الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أغلب أهل الجنة من سادة قريش !

2015-08-07 05:14:38 PM
أغلب أهل الجنة من سادة قريش !
صورة ارشيفية
مقال بقلم- مها عمر

كنت قد عاهدت نفسي ألا أتحدث في أي موضوع على الهامش منذلك النوع الذي يثير الجدل العقيم ، و تكون فيه المناقشات من النوع الصفري الذي يفرض أن ينتصر طرف  لفريقه و فكرته على حساب الطرف الآخر مهما كان .

لكن السؤال الذي أود طرحه ببساطة على الناس وعلى نفسي هو : لماذا يجب أن نصنف كل شيء؟

و السؤال المترتب عليه :لماذا تستعبدنا التصنيفات ؟

قلة قليلة من الناس الذين قابلتهم في حياتي يستطيعون فصل سلوك الشخص عن الشخص نفسه . ليس صعبا عليك أن تحترم إنسانا وألا تضع أيديولوجيته أمامك طوال الوقت و أنت تسلم عليه و تتكلم معه .

في المجتمعات المتأخرة و بعض المتقدمة المدعية ،  التي تقل فيها نسبة التسامح و التعامل السلس ، ترتفع نسبة التمييز على أساس العرق و الدين و اللغة . هناك مجتمعات لم تستطع أن تتخطى بعد كونها قامت على أسس طائفية أومذهبية   أو على أساس الشكل كما عندنا في مصر .

التصنيف يشمل كل شيء في الانسان بدءًا من كونه رجل أو امرأة ، الدين، و بعد الدين تأتي الطائفة ، و بعد الطائفة تأتي الطبقة الاجتماعية ، ثم يأتي الانتماء السياسي ، ثم الشكل ثم هل هو من سكان الريف أو المدينة سلسلة طويلة من التصنيفات يمر بها الإنسان في مجتمعاتنا لا علاقة لها بالكفاءة و لا بحسن الخلق ولا بالقدرة على التفوق .

في المجمتعات الأشد فقرا وتخلفا تساند الحكومة بكل أنشطتها بل و تساهم في دعم الاختلاف ،ليس دعما للتنوع بل دعما للتقسيمالطبقي ، و العنصرية و سيادة قانون الغاب ،و تقسيم الناس بين عبيد يعملون في مختلف مجالات الحياة ،و سادة يدخلون القضاء و الشرطة و الجيش و يتمتعون بتسهيلات وامتيازات لا يتمتع بها أحد لا ينتمي لذات المؤسسات مثلهم و لا يتساوى معهم أحد إلا إذا كان أهله من ذات الطبقة و المكانة . لماذا ؟ لأسباب سياسية أوهنها : خلق طائفة من الناس انتماؤهم الأول للدولة مهما كان فسادها و عفنها ، وهم بدورهممن يصوغون القوانين ومن يمررونها للناس على أساس أنهم حراس الدولة القومية من الشرور الخارجية  ألخ الخ الخ !

" ولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء"المادة 1 من ميثاق الإعلان العالمي لحقوق الانسان .

في مصر أنت مصنف حتى ينتفي عنك التصنيف بتغيير دينك أو محافظتك التي تعيش فيها ، بلبس الحجاب أو خلعه ، بالدخول في كلية ذات طبيعة دراسية معينة ، بالتفوقالدراسي من عدمه ، بانتمائك  لطائفة معينة ، بلون بشرتك أحيانا  . أنت مصنف بطبيعة الحال .وأكثر الأماكن التي يتم تصنيفك فيها ، عملك ، المصلحة الحكومية التي تقضي فيها معاملتك ، كمين الشرطة ، جامعتك ،  في المواصلات العامة . أنت مصنف و لا مفر !

و على التصنيف تترتب أمور كثيرة ، أحقيتك في عمل معين ، أو في دراسة معينة أو في العمل لجهة معينة ، أحقيتك في الحياة أحيانا .

و ينسحب التصنيف البغيض على المرأة في مجتمعاتنا ، و هي الكائن الذي يتحمل في معظم المجتمعات من وجهة نظري آفات التصنيف ، لأنها ببساطة مرآة المجتمع ، و هي ليست فقط تحت ضرس المجتمع طوال الوقت ، يحاكمها ، و يدخلها سجنه ، و يهينها و يصنفها ، بل أيضا يلقي عليها بكل أمراضه و تعقيداته .

فهي مصنفة حسب حالتها الاجتماعية ، وحسب قدرتها على الإنجاب ، و حسب دينها ، وحسب مظهرها و ملبسها ، ناهيك عن وضعها أحيانا في المرتبة الثانية اجتماعيا كونها أنثى .

تتلبس المرأة عادة بأمراض المجتمع الذي تعيش فيه ، و في أحايين كثيرة ، تتحول إلى الحارسة الحامية لتقاليد مجتمعية كرست تصنيفها ، و استباحت جسدها بدعوى العفة .
الموضوع أكبر من جدل الحجاب و النقاب ، والمنع و القبول ، الموضوع هو أننا و بعد كل ما مر به الانسان من حروب و قهر و قتل على أساس الهوية لازلنا نرى أنه من حق إنسان يدخل مكانا أو يخرج منه على أساس شكله و توجهاته !

"كانت من أكبر النكات التي عشتها كمصرية في تلك الفترة الزمنية التي مضت و التي تمنيت فيها العمل كمذيعة و لم يتسن لي لأنني محجبة في بلد لا يبيح عمل المحجبات في التليفزيون لأسباب تتعلق بكونها غير لائقة مظهريا في بلد يعتبر الاسلام دين الدولة "

إننا لازلنا ، حتى بيننا و بين بعضنا ، نتعاطف مع المحجبة دون غيرها ، ونرى المنتقبة مذنبة بطبيعة الحال، ونضعهما في منازل تنزيه أو عصمة لا قبل لهم بها ، و نتعامل مع غير المحجبة كونها بلا أخلاق ، و نصنف المسيحي على أنه كائن من الدرجة الثانية ، و المسلم غير المتدين المنحل أنه لا يستحق معاملة ترعى حقوقه و ترعى تخييره اصلا بين الدين من عدمه  ،نحن نصنف الناس على أساس انتمائاتهم السياسيةكونهم يستحقون التعاطف أو لا على ما يتعرضون له من قهر و قتل و تصفية و اضطهاد لا يرضى به الله الذي خلقنا جميعا سواسية !

أين ذهب بنا التصنيف ؟ حروب طائفية ونزاعات قبلية و تراجع في التسامح المجتمعي ، وغياب القانونو سيادة قوانين تعتمد أمزجة الشارع و الضابط ، و صاحب اليد العليا في النزاع !

قتل التصنيف زينب المهدي ، و قتل الكثير من شبابنا المعتقلين ، التصنيف ليس وحده القاتل ، لكنه مشارك في الجريمة .

لو كان الله يصنفنا ، لوجدت أغلب أهل الجنة من سادة قريش !