أطلقت دائرة الكتب والوثائق العراقية حملة لإنشاء نسخ رقمية من الكتب والوثائق النادرة التي تحفظ التاريخ الحديث للعراق والقديم، في مسعى لحماية هذا الأرشيف النادر من خطر داعش، وخشية تكرار ما فعله المغول في مكتبة بغداد في القرن الثالث عشر.
ويقول معاون مدير عام الدائرة، جمال العلوجي، إن نظام صدام حسين كان قد استبق الغزو الأميركي للعراق، بإصدار تعليمات صارمة بضرورة الحفاظ على الأرشيف العراقي من خلال نقل موجودات الدار إلى مواقع بديلة.
واتخذ النظام السابق هذه القرار تحسبا لتلف الوثائق في حال تعرضت دار الكتب للقصف خلال المعارك في 2003، حسب العلوجي، الذي أشار إلى أن أحد المواقع البديلة للأرشيف النادر كان قبو وزارة السياحة والآثار.
إلا أن هذه الإجراءات لم تحل دون إغراق أكثر من 25 بالمائة من الأرشيف الوطني من جراء تعرض أنابيب نقل المياه المؤدية إلى قبو الوزارة لأضرار بسبب الدبابات الأميركية، وفق ما يؤكد معاون مدير عام دائرة الكتب.
ويضيف أن بعض الوثائق والكتب "تعاني اليوم من التحجر التام نتيجة غمرها بالمياه وبقائها فترات طويلة على هذه الحالة، في القبو الرطب والمعتم"، بعد سنوات على الغزو الأميركي الذي أطاح بنظام صدام حسين.
ويشدد العلوجي على أنه خلال الغزو شهد العراق أحداث "حرق وسلب عمت مؤسسات الدولة كافة، طالت دار الكتب والوثائق"، وأن "عمليات الحرق تسببت أيضا في إتلاف 60 بالمائة من محفوظات الدار من الكتب النادرة..".
وعمدت الدار أخيرا إلى إطلاق "حملة لإعادة صيانة ما تم إتلافه من كتب ووثائق والاحتفاظ بالأكثر ضررا، بانتظار استحداث تقنيات تمكن المعنيين من استعادة هذا الإرث المهم"، الذي يختصر عقودا من تاريخ العراق.
وتقع على عاتق الخبراء العراقيين مسؤولية إعادة صيانة الوثائق التالفة وعملية الحفاظ على أرشيف البلاد من الحقبة العثمانية إلى العهد الملكي، وصولا إلى الأنظمة المتعاقبة بعد الإطاحة بالملكية، حسبما يذكر العلوجي.
ويعمد الخبراء "بحذر شديد" إلى ترقيع الوثائق التالفة وكيها في عملية تمهد "لتهيئة المخطوطات لتحويلها إلى مصنفات مايكروفلمية باستخدام كاميرات خاصة وإنارة خافتة ليسهل فيما بعد التعاطي معها من دون تعريضها للتلف".
وتقول عواطف السلمان، التي تعمل معاونة لمدير قسم التقنيات في دار الكتب والوثائق، إن "عملية الأرشفة تتم باستخدام ذات تقنيات خاصة تساعد في أرشفة مايكروفلمية لملايين الوثائق".
وتوضح عواطف أن "أهم الوثائق أحرقت بالكامل بفعل فاعل، وما يتم إعادة صيانته ليس أكثر من وثائق تعود لوزارة الداخلية" في العهد الحديث، بينما تعرضت معظم الوثائق التي تعود للحقبة العثمانية والانتداب البريطاني إلى التلف الكامل.
وبالإضافة إلى الحرق والسلب، فإن سوء التخزين كان قد ساهم في رفع عدد الوثائق التالفة في الدار الذي تواجه قلة الاهتمام مع عدم مراعات الظروف الملائمة لحفظ مثل هذا الأرشيف النادر والقيم.
ومن الأسباب التي دفعت المسؤولين إلى خطوة كهذه سيطرة تنظيم داعش المتطرف على مساحات كبيرة في العراق، والجرائم التي ارتكبها بحق آثار وكنوز تاريخية عراقية.
وكان داعش قد دمر كنوزا أثرية في العراق بينها مدينتا نمرود والحضر الأثريتين. كما دمر مسلحو التنظيم المتطرف آثارا تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد في متحف الموصل.