غزة - محاسن أُصرف
ينتظر التُجار وأصحاب محلات الملابس والمواد الغذائية في في قطاع غزة، بشغفٍ كبير موسم العيد والمدارس، ليتمكنوا من تصريف بضائعهم وتحقيق أرباح، لكنهم كثيراً ما يُحبطون بفعل حركة الشراء الضئيلة والتي لا تُغني ولا تُسمن، وفق قولهم.
وحسب أصحاب المحال التجارية فإن الحركة النشطة في الأسواق والتي تزايدت خلال العشر الأواخر من رمضان، لا تعبر أبداً عن حالة انتعاش في البيع، وقالوا لـ"الحدث": "لدينا بضائع كثيرة لكننا نبيع منها القليل".
ويقول أبو محمد الحويطي، أحد أصحاب محلات الملابس الجاهزة في شارع عمر المختار وسط مدينة غزة: "الكثير من المتسوقين يأتون للنظر والسؤال عن الأسعار، وحين الشراء يُولون الأدبار"، ويُرجع الحويطي سلوك الزبائن هذا إلى سوء أوضاعهم المعيشية وشُح الأموال بفعل تأخر صرف رواتب موظفي الحكومة في غزة، ناهيك عن تأخر صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية التي تُمثل مُحرك النشاط التجاري في غزة خلال السنوات الأخيرة، ويأمل الرجل أن تتحسن الظروف المالية والمعيشية لسكان القطاع ليتمكنوا من شراء احتياجاتهم واحتياجات أسرهم في العيد السعيد.
"الحدث" ترصد حالة الأسواق في محافظات غزة مع اقتراب عيد الفطر.
حلوى العيد
في سوق خان يونس وسط المدينة كانت محطتنا الأولى، أصحاب المحالة التجارية أبرزوا بضائعهم في بسطات أمام دكاكينهم لجذب أعين المتسوقين واغتنام جيوبهم، فهذا محمد السعدي، قد عكف على ترتيب بسطة الحلويات خاصته ليجذب انتباه زبائنه ويحظى بإقبالهم، ما يُحقق له رزقاً وفيراً يستطيع من خلاله تأمين احتياجات أسرته في العيد من ملابس لأطفاله، ووجبة الفسيخ التي يُصر على أن تُزين مائدة إفطاره في أول أيام العيد، يقول لـ"الحدث": "يشتد الإقبال على شراء الحلويات من السكاكر والحلقوم والشوكولاتة والملبس في العشر الأواخر من رمضان"، وفي تقيمه لحالة الإقبال كشف أنها ما زالت دون المستوى المطلوب، ولكنها جيدة مقارنة بالعام الماضي.
ويعمد الغزيون إلى شراء الحلوى وتقديمها للمهنئين صبيحة يوم العيد، لما تبعثه في نفوس الصغار والكبار من فرحة وبهجة يُنهون بها شهراً كاملاً من الصيام.
وبالاتجاه غرباً في سوق المُخيم كان الباعة يصدحون بعالي الصوت على بضائعهم من ملابس وأحذية وحلويات، مُشعلين المنافسة بخفض الأسعار، يقول أحدهم يعمل في محل حسام لبيع ملابس الأطفال: "إقبال الناس على الشراء جيد إذا ما قورن بحالة الشراء العام الماضي، أما إذا ما قورنت بأنها فترة موسم فلا شك أنها ضعيفة"، ويأمل الرجل أن تتحسن حركة الشراء في الأيام القليلة القادمة قُبيل العيد، خاصة بعد تلقي موظفي السلطة رواتبهم والإعلان عن بدء صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية الثلاثاء القادم، قائلاً: "سنستمر في عرض البضائع بالأسعار التي تُرغب المواطن في الشراء لإدخال فرحة العيد على أسرته".
أسعار مرتفعة
وبالانتقال إلى المحافظة الوسطى كانت مظاهر أصحاب المحال التجارية ذاتها، لكن استعدادات المتسوقين كانت ضعيفة، والسبب الغلاء، حيث شكى مواطنون لـ"الحدث" من ارتفاع أسعار البضائع مقارنة بجودتها، وقالت المواطنة أم عمرو (36) عاماً، من مخيم النصيرات وسط القطاع إن أسعار الملابس والسلع المعروضة في الأسواق عالية مُقارنة بجودتها، مؤكدة أنها بضائع صينية رديئة الجودة، وأشارت إلى أن بعض التُجار لا يراعون الحالة المأساوية التي يمر بها الناس في ظل تردي الحالة الاقتصادية وعدم تلقي فئات كبيرة من موظفي وفقراء قطاع غزة رواتبهم أو مخصصات الشؤون الاجتماعية التي تُمثل مُحرك البيع والشراء، وتوضح أنها لم تترك محلاً لملابس الأطفال إلا وقد زارته على أمل أن تجد ما يُناسب ميزانيتها، لشراء كسوة العيد لأطفالها الثلاثة، لكن دون جدوى، تقول لـ"الحدث": "بعض المحال التجارية تقوم بعمل تنزيلات على البضائع القديمة لديها وتجد فرصة في موسم العيد للتخلص منها بأفضل هامش ربح"، داعية الجهات المعنية إلى مراقبة الأسواق وضبط الأسعار في إطار التخفيف عن كاهل المواطن.
جهود خيرية
ومقابل هذا الغلاء اجتهدت جمعية الأنوار للإغاثة والتنمية في افتتاح سوق شعبي على مساحة 800 متر في منطقة المقوسي، يضم 20 محلاً لبيع مستلزمات الأسرة في عيد الفطر، وقال رئيس مجلس إدارة الجمعية هيثم كباجة: "إن السوق سيشهد تخفيضات كبيرة في الأسعار سيلمسها المواطن"، وأضاف إن الجمعية ستوزع 300 قسيمة شرائية على أسر فقيرة ليشتروا من السوق مجاناً.
ونوه أن الخطوة التي قامت بها الجمعية جاءت لتُخفف من واقع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها سكان قطاع غزة، مؤكداً أن البضائع في السوق الشعبي ستُباع بأسعار منخفضة مقارنة بالأسعار في الأسواق العادية، وشدد في الوقت ذاته على جودة البضائع ومطابقتها لمواصفات أذواق مختلف الزبائن.
ومن جهتها تُشير أم أحمد نصر، إلى أنها زات السوق الشعبي وتنقلت بين محاله المختلفة، تقول لـ"الحدث": "أخيراً استطعت شراء مستلزمات العيد وكسوت أبنائي الأربعة بأسعار تتناسب مع إمكانياتي"، وتُضيف السيدة الأربعينية أن جودة الملابس التي اقتنتها لأطفالها لا تقل عن جودة نظيراتها في المحال التجارية بالأسواق المحلية.