الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

ما هي المعلومات التي جمعتها الاستخبارات الإسرائيلية بخصوص محادثات إيران؟

2015-07-30 10:36:20 PM
ما هي المعلومات التي جمعتها الاستخبارات الإسرائيلية بخصوص محادثات إيران؟
صورة ارشيفية
#الحدث- وكالات

في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، وبعد ثلاثة أيام من التوقيع على اتفاق المؤقت بين مجموعة الخمس زائد واحد وإيران، عاد الوفد الإيراني إلى بلاده لتقديم تقرير بما تم إلى حكومتهم.
 
ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها الاستخبارات الإسرائيلية، فقد كان هناك شعور بالارتياح الكبير في طهران بشأن الاتفاق وثقة أنه في نهاية المطاف ستكون إيران قادرة على إقناع الغرب بالانضمام إلى اتفاق نهائي ينحاز لصف إيران. ويبدو أن الاتفاق النهائي، الذي تم توقيعه في فيينا الأسبوع الماضي، قد ساق مبررا لتلك الثقة.
 
وتكشف الاستخبارات أن المسؤولين الايرانيين أخبروا رؤسائهم، بما في ذلك أحد أعضاء مكتب المرشد الأعلى «على خامنئي»، أن «أهم إنجاز بالنسبة لنا» في المفاوضات كان موافقة الولايات المتحدة على استمرار تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية.
 
وهذا له فحوى ودلالة. اعتراف الغرب بحق إيران في القيام بدورة وقود نووي كاملة، أو تخصيب لليورانيوم، كان بمثابة تغيير كامل ومفاجئ من الولايات المتحدة التي أعلنت موقفها وأثناء المحادثات.
 
وأعلن كبار المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين الذين زاروا (إسرائيل) على الفور بعد أن بدأت المفاوضات مع إيران في منتصف 2013، وفقا لبروتوكولات هذه الاجتماعات، أنه بسبب انتهاكات إيران المتكررة لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية فإن «هدفنا هو أن في النهاية التوصل إلى اتفاق مع إيران بأن لا يكون هناك أي تخصيب على الإطلاق» على الأراضي الإيرانية.
 
وفي وقت لاحق، وفي كلمة ألقاها في منتدى سابان في ديسمبر/كانون الأول عام 2013، أكد الرئيس «باراك أوباما» أنه في ضوء سلوك إيران فإن الولايات المتحدة لم تعترف أن بأي حق لإيران في تخصيب المواد الانشطارية على أراضيها.
 
وفي فبراير/شباط 2014، كان الانهيار الأول من هذا الالتزام بكل وضوح، عندما قال رئيس الوفد الأمريكي للمحادثات مع إيران «ويندي شيرمان» لمسؤولين إسرائيليين أنه في حين أن الولايات المتحدة تريد وقف إيران لعمليات تخصيب اليورانيوم تماما، فقد كان هذا مطلبا غير واقعي. واعتقد مسؤولون في وزارة الخارجية الإيرانية، خلال اجتماعات طهران أنه من لحظة إعطاء إيران الحق في تخصيب اليورانيوم، فإنه سيكون بمثابة الأساس لاتفاق نهائي. وبالفعل؛ فإن الاتفاق النهائي، الذي تم توقيعه في وقت سابق من هذا الشهر، أكد على هذا التقييم.
 
وأكدت المصادر التي منحت لي الوصول إلى المعلومات التي تم جمعها من قبل (إسرائيل) عن محادثات إيران أنه لم يتم الحصول عليها من خلال التجسس ضد الولايات المتحدة. ويتعلق الأمر، على حد قولهم، بالتجسس الإسرائيلي على إيران، أو الاتصالات الروتينية بين مسؤولين إسرائيليين وممثلين عن مجموعة الخمس زائد واحد في المحادثات.
 
لقد كشفت لي المصادر ما أرادوا لي رؤيته، وفي هذه الحالات هناك دائما خطر الاحتيال والتلفيق. ويقال لقد ثبت أن هذه المصادر الموثوق بها في الماضي، بناء على تجربتي مع هذا النوع من المواد، أنه يكون له مصداقية عالية. ولا يقل أهمية عما يخرج من المواد السرية التي حصلت عليها إسرائيل في مسار المفاوضات، ويؤيد إلى حد كبير التفاصيل التي أصبحت عامة للجمهور منذ ذلك الحين.
 
وتشير المادة إلى أنه في أوائل عام 2013، علمت (إسرائيل) من مصادر استخباراتية في إيران أن الولايات المتحدة عقدت حوارا سريا مع كبار الممثلين الإيرانيين في مسقط بسلطنة عمان. وفي نهاية هذه المحادثات فقط، التي حاول الأمريكيون إقناع إيران بالدخول في مفاوضات دبلوماسية بشأن برنامجها النووي، تلقت إسرائيل تقريرا رسميا عن الأمر من حكومة الولايات المتحدة.
 
وبعد فترة وجيزة، قلصت وكالة الاستخبارات المركزية ووكالة الأمن القومي بشكل كبير تعاونها مع إسرائيل في عمليات تهدف إلى تعطيل المشروع النووي الإيراني، والعمليات التي حققت نجاحات كبيرا على مدى العقد الماضي.
 
وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، زار وزير الخارجية «جون كيري» (إسرائيل)، والتقاه رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» في مطار بن جوريون، وقال له إن (إسرائيل) تلقت معلومات مخابراتية أشارت إلى أن الولايات المتحدة مستعدة لتوقيع «اتفاق سيء للغاية»، وأن ممثلي الغرب تراجعوا تدريجيا عن  نفس الخطوط في الرمال التي كانوا قد رسموها لأنفسهم.
 
وبقراءة المواد التي اعتمد عليها «نتنياهو»، فإن هناك استنتاجان واضحان للغاية: تخلى المندوبون الغربيون تقريبا عن كل واحد تقريبا من القضايا المهمة التي قرروا وعزموا ألا يستسلموا لها، وأيضا التي وعدوا (إسرائيل) أنه لن يستسلموا لها أيضا.
 
وكان أحد الوعود التي قُطعت لإسرائيل أن إيران لن يسمح لها بتخزين اليورانيوم. في وقت لاحق قيل إنه ليس هناك سوى كمية صغيرة من شأنها أن تترك في إيران، وسيتم نقل أي شيء يزيد عن هذه الكمية إلى روسيا لمعالجة من شأنها أن تجعلها غير قابلة للاستخدام لأغراض عسكرية. وفي الاتفاق النهائي، سمح لإيران بالاحتفاظ بــ 300 كيلو جرام  من اليورانيوم المخصب، وتتم عملية التحويل في مصنع إيراني (عند ترجمة اسمه كما تسميه المخابرات الإسرائيلية فإن المعنى يكون "المصنع غير المرغوب فيه"). إن إيران أيضا مسؤولة عن معالجة أو بيع كمية هائلة من اليورانيوم المخصب المخزنة حتى اليوم، نحو 8 أطنان.
 
حالة منشأة التخصيب السرية في مدينة قم (والمعروفة في إسرائيل باسم مرفق فوردو) هو مثال آخر على تنازلات تمت لإيران. أقيمت المنشأة في انتهاك صارخ لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، ووعد أعضاء مجموعة الخمس زائد واحد رسميا (إسرائيل) في سلسلة من الاجتماعات في أواخر عام 2013 أنه سيتم تفكيكها وتدمير محتوياتها.
 
فور الاتفاق النهائي، سمح للإيرانيين بالإبقاء على 1044 جهاز طرد مركزي في مكانها (هناك 3000 الآن) والمشاركة في الأبحاث وفي تخصيب النظائر المشعة.
 
وفي منشأة التخصيب الرئيسية في «نطنز» (أو كاشان، الاسم الذي يُستخدم من قبل الموساد في تقاريره)، فإن الإيرانيين يواصلون تشغيل 5060 جهاز طرد مركزي من أصل 19 ألف هناك في الوقت الحاضر.
 
وفي وقت مبكر من المفاوضات، طالب ممثلون غربيون بتدمير أجهزة الطرد المركزي المتبقية. وفي وقت لاحق تم التراجع عن هذا الطلب، وقد كان الإيرانيون مضطرون فقط لتفكيكها. وبهذه الطريقة، سيكون الإيرانيون قادرين على إعادة تثبيتها في وقت قصير جدا.
 
وتشير الاستخبارات الإسرائيلية إلى محطتين في الصناعة العسكرية الايرانية التي تشارك حاليا في تطوير نوعين جديدين من أجهزة الطرد المركزي: محطات طيبة وتيسا، التي تعمل على أجهزة طرد مركزي من جيل «آي آر 6» و«آي آر 8» على التوالي. وتسمح أجهزة الطرد المركزي الجديدة للإيرانيين بإقامة منشآت تخصيب صغيرة من الصعب أن يتم اكتشافها، وهذا يقلل وقت الذهاب إلى إنتاج قنبلة إذا قررت إيران إفراغ الاتفاق من مضمونه.
 
ويرى الإيرانيون مواصلة العمل على أجهزة الطرد المركزي المتقدمة أمرًا مهما جدا. ومن ناحية أخرى يشكون في قدرتهم على القيام بذلك سرا، دون المخاطرة بجلب الاتهام لهم بخرق الاتفاق. وهكذا، صدرت تعليمات لمندوبي إيران بالإصرار على هذه النقطة. وقال الرئيس «أوباما» في منتدى «سابان» إن إيران ليست بحاجة لأجهزة الطرد المركزي المتقدمة، ووعد ممثلي (إسرائيل) عدة مرات بأنه لن يسمح بمزيد من البحث والتطوير. وفي اتفاق نهائي يسمح لإيران بمواصلة تطوير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، ولكن مع بعض القيود التي يعتقد خبراء لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية أن لها فعالية هامشية فقط.
 
لقد قرر مندوبون غربيون بأن وقت التحرك لإنتاج القنبلة لن يكون «على الأقل قبل عدة سنوات». وبموجب الاتفاق النهائي هذا فقد تم الخفض إلى سنة واحدة، وفقا للأمريكيين، وحتى أقل من ذلك وفقا لخبراء في المجال النووي الإسرائيلي.
 
وفي الوقت الذي كان فيه الاتفاق يقترب، كان هناك مجموعات من المناقشات في إيران تدور، وبعد ذلك تلقى مندوبوها تعليمات تصر على عدم الكشف عن ما إذا كانت البلاد قد حققت تقدما في الجوانب العسكرية لمشروعها النووي. وعلى مدى السنوات الــ 15 الماضية، تم جمع قدر كبير من المواد من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول مساعي إيران السرية لتطوير الجوانب العسكرية لبرنامجها النووي.
 
وتقسم الوكالة هذا النشاط إلى 12 منطقة مختلفة (صناعة التعدين، والتوقيت، والصمامات، ومصدر النيوترون، والاختبار الهيدروديناميكي، والتكيف مع رأسين حربيين لصاروخ شهاب 3، ومواد شديدة الانفجار، وغيرها) وكلها تتعامل مع عمل البحث والتطوير الذي يجب أن يتم ليكون قادرا على تحويل اليورانيوم المخصب إلى قنبلة ذرية فعلية.
 
وطالبت وكالة الطاقة الذرية أجوبة ملموسة لعدد من الأسئلة فيما يتعلق بأنشطة إيران في هذه المجالات. كما طلبت الوكالة من إيران السماح لها بمقابلة 15 من العلماء الإيرانيين، وهي القائمة التي ترأسها الأستاذ «محسن فخري زاده»، الذي يلقبه الموساد بـ«الدماغ والعقل» وراء البرنامج النووي العسكري. وقد تقلصت القائمة لـ 6 من أصل 15 لقوا حتفهم نتيجة الاغتيالات التي ينسبها الإيرانيون لإسرائيل، ولكن لم يعطوا الوصول إلى 9 آخرين.
 
ولم يسمح لمفتشي الوكالة بزيارة المنشآت حيث تُجرى أنشطة مشتبه بها. ويصر الغرب في البداية على هذه النقاط، إلا أن التراجع تركهم بلا حل في الاتفاق.
 
وفي منتصف عام 2015 ظهرت فكرة جيدة خلال أحد المناقشات في طهران: قد لا توافق إيران على عدم استيراد صواريخ طالما أن تنميتها وإنتاجها غير محدود. وانعكست هذه الفكرة في الاتفاق النهائي أيضا، حيث تم السماح لإيران بتطوير وإنتاج الصواريخ، وسائل إيصال الأسلحة النووية. وكلما طال أمد المفاوضات، كلما زادت قائمة الامتياز التي قدمتها الولايات المتحدة إلى إيران، بما في ذلك الحق في الإبقاء على مفاعل يعمل بالماء الثقيل، ومحطة تعمل بالماء الثقيل في أراك في مكانها، وقبول رفض الوصول الإيراني إلى الموقع المشتبه به.

من الممكن أن يكون هناك جدال بشأن الطريقة التي اختار «نتنياهو» أن يدير بها الخلاف حول الاتفاق النووي مع إيران، من خلال الاشتباك وجها لوجه وبصراحة مع الرئيس الأمريكي. ويقال إن المواد الاستخبارية التي كان يعتمد عليها تثير استنتاجات لا لبس فيها إلى حد ما: لقد تجاوز المندوبون الغربيون كل من الخطوط الحمراء التي رسموها بأنفسهم، واعترفوا بأن معظمها حاسم في البداية. وقد حقق الإيرانيون ما يقرب من جميع أهدافهم.