بتردد وانكسار غادر المواطن علي محمد منزله، وهو يعمل موظف في حكومة غزة السابقة، ليجول على أرحامه وأقاربه، ويقدم لهم التهنئة بالعيد.
خجل وانكسار
محمد واكتفى بذكر اسمه واسم والده، اعتاد على تقديم ورقة نقدية بقيمة 20 شيكل لكل من قريباته وأرحامه في يوم العيد، بات لا يجد قوت يومه، وينتظر أسابيع صرف سلفة مالية لا تزيد على ألف شيكل، ولا تكفي لسد الحد الأدنى من متطلبات أسرته.
تنقل محمد بين منازل أرحامه وأقربائه مشياً على الأقدام، لتوفير أجرة المواصلات لأفراد عائلته، وكان يشعر بالخجل الشديد قبل طرق الباب، ويمد يده بانكسار لمصافحة أرحامه، وقد اعتاد طوال السنوات الماضية على مدهما ممتلئة.
غير أن معظم قريباته كن يحاولن تبديد خجله بالترحاب به، والابتسامة في وجهه، لخفيف ما يشعر به من حزن، وقالت له إحداهن "دخلتك عليي يا أخوي بكل الدنيا"، ما أشعره بشيء من الفخر.
ومحمد واحد من آلاف بل عشرات الآلاف من العمال والموظفين العاطلين، أو ممن يتقاضون رواتب متدنية، ممن داهمهم شهر رمضان ومن ثم العيد، وهم في ظل ظروف مادية صعبة، لا يستطيعون توفير متطلباتها القاسية.
حزن للأطفال
أما المواطن سعيد شحادة، فأكد أن أكثر ما أشعره بالحزن رؤية الخيبة والانكسار في وجوه أطفاله، ممن لم يستطيعوا أن يعيشوا أجواء العيد كباقي أقرانهم.
وأكد أنهم طلبوا كغيرهم كسوة العيد، وبالكاد استطاع توفير مبلغ متواضع لكل منهم، واشترت لهم والدتهم ملابس اقل جودة وجمال بكثير من أقرانهم، كما أنه في صبيحة يوم العيد لم يجد مالا يمنحه إياهم، وهذا زاد حزنه.
ولفت شحادة، إلى أن بعضهم قضى العيد في المنزل متمسمراً أمام التلفاز، بعد أن وجدوا أنفسهم أقل بكثير من أقرانهم.
وأشار إلى أنه حين كان يعمل بالأنفاق قبل عامين، كان يدر دخلا جيدا، ويشعر أبناءه ببهجة العيدين، ففي عيد الفطر يغدق عليهم لشراء أفضل الملابس، ويمنحهم عيديات بسخاء، وفي عيد الأضحى يشتري الخروف، ويذبحه ليزيد فرحتهم، أما الآن فهو بالكاد يستطيع توفير قوت يومهم، ولولا السلال الغذائية والمساعدات التي تلقاها من بعض المؤسسات خلال شهر رمضان، لكان وضعه المعيشي أكثر قسوة.
عيد بائس
أما المواطنة " أم عماد"، فأكدت أن ظروف زوجها المادية، وأزمة الرواتب الطاحنة التي يعيشها موظفوا حكومة غزة الماضية، حرمتها وعائلتها من طقوس العيد، ولم يشعروا ببهجته، وداهمهم خلال أيامه شعور بالضيق والحزن.
وأشارت" أم عماد" إلى أن أبناءها حرموا من كسوة العيد كما في كل عام، كما أنها لم تستطع صنع الكعك الذي اعتادت في كل عيد على صنع كميات كبيرة منه، ناهيك عن خجل زوجها وانكساره، بسبب عدم امتلاكه للمال لدفعه للعيدية.
وتساءلت ماذا ستفعل 700 شيكل في أسرة ينهكها الفقر، وقد ذهب معظمها لتسديد ديون البقالة، وشراء بعض الاحتياجات الأساسية للمنزل.
وتمنت" أم عماد"، أن يأتي العيد المقبل، وتكون أزمة الرواتب حلت، لتعيش هي وأبناءها أجواء عيد حقيقة، تشعرها بالسعادة.
وكانت الجهات المعنية في غزة، صرفت لموظفي حكومة غزة السابقة مبلغ 200 دولار أمريكي، كسلفة قبيل العيد بيومين.