الحدث- محمد مصطفى
ما أن يقترب مغيب الشمس، حتى يبدأ الصيادون الهواة بالتوافد إلى شاطئ البحر، كل منهم يحمل صنارته، وبعض المياه والطعام، إضافة إلى وسيلة إنارة .
يحمل معظم الصيادين معهم آلات حفر تقليدية "كريك"، ويبدؤون بحفر الأرض على طول الشاطئ، بحثاً عن ديدان بحرية حمراء اللون، تستخدم كطعم لجذب أسماك "السروس الليلية"، للصنارة.
اختيار منطقة الصيد
وما أن ينتهي هؤلاء من جمع كفايتهم من الطعم، حتى يبدأ كل منهم باختيار منطقته، وجميعهم يفضلون الصيد قرب مناطق تجمعات الصخور، والتي تعتبر البيئة الأفضل لهذه النوعية من الأسماك.
واللافت أن معظم الصيادين، لا يبدؤون بممارسة الصيد فعلياً، إلا بعد أن يسدل الليل ستاره، ويعم الظلام، حينها يشعل كل منهم وسيلة الإنارة التي جلبها، وهي مخصصة لرؤية المنطقة المحيطة به، كي يتمكن من وضع الطعم في الصنارة، فضالتهم من أسماك "السروس"، هي أسماك تجيد الرؤية في الظلام، ولا تتحرك للبحث عن الطعام إلا خلال ساعات الليل.
أسماك شهية
ويقول الصياد الهاوي سعيد عبد الحكيم، إن صيف كل عام هو الوقت المفضل لصيد هذه النوعية من الأسماك، والتي غالباً ما تتواجد وتتوالد في محيط تجمعات الصخور، محتمية بها من شباك الصيادين، فالأخيرون يتجنبون الصيد قرب المناطق الصخرية، خوفاً من تمزيق الشباك.
وبين عبد الحكيم، أن تلك الأسماك ذكية، وتحتمي وسط الصخور الوعرة، التي تحوي ما يشبه المغارات البحرية، وتبدأ بالحركة الحذرة خلال الليل، وتبحث عن الطعام، لذلك فهم يعمدون لرمي الصنارة بعيداً عن المنطقة التي يعتقد تواجدها بها، ثم يسحبونها إليها بهدوء، تجنباً لإخافتها وفزعها.
ونوه إلى أن صيد أسماك السروس الشهية، يحتاج إلى صبر، فالسمكة إذا ما شعرت بالأمان، تبدأ بالحركة، وقد تهاجم الطعم لمرة وتختفي، وإذا ما شعر الصياد برجفة في الصنارة، عليه الانتظار، فالسمكة تبقى تراقب من بعيد، وحال أطمأنت تعود لتناول الطعم من جديد، وربما تقع في الصنارة.
أما الصياد علي براهمة، فأكد أن الصياد أو الهاوي يغادر منزله في ساعات المساء، ولا يعلم إن كان سيصطاد أم لا، ففي بعض الليالي تكون الأسماك شرهة، تهاجم الطعم بكثافة، وينجح الصيادون بصد العديد منها، وفي ليالي أخرى، تكاد تكون مختفية، حركتها خفيفة، وربما يعود الصياد بخفي حنين.
ونوه براهمة، إلى أنه في إحدى الليالي قبيل شهر رمضان، نجح في صيد كمية جيدة، وفي ليلية أخرى خرجت له سمكتان كبيرتان، كانتا بمثابة هدية إلهية له ولأسرته.
الصبر مفتاح الفرج
وشدد على أن الصياد الأكثر صبراً هو من ينال المكافئة، فقد تمر ساعات وساعات ولا تتحرك تلك الأسماك، وفجأة وربما قبيل الفجر بقليل تتحرك، وتبدأ بمهاجمة الصنارة بشراهة، ويخرج الصيادون منها الكثير.
أما الصياد إسماعيل عوض الله، فأكد أن الصيد في الليل ممتع، وجميل، لكن ثمة صعوبات وعقبات تواجه الصيادين، وفي مقدمتها، إطلاق النار الليلي من قبل زوارق الاحتلال تجاه الصيادين، والذي يتسبب في إخافتهم، وحتى يشكل خطراً على حياتهم.
وأكد عوض الله، أن الصياد قد يصاب بالملل والتعب والنعاس، خاص إذا ما كان الصيد متباعد، ناهيك عن مهاجمة الطعم من قبل أسماك صغيرة، حديثة الفقس، فهي تأكله، وهذا يتسبب في ضياع فرصة صيد الأسماك الكبيرة.
أوضح عوض الله أن أسماك السروس الليلية الشهية، تستحق التعب والمغامرة، فمن أجلها سهر الليالي، وقضى ساعات من الانتظار، وعلى سفرته تناولت عائلته لحومها الشهية مرات عديدة.
أماكن تواجدها
ويتوجه معظم الصيادون الباحثون عن تلك الأسماك إلى بحر وسط قطاع غزة، خاصة مناطق القرارة ودير البلح والزوايدة، حيث الانتشار الكبير للصخور، وتواجد الأسماك بكثرة هناك، بينما يفضل البعض صيدها في ميناء غزة، وهي تتواجد أيضا هناك.