان بعد كل شيء، في حين ان قنوات التواصل بين الغرب وحماس مغلقة، فإن القنوات مع عباس ما زالت مفتوحة، ويمكن بكل تأكيد استعمالها لإبداء الاستهجان والانتقاد على سير الأمور تحت سلطته.
 
الدكتور سلام فياض، الذي شغل منصب وزير المالية في حكومة السلطة الفلسطينية، وبعدها لبضع سنوات، رئيس الحكومة، يحظى بتقدير كل من أراد محاربة الفساد والبيروقراطية الزائدة في السلطة. كانت له الجرأة النادرة بأن يقف أمام ياسر عرفات، والجرأة ليقف أمام عباس، وانتقاد الظواهر المشينة التي تفضل القيادة غض النظر عنها.
 
نجح فياض بتنظيف الأمور وبسبب ذلك كان له أعداء كثيرين. في نهاية الأمر، على اثر قضية غريبة حول طرد وزير المالية في حكومة فياض، تم ارغام الشخص المقبول على قادة العالم الحر على الاستقالة، الشخص الذي دفع بالاقتصاد الفلسطيني نحو نمو غير مسبوق، بدلاً من شكر فياض كل يوم على استعداده للبقاء في منصبه الصعب، تنازل عنه عباس، ومنذ انهاء عمله، على خلفية إقامة جمعية من قبله، التي تعنى بتحسين البنى التحتية في الريف الفلسطيني، تتعسف السلطات بفياض، تتهمه (هو بالذات) بتبييض الأموال، وحتى انها مصادرت التمويل الذي حصلت عليه الجمعية. اتهم بأنه يتعاون مع محمد دحلان، العدو اللدود لعباس، وكأن الحديث يدور عن مسلسل تلفزيوني رخيص.
 
طرد عباس الأسبوع الماضي امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربة دون الاستناد الى اجراء رسمي، ودون إعلام عبد ربه بذلك. السبب هو، على ما يبدو، العلاقة القريبة بين عبد ربه وبين فياض. شخصان فلسطينيان بآراء مستقلة، يمثلان شعبهما بإخلاص في العالم، يجدان نفسيهما خارج السلطة، بسبب نزوة القائد.
 
ليس من واجب إسرائيل ان تتدخل في الموضوع. مصلحتنا هي المحافظة على الهدوء في الضفة الغربية، ومواصلة التعاون الأمني، وإقامة عملية سياسية مع شريك فلسطيني ملائم. لم نجر انتخابات ديموقراطية لأنور السادات في مصر ولا للملك حسين في الأردن قبل ان وقعنا معهم على اتفاقيات سلام. لكن العالم، وبالأخص الدول المانحة لمبالغ طائلة للسلطة الفلسطينية، لا يمكنها ان تغض النظر عن هذا التدهور. عليهم ان يطلبوا توضيحات من عباس، وهو عليه ان يقدمها.

يوسي بيلين هو رئيس شركة الاستشارات التجارية. في الماضي شغل منصب وزير في ثلاث حكومات إسرائيلية عن حزب العمل وبعدها ميرتس، كما و كان واحدا من رواد اتفاقات أوسلو، ومبادرة جنيف.