رولا سرحان
وصمدت غزة رغم كل أكوام الحديد والإسمنت التي هدمت على رؤوس أهلها؛ ورغم هول الفواجع بالأبناء والبنات والآباء والأمهات. وغزة هذه المرة مختلفة عن كل مرة، لأنها أقوى، ولأن أهلها باتوا يعرفون أنهم إن لم يموتوا اليوم بفعل صواريخ الاحتلال سيموتون غدا بفعل الحصار، فاختاروا الموت السريع على الموت البطيء. لذلك فلا عجب أن نجد منهم من يصرخ أنهم مستعدون للتضحية بآخر قطرة دم وبآخر حجر منزل وبكل الأبناء كي يعيشوا بكرامة.
أما الضفة، المشكك بعض قادتها بصمود غزة وأهلها فعليهم أن يعترفوا بأن الشرعية نزعت عنهم هنا، وأن الشرعية باتت تُمنح من غزة، فغزة التي قاومت من فوق الأرض ومن تحتها ومن بين البيوت ومن داخل سيارات الإسعاف ومن على أسرة المستشفيات، ومن المدارس والمساجد. فمن يُريد أن يجدد شرعيته فعليه أن يتوجه اليوم إلى غزة. ومن خشي على نفسه نفوقها فهدنة الأيام الثلاثة كفيلة بالحفاظ على روحه.
في غزة وحدها، بإمكان السيد الرئيس أن يجدد شرعية ولايته المنتهية منذ آخر انتخابات في 2005، وكذا بالنسبة لأعضاء المجلس التشريعي، وكذا بالنسبة لحكومة التوافق الوطني التي استراحت طيلة أيام العيد من الأحد إلى الأحد، وغزة منطقة كارثة إنسانية.
السيد الرئيس رئيس الضفة وغزة، وعليه أن يتفقد رعيته في شطر الوطن المنكوب كما أعلن، وأن يسحب وراءه رؤساء الأمناء العامين للأحزاب والفصائل الفلسطينية المتشدقين على التلفاز بدعم غزة. أما دولة رئيس الوزراء التوافقي، فعليه أيضاً أن يشد الرحال إلى غزة هو وطاقمه الوزاري ليقفوا عند مسؤولياتهم تجاه الوضع الكارثي وأن يعقدوا جلسة مجلس الوزراء من هناك، وهذا أضعف الإيمان!