الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مصر: قبل، أثناء، بعد.. بقلم: أحمد زكارنة

تجليات

2014-02-04 00:00:00
مصر: قبل، أثناء، بعد.. بقلم: أحمد زكارنة
صورة ارشيفية

أحمد زكارنة

للوهلة الأولى يبدو العنوان أعلاه، عنواناً مركباً يحاول جمع مساحة زمنية طويلة يصعب على أي كاتب أن يحتويها في مقال واحد، وهذا صحيح تماماً، ولكن جزءاً من هذا العنوان وهو «قبلَ، أثناءَ، بعد» هو في الحقيقة عنوان ديوان كُتب باللغتين العربية والإسبانية، للدكتور محمود صبح أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة مدريد المركزية، والذي سيشرفنا بكتابة زاوية ثابتة هنا في «الحدث» تحت عنوان «حديث الثلاثاء» وهي زاوية ستتطرق للعديد من المعارف التي ندّعي أنها لربما تكون غائبة عن الكثير منا.

والربط بين عنوان ديوان الدكتور صبح ومصر، يأتي من كون تاريخ مصر مقبلا على لحظات فارقة تؤكد بعض التحليلات أنها لحظات سكون، والتاريخ في السكون يقال: إنه لا يكتب إلا سطراً واحداً، نتمنى أن يأتي بالقول: إن مصر بشعبها ونيلها وحضارتها هنا وستبقى هنا إلى أن تنتقل الأمة المصرية من السكون إلى الحركة، وبين هذا السكون وتلك الحركة تتأرجح قضية الحريات بشكل عام، والإعلامية منها بشكل خاص، خاصة وأننا سنتابع بعد أيام قليلة وتحديدا في تاريخ 2-7 أولى حلقات برنامج البرنامج لباسم يوسف بعد عوته عبر شاشة «أم بي سي مصر» لنعود للمربع الأول من سؤال، رأس المال وهوية وسيلة الإعلام، هل سيتحكم المال في الهوية، أم أن الأخيرة أبت إلا أن تكون حرة مستقلة وستبقى هكذا؟ وكنا قد أشرنا في مقال سابق إلى أن إدارة قناة الـ «أم بي سي مصر» قد طلبت من يوسف عدم التعرض من قريب أو بعيد، للمملكة العربية السعودية، فهل سيخضع يوسف للشروط أم لا؟ هذا ما ستكشفه لنا الأيام والأفعال، ليسجل التاريخ لحظة ما «قبل» الحالة المصرية الراهنة، وما كان في الـ «أثناء»، وجميعنا شاهدها من زاويته الخاصة، تارة على أنها حالة سلبية، وتارة إيجابية، وثالثة نعتقد أنها وبعيداً عن أبعادها السياسية الآنية سواء بالإيجاب أو السلب، هي، إن صح القول، حالة تأمل شديدة الخصوصية والذاتية، بإنتظار ما سيكون بعد أو ما يمكن أن يكتب عن هذه الـ «بعد». 

ملامح هذه الـ «بعد» قد تظهر في عدة علامات مختلفة، أظن أهمها هي علامة الحريات وسقفها المرتفع أو المنخفض، وإن كنت استبعد الأخيرة ليس لصالح الأولى بعمقها الأعلى لمفهوم الحريات، وإنما لعمق الفهم الحقيقي لضرورة وجود المساحات اللازمة وفي هذا التوقيت من التاريخ بالذات، خاصة وأن الماكينة الإعلامية المصرية في السنوات الثلاث الأخيرة وبرغم أنها شهدت قفزة نوعية في سياق الحريات، إلا أن هذه القفزة لربما خرجت عن طور السيطرة على الإحساس بأهمية الزمان والمكان، ولنا في قول الفيلسوف الألماني عمانوئيل كانت «دلالات هامة وهو القائل: إن المكان والزمان هما أساس التفكير، وهما متشابكان كخيوط النسيج الممدود».

وأهمية هذا القول لا تكمن في تشابك الزمان والمكان فقط، ولا في موضوعة التفكير وحسب، وإنما في سيرة النسيج، ذلك الذي أصابه العطب برغم أن تاريخ الشعب المصري يشير بوضوح كامل الدسم، إلى أنه كان تاريخياً نسيجاً متماسكاً إلى أبعد حد ممكن بخلاف العديد من دول المنطقة، ذلك لأسباب عدة ليس هنا مكان الحديث عنها، تحديداً ونحن اليوم بإنتظار ماذا يمكن أن يكتب في الصفحة البيضاء من التاريخ حول مصر، قبل، وأثناء، وبعد ما يسمى بـ «الربيع العربي»