يبدو أن وتيرة الحرب الإلكترونية التي يخوضها الفلسطينيون والإسرائيليون تزداد يوماً بعد يوم، ورغم أنها حرب لا يوجد للصاروخ والطائرة أي دور فيها، لكنها تعتبر حرب عقول بين الجانبين، مما يثير حالة القلق والارتباك لدى أجهزتهما الأمنية في غزة وتل أبيب.”
جاء هذا في ثنايا تقرير نشره موقع " المونيتور" الأمريكي استعرض فيه انتقال المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى فضاء الإنترنت، حيث أنها لم تعد قاصرة على المعارك التقليدية والمناوشات التي تحدث بين الحين والآخر بين الجانبين.
وقال الموقع إنه وعلى الرغم من أن الحرب الإلكترونية لا يُراق فيها قطرة دم واحدة، فإنه تُعد أكثر فتكا من المعارك المتعارف عليها التي يراق فيها الدماء ويسقط فيها القتلى والجرحى.
وإلى نص التقرير:
في الوقت الذي يخوض فيه الفلسطينيون والإسرائيليون معارك عدة في ساحات القتال التقليدية- كان أخرها حرب غزة الأخيرة في صيف 2014- ظهرت جبهة قتال جديدة أكثر شراسة، وإن كانت لا يراق فيها قطرة دم واحدة، وهي ما يُطلق عليها " الحرب الإلكترونية" التي تدار في فضاء الإنترنت.
وقد وقعت أخر جولة من المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين في فضاء الإنترنت في الـ 9 من أبريل الماضي، حينما قام هاكرز إسرائيليون بتسريب سجل السكان الفلسطينيين والذي يحتوي على بيانات تخص 4 ملايين فلسطيني ونشر معلومات شخصية عن زهاء 700 موظف في السلطة الفلسطينية، من بينهم وزراء وصحفيون.
وجاءت الهجمة الإسرائيلية ردا على حملة لـ هاكرز فلسطينيين شاركوا في هجمة "إلكترونية" تم شنها على إسرائيل في الـ من 7 أبريل 2015، ونجحوا في اختراق عشرات المواقع الإلكترونية الإسرائيلية، مثل موقع الحكومة الإسرائيلية، ووزارات الدفاع والتعليم والاستخبارات، وسوق الأسهم للأوراق المالية، وشرطة تل أبيب.
ويمكن اعتبار مخاطر عمليات اختراق المواقع الفلسطينية والإسرائيلية أنها توازي الحرب العسكرية، لأنها تصل لأماكن حساسة كالقواعد العسكرية والمطارات والبنوك، وقد تؤدي لخسائر فادحة, وتأثير هذه العمليات على الفلسطينيين والإسرائيليين يعتمد على الجهة المتعرضة للاختراق، سواء حسابات مصرفية أو مواقع عسكرية وأمنية، وفي الحالتين تعتبران تهديداً للأمن القومي للجانبين.
ويبدو أن وتيرة الحرب الإلكترونية التي يخوضها الفلسطينيون والإسرائيليون تزداد يوماً بعد يوم، ورغم أنها حرب لا يوجد للصاروخ والطائرة أي دور فيها، لكنها تعتبر حرب عقول بينهما، مما يثير حالة القلق والارتباك لدى أجهزتهما الأمنية في غزة وتل أبيب.
وتحدث مسئول أمني فلسطيني لـ "المونيتور" والذي طلب عدم الكشف عن هويته، قائلا إن "أجهزة الأمن في غزة نجحت في أبريل الماضي في كشف عشرات العملاء الذين تم تجنيدهم من جانب المخابرات الإسرائيلية عبر موقع إلكتروني. وتم ذلك عبر قيام خبراء تقنيين فلسطينيين باختراق سرفرات " خوادم" الموقع الأمني الإسرائيلي، وحصوله على قوائم بأسماء العملاء المسجلين فيه".
وقال أشرف مشتهى، خبير أمن الحاسوب والمعلومات في غزة، في تصريحات لـ المونيتور" إن "المخابرات الإسرائيلية تستخدم الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في نشر الإشاعات والحرب النفسية ضد الشعب الفلسطيني، وعمليات تجنيد العملاء عبر الاستخدام الخاطئ من الفلسطينيين للإنترنت، وتهاونهم في تقدير الخطر الحقيقي الذي يشكله الأمن الإسرائيلي عبر الإنترنت".
وتستطيع أجهزة المخابرات الإسرائيلية الوصول لبعض المطلوبين الفلسطينيين لها عبر الشبكة العنكبوتية، كما حدث مع حمزة أبو الهيجاء أحد كوادر كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، حيث نجح الجيش الإسرائيلي بتحديد مكانه عبر مشاركة له في حسابه على موقع "فيسبوك" ثم اغتياله في مارس 2014.
من جهته، ذكر خالد صافي، مدون شهير في غزة، لـ " المونيتور" إن "المخابرات الإسرائيلية تحاول إسقاط النشطاء الفلسطينيين على شبكة الإنترنت، حيث ينتحل ضابط المخابرات الإسرائيلي شخصية ما، وعبر حسابه على فيسبوك يسمي نفسه ألقاباً مغرية للفلسطينيين مثل: "عاشق القضية"، أو "المدافع عن القدس.”
ولم يعد سراً أن الاستخبارات الإسرائيلية تشدد المراقبة على شبكات التواصل الاجتماعي التي يرتادها الفلسطينيون، ورصد المنشورات التي يكتبونها لمحاولة التعرف على نواياهم بشأن تنفيذ عمليات مسلحة ضد الإسرائيليين.
وقامت المخابرات الإسرائيلية باعتقال عدد من الفلسطينيين في القدس المحتلة في ديسمبر، بعد كتابتهم منشورات على مواقع التواصل تدل على نيتهم في تنفيذ عمليات مسلحة، وتم توثيق ما كتبوا، وعدد الإعجابات " اللايكات" المنشورة، ومشاركات المنشورات.
وتعتبر صفحة "أفيخاي أدرعي"، الناطق باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية على "فيسوك"، من أشهر ساحات المواجهات الإلكترونية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث يتبادلان على الصفحة مواقفهم السياسية، وأحياناً شتائمهم، لاسيما في حالات الحروب والمواجهات الدامية.
وأوضح مخلص برزوق، الناشط الفلسطيني على صفحات التواصل عبر شبكة الإنترنت، لـ " المونيتور" أن "صفحات الساسة والعسكريين الإسرائيليين ليست شخصية، بل تصدرها منظومة استخباراتية عسكرية، وهي صفحات ذات طابع تجسسي، يشرف عليها طاقم إسرائيلي متخصص يراقب كل حرف وكلمة، ويسجل ردود الأفعال على ما ينشر فيها، ويتم توظيفها لخدمة العدو الإسرائيلي في معركته نفسياً ومعنوياً وإعلامياً ضد الفلسطينيين، والمشاركة بهذه الصفحات يسهل للمخابرات الإسرائيلية التجسس على الفلسطينيين، وكشف أسرارهم".
وفي النهاية، فإن الحرب الإلكترونية بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد تصيب وتقتل أكثر من الرصاصة، حيث تكون شدة الخطورة عالية، مما حدا بالجانبين لمواجهة الهجمات المتبادلة بتشديد عملية الرقابة على الاتصالات الإلكترونية لديهما, وقيامها باختراقات مضادة للأجهزة التقنية في الجانب الآخر، وإنشاء وحدات أمنية لمواجهة تلك المخاطر.