الجمعة  22 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

من يتحدث عن احتكار الإسمنت في فلسطين فليتفضل بالاستيراد.

2014-02-09 00:00:00
من يتحدث عن احتكار الإسمنت في فلسطين فليتفضل بالاستيراد.
صورة ارشيفية

 

أنهينا استعداداتنا لتوقيع الاتفاقية الرابعة مع شركة “نيشر” التي ستسمح لنا باستيراد الإسمنت من الأردن

نسعى للتحول من شركة خدمات إلى شركة مختصة في الصناعات الإنشائية وكيس الإسمنت الفلسطيني في الأسواق قبل نهاية العام

وجه جديد يدخل اللعبة الاقتصادية، شاب لا يتجاوز عمره 35 عاماً، يرأس أهم شركة إنشاءات في فلسطين. لؤي بشارة قواس، هو المدير العام الجديد للشركة الفلسطينية للخدمات التجارية، الذراع الاستثماري لصندوق الاستثمار الفلسطيني في قطاع الصناعات الإنشائية، كان نائب الرئيس التنفيذي للشؤون المالية للصندوق، لكن على إثر القرارات الأخيرة التي اتخذها صندوق الاستثمار لتطوير عمل الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية لجهة إعادة هيكلتها ووضع استراتيجية جديدة لعملها بهدف تحويلها من شركة خدماتية بحتة تستورد الإسمنت فقط من شركة «نيشر» الإسرائيلية، إلى شركة تعمل على إنتاج الإسمنت الفلسطيني، فقد كان من الضروري إطلاق يد التغيير الإداري كذلك في الشركة فتم نقل قواس من الإدارة المالية للصندوق ليتولى رئاسة الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية وتطويرها.

لكن الشاب اليافع، يواجه حالياً عاصفة من الانتقادات وحملات إعلامية منظمة وضغوطات من أصحاب مصانع الباطون واتحاد المقاولين الفلسطينيين على إثر القرار الأخير برفع سعر طن الإسمنت بـ 18 شيكلاً، موجهين له تهماً من قبيل «احتكار» سوق الإسمنت في فلسطين، واستغلال المستهلك. 

«الحدث» التقت قواس بمكتبه برام الله ووضعت كل الانتقادات بين يديه فأجاب على أسئلتنا على النحو التالي:

سؤالنا الأول يتعلق بإضراب اتحاد المقاولين ومصانع الباطون، ما هو تعقيبكم على هذا الموضوع؟

بداية أقول إن الإضراب حق للجميع كفله القانون الفلسطيني، لكننا قمنا في الخدمات التجارية بكل ما في وسعنا من أجل أن نتوصل إلى تفاهم  معهم تكون نتيجته التخفيف على المستهلك كما سأوضح بعد قليل، شركة الخدمات الفلسطينية تدعم اتحاد مصانع الباطون الفلسطيني بتقديم أسعار مناسبة لهم وآليات سداد مناسبة لهم أيضاً وتقدم لهم دعماً من نوع آخر يتمثل في تقديم المختبرات لفحص الجودة والصوامع للتخزين وخصومات وعروض أسعار ملائمة، ويجب التوضيح للمواطن ولاتحاد مصانع الباطون بأن اتحاد المقاولين يستغل اتحاد مصانع الباطون للاستمرار في الإضراب وعدم فك الإضراب وذلك من خلال الضغط عليهم بالمبالغ المالية المستحقة عليهم وعدم رفع الأسعار، لكن أود أن أشير بأننا في الخدمات التجارية لن نتراجع عن قرارنا بخصوص رفع أسعار الإسمنت، وأود أن أوضح للجميع أن إضراب المقاولين الجزئي لن يستمر لأكثر من 3 أيام وسينتهي اليوم، لأن اتحاد مصانع الباطون لن يستطيع أن يتحمل العبء المالي والالتزامات المالية المترتبة عليه لأن هامش الربح أن وجد الخاص بهم في تآكل مستمر.

س: تم رفع أسعار الإسمنت مطلع الشهر الجاري، ما هي الأسباب والدوافع، وهل صحيح أن سعر الإسمنت في إسرائيل أقل منه في فلسطين؟

في مطلع كل عام يصلنا كتاب من الموردين الأساسيين للإسمنت، أي من إسرائيل والأردن، وقد وصلنا كتاب رسمي من شركة «نيشر» الإسرائيلية بتاريخ 2014/1/1 تُبلغنا فيه نيتها رفع سعر الإسمنت بمقدار 22 شيكلاً شاملاً قيمة الضريبة المضافة والنقل، ولأننا في الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية قد تحملنا %20 من السعر المرفوع، فإنه بالتالي تم رفع السعر بمقدار 18 شيكلاً فقط على مصانع الباطون.

وقد بدأت المفاوضات مع الإسرائيليين في 2013/12/1 حيث طلبوا رفع الأسعار 10 دولارات للطن الواحد غير شاملة الضريبة، وذلك بسبب ارتفاع أسعار «الكلينكر»، وهي المادة الأولية لتصنيع الإسمنت، والتي ترتفع بشكل متزايد، إضافة إلى ارتفاع تكلفة النقل والموانئ ابتداء من كانون الثاني 2014. لكن استطعنا اقناعهم بجهود حثيثة بتأجيل رفع الأسعار إلى شهر شباط، وبنصف القيمة أي 22 شيكلا فقط. وذلك لأننا نسعى في الخدمات التجارية إلى البحث عن مصادر أخرى لشراء «الكلينكر»، من بينها دول أخرى علاقتها جيدة جدا مع فلسطين، لنقلل التكلفة وبالتالي ينعكس الأمر على المستهلك.

س: مصانع الباطون تطالب بالسماح لها باستيراد الإسمنت من إسرائيل وغيرها بشكل مباشر، وتقول بأنكم تحتكرون سوق الإسمنت في فلسطين، كيف تعلقون على هذا الكلام؟

نحن نمثل ما نسبته %25 تقريبا من حجم مبيعات شركة «نيشر»، وعندما نتوجه كجهة واحدة للتفاوض على سوق يمثل %25 من مبيعات الشركة نحصل على خصم كبير. وبالمقابل، فلو ذهب أصحاب مصانع الباطون منفردين فإنهم لن يحصلوا على نفس السعر الذي نحصل عليه نحن، إذ يوجد عندنا 70 مصنع باطون تقريباً ولو أراد كل مصنع أن يذهب للتفاوض مع «نيشر» فإن الشركة ستطلب منه أسعاراً أعلى وضمانات كبيرة إلى جانب الأسعار، أما نحن كجهة واحدة ذات ثقل نفاوض «نيشر» ونحصل على سعر أفضل وضمانات أفضل، وهذه إحدى إيجابيات كوننا من يستورد الإسمنت وليس المصانع كل على حدة، ونحن لا نمنع أحدا من الاستيراد ولا نتدخل بذلك. ومن يتحدث عن احتكار الإسمنت نقول له بأن يتفضل بالاستيراد.

س: هل تجبركم الاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل في موضوع الإسمنت على الاستيراد من إسرائيل فقط، وتمنع الاستيراد من دول أخرى عربية أو إقليمية؟ 

هنالك ثلاثة اتفاقيات أبرمت مع «نيشر» في موضوع الإسمنت، الأولى عام 1994 وهي الأساسية، والثانية عام 1995، والثالثة عام 1997، ونحن الآن أنهينا النسخة النهائية من تعديل الاتفاقية الأخيرة الرابعة.

الاتفاقيات الثلاث الأولى، تلزمنا باستيراد الإسمنت حصريا من إسرائيل، وفي حال أردنا استيراده من دولة أخرى يجب أن نحصل على موافقة منهم.

وأمّا الاتفاقية الأخيرة، فقد تمكنا بموجبها من الحصول على الحق في الاستيراد من الأردن بدون موافقة مسبقة، وبناء عليه بدأنا فعلاً بذلك، وجرى الاتفاق على كمية محددة للاستيراد من الخارج من السوق الأردني، وذلك لأن القانون الإسرائيلي يلزم شركة نيشر المسيطرة على السوق الإسرائيلي، بمنع تصدير أي إسمنت خارج إسرائيل في حال لم تلبي احتياجات السوق الإسرائيلي المحلي. أي أنهم ينظرون إلى السوق الفلسطيني كسوق تصديري بحت.

نحن نستورد من الإسرائيليين كمية معينة من الإسمنت وأمّا الكمية المتبقية من احتياجات السوق الفلسطيني فنغطيها من السوق الأردني، وقد بدأنا العام الماضي بنسبة %5 من السوق الأردني، وهذا العام نستورد ، ونطمح العام المقبل ليصل حجم الاستيراد إلى %25-20، وفي حال تم فتح سوق غزة فسيصبح استيرادنا للإسمنت من الخارج أكثر من %50، فإسرائيل لا يمكن أن تغطي احتياجات سوق غزة، ولأن الوضع السياسي والاقتصادي في مصر صعب؛ فإن الاحتمال الأكبر لتغطية احتياجات السوق بغزة سيكون عبر الاستيراد من الأردن وتركيا.

س: يقال إن سعر شراء الإسمنت من «نيشر» مثبت بالدولار على 4.3 شيكل ما ردك على ذلك؟

هذا الكلام غير صحيح، والاتفاقية التي تبرم بيننا وبين شركة «نيشر» تتغير كل عام، وفي الاتفاقية الأخيرة جرى تثبيت سعر صرف الدولار على 3.8 شيكل. هذا العام، لم نتفاوض على شيء حتى الآن، وما زلنا على نفس التسعيرة، وهي عبارة عن تسعيرة تحدد حسب دراسة بيننا.

س: هل تقومون بتوريد الرمل أو الحصمة إلى مصانع الباطون، خاصة أن أصحاب مصانع الباطون يقولون إن أسعار كوب الباطون في إسرائيل أرخص من فلسطين، وذلك لأن شركة «نيشر» تدعم مصانع الباطون وأنتم لا توفرون أي دعم، فما ردكم؟

بداية نحن لا نورد الرمل، أو الحصمة، فقط نورد الإسمنت لمصانع الباطون. وأمّا سعر بيع كوب الباطون فهو متغير حسب سعر الإسمنت والحصمة والرمل والأيدي العاملة إضافة إلى السولار، وهي المواد الأساسية التي يدخل فيها صناعة الباطون، حيث أن الإسمنت يشكل ثلث سعر كوب الباطون، فيما يلعب سعر السولار والرمل والحصمة والأيدي العاملة الدور المتبقي.

وهنا أود التنويه، إلى أن متوسط سعر طن الإسمنت السائب في إسرائيل هو 455 شيكلا شاملا قيمة الضريبة المضافة والنقل، ونحن نبيع لمصانع الباطون في الضفة بمتوسطـ 450 شيقلا شاملا قيمة الضريبة والنقل مع احتساب قيمة رفع الإسمنت في شهر شباط.

أمّا سعر كوب الباطون في القدس وإسرائيل فيبلغ 350 شيكلا شاملا الضريبة المضافة والنقل، لكن لا يشمل سعر الضخ الذي يكلف ما يقارب 20 شيكلا لكل كوب، أي أن سعر الكوب في إسرائيل يصل الى 370 شيكلا. أما سعر كوب الباطون في محافظات الضفة الغربية يتراوح بين 290-310 شيكلا شاملا قيمة الضريبة المضافة والنقل والضخ قبل عملية رفع الأسعار، أما بالأسعار الجديدة فإن أسعار كوب الباطون يجب ان ترتفع ولكن لن تصل بأي شكل من الأشكال إلى أسعار الأسواق الاسرائيلية. أي أن سعر الكوب في الضفة الغربية أرخص منه في إسرائيل بنسبة تقريباً.

وأما فيما يتعلق بكيس الإسمنت الإسرائيلي (الإسمنت المُكيّس) فإنه يباع بسعر 500 شيكلا للطن، بينما كيس الإسمنت الأخضر الفلسطيني مع الارتفاع سيصبح 460 شيكلا للطن شامل الضريبة والنقل، وبالتالي إن هنالك فرق بين سعرنا وسعر إسرائيل. 

س: هنالك مَن يقول بأن سعر الإسمنت سيرتفع مجدداً منتصف العام الجاري هل هذا صحيح؟ 

أود أن أُشير هنا إلى أنه قد جرى اجتماع في 2014/1/22 بيننا وبين اتحاد مصانع الباطون، وقد قمنا باطلاعهم خلال الاجتماع المذكور بأن شركة «نيشر» أرادت رفع الأسعار في 2013/12/1 بقيمة 10 دولار، وقد رفضنا في شركة الخدمات هذا الرفع غير المقنع من وجهة نظرنا من قبل نيشر، وحاولنا التوصل إلى أفضل الحلول للحفاظ على مصالح المستهلك حتى تمكنا في نهاية المطاف من تأجيل بحث مسألة رفع 5 دولار إضافية إلى شهر 8 المقبل، وذلك حتى نتمكن خلال هذه الفترة في الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية من استيراد «الكلينكر» بشكل مباشر بأسعار منافسة لإلغاء هذا الارتفاع، وتقليل السعر على البضاعة الفلسطينية التي ستصنع في «نيشر».

وفي حال لم نستطع أن نستورد «الكلينكر»، أستبعد أن يكون هنالك ارتفاع آخر بعد الارتفاع الذي حصل في شهر شباط، خاصة أن سعر الإسمنت في فلسطين وإسرائيل أصبح الآن متساو، وسعر الشراء من «نيشر» والأردن متقارب جدا، كما أن «نيشر» غير معنية بخسارة السوق الفلسطينية.

«الكلينكر» موجود في 4 دول أساسية نستطيع الاستيراد منها هي، فيتنام، وتركيا، وعُمان، والأردن، التي علاقتها بفلسطين ممتازة جدا، وهي من أكثر الدول المصدرة للإسمنت.

إسرائيل تستورد «الكلينكر» واصلاً إلى موانئها بسعر 70 دولار للطن الواحد، وقد استطعنا أن نحصل على سعر «الكلينكر» من موانئ فيتنام بـ  40 دولاراً للطن الواحد، ويتبقى عملية النقل إلى ميناء أسدود وحيفا، ونسعى إلى أن نوصل «الكلينكر» إلى الموانئ بسعر 65-60 دولار للطن الواحد، الأمر الذي سيؤثر بشكل كبير على الأسعار. وننتظر الأسعار من الدول الأخرى ورؤية العينات حيث سنقوم بالسفر إلى تركيا قريبا لهذه الغاية.

س: كيف ستقومون بنقل الكلينكر؟

النقل مكلف جدا، حجم السفينة يلعب دورا كبيرا، وكذلك استعدادات الموانئ لهذا الحجم، والإضرابات التي تحدث، والمسافة للموانئ، كلها أمور مهمة وتلعب دورا حساسا في الاستيراد، كما أن موانئ حيفا لا تستطيع تحمل بواخر بحجم 50 ألف طن، بسبب وجود مشاكل التفريغ والتحميل، وارتفاع السفينة عن الماء ووصولها إلى الرصيف، ويعتبر الحد الأعلى في الموانئ الإسرائيلية من 30-15 ألف طن فقط، وكلما كانت الكمية أكبر يكون السعر أقل.

نحتاج 800 ألف طن من الكلينكر للسوق الفلسطينية، وفي حال تمكنا من إيصاله بسعر 65 دولار للطن الواحد، يكون السعر 52 مليون دولار وهو سعر ضخم جدا، كل سفينة إذا حملت 30 ألف طن نحتاج إلى 26 باخرة، الأمور اللوجستية الخاصة هنا صعبة، لكننا مهتمين للغاية بهذا الموضوع ونعتبره تحد لنا.

الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية باتت اليوم على معرفة تامة بوضع شركة «نيشر» من المبيعات والأسواق التي تتعامل معها، وكمية الإنتاج والتكلفة التي تحتاجها «نيشر»، والمواد المستخدمة وتكلفة النقل والضخ والاستهلاك، لكل ذلك فقد أصبحوا يروننا جهة جادة تماماً؛ تعرف ما تفعل وبماذا تعمل.

س: يقول نائب رئيس اتحاد المقاولين إنكم رفعتم العام الماضي سعر طن الاسمنت 30 شيكلاً، بينما ارتفع السعر في إسرائيل 1.2 شيكلاً فقط، ما ردكم؟

إن أسعار الإسمنت في إسرائيل بعد ارتفاعها عندنا متساوية تماما معنا، وخلال الأعوام الثلاث الماضية حدث في إسرائيل انتقادات من عدة وزارات واتحادات وجمعيات فيما يتعلق بأن سعر الإسمنت الذي يباع لفلسطين أرخص من الذي يباع في السوق المحلية (إسرائيل)، ومن الواضح أنه كان هنالك خطة مبرمجة ليتساوى سعر الإسمنت المباع في فلسطين بالسعر الذي يباع في السوق الإسرائيلي، لأن الإسرائيليين لم يتقبلوا أن يكون سعر المنتج الإسرائيلي الكامل (الإسمنت) في إسرائيل أعلى من سعره عندنا؛ باعتباره ينتج في مصنع إسرائيلي؛ ويعتبرونه صناعة إسرائيلية، وليس مثل المحروقات لأنها مستوردة من الخارج. وهذا الأمر يعتبر إنجازاً للشركة الفلسطينية للخدمات التجارية التي استطاعت على مدى 20 عاما الحصول على الإسمنت بسعر أقل منه في إسرائيل.

هنالك اتفاقية أبرمت عام 1994، كانت جيدة جدا وأعطت الشركة الفلسطينية هامش مناورة للحصول على الإسمنت بسعر أقل من المباع في السوق الإسرائيلية، الاتفاقية لم تتغير لكن الأسعار تناقش كل فترة، وعند البدء بأسعار منخفضة من الأصل لا تستطيع الشركة رفع الأسعار بشكل كبير مرة واحدة %50-40، لكن تستطيع كل عام رفع السعر %5، فاحتاجت الشركة فترة طويلة لأن وصلت إلى النسبة الكبيرة، لتتساوى بعده الأسعار.

س: أعلنتم قبل أسبوعين عن نيتكم إنشاء مصنع للإسمنت، حدثنا عن تفاصيل الموضوع وآلية العمل؟

قبل ستة أشهر، انتقلت للعمل في الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية، من أجل هذا الهدف، ألا وهو بناء مصنع فلسطيني للإسمنت، وقد بدأنا العمل على إنشائه، بطريقة شفافة ومهنية، التكلفة الإجمالية للمشروع تتجاوز 300 مليون دولار، وهو بلا شك مشروع ضخم، ويستحقه الفلسطينيون بجدارة ومن كافة النواحي؛ بدءاً بالقيمة المعنوية التي نعتز بها والتي تجسد معاني السيادة على الأرض الفلسطينية، وتجسد أيضاً عزمنا وتصميمنا الراسخ على الاعتماد على أنفسنا على الذات، وطموحنا كبير بأن نجني أفضل مردود لهذا الاستثمار المالي الكبير على اقتصادنا الوطني. 

بدأنا بالتعاقد مع شركة تحدد الشروط المرجعية، بحيث تكون مرسومة حسب المواصفات العالمية، وقد أطلقنا عطاءات في فلسطين ودبي والأردن وتركيا، ووصلنا العديد من الشركات التي تقدمت للعطاء، الذي يتحدث عن بناء دراسة متكاملة لإقامة مصنع إسمنت في فلسطين. وقد انتهت المدة المسموحة لتقديم العطاءات، وتم فتح العطاءات الخاصة بالشؤون الفنية، وجرى تقييمها بإشراك الجميع بهذه المعايير.

وهنا أود أن أشير إلى أننا قد قمنا أيضاً بإعداد مذكرة تفاهم وشراكة بيننا وبين شركتين الأولى سعودية والثانية إيرلندية، سيدخلان معنا في المشروع، على أن تستحوذ الشركة الفلسطينية للخدمات التجارية على الحصة الأكبر وتكون مسيطرة، وستوقع المذكرة خلال الأشهر القليلة القادمة بعد أن يتم الاتفاق على كافة الأمور، لكن اتفاقية الشراكة الرسمية ستوقع بيننا بعد إنهاء دراسة إقامة مصنع إسمنت أي بعد شهر تموز المقبل. 

كما وأود أن أشير أيضاً إلى موضوع آخر، وهو تصريحات اللجنة الرباعية، بخصوص تطوير الاقتصاد الفلسطيني، خاصة القطاع الصناعي، اللجنة على علم وتتابع معنا موضوع إنشاء مصنع الإسمنت، حيث أن المشروع ضمن أولويات اللجنة هذه الفترة، وسيجري في شهر آذار المقبل اجتماع بيننا مع اللجنة الرباعية، ونأمل أن نكون قد وقعنا مذكرة التفاهم مع الشركتين السعودية والإيرلندية قبل الاجتماع.

واللجنة الرباعية مهتمة بشكل كبير في إنجاح مشروع مصنع الإسمنت، وأكدو أنهم سيقدمون كافة المساعدات لنا لإنجاح المشروع، خاصة أن ما يقارب من الدخل القومي الفلسطيني هو من قطاع الصناعات الانشائية.

س: هل تتوقعون حدوث أية معيقات خلال مرحلة إنشاء المصنع، وما هي متطلبات المصنع؟

أكثر المعيقات التي يمكن أن تحدث في الوضع الطبيعي، تتمثل في الموانئ بحيفا وأسدود، لأنه عندما نستورد الفحم البترولي لحرق المواد الخام، فإنه سينقل من خلال تلك الموانئ، وفي حال حدوث تأخير فإن ذلك يعني تكلفة عالية، وإذا تأخر التفريغ والتحميل والنقل فإن ذلك من شأنه أن يؤثر على سعر حرق المواد الخام، وبذلك سيصبح سعره أغلى من الإسرائيلي وهذا ما لا نريده.

وفيما يخص سهولة التحرك والنقل، فإنه يوجد خبراء ومستشارون نتعامل معهم لا نستطيع أن نحصل لهم تصاريح، وفي حال دخلوا، فإن إسرائيل تمنعهم من الوصول إلى الموانئ للكشف عن المواد الخام والتأكد منها، وكذلك فإن موضوع التحرك يضغطنا خاصة وأن معظم المواد الخام التي نحتاجها في المناطق المصنفة (ج) وقد يمنعونا من استخراجها أو العمل فيها ما قد يفشل المشروع. 

وأحد المعيقات التي ممكن أن نصادفها منعنا من استيراد بعض الأمور الخاصة في المصنع كما حدث مع مصنع الألمنيوم (نابكو) الذي منع من استيراد وتشغيل خط الأكسدة، حيث ممكن استخدام المتفجرات لتفتيت الحجر وقد يمنعوننا من ذلك، وأيضا مواد مثل «السكن المقطر» إضافة إلى مواد أخرى عديدة. وفي حال منعتنا إسرائيل من إدخال تلك المواد والرباعية لم تساعدنا فإن المشروع سيتوقف.

وأيضا موضوع الطاقة، نحتاج إلى الغاز الطبيعي، والسولار، لتشغيل المصنع، ونحتاج إلى محطة كهرباء، يجب أن نكون مربوطين بالشبكات والموارد الرئيسية مباشرة.

نحن نتفاوض على كل ذلك، من أجل ضمان نجاح المشروع، علينا أن نخوض في كافة التفاصيل والحيثيات وأن نبذل جهوداً مضنية رغم المعيقات، لأننا نسعى إلى تطوير الاقتصاد الفلسطيني وإلى تحقيق التنمية، وإلى بناء اقتصاد دولة، يعتمد على موارد قوية، لا أن نقف وننتظر ما يقدمه لنا الاحتلال الإسرائيلي.

س: أين سيقع هذا المصنع؟

المصنع من المتوقع أن يكون إما في الخليل أو في جنين، وذلك حسب كمية المواد الخام في الأرض وموقعها، خاصة أن فلسطين تعتبر أرض خصبة جدا بناء على الفحص الأولي الذي قمنا به في المختبرات الهولندية، وأكبر دليل على ذلك أن الإسمنت الإسرائيلي ممتاز.

سلسلة الجبال الفلسطينية، تقع على كتلة ضخمة من الحجر الجيري الذي نحتاجه لصناعة الإسمنت، وحسب الدراسة ستكفينا لمدة 100 عام، رغم أنه من المفروض أن يكون الحد الأدنى 60 عاما، أي أننا أمام مورد طبيعي آمن وواعد من هذا الجانب على أرضنا الفلسطينية. 

والأرجح أن يكون المصنع في مدينة الخليل، لأنها تتوسط الضفة الغربية وقطاع غزة، وقريبة من ميناء أسدود، وكل ذلك يؤثر على النقل والتكلفة. ومن الممكن أيضاً أن ننشئ في المستقبل مطحنة في جنين، ويبقى المصنع المتكامل في الخليل.

س: ولكن ماذا لو لم ينجح المشروع لسبب أو آخر؟

في حال حدثت منغصات، ولم نستطع بناء المصنع، ممكن أن نقوم ببناء مطحنة فقط بتكلفة 40 مليون دولار، وأن نقوم باستيراد «الكلينكر» بنفس الشراكات، ومن المتوقع أن تكون المطحنة في منطقة مثل أريحا، بحيث نطحن «الكلينكر» المستورد من الأردن ونبيع الإسمنت. 

وأيضا هنالك بديل آخر، وهو إنشاء مصنع تغليف وتخزين، بحيث نستورد الإسمنت السائب من الأردن وإسرائيل ونخزنه في صوامع، ونغلفه، بتكلفة 8 مليون دولار، هذه السيناريوهات الواردة عندنا.

وبخصوص شركة التغليف، فنحن نعمل عليها في كافة الأحوال، حيث أنه يمكننا العمل على السيناريوهات الثلاث السابقة من شركة التغليف التي ستكون جاهزة خلال نهاية العام، ثم بناء المطحنة لعملية الحرق، انتهاءً بتشييد المصنع المتكامل الذي نصبو إليه.

س: ما هي القدرة الإنتاجية المتوقعة لمصنع الإسمنت؟

تم التخطيط للمصنع بطريقة تأخذ بعين الاعتبار تلبية احتياجاتنا من الإسمنت للعشر السنوات القادمة، وستكون قدرتنا الإنتاجية في المرحلة الأولى 5 آلاف طن إسمنت يوميا، ومن ثم نتوسع إلى 5 آلاف طن أخرى خلال السنوات الثلاثة القادمة لتصبح 10 آلاف طن يوميا، خاصة أن احتياجات سوق الضفة الغربية مع قطاع غزة 10 آلاف طن يوميا، حيث الضفة تحتاج 6 آلاف طن وغزة 4 آلاف طن.

س: هل لديكم استراتيجية أو خطة ما لتفادي موضوع ارتفاع الأسعار، وعدم حدوث انقطاع في الإسمنت كما حدث العام الماضي، خلال المرحلة التي تسبق بناء المصنع؟

نحن أولا نسعى إلى تأمين احتياجات السوق الفلسطيني من الإسمنت، وسنزيد عملية الاستيراد من الخارج بشكل تدريجي بحسب القدرة الإنتاجية لشركة «نيشر» على أن لا يتعارض مع الاتفاقيات المبرمة بيننا، بحيث أنه في حال حدوث أي انقطاع في إسرائيل يمكننا تغطية %50 من احتياجات السوق الفلسطينية من الإسمنت من السوق الأردني، فالتجربة التي حدثت العام الماضي استخلصنا منها دروساً مهمة في كيفية التعامل مع هذا الموضوع في المستقبل.

وحول موضوع الأسعار، فإنه ينبغي أن لا يغيب عن الأذهان أن الارتفاع الذي يحدث على الأسعار موجود في كل العالم ويطال كافة السلع والمنتجات، إذ في فترة وجيزة ارتفع العام الماضي سعر الإسمنت في الأردن من 100-70 دينار للطن الواحد، وكما نُلاحظ فهنالك 30 ديناراً ارتفعت على السعر في أقل من عام.

إن نسبة تكلفة الإسمنت من سعر بناء شقة متواضعة في فلسطيني لا تزيد عن %5، إضافة إلى أن ارتفاع أسعار الاسمنت الحالي يمثل %4 من أسعار الإسمنت، وعليه فان هذه الزيادة في تكلفة بناء شقة متواضعة لن تزيد عن 250 شيكلاً للشقة الواحدة.

سنحاول العمل هذه الفترة على استيراد “الكلينكر” بتكلفة معقولة. وقد توصلنا أيضاً إلى اتفاق مبدئي مع شركة “نيشر” بأن حجم الإرتفاع السنوي للإسمنت لا يتعدى التضخم في البلد، وهو مؤشر إيجابي، وأن يبقى سعر الإسمنت في فلسطين وإسرائيل ثابت، أي ممكن أن يترفع بنسب قليلة جدا لا تتعدى %3 فقط، وهذا تضخم طبيعي جدا، خاصة أن الارتفاع مرتبط بعدة نواحي هي المنافسة والتكلفة. أما الحل النهائي الذي نطمح إلى تحقيقه هو بناء المصنع أو مطحنة الإسمنت.

س: إلى ماذا تطمحون في نهاية المطاف؟

استراتيجيتنا أن نتحول من شركة خدمات إلى شركة مختصة في الصناعات الإنشائية، ونطمح أيضاً إلى عمل ثلاثة مشاريع في فلسطين، هي مصنع الإسمنت بالدرجة الأولى، والحصمة والنحاتة بالدرجة الثانية، والحجر الصناعي بالدرجة الثالثة، وكلها تعتمد بشكل أساسي على المواد الخام الموجودة في الضفة الغربية وهي الحجر الجيري، وذلك كله خلال الأعوام الخمسة المقبلة.

الحل الأمثل لمشاكل الإسمنت هو بناء مصنع وطني متكامل لضبط الكميات والأسعار والجودة، ويفتح فرص للشباب والأيدي العاملة ويخفض من الواردات ويزيد من فرص التصدير من ناحية مواد الخام