الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في رواندا.. غزو نسائي لعالم المال والأعمال

2015-08-03 04:03:21 PM
 في رواندا.. غزو نسائي لعالم المال والأعمال
صورة ارشيفية

 

الحدث- ليلى الثابتي


نساء رواندا استطعن كسر الهيمنة الذكورية في مجال الأعمال، ليشرفن على مؤسساتهن الخاصة بأنفسهن، في خطوة أخرجت المناصب العليا في الشركات من نفوذ الرجال المسيطر عليها حتى الآن في معظم الدول الافريقية.. غزو نسائي يتطلّعن من خلاله إلى تحقيق بعض الاستقلالية المادية.

تألّق غير مسبوق تعرفه النساء الروانديات صاحبات المؤسسات، واللائي استطعن غزو مختلف القطاعات والأنشطة في البلاد. ففي 2005، خصّص اتحاد القطاع الخاص في البلاد غرفة خاصة للنساء صاحبات الأعمال، واليوم، تضمّ هذه الهيئة المستقلّة حوالي ألف و700 سيدة أعمال رواندية، ي حوالي ثلث أصحاب الإعمال في البلاد، بحسب سكرتير اتحاد القطاع الخاص، دوناسيان مانغواريبا.

وتعنى هذه الغرفة على وجه الخصوص بالرفع من مستوى الأعمال لدى النساء، ومساعدتهن على ازدهار أنشطتهن، من خلال الاعتماد على استراتيجية تمكّن من بلوغ الأهداف المرسومة.

تيريزا بيبونوبونو، المتحدّثة باسم غرفة النساء سيّدات الأعمال في رواندا، قالت للأناضول، متحدّثة عن سياسة منظمتها: "نلتقي النساء، ونقوم بالإطلاع على أنشطتهن، وعلى التقدّم الذي يحرزنه، فنطلعهن بدورنا على شهادات لنساء أخريات تمكن من النجاح، ونسعى إلى التعرّف على مواطن الضعف الذي يعانين منه على مستوى إدراة مشاريعهن، وهذا ما يمكننا من مرافقتهن وحثّهن على التقدّم، وخصوصا عدم تركهن يصبن بخيبة أمل جراء الصعوبات الموجودة في جميع المهن".

توجّه تسانده ثقافة بأكملها، ففي رواندا تحظى المرأة بمكانة فريدة من نوعها مقارنة بنساء العالم، بما أنها استطاعت، خلال عقد من الزمن، أن تنطلق بقوة وتفرض نفسها في المجال السياسي وكعامل للنمو الاقتصادي ومحرّك للحياة الاجتماعية. مكانة أهلتها لتصدر البرلمان الرواندي بنسبة 64% من أعضائه، أي ما يقارب ثلثيّ الأعضاء.

ولم تحقق المرأة الرواندية هذه المكانة بسهولة،  بل كابدت لتحصل عليها طيلة عشرية كاملة، تمكّنت خلالها من فرض نفسها كرقم صعب في المعادلة السياسية للبلاد، وكفاعل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ما جعلها تحصد 51 من بين 80 مقعدا في البرلمان.

الاتحاد البرلماني الدولي ذكر، في تقريره للعام الجاري (2015) أنّ النسبة التي تمكّنت النساء الروانديات من تحقيقها في المقاربة البرلمانية، تعتبر فريدة من نوعها في العالم، بل إنّها فاقت أكثر توقّعات الولايات المتّحدة الأمريكية تفاؤلا، وذلك حين أوصت الأخيرة بتحديد حدّ أدنى للحضور النسائي في البرلمان لا ينزل عن سقف الـ 30 %.

وإضافة إلى التميّز النسائي الفردي، يعمل العديد من شركاء البلاد على تحسين ظروف عيش النساء الروانديات، أبرزهم منظمة "كار أنترناشيونال رواندا" غير الحكومية، والناشطة في 24 مقاطعة من البلاد، وخصوصا في المناطق الريفية، حيث تقوم بتنظيم دورات تدريبية مجانية، بالشراكة مع غرفة النساء سيدات الأعمال في رواندا.

وفي تصريح للأناضول، قالت سيسيل موكشهيمانا، وهي سيّدة أعمال رواندية ناشطة في المجال الزراعي والغذائي، بمقاطعة نياغاتاري شرقي رواندا: "كان من الصعب عليّ تدبّر أمري، حيث لم تكن لديّ موارد، كما كنت أتكفّل بـ 6 أطفال، وزوج عاطل.. لم يكن الوضع مريحا بالمرّة، لكن وبفضل هذا البرنامج، تمكنت من الاستثمار في مجال بيع الذرة، فكان أن تحسّن وضعي، واليوم أشعر بالسعادة والرضا التامين عن نفسي وعما أقوم به".

ومن جانبها، قالت فيستين يواماليا، وهي صاحبة شركة بالعاصمة كيغالي، ناشطة بمجال التوريد والتصدير: "أشجع النساء الأخريات على العمل في التوريد والتصدير لأنه مجال جيّد، ففي السابق، كان حكرا على الرجال، لكن اليوم، بإمكاننا التميّز أيضا، ولقد فعلنا ذلك، فهذا العمل يجعلك منفتحا على العالم، ولا يتضمّن الكثير من الإشكالات".

اكتساحهن لعالم الأعمال جعل منهن إحدى ركائز الاقتصاد في بلادهن، غير أنه لا أرقام متاحة حتى الآن بخصوص مساهمة النساء صاحبات الأعمال في اقتصاد البلاد، وإن قدّرت مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد بـ 30 %، وفقا للوكالة الرواندية للتنمية.

لكن، ورغم إشعاع النساء سيدات الأعمال في رواندا، إلا أن طريقهن لاتزال محفوفة بالكثير من المصاعب. إيلي نغابونيزا، أستاذة الاقتصاد بالجامعة الحرّة في العاصمة كيغالي، قالت للأناضول إنّ "هؤلاء النساء يواجهن صعوبات متعلّقة بالحصول على القروض، فالبنوك لاتزال متردّدة في منح مبالغ هامة ليس فقط للمستثمرين بصفة عامة وإنما للنساء على وجه الخصوص"، مشيرة إلى أنه "رغم تحسّن ظروف حياة النساء، إلا أنّ الكثير من أزواجهن يعارضون فكرة سفر زوجاتهن من أجل العمل".

وبحسب السلطات الرواندية، فإنه من المنتظر خلق 200 ألف موطن شغل سنويا، لاسيما بالنسبة للنساء والشباب، وذلك ضمن التوجهات العامة للبلاد، والتي تهدف إلى بلوغ مصاف البلدان الناشئة بحلول العام 2020. ولتجسيد توجهها، تعول رواندا على ديناميكية قطاعها الخاص، وخصوصا على المشاريع النسائية التي استطاعت أن تحقق طفرة خلال السنوات الأخيرة، بحسب المراقبين.

 

المصدر: وكالات