في الآونة الأخيرة أينما أذهب أجد الأغلبية من حولي تحمل فقط حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح الواقع المتدهور الذي وصلت له القضية الفلسطينية، ولا يتم تحميل أشخاص معينين بحد ذاتهم سوء الفعل الي إفتعلوه، ربما بسبب حالة الخوف من تبعات تحميل المسؤولية لفعل الفاعل ويكتفي بالتحدث بشكل عام. وهنا أنا أرفض تحميل الحركة كحركة المسؤولية التامة لأي فعل يقوم به الفاعل، وإنما عتبي على الحركة بكافة أطرها بعدم محاسبة الفاعل على فعله_مهما كان إسم ومسمى الفاعل_.
وعلى صعيد آخر_وهنا محور المقال_ يتم إسناد وإتباع عدد من الأسماء والمسميات على حركة فتح، وهم بعيدين كل البعد عن الحركة من كل الجوانب لمفهوم الإنتماء لها، سأطلق عليهم إسم "الفتحاويون الجدد" وهم عبارة عن من يتحدث بإسم فتح وهو لا يمت لهذه الحركة بأي صلة سوى إنه يريد الحفاظ على مصالحه الشخصية الضيقة؛ ويشكك في فتحاوية أبناؤها ووطنيتهم؛ ويريد أن يحافظ على السلطة الفلسطينية بعد أن كان من أشد _ليس فقط _معارضيها وإنما يريد تدميرها.
إن ضعف و/أو إضعاف "القتحاويون القدامى" هو أهم الأسباب التي أدت إلى بروز الفتحاويون الجدد ومن ثم الإنقضاض على مختلف المناصب والمواقع وتمكين بعضهم البعض بزراعة أتباعه ممن يدعون بأن جذورهم او أصولهم فتح وهم لا يمتون بأي صلة لها، بل ولسخرية القدر قد كانوا أحد الأدوات التي كانت تعمل لسقوط حركة فتح ممثلة بحركة الشبيبة الطلابية في الجامعات وهنا أذكر جامعة بيرزيت كنموذج في الفترة التي درست بها آخر التسعينات والآن يتحدثون عن الصف الفتحاوي الواحد!! ويمجدون ويكبرون الرموز التي صنعتهم من لا شيئ إلا شيئ، بل ويتم المزايدة على أبناء هذه الحركة في بعض المواقع بتبريرات سخيفة وساذجة وكأن فتح عاقر الآن وهم أبناؤها الشرعيين!! وكل شخص من الفتحاويين الجدد يعتبر ذاته هو مُخَلّص الحركة مما تعانيه من أمراض وتناسوا أو يتناسون بأنهم سبب من أسباب تفشي المرض.
وكما يستند المحافظين الجدد على نظرية "الفوضى الخلاقة" يستند الفتحاويون الجدد على هذه النظرية في التعامل مع العالم من حولهم وذلك من خلال إغراق أبناء الحركة وقياداتهم الميدانيين النشطاء بالفوضى وتوتيرهم كيّ تتمكن نخبة الفتحاويون الجدد من ضمان استقرار وضعها مع عدد من القيادات القديمة، بالتالي يسلخون لحم الحركة عن عظمها ليتفردون برأس القيادة التي كانت قريبة وتسمع من أبناؤها في الميدان بكافة المواقع التنظيمية من مدينة ومخيم وقرية وحتى في الشتات، فانعكس ذلك سلباً على صورة حركة فتح أولاً وأخيراً مع الأخذ بعين الإعتبار بأن الحركة بريئة من أفعالهم وأقوالهم براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
وكما استثمر المحافظون الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية هجمات 11 سبتمبر الإرهابية عام2001 لتنفيذ خططهم المتواجدة بحقيبة من الأهداف المعرفة مسبقاً، استثمر الفتحاويون الجدد الانقسام الداخلي الفلسطيني بتوسيع قاعدة المصالح الخاصة بهم والسيطرة على كراسي متعددة لم يحلموا يوم من الأيام بها لولا حالة الانقسام التي شلت الجسد الفلسطيني وكافة مؤسساته، بالتالي قاموا بتعزيز مفهوم محوري الشر والخير من أجل ديمومة المنفعة التي بدؤوا يجنوها من هذا الانقسام وكأنهم المنقذ، ولم يكتفوا فقط بدق أعناق عدد من القيادات الفتحاوية وإنما عدد من القيادات الأكاديمية والمهنية الذين جاؤوا للمساعدة من أجل الخروج من عنق الزجاجة.
وهنا يجب أن أعترف بذكاء الفتحاويون الجدد لما استطاعوا تحقيقه بفترة زمنية قصيرة ولا تذكر في الزمن السياسي، وما تم تحقيقه يعود بالمنفعة والمصلحة الخاصة بهم أولاً وأخيراً، وما سأعرضه الآن هو منتج تفكير وتمحيص لعدد من هؤلاء الفتحاويون الجدد قبل 10 سنوات كيف كانوا معارضين للسلطة اللسطينية وضد حركة فتح وما حصلوا عليه بعد الانقضاض على حركة فتح بطرق دبلوماسية ثم الحصول على مقاعد ومواقع متقدمة في مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني المهترئة، بالتالي حصلوا في الزمن الحاضر على سبيل المثال لا الحصر على امتيازات ومزايا لم يحلموا بها قبل 10 سنوات: مسميات ورواتب، حراسات ومواكب، توظيف عائلي من الدرجة الأولى والثانية، توظيف حزبي، سفريات وتوابعها، الظهور الإعلامي، الهيمنة على بعض مؤسسات القطاع الخاص والأهلي، بالتالي قام الفتحاويون الجدد بإنشاء شبكات_ وليس شبكة_ من العلاقات المختلفة لتعزيز وتقوية ذاتهم مما جعلهم يتسمون بنفوذ ضخم لا يتناسب إطلاقا مع حجمها في حلبة النظام السياسي الفلسطيني المهترئة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنهم بالأساس لا يستندون على حزب/فصيل لأسباب بحاجة الى أكثر من مقال.