لا أعرف بالضبط، إلى أي مدى سيؤثر الاستفتاء الشعبي التاريخي في اليونان على الدول النافذة في أوروبا، وهي الدول الدائنة لبلاد الاغريق.
إلا أن ما بات معروفا تماما، هو استخدام القائد اليوناني المنتخب للقنبلة فوق النووية أي الشعب، في اتخاذ القرارات الاساسية.
لقد صوت اليونان بـ "لا" للإستعمار الثري الذي اوجع الشعب من خلال اجراءات التقشف التي اهدرت ادميته وجمدت نموه.
والتصويت بـ لا، يعني في واقع الامر، نعم للكرامة ونعم للديموقراطية ونعم لحشر اوروبا في الزاوية من خلال استخدام قيمها المعلنة ضد سياساتها المغلفة بالشعارات الحضارية.
إن ما فعلته يا تسيبراس وبصرف النظر عن درجة استجابة الاثرياء هو إحراج لكل زعيم يرتعد رعباً من صندوق الاقتراع، ويتخوف حد الذعر من أي استفتاء يقول فيه الشعب رأيه ويحسم فيه قراره.
إن الزعيم الحقيقي هو الذي يتقوى بشعبه ويحارب بارادته وقراره، ولقد رأينا في عالمنا العربي مصائر زعماء احتقروا شعوبهم والتصقوا بمقاعدهم الى ما لا نهاية، واحرقوا بلادهم من اجل يوم اضافي على رأس السلطة، وأوقفوا نمو شعوبهم الذين كانوا في الأزمان الغابرة نماذج حضارية زينت التاريخ بأروع التجليات الابداعية . ألم يكن اليمن قبل عقود بؤرة حضارية، ألم يكن العراق قبل عقود مصدر تنوير كوني، ألم تكن سورية مهد حضارة لا تمحى من الذاكرة، ثم ألم تكن مصر من أعرق وأقدم وأهم الحضارات في العالم، فماذا حدث لهذه الكيانات التي اجهز عليها جشع السلطة وإدمان الزعماء على التنعم بامتيازاتها، فمنهم من لم يكتفي بطول الأمد وطول اليد بل أعد ابنائه واحفاده لوراثتها كأي ممتلك شخصي، ومنهم من تبارى مع نفسه في التخريب فكان مصيبة وهو في سدة الحكم ومصيبة أكبر حين غادرها.
لقد احرجنا الرفيق تسيبراس بما فعل، فهو لا يمتلك مفاعلا نوويا، ولا يمتلك مناجم ذهب وفضة، فما كان منه الا أن أعاد اكتشاف الثروة الأهم والأفعل ووظفها في معركة وجودية فرضت على شعبه ووطنه، انه اليونان الذي وضعه الاستفتاء التاريخي في قلب المعركة، وكما قال تسيبراسلا يملك أحد الا أن يصغي لصوت الشعب وقراره.
فهل نقرأ سلوك تسيبراس كما ينبغي أن يُقرأ في بلادنا .. خصوصا ونحن احوج ما نكون لفعل مثل ما فعل ، هذا سؤال اتانا من بلاد الاغريق ، فهل نجيب؟؟؟
* دولة الرئيس المقصود هنا هو السيد أليكسس تسيبراس رئيس الوزراء اليوناني