الحدث- آيات يغمور
بعيدا عن ضوضاء المفرقعات المدوية والألعاب النارية الملونة، وخلف زغاريت الأمهات، يلتزم 40% من المتقدمين لامتحانات الثانوية العامة منازلهم لا يغادرون، خوفاً من مصادفة شماتة هنا أو دعوة غير مرجوة هناك.
في المقابل يرى 60% وهم الناجحون في الثانوية العامة؛ بعضهم فرحاً بتسعينية أو ثمانينية فسبعينية وصولا إلى حافة عتبة النجاح "حاملي الستينات" يتأرجحون على جريدة احتوت أسماءهم، يتساءلون هل ستحتوي الجامعات ستينياتهم أيضا؟
ما بين النجاح والرسوب..... تكون الستينات
تفوق بامتياز وتقدير جيد جداً أو جيد أو حتى مقبول، لا تجدها على شهادات الطلبة الذين حصدوا الستينيات في معدلاتهم، ربما ضعيف أو حتى مقصر في مادة أو اثنتين، هكذا هي طبيعة الشهادات العامة في فلسطين.
وتقول ريم علي طالبة من المزرعة الشرقية حصلت على معدل (66.9%) "هذه التقديرات تلتصق بنا مدى الحياة، هذا الوصف يشعرني بالفشل والعجز، نعم توقعت هذا المعدل لكني تمنيت أن يكون أعلى بقليل"، مضيفة "هذه المرحلة البائسة تركت أثراً كبيراً على نفسي، لا أستطيع الخروج من المنزل والحديث مع الناس، كنت أخشى من الفشل وها أنا أوصم به".
من بين صفوف الستينيات شاب يحمل كاميرة كانون 5D، هذا التعبير لن يفهمه سوى هواة التصوير أو خريجو الإعلام، لكن عمر الرمال المصور الهاوي أراد أن يتوج مهارته بشهادة جامعية لن تأتي إلا بعد الالتحاق بالثانوية العامة، لتحصيل شهادة إنهاء المرحلة الدراسية لتبرهن هي الأخرى أهليته الدخول إلى جامعة مرموقة، تجعل من هوايته حقيقة، لكنّ ذلك بات من الصعب تحقيقه بعد أن حصل عمر على مقعد في صفوف الستينات وحرم من فرص مقاعد أوفر حظاً.
ويبدو الرمال واثقاً من نفسه رافضاً أن يكون لكرتونة عليها ختم وزاري الحصة الأكبر في مستقبله، قائلا لـ"الحدث" عن مقترحات بديلة تساعده على إكمال المسيرة التعليمية: "الآن أنا بصدد التقديم لأكثر من جامعة، من بينها كلية دار الكلمة في بيت لحم، وهناك جامعة أسترالية قوية في مجال الصحافة في الأردن، ومع أن الفرصة ضئيلة، لكن ما زال لدي أمل في الالتحاق بجامعة بيرزيت"، ويشير رمال في حديثه عن حلمه في دراسة الصحافة بجامعة بيرزيت متمنياً لو أن الجامعة تقدم امتحانات قبول حسب المهارات بعيداً عن لائحة بعلامات مواد لا تمت التخصص المطروح بصلة.
ريم وعمر نموذجان متناقضان، فالأولى يصعب عليها تخطي مرحلة الثانوية العامة بالإيجابية التي يحظى بها عمر، ولكن النتيجة أن كلاهما لم يستسلما لتقييمٍ ألصق بهم تهمة الفشل والخجل، وقرّرا المحاولة مع جامعات أكثر مرونة في التعاطي مع نتيجة الثانوية العامة.
طرق التفافية....مش كل الستينات واحد!
هذا ليس النموذج الأوحد لصفوف الستينيات، هناك أيضاً أبناء البهاوات وأصحاب رؤوس الأموال الذين وجدو لعلامات أبناءهم المتدنية مخرجاً أو حتى سفرة لأوروبا وأمريكا أو حتى إحدى البلدان العربية، هي طبيعة بشرية أن يستمر الإنسان المحاولة لتحصيل الأفضل، لكن الوسيلة أحياناً تكون على حساب البعض من الذين تزينت شهاداتهم بعلامات تفوق كانت من الأجدى أن تجد لهم منحاً أكاديمية تتوج نجاحهم بفرصة متساوية.
مؤسسة الإتلاف من أجل النزاهة والمساومة "أمان" نشرت مقطعاً مصوراً على اليوتيوب تحذر فيه من تدخل "فيتامين واو" وتعديه على مقعد لطالب متفوق وتمريره لأحد "المحظوظين"، معلنة عن رقم مجاني مفتوح أمام شكاوى المواطنين في حال سماعهم لحالات مشابهة درءاً للفساد وحفاظاً على نزاهة المسيرة التعليمية.
أشار مدير وحدة بناء القدرات والإعلام فضل سليمان، إلى أسباب نشر الحملة، قائلا "هذه الفترة الآن تشهد توزيعا هائلا للمنح الدراسية ومن مصادر وجهات متعددة لطلبة الثانوية العامة، وهذه الحملة جاءت بعد تجربة المؤسسة في العام الماضي وتلقيها شكاوي عديدة مفادها توزيع منحٍ على جهات حصلت على معدلٍ لا يعطيها الأفضلية فيها".
وفي السياق ذاته، أعربت مديرة مركز المناصرة والإرشاد القانوني هامة زيدان عن دور المؤسسة في هذه الحملة، خصيصاً في متابعة أوجه صرف المنح، مبينة أن عملنا يعتمد بالدرجة الأولى على الاتصالات الرسمية والشكاوي الفردية من صاحب العلاقة مباشرة، الأمر الذي يمكننا من مراقبة مصادر المنح.
ويبدو أن دور أمان لا يقتصر على رصد الفساد وحسب، حيث تمكنت من متابعة الشكاوي عبر التواصل مع الأطراف ذوي العلاقة من خلال ورشة عمل مع المسؤولين، وفي حال تصعيد المشكلة وعدم التوصل لحلول مجدية، تتوجه المؤسسة كونها مؤسسة مجتمع مدني إلى وسائل الإعلام على اختلافها لفضح الممارسات اللامسؤولة والفوقية.